تعاود صالات السينما في الولايات المتحدة وأوروبا فتح أبوابها لهواة الشاشة الكبيرة والأفلام المثيرة. هذا بعد انقطاع الود بسبب انتشار الوباء نتج عنه خسائر بمليارات الدولارات والكثير من المخاوف في أن يكون الجمهور قد ولّى إلى الأبد بعدما استغلّت مؤسسات العروض المنزلية الفرصة لترفع من نصيبها من هذه السوق الكبيرة ملبية حاجة المشاهدين للترفيه من دون مخاطر الخروج من البيت والاندماج مع الأغراب.
عديدون ودّعوا تقاليد العروض السينمائية في الصالات على أساس أنها حقبة طويلة وانتهت. آخرون تساءلوا مشككين في إمكانية إعادة القناة المغلقة بين صالات السينما وبين الجمهور. هل تريد أن تشاهد فيلمك بكمّامة في الصالة أو من دونها في راحة منزلك. الجمهور أناني بطبعه وحتى وإن لم يكن وجد نفسه بلا خيارات. إغلاق صالات السينما لم يكن قراراً تعسفياً في هبّة الوباء القوية، بل حل ملزم لمنع انتشاره.
- القفز إلى المقدّمة
الأفلام المستفيدة من استعادة صالات السينما لقرارها في فرنسا (التي فتحت أبوابها من يوم أول من أمس) والولايات المتحدة (من الأسبوع ما قبل الماضي) ومن بريطانيا (منذ نحو شهر) وعدد آخر من صالات السينما في العواصم والمركز الأوروبية كثيرة. في فرنسا، على سبيل المثال، حشد بالمئات من الأفلام التي تنتظر أدوارها للعرض. في بريطانيا، تدحرجت كرات الأفلام على الشاشات في تزاحم شديد. في روسيا وبلغاريا وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال وبلجيكا وألمانيا، جربت صالات السينما احتمالات فتح أبوابها منذ أواسط الشهر الماضي. في آسيا البعيدة العديد من الصالات الكورية والصينية والتايوانية وسواها لم تغلق أبوابها منذ الشهر الثاني من العام.
في العالم العربي، صالات السينما مفتوحة في السعودية (قريباً) والإمارات والبحرين ومصر والعراق والكويت والدوحة وما زالت مغلقة في العواصم الأخرى بانتظار فرج قريب.
لن يكون هناك اختلاف من حيث نوعية العروض. الفيلم المصنوع تلبية لرغبات السوق، هو الذي سيقفز إلى المقدّمة، وقد فعل ذلك منذ أسابيع: «موتال كومباكت» و«توم أند جيري» و«غودزيلا ضد كونغ» كما «رايا والتنين الأخير» و«بيتر رابِت 2» و- حالياً - F9 تسارعت لملء المقاعد بالجمهور المشتاق. بعضها جس النبض لكن الأسبوع الحالي يحتوي على المباراة الأولى على صعيد السعي لاستعادة الحياة السينمائية، من حيث تركتها الأيام الخوالي في مطلع العام الماضي.
لكن حقيقة أن الصين سبقت سواها في فتح صالاتها جعلها تتبوأ الإيرادات العالمية بحجم أكبر من سواه وبعروض بقي غالبها خارج مدار العالم الغربي.
أربعة من الأفلام الخمسة الأولى في قائمة أفضل الإيرادات هذه السنة حول العالم هي صينية بدءاً بـ«هاي، موم»، في المركز الأول (سجل 822 مليون دولار داخل الصين وجوارها) و«تحري تشايناتاون 5» (المركز الثاني بنحو 686 مليون دولار) و«أوديسا كاتب» (A Writer’s Odyssey) في المركز الرابع (427 مليون دولار في عروض تشمل أستراليا ونيوزيلاند) و«مُغلق» (Impass) في المركز الخامس (جامعاً 148 مليوناً).
الفيلم الأميركي الوحيد الذي اخترق هذه القائمة هو «غودزيلا ضد كونغ» الذي حط في المركز الثالث، مسجلاً 427 مليون دولار.
وحالياً ما زالت القيادة في الصين بيد أفلامها المحلية: «مُغلق» (جديد المخرج زانغ ييمو) يقود هناك: فيلم مغامرات وتشويق يحمل بعض السياسة: أربع من موظفي الحزب الشيوعي في الثلاثينات يجدون أنفسهم وسط مخاطر طريق بسبب خيانة أحدهم. في الجوار أفلام أكشن ومغامرات أخرى بينها «اختراق عبر الظلام» ليولاي لو حول تحقيق رسمي حول فساد شهدته البلاد عندما استطاعت إحدى المؤسسات شراء عقارات غير مرخّصة للبيع. و«إمبراطورية المال» لهو كوِن حول فساد آخر ولو على صعيد خاص.
