مساعدة إيطالية بمليون يورو لإعادة تأهيل «متحف سرسق» اللبناني

متحف سرسق أحد أشهر المعالم الثقافية والفنية في العاصمة اللبنانية
متحف سرسق أحد أشهر المعالم الثقافية والفنية في العاصمة اللبنانية
TT

مساعدة إيطالية بمليون يورو لإعادة تأهيل «متحف سرسق» اللبناني

متحف سرسق أحد أشهر المعالم الثقافية والفنية في العاصمة اللبنانية
متحف سرسق أحد أشهر المعالم الثقافية والفنية في العاصمة اللبنانية

يشهد «متحف سرسق» ورش عمل مكثفة من أجل إعادة إعماره وتأهيله بأقل وقت ممكن، بعيد الدمار الذي خلّفه فيه انفجار بيروت في 4 أغسطس (آب) الماضي.
وبعيد تلقيه تبرعات من جهات أوروبية عديدة للإسهام في إعادته إلى الحياة من جديد، ها هي إيطاليا تنضم إلى لائحة الدول المتبرعة من خلال مساعدة مالية تبلغ مليون يورو. فأول المتبرعين كانت شركة «أليف» السويسرية إذ قدمت لـلمتحف مبلغ 500 ألف يورو، وقد استخدم لإعادة تجميع أقسامه بعدما تخلعت أبوابه ونوافذه وأسقفه، وتضررت هندسته المعمارية. أما فرنسا فأخذت على عاتقها إعادة ترميم الطابق الأول التاريخي للمتحف. فتقدمت بمبلغ 500 ألف يورو، سيسهم في ترميم الصالون العربي والخشب القديم والواجهات الزجاجية الملونة.
ومساء أول من أمس الأحد، وقّعت نائبة وزير الخارجية الإيطالي مارينا سيريني في زيارة خاصة إلى بيروت، ومديرة مكتب اليونيسكو في العاصمة اللبنانية كوستانزا فارينا، اتفاقية تمويل لمتحف سرسق بقيمة مليون يورو. تعد هذه المساعدة الأضخم التي يتلقاها المتحف بعيد انفجار بيروت، والهدف منها دعمه وإعادة تأهيله ليفتح أبوابه من جديد. وستُثتثمر الأموال الإيطالية على مدار عام واحد، للمساهمة في نهاية المطاف في إعادة فتح المتحف للجمهور. وكذلك في تنفيذ أعمال إعادة التأهيل مع توفير الظروف المناسبة للحفاظ على التراث والمجموعات. وتشمل هذه الأعمال تغيير الجدران المتأذية من الانفجار ومكيفات الهواء وأنظمة الإضاءة وتركيب الأبواب ضد الحرائق. كما ستستخدم في تشغيل الأنظمة الكهربائية والميكانيكية ودورات المياه والكافتيريا وغرفة المعدات السمعية والبصرية وغيرها.
وأشارت سيريني في مؤتمر صحافي عقدته في باحة المتحف إلى أن متحف سرسق، هو أولّ مشروع إعادة تأهيل يُطلق بالشراكة بين إيطاليا واليونيسكو في مجال التراث الثقافي بعد الانفجار. وأضافت: «إنه يمثّل أول تجلٍّ حاسم لمشاركتنا في إعادة إحياء بيروت بعد الانفجار. نحن نؤمن إيماناً راسخاً بأنّ الثقافة وحماية التراث ضروريّان في أوقات الأزمات، أكثر من أي وقت مضى. لهذه الغاية يمكن للشعب اللبناني أنّ يواصل الاعتماد على دعم وشراكة الحكومة الإيطالية وشعبها، ولعب دور تعليمي أساسي في النسيج العمراني والأحياء التاريخية النابضة بالحياة في العاصمة، على ضوء توصية اليونيسكو لعام 2015 بشأن حماية وتعزيز المتاحف والمجموعات وتنوعها. كما ستساعد إيطاليا واليونيسكو المتحف في استعادة دوره كمنارة ثقافية في المدينة، من خلال تحفيز الإبداع وتجديد الحياة الثقافية، وتوفير الفرص للصناعات الثقافية، والمساهمة في الرفاه المادي والروحي للمواطنين والزوّار».
