بدت باريس وكأنها في ورشة عمل كبيرة، طوال الأيام الماضية، وهي تهندم متاجرها ومقاهيها استعداداً لرفع الحظر الصحي عنها اعتباراً من صباح اليوم. وفي طقس ربيعي، ما بين شعاع شمس وزخة مطر، استغل أصحاب المطاعم ودكاكين الموضة فترة الإغلاق لترميم محلاتهم وتجديد واجهاتها وأثاثها. كما راحوا يمدون الطاولات على الأرصفة بأوسع مما كان سابقاً. وتسمح التعليمات الجديدة بتقديم المشروبات والأطعمة في الأجزاء المكشوفة فقط، أي على الرصيف، مع تحديد المجتمعين حول طاولة واحدة بستة أشخاص، واحترام مسافة مناسبة بين الطاولات.
وتوقع القهوجية أن تكون هناك هجمة على كراسيهم منذ أولى دقائق الافتتاح، نظراً لشوق الباريسيين إلى احتساء قهوة على الرصيف، أو فطيرة «كرواسون» ساخنة في الهواء الطلق. لذلك فإن الحجز المسبق صار هو القاعدة في معظم مطاعم العاصمة. ولتعويض الخسارة التي لحقت بهم في أشهر الإغلاق، سمحت البلدية لهم بتجاوز المساحات المخصصة لهم على الرصيف واحتلال الأماكن التي كانت مخصصة لوقوف السيارات.
الحجز المسبق صار مطلوباً، أيضاً، في صالات السينما والمسارح. وبحسب المقابلات التي تجريها القنوات الإخبارية فإن آلاف الباريسيين يتلهفون لرؤية فيلم جديد في قاعة معتمة وليس في البيت على شاشة التلفزيون.
وهي فرصة لخروج العديد من النتاجات الفرنسية من العلب لعرضها على الجمهور، بعد أن تأجلت المواعيد التي كانت مقررة لها منذ أواخر العام الماضي وأوائل العام الجاري. وبهذا فإن هناك 34 فيلماً فرنسياً جديداً، من مجموع 400 فيلم تنشر ملصقاتها على واجهات صالات السينما في مدن البلاد. وسيكون على أصحاب الصالات ترك مقعدين فارغين بين كل متفرج وآخر، باستثناء العائلات والأصدقاء الذين يمكن لهم الجلوس متجاورين. ويبقى أمر وحيد يزعج المشاهدين هو أن التعليمات تقضي بارتداء الكمامة داخل الصالة.
تتراوح هذه الأفلام في نوعياتها. منها ما يناسب الأطفال مثل فيلم «بولي» للمخرج نيكولا فانييه، وهو يستعيد مسلسلاً لقي نجاحاً في ستينات القرن الماضي عن صداقة تنشأ بين طفلة ومهر صغير. كما ينتظر الجمهور فيلم «وداعاً للحمقى» الذي نال 7 جوائز «سيزار» للسينما الفرنسية، وهو من إخراج ألبير دوبونتيل الذي يؤدي الدور الرئيس في الفيلم أمام الممثلة فيرجيني إفيرا. وهو يتحدث عن امرأة تصاب بمرض فتقرر القيام برحلة بحث عن طفلها الذي اضطرت التخلي عنه عند ولادته.
وهناك «تحت نجوم باريس»، الفيلم العاطفي الذي تؤدي فيه الدور الرئيس كاترين فرو، وهي واحدة من أكثر الممثلات الفرنسيات شعبية. ويحكي الفيلم قصة إنسانية عن سيدة مشردة تعيش في الشارع منذ سنوات حتى يقطع عليها عزلتها طفل أفريقي مهاجر فقد والدته ولا يعرف كلمة من الفرنسية. ومن الأفلام التي يترقبها الجمهور «اثنان» للمخرج فيليبو منيغيتي، وهو الفيلم الذي كان بين المرشحين لنيل «أوسكار» أفضل فيلم أجنبي. ومع حلول يوليو (تموز)، يمكن للفرنسيين مشاهدة الأفلام التي عرضت بشكل محدود في الدورة الأخيرة من مهرجان «كان».
على صعيد المعارض الفنية، يستقبل مركز بومبيدو معرضاً جديداً ومثيراً حول «الفن التجريدي والمرأة». ويهدف المعرض إلى كتابة تاريخ مساهمات الفنانات في التجريد من خلال 106 فنانات وأكثر من 500 عمل يتراوح تاريخها ما بين ستينات القرن التاسع عشر وسنوات الثمانينات من القرن العشرين. ولنا عودة لاحقة لهذا المعرض.
وحول النساء، أيضاً، أعلن متحف مدينة «لوكسمبور» شرق البلاد عن معرض حول أوائل النساء الرسامات في فرنسا، بين عامي 1780 و1830.
من جهته، أعلن متحف الفنون التزيينية عن عدة معارض، بينها واحد بعنوان «لوكس»، وثان عن تاريخ التصوير الفوتوغرافي وثالث بعنوان «ربيع غير مؤكد». ويستضيف هذا الأخير 14 مصمماً داعياً إياهم للتعبير عما يودون، من دون تحديد.
مع التراجع النسبي لشبح الجائحة، تحتفل باريس، السبت المقبل، بافتتاح متحف جديد للفن الحديث يتخذ من المبنى القديم للبورصة مقراً له. وقد رمم المبنى التاريخي الواقع وسط العاصمة وجهز ليكون صالة مفتوحة للعرض الفني من عدة طبقات دائرية، تجمع اللوحات والمنحوتات الثمينة التي جمعها رجل الأعمال فرنسوا بينو، أحد أكبر أثرياء فرنسا.
باريس تغتسل استعداداً لفتح مقاهي الرصيف
صالات السينما والمتاحف فيها تستقبل الزبائن بالكمامات
باريس تغتسل استعداداً لفتح مقاهي الرصيف
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة