محطات للمخرج

غونزاليس يحمل جوائز الأوسكار ليلة الأحد الماضي (أ.ف.ب)
غونزاليس يحمل جوائز الأوسكار ليلة الأحد الماضي (أ.ف.ب)
TT

محطات للمخرج

غونزاليس يحمل جوائز الأوسكار ليلة الأحد الماضي (أ.ف.ب)
غونزاليس يحمل جوائز الأوسكار ليلة الأحد الماضي (أ.ف.ب)

* عندما كان المخرج أليخاندرو غونزاليز إيناريتو، الذي فاز قبل أيام بجائزتي أوسكار رئيسيتين (أفضل فيلم وأفضل مخرج) في التاسعة عشر من عمره، شاهد «إيكيرو» الفيلم الذي حققه المخرج الياباني الكبير أكيرا كوروساوا سنة 1952. على عكس الكثير من أعمال كوروساوا اللاحقة، انتمى الفيلم المذكور إلى فئة الأفلام ذات الموضوع المحدود والتكوين البسيط. كان كوروساوا كتب سطرا واحدا قبل السيناريو والتزم به طوال العمل. كتب «قصة حول رجل لديه 75 يوما ليعيش». بالنسبة لإيناريتو كان الفيلم اكتشافا. قال لمجلة تصدرها «جمعية المخرجين الأميركية» في لوس أنجليس: «تبدو القصّة بسيطة ومتوقعة في البداية، لكن كوروساوا يقوم بحركة عبقرية: يحوّلها إلى فيلم يكسر التوقعات ويجعل منها عملا كثيف العقدة».
إذ يعود هذا الحديث إلى البال حين أجلس إليه قبل أشهر قليلة عندما عرض فيلمه الفائز في مهرجان فينسيا السينمائي، أحاول أن أدرك أين وجه المقارنة بين بساطة كوروساوا المعقدة في «إكيرا» وأي من أفلام صانع «بيردمان» و4 أفلام روائية طويلة سابقة، ليس من بينها ما ينضح بالبساطة لا لذاتها ولا للكشف عن تعقيداتها الداخلية. «بيردمان» (الذي حاز على جائزة أفضل فيلم من «جمعية المراسلين الأجانب في هوليوود» قبل استحواذه أوسكاراته) قد يكون أعقد فيلم لناحية تصويره أقدمت عليه السينما الأميركية في العام الماضي، على الأقل. لكن موضوعه هو أيضا معقّد: كيف يمكن لممثل كان نجما أن يعود إلى العناوين الكبيرة من جديد و- الأهم - لماذا. أفلام إيناريتو السابقة ليست بدورها بسيطة، بدءا من «حب كلبي» فيلمه المكسيكي الطويل الوحيد، الذي حققه سنة 2000. فيلم من 150 دقيقة (زائد 5 دقائق من العناوين) حول حادثة سيارة وما يتشرب منها من مواقف كاشفة عن كل شخصية تعرضت لها أو مرّت بها. الحكايات تبتعد في اتجاهات شتّى لكنها تتلاقى في نهاية الأمر ولكي يستطيع مخرج أن يقنع مشاهديه أن هذه هي الطريقة الأنجع لسرد حكاية متشابكة فإن عليه أن يكون واثقا من قدراته. إيناريتو كان منذ ذلك الفيلم الأول له واثقا مما يقوم به.
حين انتقل إلى الولايات المتحدة استثمر نجاحه في الطريقة التي صاغ فيها «حب كلبي» لينجز فيلما متشابكا آخر هو «21 غراما» سنة 2003: هنا حادثة أخرى تتوزع حولها الشخصيات التي تعاني منها: شون بن، ناوومي ووتس، داني هيوستون، بينثيو دل تورو وشارلوت غينسبورغ.
«بابل» (2006) شغل على المنحى ذاته، إنما على لوحة متمادية. هذه المرّة العلاقة التي تجمع بين الشخصيات ليست ناتجة كلها عن حادثة واحدة. في واقعه الفيلم 3 أفلام في عمل واحد: الأولى عن رحلة سياحية لأميركي (براد بت) وزوجته (كايت بلانشيت) في المغرب تتعرّض فيها الزوجة لإصابة من بندقية كان يتسلّى بها ولد قاصر كان حصل على البندقية من دون إذن والده الذي كان ابتاعها من مغربي آخر وهذا كان قد حصل عليها هدية من رجل أعمال ياباني ثري بعدما انتهت زيارته في المغرب وقرر العودة إلى بلاده.
