سرطان الرئة: العلاج الموجّه يقلل الوفيات

تقارير عن أهمية التشخيص المبكر في المنتدى الثاني متعدد التخصصات حول المرض

سرطان الرئة: العلاج الموجّه يقلل الوفيات
TT

سرطان الرئة: العلاج الموجّه يقلل الوفيات

سرطان الرئة: العلاج الموجّه يقلل الوفيات

يحتل سرطان الرئة المرتبة السابعة بين السرطانات الأكثر انتشاراً على مستوى منطقة الخليج، حيث يشكل نحو 4.6 في المائة من جميع حالات السرطان، وفقاً لدراسة إقليمية نشرت في مجلة عُمان الطبية (Oman Medical Journal [2019], Vol. 34, No. 5: 397-403).
وتشير تقارير منظمة الصحة العالمية لعام 2020 الخاصة بالسرطان إلى أن سرطان الرئة، في المملكة العربية السعودية، يُعد السبب الرئيسي الخامس لوفيات السرطان، وهناك توقعات لارتفاع معدل الإصابة به بشكل كبير خلال العقد المقبل.
وتعد الرئة أحد أعضاء الجسم المهمة، وهي موجودة ومحمية بالقفص الصدري ويوجد زوج منها (هما الرئتان)، وهما الجزء الأساسي من الجهاز التنفسي للإنسان. تتكون الرئة اليسرى من فصين فقط، وهي أصغر حجماً من الرئة اليمنى والتي تتكون من ثلاثة فصوص. وتُغطى كل رئة من الخارج بالغشاء البلوري الذي يفصلها عن القفص الصدري.
وسرطان الرئة هو السرطان الذي ينشأ في الخلايا داخل الرئة، وهو عادة ما يصيب الأشخاص فوق سن 45 عاماً، ومن النادر أن يصيب الأصغر سناً.

- منتدى سرطان الرئة
عُقد في الرياض افتراضياً، المؤتمر الثاني للمنتدى «متعدد التخصصات» لسرطان الرئة في أوائل شهر أبريل (نيسان) من هذا العام، لمناقشة آخر المستجدات في تشخيص وعلاج سرطان الرئة. شارك في المنتدى نخبة من الخبراء الدوليين من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا برئاسة الدكتور عبد الرحمن جازية، مدير البرنامج الدولي في مركز «سينسيناتي» لاستشاريّي السرطان. وقد تناولت أجندة المؤتمر، في نسخته الثانية، مواضيع متعددة تضمنت الفحص والكشف المبكر عن سرطان الرئة، وأهمية التحديد الدقيق لمرحلة المرض ودور الجراحة في المراحل المبكرة، والمنهجيات الجديدة في استهداف مستقبلات عامل نمو البشرة الطافرة في المراحل المبكرة لسرطان الرئة ذي الخلايا غير الصغيرة (non-small cell lung cancer)، وفوائد علم الأورام المناعي بعد العلاج الكيميائي والإشعاعي في زيادة معدلات البقاء على قيد الحياة لدى المرضى غير المرشحين لاستئصال الورم، بالإضافة إلى ندوة حوارية حول كيفية تحسين رعاية مرضى سرطان الرئة في الشرق الأوسط.
وحظي المؤتمر الافتراضي بدعم جامعة الفيصل بالرياض والمجموعة السعودية لسرطان الرئة وجمعية الإمارات للأورام ورابطة الأطباء العرب لمكافحة السرطان ومركز «سينسيناتي» لاستشاريي السرطان والمركز الوطني لعلاج الأورام بالمستشفى السلطاني بسلطنة عُمان. وأقيم المنتدى برعاية شركة «أسترازينيكا».
وأكّد أخصائيو الرعاية الصحية، المشاركون في المنتدى الثاني متعدد التخصصات لسرطان الرئة، دور تعزيز فحوص الكشف عن سرطان الرئة، لدى المرضى المعرّضين لخطورة مرتفعة للإصابة به، في خفض معدل الوفيات المرتبط بالمرض في منطقة الخليج العربي والتي تشمل المملكة العربية السعودية.

