الاتحاد الأوروبي يصعّد لهجته حيال المغرب رداً على «أزمة سبتة»

محكمة إسبانية تستدعي زعيم «البوليساريو» للمثول أمامها في أول يونيو

أفواج جديدة من المهاجرين غير الشرعيين حاولت أمس الوصول إلى سبتة (إ.ب.أ)
أفواج جديدة من المهاجرين غير الشرعيين حاولت أمس الوصول إلى سبتة (إ.ب.أ)
TT

الاتحاد الأوروبي يصعّد لهجته حيال المغرب رداً على «أزمة سبتة»

أفواج جديدة من المهاجرين غير الشرعيين حاولت أمس الوصول إلى سبتة (إ.ب.أ)
أفواج جديدة من المهاجرين غير الشرعيين حاولت أمس الوصول إلى سبتة (إ.ب.أ)

بينما تواصل تدفق المهاجرين غير الشرعيين صباح أمس إلى مدينة سبتة المحتلة، صعد الاتحاد الأوروبي لهجته إزاء المغرب، مؤكداً أنه لن يسمح بالتعرض لـ«الترهيب» في ملف الهجرة. وفي غضون ذلك اتهم رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز الرباط بـ«تحدي» مدريد.
وقالت بروكسل على لسان نائب رئيسة المفوضية الأوروبية، مارغاريتيس شيناس إنه «لا أحد يستطيع ترهيب أو ابتزاز الاتحاد الأوروبي...في ملف الهجرة»، في إشارة واضحة إلى المغرب. مضيفة أن «سبتة هي أوروبا... فهذه الحدود هي حدود أوروبية، وما يحدث هناك ليس مشكلة مدريد، إنها مشكلة جميع الأوروبيين».
وكانت الحكومة الإسبانية قد استدعت أول من أمس سفيرة المغرب في إسبانيا لإبلاغها بـ«استيائها»، والتي استدعتها الرباط بدروها «للتشاور».
وقال سانشيز أمس إنه تم ترحيل 4800 مهاجر إلى المغرب، من بين 8000 دخلوا سبتة بشكل غير شرعي. فيما اعترض جنود إسبان فجر أمس مجموعة صغيرة من المهاجرين بمجرد وصولهم سباحة إلى شاطئ سبتة المحتلة، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية. كما أطلقت القوات الإسبانية غازات مسيلة للدموع لحمل المرشحين للهجرة على التراجع.
في غضون ذلك، قال المصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف حقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، في تدوينة نشرها في «فيسبوك» الليلة قبل الماضية، إن استقبال إسبانيا لإبراهيم غالي، الأمين العام لجبهة البوليساريو الانفصالية»، بأحد مستشفياتها بهوية مزورة، ودون اعتبار لحسن الجوار الذي يوجب التنسيق والتشاور، أو على الأقل الإخبار في مثل هذه الأحوال، يعد «إجراء متهوراً غير مسؤول، وغير مقبول إطلاقا».
وأضاف الرميد: «يبدو واضحاً أن إسبانيا فضلت علاقتها بجماعة البوليساريو، وحاضنتها الجزائر على حساب علاقتها بالمغرب»، معتبراً أن «المغرب ضحى كثيراً من أجل حسن الجوار، في حين أن إسبانيا لم تراع ذلك»، ولهذا، يضيف الرميد: «كان من حق المغرب أن يمد رجليه»؛ في إشارة إلى عدم تقيد المغرب بأي التزام، «حتى تعرف إسبانيا حجم معاناة المغرب من أجل حسن الجوار وثمن ذلك، وأن تعرف أيضاً أن ثمن الاستهانة بالمغرب غال جداً، فتراجع نفسها وسياستها وعلاقاتها، وتحسب لجارها المغرب ما ينبغي أن يحسب له، وتحترم حقوقه عليها، كما يرعى حقوقها عليه».
