استطلاع يكشف تراجع شعبية حزب إردوغان... وزعيم مافيا يتهم مقربين منه بالفساد

أكبر المنافسين على الرئاسة بعد إطلاق حزبه الجديد: سنغيّر تركيا

محرم إنجه رئيس حزب «البلد» وزوجته أولكو خلال مهرجان للحزب الجديد في أنقرة أمس (أ.ف.ب)
محرم إنجه رئيس حزب «البلد» وزوجته أولكو خلال مهرجان للحزب الجديد في أنقرة أمس (أ.ف.ب)
TT

استطلاع يكشف تراجع شعبية حزب إردوغان... وزعيم مافيا يتهم مقربين منه بالفساد

محرم إنجه رئيس حزب «البلد» وزوجته أولكو خلال مهرجان للحزب الجديد في أنقرة أمس (أ.ف.ب)
محرم إنجه رئيس حزب «البلد» وزوجته أولكو خلال مهرجان للحزب الجديد في أنقرة أمس (أ.ف.ب)

قال محرم إنجه، رئيس حزب «البلد»، أحدث الأحزاب السياسية في تركيا وأكبر منافسي الرئيس رجب طيب إردوغان في الانتخابات الرئاسية عام 2018، إن السلطة الحالية لا يمكن الوثوق بها أو بقدرتها على تقديم حلول لمشاكل البلاد، بينما أظهر استطلاع للرأي تراجع شعبية حزب العدالة والتنمية الحاكم.
في الوقت ذاته، فجّر أحد زعماء المافيا جدلاً واسعاً بعدما كشف عن وقائع فساد تورط فيها وزراء ومقربون من إردوغان.
ودشن إنجه حزبه الجديد رسمياً في تجمع عقده في الهواء الطلق في أنقرة أمس بحضور مؤسسي وأعضاء الحزب الذي أطلق عليه اسم «حزب البلد» نسبة إلى «حركة البلد» التي دشنها العام الماضي في مسعى لجمع التأييد لخوضه الانتخابات الرئاسية مجددا عام 2023.
واتهم إنجه، في كلمة أمام التجمع، حكومة إردوغان بـ«نهب» الدولة، قائلاً «سوف نغيّر تركيا». وأضاف، أنه «لا يمكن الوثوق بالسلطات الحالية في تقديم حل واحد لمشكلات بلدنا».
وعقد مؤسسو الحزب، أول من أمس، الاجتماع الأول لهم، وانتخبوا إنجه رئيساً، بحسب ما أعلنت المتحدثة باسم الحزب غايا أوليصار، النائب البرلمانية التي استقالت الأسبوع الماضي من حزب الشعب الجمهوري. وأعلن إنجه، في 8 فبراير (شباط) الماضي، استقالته رسمياً من «الشعب الجمهوري»، وتأسيس حزب جديد، متعهداً بالفوز بالرئاسة التركية في الانتخابات المقبلة عام 2023. وقال، عقب استقالته، إن حزب الشعب الجمهوري أصبح لا قيمة له الآن، ويعاني من انحرافات آيديولوجية، وإن القائمين عليه تركوا نهج مصطفى كمال أتاتورك ويتوسلون الديمقراطية من أميركا.
وترشح إنجه (56 عاماً) عن حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، وحصل على نحو 30.8 في المائة من الأصوات وخسر أمام إردوغان الذي نال 52.6 في المائة، بعد أن تمكن من تشكيل قاعدة مؤيدين قوية رغم الإعلان عن الانتخابات المبكرة عام 2018 قبل أشهر قليلة على تنظيمها، لكنه اختلف مع قادة حزبه وخسر معركة قيادته أمام رئيسه كمال كيليشدار أوغلو. ولم يخف إنجه طموحاته السياسية منذ أدائه القوي في انتخابات 2018، وروج لنموذجه العلماني القومي في جولة في أنحاء البلاد أطلق عليها «حركة الوطن في 1000 يوم» أطلقها في 4 سبتمبر (أيلول) 2020.
ويكتسب المنافسون السياسيون لإردوغان شعبية بين الناخبين قبل الانتخابات الرئاسية المرتقبة في عام 2023، وفقاً لاستطلاع رأي أجرى الأسبوع الماضي، وأعلنت نتائجه أمس.
