«التقنيات النسائية»... هل تصبح الخطوة العظيمة في عالم العناية الصحية؟

النساء يدفعن 500 مليار دولار سنوياً للفواتير الطبية

«التقنيات النسائية»... هل تصبح الخطوة العظيمة في عالم العناية الصحية؟
TT

«التقنيات النسائية»... هل تصبح الخطوة العظيمة في عالم العناية الصحية؟

«التقنيات النسائية»... هل تصبح الخطوة العظيمة في عالم العناية الصحية؟

تمثل النساء نصف عدد سكان الكرة الأرضية ولكن الشركات التي تهتم بحاجاتهن الصحية الخاصة لا تمتلك إلا حصة صغيرة جداًمن سوق التقنية العالمية

احتياجات النساء
في عام 2019، حققت صناعة التقنية النسائية الشهيرة بالـ«فيمتيك» (Femtech)، المتمثلة بشركات التقنية والبرامج الرقمية التي تلبي احتياجات النساء الحيوية، عوائد إجمالية بقيمة 820.6 مليون دولار، وتلقت 592 مليون دولار على شكل استثمارات في رأس المال، حسب أرقام شركة «بيتش بوك» المتخصصة بالأبحاث والبيانات. في المقابل، وفي العام نفسه، جمع تطبيق «أوبر» للمواصلات المشتركة مبلغ 8.1 مليار في إطلاق أسهمه في سوق الأوراق المالية وحده. وتشير شركة «بيتش بوك» إلى أن الفارق بين عائدات الجهتين صاعق، خصوصاً أن النساء يدفعن 500 مليار دولار سنوياً على شكل إنفاقات طبية.
ونظراً لهذه القوة الإنفاقية، شهد العقد الفائت بروز مجموعة كبيرة من الشركات والتطبيقات المعنية بتلبية حاجات النساء، أبرزها مراقبة الدورة الشهرية والخصوبة، وتقديم حلول للحمل والرضاعة وانقطاع الطمث. كما طورت الشركات الناشئة العاملة في المجال الطبي عملها، ليشمل الوقاية من أو التعامل مع أمراضٍ خطيرةٍ كالسرطان.
ورأت ميشيل تيمبيست، الشريكة في شركة «كانديسيك» الاستشارية في مجال العناية الصحية في لندن المتدربة في مجال الطب النفسي، أن «إمكانيات هذه السوق هائلة، لا سيما في ظل وجود شهية متزايدة للتقنية في العالم، وإدراك أن القدرة الاستهلاكية النسائية وصلت إلى مجال العناية الصحية».
ولفتت تيمبيست إلى أن السبب الوحيد لتجاهل حاجات النساء في مجال التقنية هو «تركيز أبحاث علوم الحياة بشكل مفرط على الجسم الذكوري». ففي عام 1997، استثنت إدارة الغذاء والدواء الأميركية النساء في سن الإنجاب من المشاركة في تجارب الأدوية. ومنذ ذلك الحين، استمر تجاهل النساء في تجارب الأدوية بسبب الاعتقاد السائد بأن التقلبات التي تسببها الدورة الشهرية قد تؤثر على نتائج الاختبارات، وأيضاً لأن حمل المرأة بعد تناولها للأدوية قد يؤثر على الجنين. وعدت تيمبيست أن هذا الأمر «هو سبب تفوق أهمية الرجال على النساء في هذا المجال».

تقنيات أنثوية
وابتدعت مصطلح «فيمتيك» إيدا تين، وهي امرأة من أصول دنماركية أسست تطبيق «كلو» (Clue) لمراقبة الدورة الشهرية والإباضة في ألمانيا عام 2013. وفي مقال نشره موقع شركتها، روت تين كيف خطرت لها فكرة التطبيق، وكشفت أنها في عام 2009 وجدت نفسها تحمل هاتفاً خلوياً في يد وجهازاً لقياس الحرارة في الأخرى، وتمنت لو أنها تستطيع جمع الاثنين في جهاز واحد لمراقبة أيام خصوبتها، بدلاً من اضطرارها لتسجيل درجة حرارتها على ورقة.
ويتيح تطبيق «كلو» للنساء القيام بهذه المهمة ببضع نقرات صغيرة على الهاتف الذكي. ولكن الشركة تواجه اليوم منافسة حامية من كثير من التطبيقات المعنية في مجال الدورة الشهرية والخصوبة، بالإضافة إلى عدد كبير من الأدوات المشابهة التي تستهدف المرأة في السوق الاستهلاكية.
وقد سوقت شركة «إيلفي» اللندنية مضخة للثدي قابلة للارتداء، وتطبيقاً لتمارين الحوض، وكليهما يستخدمان التقنيات الذكية. ويبرز اليوم أيضاً ما يُعرف بالـ«مينوتيك» (menotech)، أحد فروع صناعة الـ«فيمتيك»، وهو معني بتحسين حياة النساء اللواتي دخلن فترة انقطاع الطمث، عن طريق تزويدهن بأدوات التطبيب عن بعد، بالإضافة إلى المعلومات والبيانات التي يجب أن يعرفنها.