- المرض إقليمياً
يشير التقرير الصادر عن فريق عمل الأورام في الإمارات العربية المتحدة تحت عنوان «واقع رعاية مرضى السرطان في الإمارات العربية المتحدة خلال عام 2020»؛ الذي نشر في مجلة الأورام الخليجية العدد 32 وقام به فريق طبي ترأسه الدكتور حميد الشامسي - إلى أنه يتم حالياً تشخيص نحو من 60 في المائة إلى 80 في المائة من الحالات في منطقة الخليج العربي في مراحل متقدمة من المرض، مع انخفاض معدل البقاء على قيد الحياة لمدة خمس سنوات حتى 10 إلى 20 في المائة. ويكون السرطان، في أكثر من 90 في المائة من الحالات، قد انتشر خارج الرئة عند التشخيص، ما يؤكد ضرورة الفحص الدوري للأفراد المعرضين لمخاطر مرتفعة بهدف الكشف المبكر وتحسين معدلات البقاء على قيد الحياة. كما تبرز الحاجة لوجود برامج فحص أكثر تكاملاً للمساعدة في التشخيص المبكر على مستوى المنطقة، فعلى الرغم من توافر الاختبار السريع وعالي الحساسية للكشف عن سرطان الرئة (المعروف باسم التصوير المقطعي المحوسب بجرعة أشعة منخفضة) للأشخاص المعرّضين للإصابة بالمرض بخطورة مرتفعة، فإن برامج الكشف الوطنية ما زالت قدرتها الاستيعابية منخفضة.

- عوامل الخطر
عوامل الخطر التي قد تسبب سرطان الرئة:
> التدخين والسيجار والأرجيلة: تسبب ما يقرب من 9 بين كل 10 حالات (86 في المائة)، وبالمقابل هناك 3 في المائة من حالات سرطان الرئة تحدث بسبب التعرض للتدخين السلبي غير المباشر في الأشخاص غير المدخنين، ونحو 90 في المائة من سرطانات الرئة ناجمة عن تعاطي التبغ.
> التدخين السلبي (استنشاق الدخان من المدخنين الآخرين): أظهرت الأبحاث أن غير المدخنين الذين يقيمون مع مدخن معرضون بنسبة 24 في المائة لخطر الإصابة بسرطان الرئة مقارنة مع غيرهم من غير المدخنين.
> التعرض لغاز الرادون: وهو ثاني أكبر سبب لسرطان الرئة بعد التدخين.
> تلوث الهواء: يعتقد الباحثون أن من 5 إلى 7 في المائة من حالات سرطان الرئة في غير المدخنين هي بسبب تلوث الهواء، وقد تبين أن استخدام الفحم لأغراض الطهي والتدفئة في المنزل مع مستوى مرتفع من الدخان من أسباب زيادة خطر الإصابة بسرطان الرئة.
> أمراض الرئة السابقة التي تسبب ندباً في الرئتين، قد تكون عامل خطر لنوع من سـرطان الرئة.
> التاريخ العائلي لسرطان الرئة: يزيد خطر الإصابة بسرطان الرئة بنسبة 51 في المائة.
> المناعة المنخفضة مثل فيروس نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) الذي يخفض المناعة، وكذلك أدوية تثبيط المناعة التي تؤخذ بعد عمليات زرع الأعضاء، تبين أنها تعرّض لخطر الإصابة بسرطان الرئة أكثر 3 مرات.
> العامل المهني والتعرض لمواد في مكان العمل مثل الأسبستوس، والزرنيخ، والكروم، والنيكل، وغاز الرادون، والقطران، يمكن أن تسبب سرطان الرئة لدى الأشخاص الذين يتعرضون لها في مكان العمل حتى ولو لم يكونوا أبداً مدخنين.

- تحديات
تشمل أبرز العوائق المذكورة في التقرير الذي نوقش في المنتدى الثاني لسرطان الرئة بطءَ التحول من مفهوم الصحة العلاجية إلى الصحة الوقائية، فضلاً عن الحاجة إلى برامج توعية مخصصة للكشف عن سرطان الرئة بين العاملين في مجال الرعاية الصحية العامة والأولية. كما يجب توفير أنظمة مخصصة لاستدعاء الأشخاص المعرّضين لخطورة مرتفعة لإجراء الفحص.
ويجري حالياً تطوير برامج واعدة وأكثر تكاملاً في كثير من دول الخليج، حيث يمكن لتقنيات التطبيب عن بعد والتصوير الشعاعي عن بعد أن تحدث نقلة نوعية في الوصول إلى مرضى المناطق الريفية ممن لا يمكنهم زيارة المراكز المتخصصة في مرض السرطان. كما أصبحت تقنية تحليل التسلسل الجيني من الجيل التالي متاحة على نطاق واسع للمرضى الذين تم تشخيص إصابتهم بسرطان الرئة في منطقة الخليج العربي، حيث يعتمد المسح الرائد في مجال الطب الدقيق على تحليل الواسمات الجينية التي يمكن استهدافها بأدوية معينة داخل الورم. وتطرّق المنتدى إلى تأثير أزمة «كوفيد - 19» على جهود الكشف المبكر مع انخفاض معدّل الإحالات والثغرات في سبل الرعاية الوجيزة للحالات الحادة والتي تشكّل تحديات مقلقة.

