المال السياسي وغياب الأمن الانتخابي مثار قلق عراقي

مخاوف من توظيف القوى الكبيرة كل إمكاناتها المشروعة وغير المشروعة

TT
20

المال السياسي وغياب الأمن الانتخابي مثار قلق عراقي

في الوقت الذي أكد فيه مستشار رئيس الوزراء العراقي لشؤون الانتخابات عبد الحسين الهنداوي، أن هناك حاجة لنظام خاص ينظم ملف المال السياسي، فإن مفوضية حقوق الإنسان حذرت من عدم إمكانية إحكام الأمن الانتخابي.
وقال الهنداوي في إيجاز صحافي يومي، إن «مفهوم المال السياسي مفهوم غامض، ولذلك من المفترض أن يكون هناك نظام خاص لمفوضية الانتخابات ينظم هذه القضية»، لافتاً إلى أن «قانون الأحزاب السياسية يتضمن بعض الفقرات الخاصة والمبادئ العامة بهذا الشأن، ولكن هناك حاجة إلى نظام خاص بهذا المجال يكون مفصلاً من قبل المفوضية». وأوضح أن «الأحزاب في دول العالم، منها أميركا، لديها قنواتها وأموالها الخاصة، ولكن هناك شفافية في الإعلان عن مصادر التمويل وحملاتها الانتخابية»، مبيناً أن «هناك معلومات عنها مثل شركات السيارات والسجائر التابعة لها».
من جهته، أعلن عضو مفوضية حقوق الإنسان في العراق الدكتور فاضل الغراوي لـ«الشرق الأوسط»، أن «الانتخابات تعتبر من الحقوق السياسية والديمقراطية التي يجب ممارستها بدون أي ضغوط أو تهديدات أو ابتزاز للأصوات». وأضاف أن «الأمن الانتخابي سيكون الركيزة الأساسية لنجاح العملية الانتخابية، وبالتالي فإن الإجبار على المشاركة والتهديد بين القوى السياسية، وكذلك للناخب، ووجود المال والسلاح السياسي، ستكون أبرز التحديات خلال الانتخابات المقبلة».
وأوضح الغراوي أن «من أولى مهام الحكومة ومفوضية الانتخابات والقوى السياسية كذلك السعي الجاد لتحقيق متطلبات الأمن الانتخابي وتهيئة المناخ للمواطن لممارسة حقه في الانتخابات بدون أي ضغوط أو تهديد».
تأتي هذه المخاوف مع بدء العد التنازلي للانتخابات القادمة في العراق، التي بدأت القوى السياسية الكبيرة تحشد لها كل إمكاناتها المشروعة وغير المشروعة من أجل تحقيق النتائج التي تتمناها، لا سيما في ظل قانون انتخابي جديد ومفوضية انتخابات جديدة. وتتخوف القوى السياسية والأحزاب الكبيرة التي تسيدت المشهد بعد عام 2003 من أن يكون القانون الجديد الذي يتم الانتخاب بموجبه على أساس الدوائر المتعددة والفوز بأعلى الأصوات يتيح الباب واسعاً أمام دخول قوى جديدة، لا سيما المدنية والليبرالية منها، إلى البرلمان المقبل، الأمر الذي يمكن أن يفرض معادلة سياسية جديدة.
في هذا السياق، يقول جاسم الحلفي، عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «جميع الانتخابات التي جرت في العراق جرى فيها استخدام المال السياسي من أجل إفسادها وسيطرة المتنفذين على مقاعد البرلمان وصولاً إلى تشكيل حكومة يتحاصصون حقائبها». وأضاف الحلفي أن «موضوع نزاهة الانتخابات أصبح موضوعاً جدلياً لم يقتصر في حدود القوى السياسية، بل امتد إلى صفوف الجماهير، الأمر الذي أدى إلى زيادة نسبة المقاطعين للانتخابات لها». وأوضح أنه «عند اندلاع انتفاضة أكتوبر (تشرين الأول) 2019 كان موضوع الانتخابات المبكرة أحد الأهداف المهمة التي طالبت بها الانتفاضة، بحيث يتم إجراء انتخابات تسهم في تغيير موازين القوى، وتكسر احتكار السلطة من قبل المتنفذين، وبالتالي تم وضع عدة شروط، من أبرزها ضرورة توفر بيئة انتخابية سليمة تتمثل في حصر السلاح بيد الدولة ومحاسبة القتلة والعصابات المنفلتة وحيتان الفساد».
وبيّن الحلفي أنه «لا يمكن تصور إمكانية أن تكون هناك انتخابات حرة دون البيئة الانتخابية وضبط الإنفاق على الانتخابات، وهو ما لم يحسم حتى الآن». وبشأن الدعوات لمقاطعة الانتخابات، يقول الحلفي إن «هذه الدعوات تأتي لعدم وجود قناعة أن البيئة الانتخابية باتت سليمة، بحيث يمكن إجراء انتخابات حرة بالفعل، الأمر الذي من شأنه توسيع الهوة بين الطغمة السياسية الحاكمة وبين الناس».
من جهته، يرى أستاذ الإعلام في كلية «أهل البيت» بجامعة الكوفة الدكتور غالب الدعمي لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك عراقيل ستواجه العملية الانتخابية من بدايتها حتى إعلان النتائج وتصديقها»، مبيناً أن «أولى العراقيل تتمثل بالجهات التي تعتقد أنها تحكم باسم الرب، وهذه ترى أن لها الحق في الحكم كونهم من يمثل الله، وهو ما يجيز لها وفق رؤيتها فعل أي شيء لأجل تسلم الحكم». وأكد الدعمي أن «احتمال حصول خروق أمنية انتخابية هو أمر مرجح ووارد جداً، وحتى لا أستبعد حصول صدام بين هذه الجهات المسلحة والتشكيلات الأمنية، أو حتى قد تحصل مع الجهات غير الرسمية (وأقصد هناك سلاحاً غير رسمي لكنه يدعم النظام) التي تقف جانب الحكومة والنظام وتلك الجهات المسلحة».
وفيما يتعلق بالمعوقات الأخرى، يقول الدعمي إن «عملية نقل صناديق الاقتراع قد تكون عرضة لعمليات تخريب، لا سيما في المناطق التي يكون التوجه الشعبي بها لجهات لا تتفق بالرؤية مع أصحاب السلاح، والأمر نفسه ينطبق على مكان خزن صناديق الاقتراع، إذ ربما يتعرض إلى الحرق، وهو أمر غير مستبعد».