رصد السرطان
وأخيراً، توجد أيضاً شركات طبية كثيرة تركز جهودها على السرطانات التي تصيب المرأة، كسرطاني عنق الرحم والثدي. وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أن سرطان عنق الرحم هو رابع سبب لوفاة النساء حول العالم. ففي عام 2018، أصيبت به نحو 570 ألف امرأة، وتوفيت نحو 311 ألف أخرى بسببه. وكانت المنظمة قد أعلنت، في نوفمبر (تشرين الثاني)، برنامجاً للقضاء على المرض بشكل كامل بحلول عام 2030.
وبدورها، تستخدم شركة «موبايل أو دي تي» الهواتف الذكية والذكاء الصناعي لإجراء الفحوصات والصور الضرورية لسرطان عنق الرحم. وتضم الأدوات التي تنتجها هذه الشركة منظاراً صغيراً محمولاً للمهبل، حجمه مرة ونصف المرة حجم الهاتف الذكي، ويُستخدم لتصوير عنق الرحم عن مسافة متر واحد. بعدها، يُصار نقل الصورة إلى السحابة الإلكترونية بواسطة الهاتف الذكي الذي يستخدم الذكاء الصناعي لتحديد النتائج الطبيعية وغير الطبيعية في التصوير.
وتحصل مستخدمة هذه الأداة على تشخيص بعد نحو 60 ثانية، على عكس فحص المسحة الذي تتطلب نتائجه أسابيع لتظهر (وقد تمتد لشهور في الدول النامية). وتجدر الإشارة إلى أن الأطباء ما زالوا يستخدمون فحص المسحة، إلى جانب فحوصات هذه الأداة.

سرطان الثدي
ولكن السرطان الأكثر شيوعاً بين النساء حول العالم هو سرطان الثدي الذي تركز شركة ناشئة فرنسية على التعامل مع الآثار التي تليه. وقد استخدمت شركة «لاتيس ميديكال» الطباعة الثلاثية الأبعاد لتطوير حشوة تُزرع في فراغ الثدي، يمتصها الجسد مع الوقت، ومهمتها إعادة تجديد وتشكيل أنسجة الثدي.
كيف تعمل هذه الطريقة؟ بعد عملية استئصال الثدي، يرفع الجراح فوراً مسحة دهنية بسيطة من المنطقة المحيطة بثدي المرأة، ويضع الزرعة الحيوية المطبوعة مكان الاستئصال، فينمو هذا النسيج الدهني داخل تلك الزرعة، ليملأ أخيراً مكان الثدي المستأصل، وتختفي الزرعة بشكل كامل بعد 18 شهراً.
وقد أظهرت الاختبارات التي أجرتها الشركة على الحيوانات حتى اليوم نتائج واعدة، بحسب ما أفاد به جوليان بايين، الشريك المؤسس الرئيس التنفيذي للشركة. وتوقع الأخير انطلاق التجارب السريرية على النساء خلال العام الحالي، على أمل إطلاق المنتج في السوق الاستهلاكية بحلول عام 2025.
وأخيراً، توقع تقرير لشركة «فروست آند سوليفان» المتخصصة بالاستشارات البحثية والاستراتيجية، في مارس (آذار) 2020، أن تصل عائدات صناعة الـ«فيمتيك» إلى 1.1 مليار دولار بحلول 2024.
* خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

المدير التنفيذي لـ«سيسكو» السعودية: استثماراتنا بالمملكة مستمرة لدعم جهودها في التحول الرقمي

الاقتصاد المدير التنفيذي لشركة «سيسكو السعودية» سلمان فقيه (تصوير: تركي العقيلي) play-circle 01:37

المدير التنفيذي لـ«سيسكو» السعودية: استثماراتنا بالمملكة مستمرة لدعم جهودها في التحول الرقمي

في ظل ما يشهده قطاع التقنية السعودي من تطور، حقَّقت «سيسكو» أداءً قوياً ومتسقاً مع الفرص المتاحة وقرَّرت مواصلة استثماراتها لدعم جهود السعودية في التحول الرقمي.