- تطويرات حديثة
> علاج جديد. في إطار التوجه نحو العلاج الموجه، تمت الموافقة مؤخراً على خيار علاج جديد من قبل الجمعية السعودية للغذاء والتغذية للمرضى الذين يعانون من سرطان الرئة «ذي الخلايا غير الصغيرة» في مراحله المبكرة، حيث تسهم طفرة جينية في انتشار الخلايا السرطانية. وخلال التجارب السريرية، تم إعطاء هؤلاء المرضى الجيل الثالث من مثبطات التيروزين كيناز كعلاج مساعد بعد إزالة الورم. ووجد أن العلاج يقلل من تكرار المرض، وهو أمر شائع الحدوث في المرحلة المبكرة بنسبة 80 في المائة، مقارنة مع أولئك الذين يتناولون العلاج الوهمي (بلاسيبو).
ومن جهته، أكد الدكتور حميد الشامسي، مدير خدمات السرطان والأورام في مركز برجيل للأورام  ورئيس جمعية الإمارات للأورام، أهمية الكشف المبكر في نجاح علاج سرطان الرئة، ويرى ضرورة توسيع نطاق عمليات الكشف المبكر مع وجود بروتوكولات فحص وسبل رعاية واضحة، واعتماد برامج الكشف في الممارسة السريرية، وإعطاء الأولوية للأفراد المعرّضين لخطورة مرتفعة، حيث يعد سرطان الرئة من الأسباب الرئيسية للوفاة في منطقة الخليج العربي.
> تقنيات تشخيص جديدة، مثل اختبارات الدم التي تستقصي الواسمات الورمية وتُعرف باسم الخزعة السائلة، سوف تغير المنظور السائد لمرض السرطان خلال السنوات الخمس أو العشر المقبلة، وسوف يصبح التشخيص أكثر سهولة وستتوافر تحاليل الكشف للأشخاص الذين لا يمتلكون عوامل الخطورة التقليدية.
> الرعاية الصحية. أكد الدكتور بيتر رؤوف، مدير وحدة أعمال الأورام لشركة «أسترازينيكا» في دول الخليج، ضرورة تغيير النهج في رعاية مرضى السرطان في منطقة الخليج، حيث أجمع على ذلك المشاركون من جميع الجهات المعنية في المنتدى متعدد التخصصات لسرطان الرئة، وأنه يجب أن تتضافر جهود كل أقسام نظام الرعاية الصحية لإحداث تأثير إيجابي في حياة المصابين بسرطان الرئة وتخفيف أعباء المرض في المنطقة، وقد اتضح في المنتدى مدى القدرة على التعاون لإثراء خبرات المجتمع الطبي في المنطقة وتقديم رعاية أفضل لمرضى سرطان الرئة وتحسين معدلات البقاء وجودة الحياة.

