اتهامات للحوثيين بالوقوف وراء جرائم تستهدف صغار السن

إحصائية تؤكد تورط الميليشيات في قتل وإصابة 140 طفلاً كل شهر

أطفال يمنيون يعملون في سوق شعبية بصنعاء (إ.ب.أ)
أطفال يمنيون يعملون في سوق شعبية بصنعاء (إ.ب.أ)
TT

اتهامات للحوثيين بالوقوف وراء جرائم تستهدف صغار السن

أطفال يمنيون يعملون في سوق شعبية بصنعاء (إ.ب.أ)
أطفال يمنيون يعملون في سوق شعبية بصنعاء (إ.ب.أ)

أفادت مصادر يمنية مطلعة، بأن الأطفال في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية لا يزالون يتعرضون للمئات من الجرائم والانتهاكات التي تقف خلفها عصابات مسلحة يمولها قادة ومشرفون حوثيون.
وذكرت المصادر، أن آخر تلك الحوادث تمثلت في عثور مواطنين في العاصمة صنعاء على جثتَي طفلين مطلع الأسبوع الماضي بعد مرور 10 أيام على إعلان أسرتهما عن اختفائهما في ظروف غامضة.
وفي حين أكدت المصادر، أن تلك الجريمة المروعة أحدثت صدمة عنيفة لدى كثير من السكان، أفاد شهود بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، بأن السكان عثروا على جثتي الطفلين يوسف (سبع سنوات) وشقيقته ملاك الحشيشي (12 سنة) بنهاية أحد ممرات السيول بمنطقة الرحبة في صنعاء بعد اختفائهما منذ أيام.
وأوضح مصدر مقرب من عائلة الطفلين لـ«الشرق الأوسط»، أن تلك الجريمة وقعت في ظل انفلات وفوضى أمنية عارمة تشهدها العاصمة الواقعة تحت سيطرة وحكم الجماعة الانقلابية. وقال المصدر، إن الطفلين يوسف وملاك اختفيا فجأة من الحي الذي تقطنه أسرتهما بمنتصف رمضان الماضي، وتم حينها إبلاغ الأجهزة الحوثية التي لم تحرك ساكناً، مشيراً إلى أن العائلة لا تزال تعيش صدمة مأساوية.
وتأتي هذه الحادثة وغيرها، طبقاً لما أكدته المصادر ذاتها، في ظل تنامٍ مقلق لظاهرة اختفاء الأطفال في العاصمة وتعرض المئات منهم بعد الخطف إما للقتل أو الاستغلال من قبل عصابات معظمها على ارتباط وثيق بميليشيات الحوثي.
وسبق أن فجع مواطنون وسكان بمحافظة إب (170 كم جنوب صنعاء) بجريمة أخرى مماثلة تمثلت بعثورهم أواخر أبريل (نيسان) الماضي، على 3 جثث لأطفال قتلوا في ظروف غامضة وفق ما تحدثت به مصادر وشهود عيان في المحافظة.
وقالت المصادر، إن سكان قرية المعقاب بوادي الجنات بمديرية بعدان بمحافظة إب الخاضعة تحت سيطرة الجماعة فجعوا حينها بالعثور على جثث الأطفال الثلاثة وهي مرمية على قارعة إحدى طرق المنطقة.
وفي حين حاولت الميليشيات هناك إنكار ضلوعها بارتكاب الجريمة، خصوصاً أنها وقعت بمنطقة تقع بنطاق سيطرتها، اتهم أهالي وأعيان المنطقة عصابات مسلحة هناك، قالوا إنها تتلقى الدعم والمساندة من قادة ومشرفين حوثيين، بالوقوف المباشر وراء ارتكاب الجريمة وجرائم أخرى متنوعة.
ونقلت مصادر محلية عن الأهالي قولهم «مهما حاولت الجماعة التنصل عن تلك الجريمة وإخفاء المجرمين وتمييع القضية، إلا أن المسؤولية القانونية والجنائية ستظل تلاحق مرتكبيها لتقديمهم للمحاكمة لينالوا جزائهم العادل».
ويشير حقوقيون محليون إلى أن استمرار تصاعد حدة الجرائم بما فيها الاختطاف والقتل المرتكبة بحق صغار السن بمناطق السيطرة الحوثية يؤكد للجميع فشل تلك الجماعة في تأمين المناطق المختطفة بيدها، ويكشف في الوقت نفسه حقيقة ما تروج له وسائل إعلامها بأن مناطقها تنعم بالأمان والاستقرار.
واعتبر حقوقيون، أن مسألة وجود مسلحين بمناطق سيطرة الحوثيين يشير إلى أن هذه الجماعة ساهمت في إحداث فوضى وانفلات أمني غير مسبوق، وأشاروا إلى أنه بمجرد وقوع جرائم متنوعة بمدن تسيطر عليها تلك الميليشيات يضعها تحت طائلة المسؤولية؛ كونها هي الممول الحقيقي لمئات المجرمين والعصابات المسلحة التي دائماً ما تتحرك بناءً على تعليمات صادرة عنها.
ومنذ انقلاب الجماعة الحوثية تعرضت الطفولة في اليمن لأسوأ الانتهاكات في تاريخها؛ وذلك نتيجة تسخير الجماعة كل طاقتها لاستهداف الأطفال من خلال سيل من الجرائم والانتهاكات المتنوعة.
وكانت تقارير حقوقية كشفت أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عن ارتكاب الجماعة أزيد من 30 ألف انتهاك بحق الأطفال والطفولة في اليمن منذ انقلابها على السلطة الشرعية. وحسب التقارير، فإن الأطفال في أغلب مناطق اليمن يعيشون من دون خدمات ويعانون الكثير من الانتهاكات والتحديات في سبيل الحصول على الاحتياجات الأساسية من غذاء وكساء ودواء.
وعلى صلة بالموضوع ذاته، كشفت إحصائية دولية حديثة، عن أن هجمات الميليشيات تقتل نحو 50 طفلاً يمنياً وتصيب 90 آخرين بإعاقة دائمة كل شهر، في حين تضرر الغالبية العظمى منهم بالأسلحة المتفجرة ذات الآثار الواسعة. وقال مشروع بيانات موقع وحدث النزاع المسلح، إنه بين عامي 2015 و2020، لقي ما لا يقل عن 3153 طفلاً مصرعهم في اليمن وأصيب 5660 طفلاً، وفقاً لتقرير صادر عن منظمة «يونيسيف».
وأكدت الإحصائية، أن التدمير المتعمد والمنهجي للبنية التحتية من قبل الميليشيات تسبب في حدوث كارثة إنسانية؛ إذ إن 93 في المائة من الأطفال في حاجة إلى مساعدات إنسانية، ومليونا طفل خارج المدرسة وواحد من كل خمسة فقد منزله. وأشارت إلى أنه وبسبب تدمير وتعطيل ميليشيات الحوثي للقطاع الصحي، فإن 10 ملايين و200 ألف طفل لا يحصلون على الرعاية الصحية، ويعتمدون على المنظمات للحصول على التطعيمات الأساسية والمياه والصرف الصحي والنظافة.
وكانت المملكة المتحدة اتهمت قبل أيام الانقلابيين الحوثيين بعرقلة عملية السلام في اليمن، وبتجنيد الأطفال للقتال، واختطاف النساء.
وقال وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب، في تغريدة له عبر حسابه على «تويتر»، «ما زلنا نشهد قصصاً مروعة عن أطفال يمنيين، يُجبرون على القتال، ونساء يتم اختطافهن في مناطق السيطرة الحوثية». وأضاف «المملكة المتحدة تدعو الحوثيين للقاء المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث، وإنهاء هجوم مأرب وعرقلة عملية السلام».


