اجتماع أميركي ـ روسي في آيسلندا يسبق قمة بايدن ـ بوتين

واشنطن تدعو إلى «تجنّب عسكرة» القطب الشمالي... وموسكو ترد: «هذه أرضنا»

وزير الخارجية الأميركي (يسار) مع نظيره االكندي في ريكيافيك لحضور اجتماعات القطب الشمالي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي (يسار) مع نظيره االكندي في ريكيافيك لحضور اجتماعات القطب الشمالي (أ.ف.ب)
TT

اجتماع أميركي ـ روسي في آيسلندا يسبق قمة بايدن ـ بوتين

وزير الخارجية الأميركي (يسار) مع نظيره االكندي في ريكيافيك لحضور اجتماعات القطب الشمالي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي (يسار) مع نظيره االكندي في ريكيافيك لحضور اجتماعات القطب الشمالي (أ.ف.ب)

تشكل منطقة القطب الشمالي رهاناً جيوسياسياً جديداً يتمحور حوله الاجتماع الإقليمي لوزيري الخارجية، الأميركي والروسي، الأربعاء والخميس، في ريكيافيك بآيسلاند. لكن لا تُنذر التصريحات التي سبقت اللقاء بـ«خفض التصعيد» الذي تدعو إليه واشنطن وموسكو في وقت تُعتبر علاقاتهما في أدنى مستوياتها منذ نهاية الحرب الباردة.
وفي حين بدا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن راغباً في أن يجعل من القطب الشمالي مختبراً لنوع من التعاون الموجّه نحو تحديات مشتركة مثل مكافحة الاحتباس الحراري، رفع نظيره الروسي سيرغي لافروف منسوب التوتر من خلال تصريحات مدوّية. وأوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس في بيان أن «الاجتماع الثنائي سيعقد بعد الحدث النهائي لمجلس القطب الشمالي مساءً، وسيوفر فرصة لاختبار اقتراح ما إذا كنا نستطيع تحقيق علاقة مع موسكو أكثر استقراراً ويمكن التنبؤ بها».
وذكرت وزارة الخارجية الروسية، كما نقلت عنها «وكالة الصحافة الفرنسية»، أنه تم ترتيب الاجتماع المباشر بين لافروف وبلينكن لبحث «قضايا رئيسية للعلاقات المتبادلة وجداول الأعمال الدولية». ويأتي اللقاء لتقييم عمق الفجوة بين القوتين المتخاصمتين، وتأكيد انعقاد قمة منتظرة جداً في يونيو (حزيران) بين الرئيسين الأميركي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين. وذكر البيت الأبيض أنه يتعين حل الخلافات بين واشنطن وموسكو قبل عقد مثل هذا الاجتماع، بينما قال «الكرملين» إنه يدرس احتمال عقد قمة. وقال «الكرملين»، أمس (الأربعاء)، إن الاستقرار الاستراتيجي ينبغي أن يكون على قمة جدول أعمال اجتماع محتمل بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأميركي جو بايدن، إلى جانب بحث العلاقات الثنائية. وقال لافروف الاثنين متحدثاً عن المنطقة القطبية الشمالية: «كان من الواضح تماماً بالنسبة إلى الجميع منذ مدة طويلة أن هذه أرضنا» مدافعاً عن نوع من حصن روسي، ومندداً خصوصاً بالنزعات «العدائية» للدول الغربية في القطب الشمالي، من خلال حلف الأطلسي والنرويج. وأضاف أن «النشاط العسكري» الروسي في القطب الشمالي «قانوني وشرعي تماماً». ويرى أستاذ العلوم السياسية والخبير الفرنسي لشؤون القطب الشمالي ميكا ميريد أن الروس «يدلون دائماً (بهذه التصريحات) لمجرد إثبات الذات، لكن ذلك لا يمنع مواصلة عمل المجلس (مجلس المنطقة القطبية الشمالية) حول مواضيعه التوافقية التقليدية».