وزراء عرب يناقشون خطة إعمار غزة مع مبعوث ترمب

جانب من الاجتماع الذي استضافته الدوحة بشأن فلسطين الأربعاء (واس)
جانب من الاجتماع الذي استضافته الدوحة بشأن فلسطين الأربعاء (واس)
TT
20

وزراء عرب يناقشون خطة إعمار غزة مع مبعوث ترمب

جانب من الاجتماع الذي استضافته الدوحة بشأن فلسطين الأربعاء (واس)
جانب من الاجتماع الذي استضافته الدوحة بشأن فلسطين الأربعاء (واس)

ناقشت اللجنة الوزارية الخماسية بشأن غزة، الأربعاء، مع ستيف ويتكوف مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، خطة إعادة إعمار القطاع التي أقرتها القمة العربية الطارئة في القاهرة بتاريخ 4 مارس (آذار) الحالي.

جاء ذلك خلال اجتماع استضافته الدوحة، بمشاركة الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، والشيخ محمد بن عبد الرحمن رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، والدكتور أيمن الصفدي نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني، والدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري، وخليفة المرر وزير الدولة بوزارة الخارجية الإماراتية، وحسين الشيخ أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

وبحث المشاركون تطورات الأوضاع في غزة، واتفقوا على مواصلة التشاور والتنسيق بشأن الخطة كأساس لجهود إعادة إعمار القطاع، بحسب بيان صادر عن الاجتماع.

بدر عبد العاطي يلتقي ويتكوف على هامش الاجتماع في الدوحة (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي يلتقي ويتكوف على هامش الاجتماع في الدوحة (الخارجية المصرية)

وأكد الوزراء العرب أهمية تثبيت وقف إطلاق النار في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، مشددين على ضرورة إطلاق جهد حقيقي لتحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين، بما يضمن تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال.

وجدَّدوا تأكيد الحرص على استمرار الحوار لتعزيز التهدئة، والعمل المشترك من أجل ترسيخ الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة، عبر تكثيف الجهود الدبلوماسية، والتنسيق مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية.

وسبق الاجتماع لقاء للوزراء الخمسة العرب والمسؤول الفلسطيني، في الدوحة، بحثوا خلاله «سبل الترويج وحشد التمويل للخطة العربية الإسلامية للتعافي المبكر وإعادة إعمار قطاع غزة، لا سيما في ظل استضافة مصر للمؤتمر الدولي لإعادة الإعمار بالتعاون مع الأمم المتحدة والحكومة الفلسطينية، وبحضور الدول والجهات المانحة»، بحسب الخارجية المصرية.

من لقاء الوزراء الخمسة العرب والمسؤول الفلسطيني في الدوحة (الخارجية المصرية)
من لقاء الوزراء الخمسة العرب والمسؤول الفلسطيني في الدوحة (الخارجية المصرية)

كان الاجتماع الوزاري الاستثنائي لمنظمة التعاون الإسلامي في جدة (غرب السعودية)، الجمعة الماضي، قد أكد دعم الخطة العربية لإعادة إعمار قطاع غزة، مع التمسُّك بحق الشعب الفلسطيني في البقاء على أرضه.

ورداً على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في تصريحات أعقبت «اجتماع جدة»، إن الخطة أصبحت عربية - إسلامية، بعد تبنّي واعتماد «الوزاري الإسلامي» جميع مخرجات «قمة القاهرة»، مؤكداً السعي في الخطوة المقبلة لدعمها دولياً، عبر تبنيها من قِبل الاتحاد الأوروبي والأطراف الدولية؛ كاليابان وروسيا والصين وغيرها، للعمل على تنفيذها.

بدر عبد العاطي خلال مشاركته في الاجتماع الوزاري الإسلامي بمحافظة جدة (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال مشاركته في الاجتماع الوزاري الإسلامي بمحافظة جدة (الخارجية المصرية)

وأشار الوزير المصري إلى تواصله مع الأطراف الدولية بما فيها الجانب الأميركي، وقال إنه تحدّث «بشكل مسهب» مع مبعوث ترمب إلى الشرق الأوسط عن الخطة بمراحلها وجداولها الزمنية وتكاليفها المالية. وأضاف أن ويتكوف تحدث عن عناصر جاذبة حولها، وحسن نية وراءها.

إلى ذلك، قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأربعاء، في بداية اجتماع بالبيت الأبيض مع رئيس الوزراء الآيرلندي مايكل مارتن: «لن يطرد أحد أحداً من غزة».

من جهته، دعا رئيس الوزراء الآيرلندي خلال لقائه ترمب، إلى وقف إطلاق النار في غزة، وقال: «نريد السلام، نريد إطلاق سراح الرهائن»، مضيفاً: «يجب إطلاق سراح جميع الرهائن، ويجب إدخال المساعدات إلى غزة».