بطء التطعيم يعرقل جهود أميركا اللاتينية لمكافحة الوباء

أطباء يتفقدون حالة مريض بـ«كورونا» في العناية المركزة ببوغوتا أمس (أ.ف.ب)
أطباء يتفقدون حالة مريض بـ«كورونا» في العناية المركزة ببوغوتا أمس (أ.ف.ب)
TT

بطء التطعيم يعرقل جهود أميركا اللاتينية لمكافحة الوباء

أطباء يتفقدون حالة مريض بـ«كورونا» في العناية المركزة ببوغوتا أمس (أ.ف.ب)
أطباء يتفقدون حالة مريض بـ«كورونا» في العناية المركزة ببوغوتا أمس (أ.ف.ب)

يعرقل بطء حملات التطعيم الخروج من الأزمة الوبائية في دول أميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي، حيث تجاوز عدد الوفيات بجائحة «كوفيد - 19» المليون. ومنذ رصد الفيروس في أميركا اللاتينية في ساو باولو أواخر فبراير (شباط) 2020، سجلت المنطقة أكثر من 1.001.404 حالات وفاة، ما يمثل 30 في المائة من حصيلة الوفيات في العالم، وأكثر من 31.5 مليون إصابة، وفق حصيلة وكالة الصحافة الفرنسية.
ونحو 90 في المائة من الوفيات سجلت في خمس دول تضم 70 في المائة من إجمالي عدد سكان المنطقة، وهي البرازيل والمكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبيرو. وقال جاسيل فارياس وهو من مواطني البرازيل وعمره 82 عاماً، لوكالة الصحافة الفرنسية: «الوضع حالياً مروع. لم نشهد شيئاً كهذا على الإطلاق في بلدنا».
والبرازيل هي ثاني أكثر الدول المتضررة في العالم من حيث عدد الوفيات بـ«كوفيد - 19» بعد الولايات المتحدة، وسجلت أعلى حصيلة وفيات في أميركا اللاتينية. وتراجعت الوفيات اليومية بنسبة الثلث منذ تخطيها عتبة 3000 وفاة في النصف الأول من أبريل (نيسان).
وسجّلت المكسيك، ثاني أكثر الدول المتضررة في المنطقة، تراجعاً أكبر في أعداد الوفيات بالجائحة من 1300 وفاة في نهاية يناير (كانون الثاني) إلى 170 اليوم. وستفتح العاصمة مكسيكو المدارس مجدداً، بدءاً من السابع من يونيو (حزيران) على خطى ولايتين فتحتا المدارس وأربع ولايات أخرى تستعد للقيام بالمثل في مطلع يونيو.
لكن العكس يحدث في كولومبيا التي تواجه أزمتين تتمثلان في حصيلة وفيات يومية غير مسبوقة بلغت 500 وتظاهرات حاشدة ضد الحكومة، تضافان إلى تفشي الفقر وأعمال عنف. وكان من المقرر أن تستضيف كولومبيا مع الأرجنتين مباريات «كوبا أميركا» لكرة القدم بدءاً من 13 يونيو، لكن اتحاد أميركا الجنوبية (كونميبول) لكرة القدم رفض طلبها تأجيل المباريات بسبب المشكلات التي تواجهها. وقالت كاريسا إيتيان مديرة منظمة الصحة للدول الأميركية الأربعاء، إن المنظمة «تتوقع ارتفاعاً أكبر» في أعداد الإصابات بسبب التظاهرات الأخيرة.
ووضع الأرجنتين متأزم بدوره مع تسجيلها 35 ألف حالة إصابة و435 وفاة الخميس. وأعلن الرئيس ألبيرتو فرنانديز إغلاقا لمدة تسعة أيام بدأ أمس (السبت)، في وقت تواجه فيه البلاد «أسوأ اللحظات» على الإطلاق في الوباء، كما قال. وأفادت أليشيا سيبولفيدا من أهالي بوينس آيرس بأن «الناس لا يتوخون الحذر، لا أحد منا يتوخى الحذر ونريد الخروج والسفر».
أما أوروغواي المجاورة التي أشيد بجهودها خلال معظم 2020 كنموذج في إدارة الوباء، فسجلت أسوأ الأضرار في أبريل (نيسان)، وتشهد حالياً أعلى حصيلة وفيات يومية على مستوى العالم. ففي الأسبوعين الماضيين، بلغت نسبة الوفيات في أوروغواي 20.73 لكل مليون شخص يومياً، في معدل هو الأعلى في العالم؛ تليها الأرجنتين (14.6) وكولومبيا (13.22)، بحسب تعداد وكالة الصحافة الفرنسية.
وقالت الممرضة المساعدة في مركز للعناية المركزة في مونتيفيديو، كارلا روميرو، إنه من الصعب اعتبار الفيروس تهديداً حقيقياً، حتى تصبح الوفيات «تخصك وضمن عائلتك».
في المقابل، تعود الولايات المتحدة تدريجياً إلى حياة طبيعية، فيما تقوم دول أوروبية بإلغاء مزيد من التدابير بفضل برامج التلقيح المتقدمة، لكن أميركا اللاتينية لم تلقح حتى الآن سوى 3 في المائة من سكانها، بحسب منظمة الصحة للدول الأميركية. وتعاني المنطقة من عدم إتاحة اللقاحات والمستلزمات الطبية. وتُصنّع 4 في المائة فقط من اللوازم الطبية الضرورية لمكافحة كوفيد في المنطقة، ما يفسر سبب النقص الكبير في معدات الحماية والأكسجين والأدوية واللقاحات، بحسب المنظمة.
وفيما تخطو تشيلي وأوروغواي خطوات كبيرة في برامج التلقيح، فإن تدابير نشر اللقاحات في البرازيل والأرجنتين تعاني من بطء شديد. ويفضح الوباء أيضاً منظومات الصحة الضعيفة في المنطقة، حيث ترزح المستشفيات تحت ضغوط هائلة. ومنيت الاقتصادات الهشة التي تعاني من انعدام المساواة الاجتماعية بضربة إضافية.
وحتى تشيلي التي كانت تعد أحد أكثر اقتصادات المنطقة ازدهاراً، فسجل اقتصادها في 2020 أسوأ تراجع له في 40 عاماً بلغ 5.8 في المائة. وخسر أكثر من مليون شخص وظائفهم وكثير منهم منازلهم، وأجبروا على الانتقال إلى مخيمات مؤقتة. وقالت إنغريد لارا من مخيم قرب سانتياغو: «أسوأ ما في الأمر هو الجوع».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».