أمّا الخطوة الإيطالية المقبلة التي سيجري إنجازها في لبنان، فهي تحويل سكة القطار في منطقة مار مخايل إلى مساحة خضراء. وتأتي هذه الخطوة بالاشتراك مع منظمة الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية. ومن خلال هذا المشروع ستحول إيطاليا هذه المنطقة المهجورة منذ سنوات طويلة إلى حديقة أثرية في قلب المدينة. فتكون بمثابة متنفس في الهواء الطلق لأهالي المنطقة وبيروت ككل. وهذا المشروع إضافة إلى الهبة المقدمة للمتحف، سيؤلفان مع آخر يتعلق بإعادة تأهيل المنازل للعائلات ذات الدخل المحدود لسكان المناطق المتضررة من انفجار بيروت، ثلاثة مشاريع حيوية تتولى إيطاليا تنفيذها بقيمة 5 ملايين يورو.
وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» تشير مديرة «متحف سرسق» زينة عريضة إلى أنّ حملة إعادة إعمار «متحف سرسق» لم تنجز بأكملها. وتضيف: «لقد استطعنا اجتياز المرحلة الأهم منها بحيث لا يزال ينقص المتحف مبلغ بقيمة 300 ألف دولار لإنهاء ورشة تأهيله. وسنكون بحاجة في المستقبل إلى تبرعات مالية مستمرة للإبقاء عليه كمعلم ثقافي يربط بين الشرق والغرب».
وتتابع عريضة: «الرسالة التي يمكننا لمسها من خلال المساعدات الأوروبية، أنّ هذه الدول تتمسك بدور لبنان الريادي في عالمي الثقافة والفن. فأوروبا تتمتع بثقافة المتاحف وتوليها اهتمامات كبيرة. وهو ما انعكس إيجاباً على لبنان من خلال مساعدة متحف سرسق». وتؤكد عريضة أنّ المتحف انطلق ببرامجه لموسم الصيف. وهو يستضيف نشاطات مختلفة وبينها عرضان راقصان من ضمن «مهرجان بيروت للرقص المعاصر» (بايبود) ابتداء من 16 الحالي. وكذلك سيحتضن معرضاً كاريكاتيرياً يتناول الأحداث التي شهدها لبنان في 17 أكتوبر (تشرين الأول) تاريخ انطلاق الانتفاضة اللبنانية.
وتختم عريضة حديثها: «المتحف يستعيد حياته الطبيعية بالتدريج، وقد أعدنا افتتاح مطعمه ومتجره منذ فترة قصيرة. ونأمل أن نكمل نشاطاتنا من خلال عرض أفلام سينمائية في الباحة الخارجية للمتحف. كما نرغب في تنظيم نشاطات أخرى في الأوديتوريوم وغيرها خاصة بالأطفال، في حال أسهم وضع الوباء والحد من انتشاره في ذلك».
يقع «متحف سرسق» في الأشرفية، وهو أحد المعالم القليلة الشاهدة على العمارة والقصور في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، من الطراز الفينيسي والعثماني في بيروت. تعود ملكيته إلى نيقولا سرسق، وتاريخ عماره إلى عام 1912، تبرع به مع مجموعاته لبلدية بيروت، محتّماً استخدامه كمتحف للفن الحديث والمعاصر. افتُتح المتحف عام 1961. ويضم الآن في مجموعته الدائمة أكثر من 1500 قطعة فنية. ومن بينها اللوحات والمنحوتات والمنسوجات والتركيبات، بالإضافة إلى أكثر من 30 ألف صورة فوتوغرافية وبطاقات بريدية ومخطوطات قيّمة من مجموعة فؤاد دباس وغيرها.
وفي سبتمبر (أيلول) من عام 2020. وفي أعقاب انفجار بيروت، قدّر المتحف الأموال اللازمة لإعادة تأهيله بـ3 ملايين دولار، وسيمكن التمويل الإيطالي من تحقيق هذا الهدف بشكل كبير.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.