لكن التحذير الروسي أثار حتماً رداً من بلينكن الذي دعا الثلاثاء إلى «تجنّب عسكرة» القطب الشمالي، وأيضاً تجنّب الإدلاء بهذا النوع من «التصريحات» التي «تقوّض الهدف المشترك المتمثل بمستقبل سلمي» لهذه المنطقة الواسعة الواقعة حول القطب الشمالي والغنية بالموارد الطبيعية. وقال بلينكن: «لدينا مخاوف حيال مسألة زيادة بعض الأنشطة العسكرية في القطب الشمالي التي تعزز مخاطر حصول حوادث». وقبل بضع ساعات من اللقاء، ندّد بلينكن أيضاً في تغريدة «بتجاوزات روسيا في القرم»، معتبراً أن شبه الجزيرة التي ضمّتها موسكو عام 2014 «أوكرانية». وبالتالي بات معروفاً سياق اللقاء الثنائي بعد عشاء افتتاحي لـ«مجلس المنطقة القطبية الشمالية».
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركي مساء الثلاثاء في ريكيافيك إن اللقاء «سيسمح باختبار» ما إذا كان «بإمكاننا إقامة علاقة مع موسكو تكون مستقرة ويمكن التنبؤ بها». ومنذ وصوله إلى البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني) يظهر الرئيس بايدن صرامة شديدة حيال روسيا برئاسة بوتين، الذي ذهب بايدن إلى حدّ وصفه بـ«قاتل»، ليُظهر بشكل أفضل اختلاف نهجه حيال روسيا عن نهج سلفه دونالد ترمب المتهم بالتراخي مع الرئيس الروسي.
وتبادلت موسكو وواشنطن اتهامات قاسية وعقوبات منذ بدء ولاية الرئيس الديمقراطي. لكن يؤكد البلدان أنهما يريدان نوعاً من التهدئة. وقال بلينكن من آيسلندا: «قلنا بشكل واضح جداً إن في حال اختارت روسيا اتخاذ تدابير غير مسؤولة أو عدائية ضد مصالحنا أو شركائنا وحلفائنا، سنردّ»، مضيفاً أن ذلك «ليس للسعي من أجل (إشعال) نزاع أو تصعيد، لكن لأنه لا يمكن تحدينا والإفلات من المحاسبة». إلا أنه اعتبر أن «من المهمّ التمكن من التحدث عن ذلك في لقاء ثنائي لرؤية ما إذا بالإمكان إقامة علاقة مستقرة ويمكن التنبؤ بها مع روسيا»، وكذلك إيجاد أرضيات مشتركة في مجالي المناخ أو نزع الأسلحة.
من أجل التوصل إلى ذلك، يبدو بايدن وبوتين متوافقين على عقد أول قمة لهما في يونيو (حزيران) في بلد أوروبي، على الأرجح على هامش اجتماعات قادة مجموعة السبع وحلف الأطلسي الذين سيعطون الأفضلية لإظهار جبهة مشتركة ضد موسكو. وقال وزير الخارجية الأميركي: «نعتقد أن (القمة) ستُعقد في الأسابيع المقبلة»، وقد يتمّ الإعلان عن مكان وزمان القمة في الأيام التي تلي اجتماع ريكيافيك. وقال بايدن إنه يرغب في عقد محادثات مع بوتين خلال زيارته لأوروبا في الشهر المقبل. وكان بايدن قد وصف بوتين في مارس (آذار) آذار بأنه «قاتل»، الأمر الذي دفع موسكو إلى استدعاء سفيرها في واشنطن للتشاور.



بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
TT

بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، فجر السبت، إلى لاوس حيث سيحضر اجتماعات رابطة دول «آسيان» ويجري محادثات مع نظيره الصيني، وذلك في مستهل جولة آسيوية تشمل دولاً عدة وتهدف إلى تعزيز علاقات واشنطن مع حلفائها الإقليميين في مواجهة بكين.