- توصيات واقتراحات
الدكتور عبد الرحمن جازية، مدير البرنامج الدولي في مؤسسة «سينسيناتي» لاستشاريّي السرطان، أستاذ مساعد في طب الأورام في جامعة الفيصل، ورئيس المنتدى والمشرف على الجلسة الحوارية فيه والتي دارت حول تطوير معطيات وبيانات سرطان الرئة في المنطقة - يؤكد على التوصيات والمقترحات التالية:
> يُجمع الخبراء الإقليميون على ضرورة دعم علاج سرطان الرئة المتقدم في منطقة الخليج العربي وتحسين تجربة المريض العامّة من منظور متعدد التخصصات.
> تشجيع التعاون والبحث وتبادل المعرفة والتطوير المهني بين مجتمع أخصائيي سرطان الرئة في دول الخليج وخارجها.
> توفير البيانات الدقيقة حول سرطان الرئة يُعد ضرورة لتحقيق رعاية ناجحة لمرضى السرطان، كما يكسب الموضوع أهمية كبيرة بالنسبة للجميع، خصوصاً الدول مع عدد قليل من مرضى سرطان الرئة، التي ستستفيد من البيانات الإقليمية على نطاق أوسع وأكثر شمولاً.
> إمكانية خفض معدل الوفيات بنسبة 30 في المائة إذا تم فحص 50 في المائة من المعرّضين للإصابة بمرض سرطان الرئة، وقد تم وضع إرشادات صادرة عن الجمعية السعودية لسرطان الرئة مع توفير الموارد اللازمة للكشف عن المرض، التي كانت لا تُستخدم بشكل كافٍ في معظم الحالات.
> يؤكد منتدى سرطان الرئة أهمية التعاون لتصميم خطط وسبل رعاية كاملة لمرضى السرطان، بدءاً من تسهيل الوصول إلى إمكانات الفحص لكل الحالات المشتبه بإصابتها، ووصولاً إلى توفير خطط الرعاية المستدامة وعالية الجودة وبرامج إعادة التأهيل.
> من الضروري تصميم خريطة طريق واضحة بهدف تحسين رعاية سرطان الرئة، ومراجعة المبادئ التوجيهية الحالية حول الفحص والتأكد من وضع أفضل المعايير وتنفيذها، هذا بالإضافة إلى التعاون على المستوى الإقليمي لتبادل الخبرات والأبحاث التي تسهم في بناء أدلة على النتائج وتحديد الفاعلية من حيث التكلفة.

- استشاري طب المجتمع


مقالات ذات صلة

نظام غذائي يحسّن الذاكرة ويقلل خطر الإصابة بالخرف

صحتك امرأة تشتري الخضراوات في إحدى الأسواق في هانوي بفيتنام (إ.ب.أ)

نظام غذائي يحسّن الذاكرة ويقلل خطر الإصابة بالخرف

أصبحت فوائد اتباع النظام الغذائي المتوسطي معروفة جيداً، وتضيف دراسة جديدة أدلة أساسية على أن تناول الطعام الطازج وزيت الزيتون يدعم صحة الدماغ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تظهر الخلايا المناعية في الدماغ أو الخلايا الدبقية الصغيرة (الأزرق الفاتح/الأرجواني) وهي تتفاعل مع لويحات الأميلويد (الأحمر) - وهي كتل بروتينية ضارة مرتبطة بمرض ألزهايمر ويسلط الرسم التوضيحي الضوء على دور الخلايا الدبقية الصغيرة في مراقبة صحة الدماغ (جامعة ولاية أريزونا)

فيروس شائع قد يكون سبباً لمرض ألزهايمر لدى بعض الأشخاص

اكتشف الباحثون وجود صلة بين عدوى الأمعاء المزمنة الناجمة عن فيروس شائع وتطور مرض ألزهايمر لدى بعض الأشخاص.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق كم عدد الزيارات السنوية للطبيب حول العالم؟

كم عدد الزيارات السنوية للطبيب حول العالم؟

وفق تصنيف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية

صحتك أكواب من الحليب النباتي بجانب المكسرات (أرشيفية - إ.ب.أ)

دراسة: النباتيون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب

تشير دراسة إلى أن النباتيين قد يكونون أكثر عرضة للاكتئاب؛ لأنهم يشربون الحليب النباتي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين
TT

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

أثارت التقارير عن زيادة حالات الإصابة بفيروس الجهاز التنفسي البشري المعروف اختصاراً بـHMPV في الصين أصداء قاتمة لبداية مماثلة لجائحة كوفيد - 19 قبل خمس سنوات تقريباً، كما كتبت ستيفاني نولين(*).

ولكن رغم أوجه التشابه السطحية، فإن هذا الوضع مختلف تماماً، وأقل إثارة للقلق، كما يقول خبراء الطب.

وإليك ما نعرفه عن «الفيروس المتحور الرئوي البشري» Human Metapneumovirus المعروف اختصاراً HMPV. ويسمى أحياناً أخرى بـ«الميتانيوفيروس البشري».

