الانتخابات العراقية... مخاوف من إجرائها أو تأجيلها

الإرجاء يبدو إما بكارثة طبيعية أو اهتزاز أمني كبير جداً

الانتخابات العراقية... مخاوف من إجرائها أو تأجيلها
TT

الانتخابات العراقية... مخاوف من إجرائها أو تأجيلها

الانتخابات العراقية... مخاوف من إجرائها أو تأجيلها

رغم عدم وضوح الحجوم الحقيقية للكتل والأحزاب التي تتنافس لخوض الانتخابات المبكرة في العراق في شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، إلا أن الاقتراع سيكون الأقل من حيث المتنافسين (المرشحين) والأشرس في مجال التنافس على الناخبين (المواطنين) الذين يحق لهم المشاركة، والذين يبلغ عددهم نحو 25 مليون ناخب.
أبقيت مقاعد البرلمان على حالها (329 مقعداً)، وبينما تنافس 7 آلاف مرشح للفوز عليها في عام 2018، فإن أعداد المتنافسين في انتخابات أكتوبر وعلى المقاعد نفسها لا يزيد على 3500 مرشح. هذا الانخفاض الكبير في أعداد المتنافسين الذين يزيد على النصف تقريباً لا يعني عزوفاً عن خوض السباق بقدر ما يعني التفافاً على القانون الانتخابي الجديد الذي يعتمد الدوائر المتعددة والتصويت الفردي.
في كل الانتخابات السابقة، وطبقاً لقانون «سانت ليغو» المعدل الذي كانت تعتمده مفوضية الانتخابات، كانت الانتخابات تجرى على أساس الدائرة الواحدة والقوائم الفائزة. كانت تلك الصيغة مناسبة للقوى والأحزاب الكبيرة التي بقيت بموجب ذلك تتسيد المشهد السياسي في البلاد. فالدائرة الواحدة والفوز بأصوات القائمة كان يؤمن حصول الكتل الكبيرة على الأصوات، لأن جميع أصوات المرشحين حتى من لم يفز تذهب إلى القائمة في النهاية.
القانون الانتخابي الجديد الذي تم تشريعه تحت الضغط الجماهيري بعد الاحتجاجات الجماهيرية الكبرى منذ عام 2019 يقوم على الدوائر المتعددة، والفوز بأعلى الأصوات لا يحتاج إلى تعددية المرشحين بقدر ما يحتاج إلى آليات أخرى للفوز، والالتفاف على إرادة الناخب، في المقدمة منها المال السياسي والولاءات العشائرية والمناطقية، بالإضافة إلى النفوذ عبر السلطة أو السلاح المنفلت. ومع اقتراب الموعد المقترح للانتخابات، فإن المشكلة التي بات يواجهها الجميع هي أن هذه الانتخابات تحولت إلى مشكلة بحد ذاتها، سواء أجريت في موعدها (المبكر)، أو تم تأجيلها إلى موعدها التقليدي والدستوري خلال شهر مايو (أيار) عام 2022. وطبقاً للمراقبين، فإن المخاوف من إجراء الانتخابات مثلما تعمل عليه الحكومة بكل قوة عبر تهيئة الأرضية المناسبة تكاد تكون بدرجة المخاوف نفسها من تأجيلها إلى موعدها الدستوري.
رئيس مركز التفكير السياسي في العراق الدكتور إحسان الشمري، يرى في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إنه «في ضوء إقرار قانون الانتخابات وتوافق القوى السياسية وإصدار البرلمان قراراً بحل نفسه قبل الانتخابات بثلاثة أيام، فضلاً عن المرسوم الجمهوري، يبدو أن الحديث عن تأجيل الانتخابات هو نتيجة الفراغ السياسي الذي يحدث في العراق، حيث لا توجد لدى القوى السياسية ما يمكن أن تشغل نفسها فيه». ويضيف الشمري: «هناك مجس أو بالون اختبار تطلقه بعض القوى السياسية التي باتت تشعر أنها لن تحصد المقاعد التي تتمناها، أو التي كانت حصلت عليها سابقاً»، مبيناً أن «مثل هذه الطروحات هي محاولات لإضعاف الوضع السياسي وهز ثقة المواطن بالحكومة التي تبدو جادة على كل المستويات من أجل إجراء الانتخابات، حيث إن التأجيل فيما لو حصل سيأتي أيضاً من قبل الحكومة، لأن البرلمان لا يريد أن يتحمل المسؤولية في هذا المجال».
ورداً على سؤال بشأن السيناريو الأقرب بشأن إجرائها أو تأجيلها، يقول الشمري إن «السيناريو الأقرب يعتمد على طبيعة القوى المقاطعة للانتخابات لأنها ضغطت من خلال الفواعل الدولية، بخاصة الأمم المتحدة، ولذلك أتصور أننا يمكن أن نكون أمام سيناريو التأجيل، خصوصاً أن القوى المقاطعة سوف تعتمد على مبدأ غياب المناخات الأمنية الكافلة لحرية الانتخابات، فضلاً عن نزاهة وقدرة المفوضية على إجراء تلك الانتخابات بشفافية بعيداً عن تأثير القوى السياسية، برغم أن ذلك لا يزال يبدو بعيداً». ويتابع: «سيناريو التأجيل ومثلما يعرف الجميع ستكون له تداعيات خطيرة جداً، ذلك أنه سيفقد العراق الكثير من المصداقية دولياً، والأمر نفسه ينطبق على القوى السياسية نفسها التي ستكون في مواجهة مع عدة جبهات»، مؤكداً أن «القوى السياسية سوف تحاول المضي في هذه الانتخابات عن طريق اعتماد آلياتها القديمة بعدم اعتماد معايير دولية يمكن من خلالها ضمان شفافية تلك الانتخابات، وهو بالنسبة لها أفضل من سيناريو التأجيل الذي سيضعها في مواجهة أزمات جديدة مثل حكومة طوارئ أو تغيير النظام أو الدستور، وهو ما يهز نفوسهم أكثر، وبالتالي فإن تأجيل الانتخابات بات مرهوناً، إما بكارثة طبيعية أو اهتزاز أمني كبير جداً».



طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

TT

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)
قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)

قال الجيش السوري ومصادر من قوات المعارضة إن قوات جوية روسية وسورية قصفت مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، شمال غربي سوريا، قرب الحدود مع تركيا، اليوم (الخميس)، لصد هجوم لقوات المعارضة استولت خلاله على أراضٍ لأول مرة منذ سنوات.

ووفقاً لـ«رويترز»، شن تحالف من فصائل مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام هجوماً، أمس (الأربعاء)، اجتاح خلاله 10 بلدات وقرى تحت سيطرة قوات الرئيس السوري بشار الأسد في محافظة حلب، شمال غربي البلاد.

وكان الهجوم هو الأكبر منذ مارس (آذار) 2020، حين وافقت روسيا التي تدعم الأسد، وتركيا التي تدعم المعارضة، على وقف إطلاق نار أنهى سنوات من القتال الذي تسبب في تشريد ملايين السوريين المعارضين لحكم الأسد.

وفي أول بيان له، منذ بدء الحملة المفاجئة قال الجيش السوري: «تصدَّت قواتنا المسلحة للهجوم الإرهابي الذي ما زال مستمراً حتى الآن، وكبَّدت التنظيمات الإرهابية المهاجمة خسائر فادحة في العتاد والأرواح».

وأضاف الجيش أنه يتعاون مع روسيا و«قوات صديقة» لم يسمِّها، لاستعادة الأرض وإعادة الوضع إلى ما كان عليه.

وقال مصدر عسكري إن المسلحين تقدموا، وأصبحوا على مسافة 10 كيلومترات تقريباً من مشارف مدينة حلب، وعلى بُعد بضعة كيلومترات من بلدتَي نبل والزهراء الشيعيتين اللتين بهما حضور قوي لجماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من إيران.

كما هاجموا مطار النيرب، شرق حلب، حيث تتمركز فصائل موالية لإيران.

وتقول قوات المعارضة إن الهجوم جاء رداً على تصعيد الضربات في الأسابيع الماضية ضد المدنيين من قبل القوات الجوية الروسية والسورية في مناطق جنوب إدلب، واستباقاً لأي هجمات من جانب الجيش السوري الذي يحشد قواته بالقرب من خطوط المواجهة مع قوات المعارضة.

وفي الوقت نفسه، ذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية، اليوم (الخميس)، أن البريجادير جنرال كيومارس بورهاشمي، وهو مستشار عسكري إيراني كبير في سوريا، قُتل في حلب على يد قوات المعارضة.

وأرسلت إيران آلاف المقاتلين إلى سوريا خلال الصراع هناك. وبينما شمل هؤلاء عناصر من الحرس الثوري، الذين يعملون رسمياً مستشارين، فإن العدد الأكبر منهم من عناصر جماعات شيعية من أنحاء المنطقة.

وقالت مصادر أمنية تركية اليوم (الخميس) إن قوات للمعارضة في شمال سوريا شنَّت عملية محدودة، في أعقاب هجمات نفذتها قوات الحكومة السورية على منطقة خفض التصعيد في إدلب، لكنها وسَّعت عمليتها بعد أن تخلَّت القوات الحكومية عن مواقعها.

وأضافت المصادر الأمنية أن تحركات المعارضة ظلَّت ضمن حدود منطقة خفض التصعيد في إدلب التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في عام 2019، بهدف الحد من الأعمال القتالية بين قوات المعارضة وقوات الحكومة.

وقال مصدر بوزارة الدفاع التركية إن تركيا تتابع التطورات في شمال سوريا عن كثب، واتخذت الاحتياطات اللازمة لضمان أمن القوات التركية هناك.

ولطالما كانت هيئة تحرير الشام، التي تصنِّفها الولايات المتحدة وتركيا منظمة إرهابية، هدفاً للقوات الحكومية السورية والروسية.

وتتنافس الهيئة مع فصائل مسلحة مدعومة من تركيا، وتسيطر هي الأخرى على مساحات شاسعة من الأراضي على الحدود مع تركيا، شمال غربي سوريا.

وتقول قوات المعارضة إن أكثر من 80 شخصاً، معظمهم من المدنيين، قُتلوا منذ بداية العام في غارات بطائرات مُسيرة على قرى تخضع لسيطرة قوات المعارضة.

وتقول دمشق إنها تشن حرباً ضد مسلحين يستلهمون نهج تنظيم القاعدة، وتنفي استهداف المدنيين دون تمييز.