رحيل المخرج عبد الخالق الغانم بعد معاناة من المرض

ترك بصمة إبداعية في الدراما السعودية

عبد الخالق الغانم في أحد لقاءاته
عبد الخالق الغانم في أحد لقاءاته
TT

رحيل المخرج عبد الخالق الغانم بعد معاناة من المرض

عبد الخالق الغانم في أحد لقاءاته
عبد الخالق الغانم في أحد لقاءاته

توفي بعد ظهر أمس، المخرج السعودي عبد الخالق الغانم، بعد معاناة مع المرض، عن عمر ناهز الـ63 عاماً، في مستشفى الملك فهد التخصصي في الدمام، حيث يُعالج من مرض السرطان.
والغانم واحد من أبرز المخرجين السعوديين الذين تركوا بصمة إبداعية في الدراما السعودية، خاصة الأجزاء التي أخرجها من المسلسل الرمضاني «طاش ما طاش».
وقبل ساعات من وفاته، كتبت زوجته المخرجة والكاتبة لورين عيسى ملصقاً على صفحتها في «تويتر» تبتهل فيه بالدعاء لشفائه، وختمته بالقول: «اللهم لا تفجعني فيه وأطل في عمره».
ومنذ الكشف عن تدهور حالته الصحية في 29 أبريل (نيسان) الماضي، تلقى الغانم تعاطفاً كبيراً من الوسط الفني والثقافي السعودي، ومن الجمهور الذي تعلق بأعماله الدرامية، وأطلق المخرج المعروف عامر الحمود، نداءً موجهاً لرئيس هيئة الترفيه المستشار تركي آل الشيخ، مناشداً إياه تقديم المساعدة لعلاج المخرج عبد الخالق الغانم، وهو الأمر الذي استجاب له المستشار آل الشيخ مباشرة.
وأبدى الغانم شكره لمبادرة رئيس هيئة الترفيه لعلاجه، وكتب عبر «تويتر»، قائلاً: «كل الشكر والتقدير لمعالي المستشار تركي آل الشيخ، لوقفته الحنونة بتبني علاجي في الخارج، وإن شاء الله تكون في ميزان حسناته مثلما عودنا على ذلك والشكر موصول لزميلي عامر الحمود والله يحفظكم».
وأصيب الغانم بالورم الخبيث عدة مرات، وخاض تجربة مريرة مع هذا المرض لأكثر من خمس سنوات، إذ أصيب بسرطان البروستات، وانتقل الورم بعدها إلى الغدد اللمفاوية، ومن ثمّ إلى العظم، وخلال الشهور الستة الأخيرة تدهورت صحته، وساهم العلاج الكيمياوي في حدوث مضاعفات على جسمه، وخسر أكثر من عشرين كيلو من وزنه.
ولد عبد الخالق الغانم في سيهات بالقطيف شرق السعودية، عام 1958، وتخرج في معهد الفنون الجميلة في بغداد، وبدأ مشواره الفني في 1992، عبر إخراج مسلسل «رحلة صيد» تلاه بمسلسلي «الانتظار» و«الخراش»، من ثمّ تولى في 1995 إخراج سلسلة «طاش ما طاش» وظل مستمراً معها حتى الجزء الـ15، كما أخرج عدداً من الأعمال منها «جنون المال» (2006)، و«حارتنا حلوة» (2008)، و«سكتم بكتم» (2010) و«طالع نازل» (2012)، و«من الآخر» (2012) و«يا تصيب يا تخيب» (2012)، ويعد مسلسل «سناب شاف» آخر عمل أخرجه وكان ذلك في (2017)، كما ظهر كممثل ومخرج في مسلسل «شوية ملح» الذي أخرجه عام 2002، ومسلسل «سناب شاف».
وبعد إعلان وفاته، نعاه تركي آل الشيخ رئيس هيئة الترفيه بتغريدة قال فيها: «رحم الله المخرج السعودي عبد الخالق الغانم... عزائي لعائلته الكريمة».
وكتب الفنان ناصر القصبي: «فجعت بخبر موجع وفاة الصديق العزيز المخرج عبد الخالق الغانم بعد معاناة طويله من المرض... موجع كثيراً فقدك يابو وفي لي ولكل من عرفك واقترب منك رحمة الله عليك وعزائي إلى وفي الغانم وإخوانه ووالدته والله يصبركم على فراقه المؤلم».
كما كتب الممثل عبد الله السدحان: «عسى ما أصابه طهوراً ورفعة له في درجاته وعزائنا لأسرته الكريمة». وكتب الروائي يوسف المحيميد: «إنّ عبد الخالق الغانم كان أحد أهم رموز الدراما التلفزيونية المحلية والخليجية».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».