ما «الفيروس المتحور الرئوي البشري»؟

إنه أحد مسببات الأمراض العديدة التي تنتشر في جميع أنحاء العالم كل عام، وتسبب أمراض الجهاز التنفسي. وهو فيروس شائع؛ بل شائع جداً لدرجة أن معظم الناس يصابون به وهم ما زالوا أطفالاً وقد يعانون من عدة إصابات في حياتهم. وفي البلدان التي تشهد شهوراً من الطقس البارد، يمكن أن يكون لفيروس الجهاز التنفسي البشري موسم سنوي، تماماً مثل الإنفلونزا، بينما في الأماكن الأقرب إلى خط الاستواء، فإنه ينتشر بمستويات أقل طوال العام.

هذا الفيروس يشبه فيروساً معروفاً بشكل أفضل في الولايات المتحدة، «الفيروس المخلوي التنفسي»، RSV الذي يسبب أعراضاً تشبه إلى حد كبير تلك المرتبطة بالإنفلونزا وكوفيد، بما في ذلك السعال والحمى واحتقان الأنف والصفير.

معظم عدوى فيروس HMPV خفيفة، تشبه نوبات البرد الشائعة. لكن الحالات الشديدة يمكن أن تؤدي إلى التهاب الشعب الهوائية أو الالتهاب الرئوي، وخاصة بين الرضع وكبار السن والأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة. أما المرضى الذين يعانون من حالات الرئة السابقة، مثل الربو أو مرض الانسداد الرئوي المزمن أو انتفاخ الرئة، فهم أكثر عرضة لنتائج وخيمة.

منذ متى كان الفيروس موجوداً؟

تم التعرف على الفيروس في عام 2001، لكن الباحثين يقولون إنه انتشر بين البشر لمدة 60 عاماً على الأقل. ورغم أنه ليس جديداً، فإنها لا يحظى بالقدر نفسه من التعرف على الإنفلونزا أو كوفيد - 19 أو حتى الفيروس المخلوي التنفسي، كما يقول الدكتور لي هوارد، الأستاذ المساعد لأمراض الأطفال المعدية في المركز الطبي لجامعة فاندربيلت.

أحد الأسباب هو أنه نادراً ما تتم مناقشته بالاسم، إلا عندما يتم إدخال الأشخاص إلى المستشفى بسبب حالة مؤكدة منه.

ويضيف هوارد: «من الصعب حقاً التمييز بين السمات السريرية والأمراض الفيروسية الأخرى. إننا لا نختبر بشكل روتيني فيروس الجهاز التنفسي البشري بالطريقة التي نفعلها لكوفيد - 19 أو الإنفلونزا أو الفيروس المخلوي التنفسي، لذا فإن معظم حالات العدوى لا يتم التعرف عليها ويتم إرجاعها إلى أي عدوى تنفسية موجودة».

كيف يصاب الشخص بالفيروس التنفسي البشري؟

ينتشر الفيروس في المقام الأول من خلال الرذاذ أو الهباء الجوي من السعال أو العطس، ومن خلال الاتصال المباشر بشخص مصاب أو من خلال التعرض للأسطح الملوثة - وهي نفس الطرق التي يصاب بها الناس بنزلات البرد والإنفلونزا وكوفيد-19.

هل يوجد لقاح أو علاج له؟

لا يوجد لقاح ضد فيروسات الجهاز التنفسي البشري. ولكن هناك لقاح ضد فيروس الجهاز التنفسي المخلوي، ويجري البحث حالياً لإيجاد لقاح يمكنه الحماية ضد الفيروسين بجرعة واحدة، لأنهما متشابهان. لا يوجد علاج مضاد للفيروسات مخصص لفيروسات الجهاز التنفسي البشري؛ إذ يركز العلاج على إدارة الأعراض.

ماذا تقول الصين عن انتشاره؟

أقرت السلطات الصينية بارتفاع حالات الإصابة بفيروس الجهاز التنفسي البشري، لكنها أكدت أن الفيروس كيان معروف وليس مصدر قلق كبير. ويذكر أن فيروس كورونا المسبب لمرض كوفيد - 19 كان مسبباً جديداً للأمراض، لذا لم تتمكن أجهزة المناعة لدى الناس من بناء دفاعات ضده.

