الموت يغيب «أيقونة الكوميديا» سمير غانم

رحل عن عمر 84 عاماً متأثراً بـ«كورونا»

الفنان المصري سمير غانم
الفنان المصري سمير غانم
TT

الموت يغيب «أيقونة الكوميديا» سمير غانم

الفنان المصري سمير غانم
الفنان المصري سمير غانم

غيب الموت الفنان المصري الكبير سمير غانم أحد رموز الكوميديا في مصر خلال العقود الماضية، عن عمر ناهز 84 عاماً أمس الخميس، وأعلن الإعلامي رامي رضوان، زوج الفنانة دنيا سمير غانم، وفاة الفنان الكبير بعد تدهور حالته الصحية أثناء وجوده بأحد المستشفيات في القاهرة، عقب إصابته بفيروس «كورونا».
وخيّم الحزن على الأوساط الفنية والثقافية في مصر أمس، وقالت إيناس عبد الدايم، وزيرة الثقافة المصرية إنّ «الحياة الفنية في مصر والوطن العربي فقدت أحد العباقرة وأيقونة كوميدية فذة رسم صفحات من البهجة في تاريخ الأداء التمثيلي». وأشارت عبد الدايم إلى أنّ «أسلوبه المميز نجح في جذب قلوب الجمهور عبر سنوات طويلة شهدت أعمالا ستبقى راسخة في الوجدان بشخصياتها ومفرداتها». وتوجهت بالعزاء لأسرته وأصدقائه ومحبيه، داعية الله أن يتغمد الفقيد برحمته. كما نعى العديد من الفنانين الراحل.
تخرج غانم في كلية الزراعة جامعة اﻹسكندرية، ثم التقى بكل من جورج سيدهم والضيف أحمد، وكونوا معا ثلاثي أضواء المسرح الذي لمع من خلال مجموعة الاسكتشات الكوميدية الشهيرة. وقدم الراحل أعمالا كوميدية انتزعت ضحكات الجمهور وأشاعت البهجة في حياة المصريين لأكثر من نصف قرن، فقد كان يتمتع بخفة ظل كبيرة حتى في أحاديثه العادية وتنوعت أعماله بين المسرح والسينما والتلفزيون والدراما الإذاعية، كما اتجه أيضا لتقديم البرامج ومنها حلقات «سمير شو» عام 1995 و«ساعة مع سمير غانم» في عام 2007.
وكان غانم قد نقل لغرفة العناية المركزة، إثر تعرضه لأزمة صحية حادة في الكلى، في الوقت الذي نقلت زوجته الفنانة دلال عبد العزيز لمستشفى آخر إثر تفاقم حالتها الصحية بسبب تداعيات إصابتها بوباء «كورونا».
وينتمي غانم لجذور صعيدية وقد ولد بقرية عرب الأطاولة بمحافظة أسيوط (جنوب مصر) في 15 يناير (كانون الثاني) عام 1937، وبعدما التحق بكلية الشرطة ليصبح ضابطا مثل والده لم يستمر بها ليلتحق بكلية الزراعة جامعة الإسكندرية حيث شهدت أولى خطواته ممثلاً. وفي السينما شارك غانم مع جورج والضيف أحمد في العديد من الأفلام منها آخر شقاوة، ومنتهى الفرح، والزواج على الطريقة الحديثة، والمجانين الثلاثة، وفرقة المرح، وشباب مجنون جداً. كما كان الثلاثي أول من قدموا فوازير رمضان عام 1968.
وخلال فترة السبعينات شارك غانم في بطولة عدد من الأفلام المهمة من بينها، خلي «بالك من زوزو»، و«أميرة حبي أنا» أمام سعاد حسني، و«أهلا يا كابتن» مع نيللي، و«البعض يذهب للمأذون مرتين» أمام نور الشريف، و«آه يا ليل يا زمن»، كما شهدت تلك الحقبة مشاركته بعروض مسرحية عديدة ومنها «موسيقي في الحي الشرقي، وجوليو ورومييت، وأزواج بلا ماضي». كما لعب بطولة مسلسلات «حكاية ميزو»، و«حكاية عريس وعروسة».
وشهدت فترة الثمانينات مزيداً من تألق موهبته من خلال فوازير رمضان وشخصية «فطوطة» التي استحوذت على الأطفال بضآلة حجمها واستعراضاتها وأغنياتها وحققت نجاحاً كبيراً، لذا واصل تقديمها من خلال الفوازير كما في حلقات «فطوطة والشخصيات»، كما واصل خلال التسعينات تقديم فوازير رمضان ومنها المتزوجون في التاريخ، والمضحكون، وأهل المغنى، والنص الحلو. واستعان بشخصية فطوطة في أعمال إذاعية وتلفزيونية ومنها فطوطة والعظماء، وفطوطة بوند، وفطوطة وكأس العالم، وأهلا فطوطة.
وشارك الراحل في بطولة مسلسلات كوميدية على غرار «الصياد والحب، ورجل شريف جدا، ودعوني أعيش، والكابتن جودة، وحكاية مستر أيوب»، وخاض تجربة تقديم المسرح السياسي بمسرحية «جحا يحكم المدينة» عام 1985، لكنّه سرعان ما عاد إلى الكوميديا الخالصة التي أحبها ونالت إعجاب جمهوره العريض، مؤكداً في تصريحات صحافية سابقة أنّه «يحب الضحك ويعتبره وسيلته الأولى للخروج من حالة الحزن والاكتئاب، وأنّ أسعد لحظات حياته حينما يسمع ضحكات الجمهور على المسرح»، منوها إلى أنّ «الإفيهات التي يطلقها تكون وليدة اللحظة ودون ترتيب مسبق، وأنّ المخرجين كانوا يتفاجؤون بها».
وساهم غانم في اكتشاف بعض الممثلات ومن بينهن النجمة آثار الحكيم التي أقنعها بدخول مجال التمثيل، كما ساند عدداً من الممثلين الشبان في أعمالهم بأدوار صغيرة، كما شارك ابنتيه في أعمال عديدة ومنها «حلقات نيللي وشيريهان، ولهفة، وعزمي وأشجان، وسوبر ميرو، وبدل الحدوتة تلاتة».
وحظي غانم بتكريم مهرجان القاهرة السينمائي عام 2017. ومنحه المهرجان جائزة فاتن حمامة للتميز كأول فنان كوميدي يحصل عليها، وصعدت ابنتاه على المسرح لتسليمه الجائزة ليلة الافتتاح بينما جلست زوجته دلال عبد العزيز تصفق له وتغالب دموعها تأثرا بهذا الموقف.
من جهتها، قالت الدكتورة سامية حبيب، رئيس قسم النقد بأكاديمية الفنون لـ«الشرق الأوسط»: إنّ «سمير غانم كان موهوباً في كل مراحله الفنية، واعتمد على الأداء بتكنيك الفنون الشعبية خاصة المسرح المرتجل، فهو فنان تلقائي لديه (ميكانيزم)، لذلك كان بارعا في تنكره بشخصيات نسائية كما في مسرحية (حواديت)، مستغلاً موهبته الكوميدية بالتنويع في أدواره وقدرته على الارتجال، وهي مدرسة برع فيها وبلغ القمة منها، والأجيال التي جاءت بعده أخذت منه واعتمدت مدرسته نفسها في الأداء الساخر وهو ما يعد أصالة منه كفنان».



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».