الأفلام غير الصينية الوحيدة في هذا المرتع هي «غضب رجل» (أميركي) و«غودزيلا ضد كونغ» (يتراجع لمركز متأخر بعدما جمع من الصين 191 مليون دولار) وفيلم رسوم ياباني بعنوان «التحري كونان: الرصاصة القرمزية».
- أرانب وسيارات
الأفلام المتزاحمة على صالات فرنسا تحتوي على نسبة عالية من الأفلام المحلية أيضاً. من بينها «طر بي بعيداً» (Envole - moi) لكريستوف باراتييه (مخرج «حرب جديدة» و«أزمنة سرية» سابقاً) ويدور حول طبيب معروف يريد إخراج ابنه الشاب توماس (فكتور بلموندو، ابن أبيه جان - بول) من الكسل والبطالة وحياة الملاهي فيلزمه برعاية صبي يحتاج لعناية فائقة. كل ما سبق وشاهدناه من كوميديات خفيفة حول هذا الشاب غير المسؤول الذي يقبل مهمّة لا يريدها ثم يبرع بها موجود هنا.
أيضاً في الجوار «الاحتضان» (L’etreinte) للودفيك برجيري مع إيمانويل بيار في دور امرأة مات زوجها فقررت الانتقال إلى منزل شقيقتها ومواصلة دراستها الأدبية. سريعاً ما ستجد نفسها محاطة بمجموعة من الرجال المهتمّين بها. كتب ناقد تليراما جاك موريس معجباً بالممثلة بيار التي «دفنت في الدور البشرة والشخصية». وخلص جيروم غارسان في «نوفيل أوبزرفاتور» للقول إن الممثلة «التي بدا أنها باتت تفضل المسرح على السينما» تمنح الفيلم غير المتكامل لمساته العاطفية.
في لندن ليس هناك من فيلم بريطاني ينافس ما توفره هوليوود من أفلام. في القيادة، هذا الأسبوع على الأقل، «بيتر رابِت 2»، الذي يجمع بين الرسوم (الأرانب ذاتها) بالتصوير الحي مع ممثلين يؤدون وظائفهم المحسوبة. بيتر الأرنب (صوت جيمس كوردن) ومجموعته غير الظريفة (أصوات إليزابيث دبيكي وليني جيمس ومارغوت روبي وإيمي هورن) يتعاملون مع عائلة ماغروغر (روز بيرن وومنول غليسن) في الريف والمدينة ويعيثون بعض الشغب المفترض أن يُثير الإعجاب.
لكن المتوقع ألا يستمر سطوع هذه الأرانب طويلاً. هناك فيلم بسيارات جانحة سترميه جانباً حال يصل فيلم F9 للعروض. ليس إنه بالضرورة أفضل، لكنه من النوع الذي يطيح بسواه في الإيرادات حول العالم.
شركة يونيفرسال تفتتح الفيلم في الولايات المتحدة بعد أربعة أيام، وحول العالم في خلال الأسابيع المترامية بعد ذلك على أمل أن يستطيع الفيلم، الذي تكلّف 200 مليون دولار، استرداد أرباحه.
في ظل الوضع الحالي، حيث النهوض من أعباء «كورونا» ما زال في مطلعه، لن تكون هذه الأمنية سهلة التحقيق. لكن للسلسلة التي يقودها الممثل فن ديزل بمصاحبة عضلاته وسياراته، لها رواج آلي في أسواق الشرق الأوسط وآسيا وأوروبا، والشركة تتطلع لأن تكسب منها ما يوازي 200 مليون دولار تضمّها إلى نحو 100 مليون دولار من السوق الأميركية على أقل تقدير.
إذا أخفق «F9» في إنجاز هذا الرقم على الأقل فإن الأفلام المصطفة وراءه، وباستثناء فيلم واحد، لن تستطع القيام بهذه المهمّة عوضاً عنه. من بينها «دريم هورس» و«دمنتيا 2» و«الجفاف» وفيل غنائي بعنوان «بلاست بيت». أما الفيلم الاستثنائي فهو «مكان هادئ 2» الذي ستنطلق عروضه في الولايات المتحدة وكندا وبعض جنوب شرقي آسيا قبل يومين من نهاية هذا الشهر وفي باقي العالم من مطلع الشهر المقبل. هذا يتضمن عروضاً سعودية في العاشر من يونيو (حزيران) وبريطانية في الثالث منه وفرنسية في السادس عشر منه.