زينب علي (الرياض)
عالم الاعمال «بلاك هات» تعود إلى الرياض بنسختها الثالثة

«بلاك هات» تعود إلى الرياض بنسختها الثالثة

تعود فعالية الأمن السيبراني الأبرز عالمياً «بلاك هات» في نسختها الثالثة إلى «مركز الرياض للمعارض والمؤتمرات» ببلدة ملهم شمال العاصمة السعودية الرياض.

تكنولوجيا «غوغل» تطلق النسخة الأولية من آندرويد 16 للمطورين مع ميزات جديدة لتعزيز الخصوصية ومشاركة البيانات الصحية (غوغل)

«غوغل» تطلق النسخة الأولية من آندرويد 16 للمطورين مع ميزات جديدة

أطلقت «غوغل» النسخة التجريبية الأولية من آندرويد 16 للمطورين، وهي خطوة تمهد الطريق للتحديثات الكبيرة المقبلة في هذا النظام.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
تكنولوجيا «أبل» تؤكد مشكلة اختفاء الملاحظات بسبب خلل بمزامنة (iCloud) وتوضح خطوات استعادتها مع توقع تحديث (iOS) قريب (أبل)

اختفاء الملاحظات في أجهزة آيفون... المشكلة والحلول

وفقاً لتقرير رسمي من «أبل»، فإن المشكلة تتعلق بإعدادات مزامنة الآيكلاود (iCloud).

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
تكنولوجيا تمكنك «دورا» من تصميم مواقع ثلاثية الأبعاد مذهلة بسهولة تامة باستخدام الذكاء الاصطناعي دون الحاجة لأي معرفة برمجية (دورا)

صمم موقعك ثلاثي الأبعاد بخطوات بسيطة ودون «كود»

تتيح «دورا» للمستخدمين إنشاء مواقع مخصصة باستخدام الذكاء الاصطناعي عبر إدخال وصف نصي بسيط.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)

استراتيجيات علمية لتبني الذكاء الاصطناعي في الدول النامية

الذكاء الاصطناعي يحتل مكانة بارزة في النقاشات العالمية (رويترز)
الذكاء الاصطناعي يحتل مكانة بارزة في النقاشات العالمية (رويترز)
TT

استراتيجيات علمية لتبني الذكاء الاصطناعي في الدول النامية

الذكاء الاصطناعي يحتل مكانة بارزة في النقاشات العالمية (رويترز)
الذكاء الاصطناعي يحتل مكانة بارزة في النقاشات العالمية (رويترز)

يحتل الذكاء الاصطناعي حالياً مكانة بارزة في النقاشات العالمية؛ حيث يتم استكشاف مدى اعتماده وتأثيره الواسع على المنظمات والأعمال والمجتمع. ووفق تقرير صادر عن شركة «آي بي إم»، بلغ معدل تبني الذكاء الاصطناعي عالمياً 35 في المائة عام 2022، مسجلاً بذلك زيادة ملحوظة بمقدار 4 نقاط عن العام السابق.

تخلف الدول النامية

ورغم الإمكانات الهائلة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي لتحسين الخدمات الصحية، وتعزيز التعليم، ودعم أنظمة الطاقة، ورفع كفاءة الحوكمة، فإن البلدان ذات الدخل المنخفض لا تزال تعاني من نقص الأبحاث والتطبيقات المتاحة في هذا المجال.

وفي هذا السياق، سعى باحثون من الولايات المتحدة واليابان إلى وضع استراتيجيات تتيح لهذه الدول دمج الذكاء الاصطناعي بفاعلية في قطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم والطاقة والحوكمة، مؤكدين أهمية تقليص الفجوة الرقمية لضمان وصول فوائد الذكاء الاصطناعي للجميع.

