القطاع يحصي خسائره

يافطة رُفعت في مدينة غزة أمس تعلن أن فلسطين انتصرت في الحرب التي دامت 11 يوماً مع إسرائيل (أ.ف.ب)
يافطة رُفعت في مدينة غزة أمس تعلن أن فلسطين انتصرت في الحرب التي دامت 11 يوماً مع إسرائيل (أ.ف.ب)
TT

القطاع يحصي خسائره

يافطة رُفعت في مدينة غزة أمس تعلن أن فلسطين انتصرت في الحرب التي دامت 11 يوماً مع إسرائيل (أ.ف.ب)
يافطة رُفعت في مدينة غزة أمس تعلن أن فلسطين انتصرت في الحرب التي دامت 11 يوماً مع إسرائيل (أ.ف.ب)

قال وزير الاقتصاد الفلسطيني خالد العسيلي: «إن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة دمر 15 مصنعاً في المنطقة الصناعية»، فيما تقدر الخسائر الأولية بملايين الدولارات، وسط دمار كبير في المنازل وأضرار ضخمة بالبنية التحتية.
وأضاف العسيلي أن المصانع المستهدفة لا علاقة لها بأي عمل عسكري، وتختص بتصنيع منتجات مختلفة يتم تصديرها إلى الخارج، منوهاً إلى أن حصر الأضرار والخسائر بصورة نهائية يحتاج إلى مزيد من الوقت.
وجاءت تصريحات العسيلي في وقت بدأت فيها الجهات المختصة بحصر الخسائر في القطاع بعد 11 يوماً من القتال هناك. وكانت تقديرات الخسائر الأولية التي أعلنها سلامة معروف رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في غزة التابع لحركة «حماس» فاقت 243.8 مليون دولار، منها: 176.6 مليون دولار الخسائر المباشرة، فيما تم تقدير الخسائر غير المباشرة بقرابة 67.2 مليون دولار. وبدأت تتضح ملامح الخسائر المادية شيئاً فشيئاً في معظم القطاعات.
ورصدت تقارير حكومية أن عدد الوحدات السكنية التي تعرضت للهدم الكلي في قطاع غزة بلغ 1800 وحدة، فيما بلغ عدد الوحدات المتضررة بشكل جزئي 16800 وحدة سكنية، بينما دُمّرت 5 أبراج سكنية و74 مقراً حكومياً.
وقالت وزارة الثقافة الفلسطينية إن مجمل خسائر القطاع الثقافي خلال العدوان الأخير على قطاع غزة قد بلغ، وفق التقديرات الأولية، 3.4 مليون دولار، وهي خسائر المؤسسات والجمعيات والمراكز العاملة في قطاع الثقافة. ولا يشمل هذا الرقم خسائر الفنانين الأفراد والمقتنيات الفنية والأماكن الخاصة بهم. وأوضحت الوزارة في بيان صادر عنها في رام الله أن هذه الخسائر تشمل أضراراً كلية وجزئية وخسائر في المعدات والتجهيزات الفنية وأضراراً ناجمة عن تأخر تنفيذ نشاطات أو توقف نشاطات في منتصف مراحل التنفيذ وخسائر وتعويضات للعاملين.
وقالت الوزارة إن هذه البيانات مبنية على معلومات توافرت من 74 جمعية ومركزاً ومؤسسة تواصلت معها الوزارة مسجلة لديها أو لدى الوزارات والاتحادات المعنية، وتوافرت بيانات أولية من 59 منها فيما تعذر توافر المعلومات بسبب صعوبة الوصول إلى مقار المراكز الأخرى من قبل القائمين عليها.
وأفادت الوزارة بأن 44 مؤسسة ومركزاً وجمعية ثقافية تضررت بشكل جزئي أو كلي نتيجة العدوان حيث تعرضت خمس مؤسسات إلى تدمير كامل منها مركزان ثقافيان فقدا مقريهما الموجودين في الأبراج التي تم تدميرها ما نتج عنه خسارتهما لكل مقتنياتهما الفنية والمعدات والتجهيزات الموجودة فيهما. فيما طال القصف والتدمير الكامل مقرات ثلاث شركات عاملة في قطاع النشر وتوزيع الكتب بشكل كبير، فإلى جانب الخسارة المادية في المباني المستأجرة فقد خسرت هذه المؤسسات آلاف الكتب والوثائق النادرة.
فيما أفادت 39 جمعية ومركزاً بأنه أصابها ضرر جزئي نجم عن قصف مبانٍ مجاورة أو شقق في العمارات الموجودة فيها مقارها، منها مركزان موجودان في مبانٍ تاريخية. وأفادت 26 من تلك الجمعيات بأنه إلى جانب الأضرار المادية في مكاتبها فقد أصابتها أضرار في المعدات والتجهيزات. وأعلنت 27 منها أن مقدرتها على تنفيذ الأنشطة والبرامج التي كانت تسعى إلى تنفيذها قد تعطلت بشكل جزئي أو كلي، ما تسبب لها بخسائر مادية سيكون لها أثر سلبي على استعادتها لعملها في المستقبل. كما قال وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، إسحاق سدر، إن العدوان الإسرائيلي تسبب في دمار كبير لشبكة الاتصالات والإنترنت، الأمر الذي أدى لتضرر 70 ألف مستخدم للشبكة العنكبوتية.
وأضاف سدر أنه تم التواصل مع جهات دولية عدة منها الرباعية الدولية والبنك الدولي لإدخال أجهزة لشبكات الاتصالات والإنترنت، بعد الدمار الكبير الذي خلفه عدوان الاحتلال في البنى التحتية في قطاع الاتصالات.
وإضافة إلى ذلك، أضرت الحرب بشكل كبير بقطاع الطاقة الذي خسر 31 محولاً في غزة و9 خطوط رئيسية للقطع.
وأكد محمد ثابت، المتحدث باسم شركة توزيع الكهرباء في غزة، أن حجم الضرر كبير وإصلاحه قد يستغرق عدة أيام نتيجة للدمار الكبير. وقال ثابت إن مشكلة الكهرباء في قطاع غزة يعود لسببين، أولهما نقص التيار من خطوط الكهرباء الإسرائيلية والتي انقطعت، وثانيهما محطة توليد الكهرباء والتي كانت تعمل بمولدين منذ بداية العدوان وتعطي 30 ميغاوات، مشيراً إلى جهود لإدخال وقود يسمح بتشغيل 3 مولدات.
وكان ثابت قد قدّر في وقت سابق الخسائر الأولية لشركة توزيع الكهرباء بـ8 ملايين دولار جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة. وقال إن هناك 14 محولاً هوائياً تم استهدافها، وتخدم كماً كبيراً من المواطنين.



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».