ومن المقرر أن يلتقي بلينكن وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش محادثات وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) التي تعقد في فينتيان، عاصمة لاوس.

منافسة حادة

ويسعى بلينكن لتحقيق تطلّع بجعل منطقة المحيطين الهندي والهادئ «منطقة حرة ومفتوحة ومزدهرة»، وهو شعار يحمل في طيّاته انتقاداً للصين وطموحاتها الاقتصادية والإقليمية والاستراتيجية في المنطقة.

وقالت وزارة الخارجية في بيان صدر قبل وقت قصير من وصول بلينكن إلى فينتيان، إنّ «محادثات الوزير ستواصل البناء والتوسع غير المسبوق للعلاقات بين الولايات المتحدة وآسيان»، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وهذه هي الزيارة الـ18 التي يقوم بها بلينكن إلى آسيا منذ توليه منصبه قبل أكثر من ثلاث سنوات، ما يعكس المنافسة الحادة بين واشنطن وبكين في المنطقة.

ووصل بلينكن بعد يومين على اجتماع عقده وزيرا خارجية الصين وروسيا مع وزراء خارجية تكتل «آسيان» الذي يضم عشر دول، وقد عقدا أيضاً اجتماعاً ثنائياً على الهامش.

وناقش وانغ وسيرغي لافروف «هيكلية أمنية جديدة» في أوراسيا، وفق وزارة الخارجية الروسية.

وقالت الوزارة إن وانغ ولافروف اتفقا على «التصدي المشترك لأي محاولات من جانب قوى من خارج المنطقة للتدخل في شؤون جنوب شرق آسيا».

وتقيم الصين شراكة سياسية واقتصادية قوية مع روسيا. ويعتبر أعضاء حلف شمال الأطلسي بكين مسانداً رئيسياً لموسكو في حربها على أوكرانيا.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، الجمعة، إن وانغ وبلينكن «سيتبادلان وجهات النظر حول مسائل ذات اهتمام مشترك».

ووفق وزارة الخارجية الأميركية سيناقش بلينكن «أهمية التقيّد بالقانون الدولي في بحر الصين الجنوبي» خلال محادثات «آسيان».

توترات متصاعدة

وتأتي المحادثات في خضم توترات متصاعدة بين الصين والفلبين في بحر الصين الجنوبي، حيث سجّلت مواجهات في الأشهر الأخيرة بين سفن فلبينية وصينية حول جزر مرجانية متنازع عليها.

وتتمسك بكين بالسيادة شبه الكاملة على الممر المائي الذي تعبره سنوياً بضائع بتريليونات الدولارات، على الرغم من حكم أصدرته محكمة دولية قضى بأن لا أساس قانونياً لموقفها هذا.

وفقد بحار فلبيني إبهامه في مواجهة وقعت في 17 يونيو (حزيران) حين أحبط أفراد من جهاز خفر السواحل الصيني محاولة للبحرية الفلبينية لإمداد قواتها في موقع ناء.

وانتقدت الصين في وقت سابق من العام الحالي تصريحات لبلينكن أبدى فيها استعداد واشنطن للدفاع عن الفلبين إذا تعرضت قواتها أو سفنها أو طائراتها لهجوم في بحر الصين الجنوبي.

وتصر بكين على أنه «لا يحق» للولايات المتحدة التدخل في بحر الصين الجنوبي.

والبلدان على طرفي نقيض في ملفات التجارة وحقوق الإنسان ووضع جزيرة تايوان المتمتعة بالحكم الذاتي.

وتشمل جولة بلينكن ستّ دول هي لاوس وفيتنام واليابان والفلبين وسنغافورة ومنغوليا.

ومن المقرر أن يصدر وزراء خارجية الدول المنضوية في «آسيان» بياناً مشتركاً في ختام الاجتماعات التي ستُعقد على مدى ثلاثة أيام.