وأظهر الاستطلاع، الذي أجرته جمعية «إسطنبول الاقتصادية»، حصول رئيس بلدية أنقرة، المنتمي إلى حزب الشعب الجمهوري، منصور ياواش بنسبة 52.5 في المائة من الناخبين مقارنة بـ38.1 في المائة لصالح إردوغان، بينما حصل رئيس بلدية إسطنبول المنتمي إلى الحزب ذاته، أكرم إمام أوغلو، على دعم 51.4 في المائة مقابل 39.9 في المائة.
كما انخفض الدعم الشعبي لـ«تحالف الشعب» المكون من حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية إلى نحو 32 في المائة، وقال 26.6 في المائة فقط، إنهم سيصوتون لصالح حزب العدالة والتنمية برئاسة إردوغان إذا أجريت الانتخابات في مايو (أيار) الحالي، بينما أيّد 6 في المائة فقط حزب الحركة القومية، الشريك الانتخابي لإردوغان.
وفاز «تحالف الشعب» بنسبة 54 في المائة من الأصوات في الانتخابات العامة لعام 2018، بنحو 43 في المائة و11 في المائة على التوالي.
وكشف مجموع استطلاعات الرأي في وقت سابق من العام الحالي عن انخفاض ثابت في دعم «تحالف الشعب» في الأشهر الثلاثة الأولى من العام، كما أظهرت أن الأداء الاقتصادي الضعيف ومزاعم سوء الإدارة المالية والفشل في التعامل مع وباء كورونا كانت من بين العوامل التي قوضت الثقة في الحكومة.
على صعيد آخر، فجّر زعيم المافيا التركي، سادات بكير، جدلاً واسعاً بعد نشره 5 تسجيلات مصورة عبر قناته في «يوتيوب»، وجه فيه اتهامات «مثيرة للجدل» لوزراء ومقربين من إردوغان بالوقوف وراء أعمال غير قانونية، وأخرى تتعلق بانتهاكات وممارسات غير مشروعة.
وتحدث زعيم المافيا البارز، الهارب خارج تركيا والذي كان مقرباً في السابق من حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية، عن كشف «خفايا لا يعرفها المواطنون». وقال بكير، المطلوب أمنياً بنشرة حمراء عمّمتها السلطات التركية منذ أكثر من عام بتهم تتعلق بـ«الجريمة المنظمة» وتجارة وتهريب المخدرات، بالإضافة إلى استهداف شخصيات أكاديمية ومدنية، إنه سيعرض الأشخاص الذين يستهدفهم إلى «هزيمة نكراء».
واستهدف بكير، للمرة الأولى، شخصيات بارزة، من بينها وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو وجهات إعلامية مثل «مجموعة البجع»، أو كما تسمى باللغة التركية «مجموعة بليكان» المقربة من حزب العدالة والتنمية، والتي تدير جيشه الإلكتروني.
كما استهدف بكير باتهاماته برات البيراق، صهر إردوغان، وشقيقه سرهات، مالك مجموعة «تركواز» الإعلامية، ووزير الداخلية الأسبق محمد أغار ونجله النائب في حزب العدالة والتنمية طولجا أغار.
وأقدم بكير على هذه الخطوة بعد عملية أمنية واسعة للسلطات التركية في التاسع من أبريل (نيسان) الماضي استهدفت العشرات من الأشخاص المتهمين بالتبعية له في ولايات متفرقة، وبالأخص في ولاية إسطنبول، وتم خلالها مداهمة فيلا مملوكة له، وتم خلال العملية اعتقال 52 شخصاً في العديد من المحافظات، واتهمتهم السلطات بالارتباط به.
وفي السنوات التي سبقت هربه من تركيا، في فبراير 2020، عرف زعيم بكير بقربه من الأوساط الحاكمة، سواء حزب العدالة والتنمية أو حليفه حزب الحركة القومية، وهو ما بدا في تصريحات متفرقة له، إلى جانب صور وثقت دعمه لهذين الحزبين. حيث كان يرفع بيده اليمنى شعار «بوزكورت» للذئب الرمادي الذي تتبناه الحركات اليمينية القومية وبيده اليسرى «شعار رابعة» الذي تتبناه أوساط «العدالة والتنمية».