وتساءل الرميد: «ماذا كانت تنتظر إسبانيا من المغرب، وهو يرى أن جارته تأوي مسؤولاً عن جماعة تحمل السلاح ضد المملكة؟ وماذا كانت ستخسر إسبانيا لو أنها قامت بالإجراءات اللازمة في مثل هذه الأحوال، لأخذ وجهة نظر المغرب بشأن استضافة شخص يحارب بلاده؟ ولماذا لم تقم إسبانيا بالإعلان عن وجود المعني بالأمر على ترابها بهويته الحقيقية»؟ أليس ذلك دليلاً على أنها متأكدة من أن ما قامت به لا يليق بحسن الجوار؟ وماذا لو كان المغرب هو من فعل ما فعلته إسبانيا؟».
بيد أن وزيرة الخارجية الإسبانية، أرانشا غونزاليس لايا، قالت أمس إنه رغم هذه الأزمة فإن مدريد لن تغير موقفها بشأن قضية الصحراء، وستبقى على الحياد وتحترم قرارات الأمم المتحدة.
وعلى صعيد ذي صلة، استدعت المحكمة الإسبانية العليا، أمس زعيم «البوليساريو» للمثول أمامها، في أول يونيو (حزيران) المقبل، وذلك على خلفية ارتكابه جرائم حرب وإبادة جماعية، وانتهاكات حقوق الإنسان. وذكرت مصادر إعلامية أن غالي امتنع عن التوقيع على الاستدعاء، معللاً ذلك بضرورة الرجوع إلى السفارة الجزائرية قبل الإقدام على أي خطوة.
بدوره، أدلى كارلس بوتشدمون، الرئيس السابق لحكومة إقليم كاتالونيا الإسباني، بدلوه في موضوع الأزمة المغربية - الإسبانية، وأعرب عن أمله في ألا ينجرف الاتحاد الأوروبي وراء الالتهاب القومي الإسباني، وذلك في تغريدة على «تويتر» قال فيها إن «سبتة ومليلية مدينتان أفريقيتان، لا تشكلان جزءا من الاتحاد الأوروبي، إلا بإرث الماضي الاستعماري الذي سمح للأوروبيين بأن تكون لهم ممتلكات خارج أوروبا... وللمغرب الحق في إثارة مسألة السيادة»، مشيراً إلى أنه «سيكون من الضروري إيجاد طاولة حوار لحل الخلاف».
وفي الرباط، أصدرت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، متزعم الائتلاف الحكومي، أمس بياناً عبرت فيه عن «انزعاجها الشديد» من «تلكؤ السلطات الإسبانية في القيام بما يجب من مبادرات لتصحيح الخروقات المسجلة» بخصوص استضافة غالي، دون الإشارة إلى موجة الهجرة الجماعية، جاء فيه أن على إسبانيا «أن تتحمل مسؤولياتها تجاه أي تداعيات يمكن أن تنتج عن الوضعية الناشئة».
أما حزب التقدم والاشتراكية (معارضة)، فأعلن أنه يتابع «بقلقٍ»، عملية عبور النقط الحدودية نحو مدينة سبتة المحتلة، مُسجِّلاً ما تناقلته وسائل التواصل من صورٍ «مُــؤسفة تعكس الأوضاع الصعبة التي تعيشها ساكنة مدينة الفنيدق والجماعات (البلديات) المجاورة لها»، مطالباً بضرورة مُعالجتها من خلال «حلولٍ تنموية بديلة تضمن شروط العيش الكريم لكل الأسر المعنية، لكنه سجل أن هذه التطورات «تجري في سياقٍ يتسم بتوتر العلاقات بين المغرب وإسبانيا، بسبب عدم احترام هذه الأخيرة المصالح العليا لبلادنا، وعدم مُراعاتها لما يقتضيه التعاون البــنّاء وحسن الجوار».
من جهته، وجه نور الدين مضيان، رئيس الفريق النيابي لحزب الاستقلال المعارض سؤالاً لرئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، حول «تنامي الهجرة الجماعية لفئات اجتماعية عريضة من مختلف الأعمار»، نحو مدينة سبتة المحتلة، عبر قوارب الموت، أو سباحة أو مشيا على الأقدام، في ظروف حاطة بالكرامة والقيم الإنسانية، معتبراً أن هذه «الوضعية المأساوية تجسد الأزمة الاجتماعية التي يعيشها الشريط الساحلي بالمنطقة الشمالية».



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.