مقالات ذات صلة

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بمعية محافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان في زيارة سابقة للخطوط الأمامية بمأرب (سبأ)

الجيش اليمني يحذر من محاولة حوثية للعودة للحرب وإجهاض جهود السلام

تتصاعد حدة التوترات في عدة جبهات يمنية في ظل استمرار جماعة الحوثي في تحشيد عناصرها وحفر الخنادق، خصوصاً بمحافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
خاص المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الشرق الأوسط)

خاص مكتب غروندبرغ لـ«الشرق الأوسط»: نناقش مع صنعاء وعدن تجنب انهيار اقتصادي أعمق

قال المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن إن مشاوراته ونقاشاته مستمرة مع مسؤولي «البنك المركزي» في صنعاء وعدن؛ لإيجاد حلول تقنية ومستدامة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
TT

سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)

مع دخول الحرب التي أشعلها الحوثيون عامها العاشر، لا يزال ملايين من النازحين يعانون جراء غياب الخدمات ويعيشون في تجمعات تفتقر لأبسط مقومات الحياة، حيث تشكل أزمة المياه النظيفة في مناطق الساحل الغربي لليمن واحدة من صور المعاناة التي يعيشها النازحون بسبب الحرب.

يقول حسن، وهو أب لأربعة أطفال وصل إلى منطقة «يختل» قبل خمس سنوات، إنهم يسيرون لساعات من أجل جلب بضعة صفائح من الماء، وفي بعض الأيام، يعود وأطفاله خالي الوفاض، حيث يبدو أن المياه تفرّ بعيداً عن متناول اليد.

الصراع من أجل المياه في اليمن تفاقم بسبب سنوات الحرب (الأمم المتحدة)

ولأن الحرب أجبرت أكثر من 4.5 مليون يمني على ترك منازلهم، فقد لجأ الكثير منهم إلى قرى ريفية مثل «يختل» القريبة من ميناء المخا على ساحل البحر الأحمر، ومع وصول المزيد من الأسر النازحة، وغالباً لا يحملون سوى الملابس على ظهورهم، زاد الضغط على الموارد الشحيحة بالفعل.

وفي ظل هذه الظروف، يتنافس السكان المتزايدون على الوصول إلى المياه والمأوى والخدمات الأساسية؛ مما يؤدي إلى تفاقم التحديات التي يواجهها كل من النازحين والسكان المحليين. كما أدى انخفاض خصوبة التربة وزيادة ملوحة مصادر المياه وارتفاع مستويات سطح البحر إلى تهديد الزراعة على طول الساحل الغربي، خصوصاً في هذه المنطقة.