وزعم بكير أن العلاقات مع عائلته هي التي ساعدت الوزير سليمان صويلو على الصعود في صفوف حزب «الطريق القويم» اليميني، قبل أن ينضم إلى «العدالة والتنمية» في عام 2012، وقال، إن «صويلو ساعدني في تجنب ملاحقة الشرطة لي من خلال إخطاره بأنه يجري التحضير للتحقيق معي» وأن صويلو أخبر الناس سابقاً أنه «يحبه».
ورد صويلو، الذي ذكر بالاسم في التسجيلات الخمسة، ببيان عبر «تويتر» قال فيه «ليثبت مزاعمه، وأنا جاهز لكرسي الإعدام». كما قدم شكوى إلى مكتب المدعي العام في أنقرة من خلال محاميه، بدعوى «الإهانة والافتراء».
ووصفت وزارة الداخلية المزاعم التي أثارها بكير في مقاطع الفيديو بأنها «تشهير واتهام». وقالت إن «الافتراءات والاتهامات التي وجهها للشخص المذكور في المنشورات التي أصدرها على مواقع التواصل الاجتماعي من الخارج تعتبر نشاطاً إجرامياً جديداً ضد قواتنا الأمنية ودولتنا».
وعلق رئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كليتشدار أوغلو، بأن تهديدات بكير تعبر عن «أزمة إدارة»، متهماً حكومة إردوغان بالتسليم والخضوع لإملاءات بعض الأطراف.
وقالت رئيسة حزب «الجيد»، ميرال أكشنار، إن «الادعاءات التي يسوقها سادات بكير فظيعة ووخيمة للغاية... الفضائح التي ظهرت وصمة عار بكل معنى الكلمة. لا يمكن أن تكون هناك دولة عميقة وأخرى ضحلة... الدولة لا يمكن أن تخرج عن الإطار القانوني».
ورأى زعيم حزب «الديمقراطية والتقدم»، علي باباجان، أن «المشهد الذي أظهرته تصريحات بكير تذكر بتسعينات القرن الماضي، حيث كانت العلاقات بين الدولة والسياسة والمافيا متشابكة جداً»، قائلاً إن «تكرار هذه الأحداث بعد 4 عقود من الزمان أمر باعث على الحزن والأسى».
وقال رئيس حزب «المستقبل»، أحمد داود أوغلو، إن «علاقات المافيا السياسية ظاهرة تقوض الدولة. إننا نشهد شبكة علاقات مماثلة دمرت كرامة مؤسسات دولتنا وسياستها في التسعينات».
وحظي سادات بكير في أثناء وجوده داخل الأراضي التركية وعقب هربه منها بـ«شعبية»، حتى أنه لقب لفترات طويلة بـ«الرئيس سادات بكير»، وفي يونيو (حزيران) 2020 نشر مجموعة من الجنود تسجيلاً مصوراً من ثكناتهم على موقع «تويتر»، هنأوا فيه بكير بعيد ميلاده، قائلين «عيد ميلاد سعيد يا رئيس. نقبل يديك... اليوم هو عيد ميلاد قائدنا سادات بكير، عيد ميلاد سعيد يا قائدنا، نتمنى لك حياة هانئة».
ونشرت أخبار وصور عبر وسائل إعلام تركية، في ربيع عام 2018، حول تقديم بكير عدداً من سيارات الدفع الرباعي ودروع واقية من الرصاص للفصائل السورية التي تدعمها تركيا في ريف حلب الشمالي، لقاء ما قدموه في عمليتي «درع الفرات» و«غصن الزيتون».
وبكير من مواليد ولاية سكاريا (غرب) عام 1971، ودخل السجن وخرج منه مرات عدة أعوام 1971، و2005، و2007، و2017. وبرّأته محكمة تركية مؤخراً من تهمة تهديد مجموعة أكاديميين بالقتل، بسبب دعوتهم للتفاوض وإيجاد حل سلمي لملف الأزمة الكردية.



إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.