وفي مؤتمر صحافي عقدته مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها في الصين في 27 ديسمبر (كانون الأول)، قال كان بياو، مدير معهد الأمراض المعدية التابع للمركز، إن حالات الإصابة بفيروس الجهاز التنفسي البشري آخذة في الارتفاع بين الأطفال الذين تبلغ أعمارهم 14 عاماً أو أقل. وقال إن الزيادة كانت ملحوظة بشكل خاص في شمال الصين. وأضاف أن حالات الإنفلونزا زادت أيضاً.

وقال إن الحالات قد ترتفع خلال عطلة رأس السنة القمرية الجديدة، في نهاية يناير (كانون الثاني)، عندما يسافر العديد من الناس ويتجمعون في مجموعات كبيرة.

لكن كان قال بشكل عام: «بالحكم على الوضع الحالي، فإن نطاق وشدة انتشار الأمراض المعدية التنفسية هذا العام سيكونان أقل من العام الماضي».

وأظهرت البيانات الصينية الرسمية أن حالات فيروس التهاب الرئة البشري كانت في ارتفاع منذ منتصف الشهر الماضي، سواء في العيادات الخارجية أو في حالات الطوارئ، وفقاً لـ«وكالة أنباء شينخوا» الرسمية. وقالت الوكالة إن بعض الآباء ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي لم يكونوا على دراية بالفيروس وكانوا يطلبون المشورة عبر الإنترنت؛ وحثت على اتخاذ الاحتياطات الهادئة والعادية مثل غسل اليدين بشكل متكرر وتجنب الأماكن المزدحمة.

في إحاطة إعلامية روتينية يوم الجمعة الماضي، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية أن حالات الإنفلونزا والفيروسات التنفسية الأخرى تزداد بشكل روتيني في هذا الوقت من العام ولكنها «تبدو أقل حدة وتنتشر على نطاق أصغر مقارنة بالعام السابق».

وقال المسؤولون الصينيون الأسبوع الماضي إنهم سيضعون نظام مراقبة للالتهاب الرئوي من أصل غير معروف. وسيشمل النظام إجراءات للمختبرات للإبلاغ عن الحالات وللوكالات المعنية بمكافحة الأمراض والوقاية منها للتحقق منها والتعامل معها، حسبما ذكرت «هيئة الإذاعة والتلفزيون» الصينية.

ماذا تقول «منظمة الصحة العالمية»؟

لم تعرب «منظمة الصحة العالمية» عن قلقها. واستشهدت الدكتورة مارغريت هاريس، المتحدثة باسم المنظمة، بتقارير أسبوعية من السلطات الصينية أظهرت ارتفاعاً متوقعاً في الحالات.

«كما هو متوقع في هذا الوقت من العام، أي شتاء نصف الكرة الشمالي، فإن هناك زيادة شهرية في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وكذلك RSV وفيروس الميتانيوفيروس» هذا، كما قالت هاريس عبر البريد الإلكتروني.

هل يجب أن نقلق؟

التقارير الواردة من الصين تذكرنا بتلك التي وردت في الأيام الأولى المربكة لجائحة كوفيد، ولا تزال «منظمة الصحة العالمية» تحث الصين على مشاركة المزيد من المعلومات حول أصل هذا التفشي، بعد خمس سنوات.

لكن الوضع الحالي مختلف في جوانب رئيسة. كان كوفيد فيروساً انتقل إلى البشر من الحيوانات ولم يكن معروفاً من قبل. أما فيروس الإنسان الميتانيوفيروس هذا فقد تمت دراسته جيداً، وهناك قدرة واسعة النطاق لاختباره.

هناك مناعة واسعة النطاق على مستوى السكان من هذا الفيروس على مستوى العالم؛ لم تكن هناك مناعة لكوفيد. يمكن لموسم فيروس الإنسان الميتانيوفيروس الشديد أن يجهد سعة المستشفيات -وخاصة أجنحة الأطفال- لكنه لا يرهق المراكز الطبية.

وقال الدكتور سانجايا سينانياكي، المتخصص في الأمراض المعدية وأستاذ مشارك في الطب في الجامعة الوطنية الأسترالية: «ومع ذلك، من الضروري أيضاً أن تشارك الصين بياناتها حول هذا التفشي في الوقت المناسب». «يتضمن هذا بيانات وبائية حول من يصاب بالعدوى. وسنحتاج أيضاً إلى بيانات جينومية تؤكد أن فيروس HMPV هو السبب، وأنه لا توجد أي طفرات كبيرة مثيرة للقلق».

* خدمة «نيويورك تايمز»