في بيته الأميركي تقرر الخادمة المكسيكية أخذ عطلة، خلال غياب سيّدها، لزيارة ابنها في المكسيك علما بأنها لا تحمل إقامة تتيح لها العودة من هناك. الرحلة تبدأ عفوية وفرحة، لكنها تنتهي إلى مأساة.
ثم هنالك في اليابان حكاية ثالثة هي تلك التي تقع في بيت ذلك الثري (كوجي ياكوشو في الدور). لقد ماتت زوجته منتحرة. والآن تعيش أبنته شيكو (رينكو كيكوشي) وحيدة على مستويين: صلتها بأبيها مقطوعة عمليا كونه دائم العمل والسفر، وصلتها بالعالم المحيط معدومة كونها صماء وبكماء. ما زلنا نبحث عن كيف يمكن لفيلم بسيط التكوين (وعميق المفاد) مثل «إكيرو» أن يؤثر في المخرج المكسيكي بنى صرحه على حكايات متداخلة على رقعة اتسعت عبر أفلامه الثلاث الأولى كما يتضح.
الفيلم الرابع كان «بيوتيفول» والكلمة تعني جميل لكنها مكتوبة إنجليزيا، وعن قصد، خطأ (Biutiful): فيلم صغير الميزانية صوّره، سنة 2010. في إسبانيا وتناول فيه حدثا واحدا من دون الخروج منه ليتابع حكايات عدّة. خافييه باردم هو إنسان طيّب في شبكة علاقات مريبة يحدوه خطر الموت من دون أن يراه أو يدرك مصدره. هذا ما يصل بنا إلى فيلمه الخامس (والأخير إلى الآن) الذي هو أيضا مختلف عن أعماله الثلاثة الأولى لناحية حكايته وشخصياته ومختلف عنها جميعا في أن معظم أحداثها يقع في الداخل والداخل ليس سوى الحجرات والسلالم والممرات الضيّقة التي بنيت في الاستوديو لتشابه مبنى مسرحيا. هناك مشهدان أو 3 تقع خارجيا ومشهدان للصالة ذاتها، لكن الباقي يدور بين جوانب الجزء الخلفي غير المنظور لروّاد المسرح.
لكن السؤال ما زال محقا: كيف صاغ فيلم كوروساوا سينما إيناريتو؟
في فندق يقع فوق جزيرة صغيرة من جزر فينسيا (يحتل الفندق الجزيرة بكاملها) جلسنا لنصف ساعة نتداول هذا الأمر. كان «بيردمان» ما زال جديدا. كل الآفاق مفتوحة أمامه بما في ذلك خروجه من مسابقة المهرجان الإيطالي. لاحقا ما مرّت لجنة التحكيم، التي قادها الموسيقار ألكسندر دسبلا، على الفيلم مرور كرام غير عادي. الجائزة الأولى ذهبت للفيلم السويدي، النرويجي «حمامة جلست على غصن شجرة تفكر في الوجود» لروي أندرسون. الثانية للفيلم الروسي «ليالي ساعي البريد البيضاء» لأندريه كونتشالوفسكي.
كلاهما يستحق، لكن كذلك «بيردمان». الإيهام بأن السياسة تأتي قبل الفن دفع بفيلم لا يستحق هو «نظرة صمت» لجوشوا أوبنهايمر ليستحوذ آخر جائزة كان يمكن لفيلم إيناريتو الاستحواذ عليها وهي جائزة لجنة التحكيم الخاصّة. أما مايكل كيتون، بطل «بيردمان» فقد خسر حيال ممثل من الصف الثاني (دراميا كما فنيا) وهو أدام درايفر عن فيلم ركيك عنوانه «قلوب جائعة» (إخراج للإيطالي سافيريو كوزتانزو).



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.