شركة مصرية توقف التعامل مع مخرج «نسل الأغراب»

سامي يلتزم الصمت وسط انتقادات للمسلسل

شركة مصرية توقف التعامل مع مخرج «نسل الأغراب»
TT

شركة مصرية توقف التعامل مع مخرج «نسل الأغراب»

شركة مصرية توقف التعامل مع مخرج «نسل الأغراب»

بين الدهشة والتأييد والتساؤل تراوحت تعليقات رواد مواقع التواصل الاجتماعي في مصر تعليقاً على قرار «الشركة المتحدة» للخدمات الإعلامية (مسؤولة عن إنتاج معظم الأعمال الدرامية المصرية) وقف التعامل مع المخرج محمد سامي، من دون إبداء أسباب، لتفتح باب التكهنات، وليربط المتابعون بين القرار وبين الانتقادات الحادة التي وجهت لمسلسل «نسل الأغراب» الذي انتهى عرضه قبل أيام، وأخرجه سامي وشارك فيه بطولته زوجته مي عمر، والفنانان أحمد السقا، وأمير كرارة، في الوقت الذي التزم فيه سامي الصمت، ولم يعلق على القرار.
وحالة الدهشة التي فرضها قرار الشركة المتحدة وقف التعامل مع سامي لا تتعلق فقط بقرار الوقف، بل بالإعلان عنه، وفقاً للناقد الفني طارق الشناوي، الذي أوضح في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أنه «من الطبيعي في أي تعاقد بين شركة منتجة وفنان أن يتم إيقاف التعاقد، أو أن تتغير شروطه، لكن الإعلان ذلك وفي هذا التوقيت تحديداً أمر غريب، ولا نستطيع التكهن بأسبابه».
وأضاف الشناوي أنّه «لا يعتقد أنّ فكرة الخطأ الفني هي السبب الوحيد في القرار وفي إعلانه، فهناك الكثير من الأخطاء الفنية وهي أمور طبيعية، حتى القول بأنّ سامي لم يلتزم بالسيناريو، يرد عليه بأنّه لم يفعل ذلك العام الماضي أيضاً».
المنتج عمرو قورة كتب منشوراً طويلاً على حسابه الشخصي على «فيسبوك» بعنوان «ماذا حدث ليتم إيقاف التعامل مع محمد سامي؟»، معرباً فيه عن دهشته أيضاً من إعلان القرار، بقوله: «منذ متى نعلن إيقاف المخرج الفلاني أو الممثل العلاني؟... هناك مئات المخرجين والفنانين الذين لا تتعامل معهم الشركة المتحدة لسبب أو لآخر، لكن من دون إعلان»، مؤكداً أنّه «كان لا بدّ من توضيح الأسباب طالما أُعلن بدلاً من ترك الساحة للنظريات والتكهنات، لكن يبدو أنّ الغرض من الموضوع كله هو ضرب المخرج في مقتل، وترك الناس تتخيل أسوأ السيناريوهات الممكنة».
التكهنات على مواقع التواصل الاجتماعي ربطت بين القرار وبين سيل الانتقادات الذي وجه لمسلسل نسل الأغراب، ولبطلته مي عمر، زوجة محمد سامي، طوال فترة عرضه في شهر رمضان، بدءاً من نقل صورة غير حقيقية ومبالغ فيها عن الصعيد، مروراً بعدم إتقان اللهجة الصعيدية، ليتحول المسلسل إلى عمل كوميدي، والأهم زيادة مساحة شخصية جليلة التي تؤديها مي عمر، فيما وصف بأنّه نوع من المجاملة لزوجته، وهو ما أدى إلى فرحة وشماتة البعض بالقرار وانتشار تعليقات من قبيل «الحمد لله ارتحنا من سامي وعائلته»، وسط تعليقات تشير إلى «سوء معاملة سامي لفريق العمل بالمسلسل، وعجرفته»، وتعليقات أخرى أرجعت السبب إلى تجاوز سامي للميزانية المقررة للعمل.
ويقول طارق الشناوي إنّ «سامي مخرج لديه نجاحات من قبل كان آخرها مسلسل البرنس، وهو يجيد التعامل مع الجمهور ويعرف مفاتيحه وشفرة التواصل معه، وهي ميزة مهمة، لكنه في الوقت نفسه لديه عيوب قد تعجب البعض من بينها اعتماده على المونولوجات الدرامية، والتي أراها معطلة لسير الدراما، التي من المفترض أن تعتمد إلى الحوار»، مشيراً إلى أنّ «مشكلة سامي أنّه يعطي لزوجته مساحات زائدة في العمل على حساب الشخصيات الأخرى، وهذا نوع من الضعف الإنساني رأيناه مع مخرجين سابقين مثل محمد فاضل وزوجته فردوس عبد الحميد»، لافتاً إلى أنّ «مي عمر لم تكن تصلح لدور جليلة في نسل الأغراب، لأنّ الشخصية من مرحلة عمرية أكبر، وهو ما أدى إلى وضع مبررات في الحوار لصغر سنها»، وقال: «مي عمر ممثلة جيدة من الممكن توظيفها كما حدث العام الماضي في مسلسل الفتوة، لكن عليها أن تبتعد عن فكرة البطولة المطلقة».
وعلى حسابها الشخصي على «تويتر» دافعت الفنانة آيتن عامر عن سامي، وكتبت: «اتفقنا أم اختلفنا على جودة آخر أعماله، لكن ده مش حيخليني أنكر نجاحاته السابقة وتميزه أبداً أو أشمت في اللي حصل ده».
بعض التكهنات أرجعت قرار الإيقاف إلى صورة نشرتها الإعلامية بسمة وهبة على حسابها الشخصي على «إنستغرام»، جمعتها مع سامي والفنان محمد رمضان، وأسفلها تعليق يشير إلى عزم سامي ورمضان تقديم عمل فني في رمضان 2022. وهو ما فسره رواد مواقع التواصل الاجتماعي بأنّه «تجاوز من جانب سامي بإعلانه عن العمل الجديد قبل الشركة المنتجة»، لكن المنتج عمرو قورة قال إنّ «هذا كلام فارغ، لأنّ محمد رمضان متعاقد مع الشركة المتحدة، ومن الطبيعي أن يروج النجوم لأعمالهم».
بدوره قال الشناوي إنّ «هذا السبب غير مقنع، فلا أحد يعرف شروط التعاقد مع رمضان أو سامي، ليقول إنّ أحد الأطراف أخلّ بها».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».