وأشار الباحثون، في دراستهم المنشورة بعدد 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2024 بدورية «Humanities and Social Sciences Communications» إلى العقبات الأساسية التي تواجه البلدان ذات الدخل المنخفض في الاستفادة من الذكاء الاصطناعي، التي تشمل محدودية الوصول إلى التكنولوجيا، وضعف البنية التحتية، وقلة الكوادر المتخصصة، مشددين على أن هذه التحديات تعيق قدرة هذه الدول على توظيف الذكاء الاصطناعي بفاعلية لدعم التنمية المستدامة، ما يستدعي استراتيجيات تكاملية لمعالجة هذه الثغرات وتحقيق الاستفادة القصوى من إمكانات الذكاء الاصطناعي.

يقول الدكتور محمد سالار خان، أستاذ السياسات العامة في معهد روتشستر للتكنولوجيا بنيويورك، إن المضي قدماً في مجال الذكاء الاصطناعي ليس خياراً، بل ضرورة لهذه البلدان. ومن خلال تعزيز البنية الرقمية، وتدريب الكوادر البشرية، وتبني سياسات فعّالة؛ يمكن لهذه الدول الاستفادة من القدرات التحويلية للذكاء الاصطناعي لتحسين جودة الحياة لمواطنيها.

ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «على صانعي السياسات إدراك الدور المحوري للذكاء الاصطناعي في تحقيق التنمية العادلة، وإعطاء الأولوية للمبادرات التي تدعم دمجه في هذه البلدان، ومن خلال الجهود التعاونية، يمكن للمجتمع الدولي ضمان ألا تتخلف البلدان منخفضة الدخل عن ثورة الذكاء الاصطناعي».

استراتيجيات فعالة

تواجه الدول ذات الدخل المنخفض تحديات فريدة في اعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي، ما يستدعي اقتراح استراتيجيات تتماشى مع احتياجاتها الخاصة. وفقاً لأستاذ السياسات العامة في معهد روتشستر للتكنولوجيا بنيويورك، يتطلب دمج الذكاء الاصطناعي في القطاعات الحيوية نهجاً متعدد الجوانب.

ووفق خان، تتمثل إحدى التوصيات الأساسية في تعزيز البحث والتطوير، من خلال دعم الجامعات والمؤسسات المحلية في إجراء أبحاث الذكاء الاصطناعي الموجهة إلى التحديات المحلية، وإنشاء مراكز ابتكار تركز على تطوير تقنيات مناسبة للصناعات المحلية. كما يُنصح بتوفير التمويل والموارد للشركات الناشئة المحلية المتخصصة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي.

وتشمل التوصيات أيضاً بناء أنظمة ذكاء اصطناعي متكاملة، عبر تطوير استراتيجية وطنية لتعزيز القدرات في هذا المجال، وإنشاء شبكات تعاونية بين الكيانات المحلية والمنظمات الدولية.

ونبه خان إلى ضرورة تشجيع مشاركة القطاع الخاص في استثمار تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تعالج القضايا المحلية، خاصة في مجالات الصحة والتعليم، وتنفيذ مشاريع تجريبية تُظهر التطبيقات العملية للذكاء الاصطناعي.

تقنيات تتناسب مع السياقات المحلية

وشدد خان على ضرورة ضمان وصول عادل للتكنولوجيا، مع التركيز على المساواة بين الجنسين وتمكين النساء والفتيات في هذا المجال، وتعزيز الاستقلال التكنولوجي عبر تطوير تقنيات تتناسب مع السياقات المحلية.

وأوصى خان بضرورة التعاون مع الدول المتقدمة للحصول على دعم في مجال نقل التكنولوجيا؛ حيث يمكن للبلدان ذات الاقتصاديات المتقدمة والمنظمات الدولية ذات الصلة مثل اليونيسكو، ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD)، والوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، والبنك الدولي؛ دعم هذه الدول في مساعيها من خلال نقل التكنولوجيا، وتقديم المنح، والمساعدات.

ونصح خان بضرورة تحسين الأطر السياسية من خلال وضع إرشادات تنظيمية واضحة، وإشراك جميع أصحاب المصلحة في عملية صنع القرار، لضمان وضع المبادئ التوجيهية واللوائح الأخلاقية التي تضمن تطوير ونشر الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول وعادل.

ومن خلال تنفيذ هذه التوصيات، يمكن للدول ذات الدخل المنخفض دمج الذكاء الاصطناعي بفاعلية، ما يعزز التنمية ويقلل الفجوات الحالية في اعتماد التكنولوجيا، على حد قول خان.