لهذا؛ يجد سكان المنطقة، الذين اعتمدوا في السابق على الزراعة على نطاق صغير لإعالة أسرهم، أنه من المستحيل تقريباً زراعة المحاصيل أو إطعام مواشيهم، حيث أصبح المناخ معادياً بشكل متزايد لأساليب الزراعة التقليدية.

كما أن صيد الأسماك على نطاق صغير، الذي كان أيضاً شريان حياة للاقتصاد المحلي، في انحدار. ومع فشل المحاصيل وتناقص مخزون الأسماك، أصبح لدى السكان خيارات أقل.

مهمة صعبة

يقرّ محمد علي، وهو أحد سكان «يختل» بالصعوبة، حيث يستيقظ كل يوم قبل الفجر للبحث عن الماء، وهي مهمة تستهلك صباحاته وتستنزف طاقته، كما أن رحلاته اليومية إلى نقاط المياه المشتركة محفوفة بعدم اليقين، هل سيجد ما يكفي من المياه لأسرته أم لا.

وفق المنظمة الدولية للهجرة، تفاقم الصراع من أجل المياه بسبب سنوات الحرب التي دمَّرت البنية الأساسية التي كانت ذات يوم حيوية للبقاء؛ لأن نظام المياه، الذي تم بناؤه في الأصل لخدمة 200 منزل، أصبح الآن ممتداً إلى ما هو أبعد من حدوده، في محاولة لتلبية احتياجات أكثر من 1500 أسرة، بما في ذلك مئات النازحين الذين هربوا من العنف في مناطق خطوط التماس بين القوات الحكومية والحوثيين.

البحث اليومي عن المياه يستهلك وقت الأسر وطاقتها لفترة طويلة (الأمم المتحدة)

من خلال إعادة تأهيل خطوط الأنابيب وبناء نقاط مياه جديدة، ساعدت تدخلات المنظمة الأممية في تخفيف العبء على الأسر وتخفيف الصراع على الموارد. كما يعالج المشروع المخاطر الصحية من خلال ضمان حصول كل من المجتمعات المضيفة والأسر النازحة على وصول موثوق به إلى المياه النظيفة.

وجزءاً من هذه الجهود في منطقة «يختل»، يتم توسيع شبكة توزيع المياه. ويشمل ذلك تركيب أنابيب أكبر وبناء مرافق تخزين مياه إضافية، وضمان توزيع العرض المحدود بكفاءة عبر المجتمع.

وبحسب المنظمة الأممية، تم إدخال أنظمة ضخ المياه بالطاقة الشمسية؛ مما يوفر مصدر طاقة مستداماً يقلل من الاعتماد على الوقود الباهظ الثمن وغير المتاح في كثير من الأحيان، ومساعدة المجتمعات على تحمل التقلبات الجوية المتطرفة مثل الفيضانات بشكل أفضل.

مساعدة على الصمود

تتضمن جهود منظمة الهجرة الدولية ترقية نظام المياه لتحسين قدرته على الصمود في مواجهة الفيضانات، والتخطيط بعناية لتجنب المناطق المعرضة للفيضانات وإنشاء تدابير وقائية، بالإضافة إلى ذلك، سيتم تركيب أجهزة تعقيم المياه بالكلور الأوتوماتيكية لتطهير المياه.

وبينما يتم إحراز تقدم في منطقة «يختل»، تستمر صراعات مماثلة في أجزاء أخرى من الساحل الغربي اليمني وفقاً للمجتمع الإغاثي، ففي مخيم للنازحين في حيس، يشارك سامي، وهو أب لاثني عشر طفلاً، قصة مألوفة عن المشقة، ويذكر أن معظم الأشخاص الذين يذهبون لجلب المياه هم من الأطفال؛ فهم لا يذهبون إلى المدرسة لأنهم مضطرون إلى المساعدة.

الجفاف يهدد مناطق واسعة باليمن مما يتسبب في شح المياه (إ.ب.أ)

تؤكد المنظمات الإغاثية أن عدم القدرة على الحصول على المياه النظيفة أدى إلى حرمان أطفاله من التعليم؛ مما أجبرهم على القيام بدورة من الأعمال المنزلية اليومية.

وبغرض معالجة النقص الحاد في المياه، تشرف منظمة الهجرة الدولية على بناء بئر جديدة من شأنها أن توفر مياه نظيفة وموثوقة لآلاف الأسر النازحة والمجتمعات المضيفة.

تجزم المنظمات الإغاثية أنه ومن خلال توفير هذا المصدر الثابت للمياه، سيتم تخفيف العبء المادي على الأسر وتقليل المخاطر الصحية المرتبطة بالمياه الملوثة، لكن رغم ذلك، تظل التحديات هائلة، حيث يستمر تغير المناخ والأحداث الجوية المتطرفة في جميع أنحاء اليمن في تضخيم أزمة المياه؛ مما يزيد من ضغوط الصراع والنزوح.