غوارديولا وتوخيل يقودان كرة القدم إلى عصر جديد في النواحي الدفاعية

تعزيز خط الدفاع كان السبب الرئيسي في نجاح مانشستر سيتي وتشيلسي هذا الموسم

TT

غوارديولا وتوخيل يقودان كرة القدم إلى عصر جديد في النواحي الدفاعية

في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2020. خصصت الكثير من البرامج التلفزيونية ومقالات الرأي بالصحف والمجلات مساحات كبيرة للحديث عن أسباب النتائج الثقيلة التي شهدتها بعض المباريات في الجولات الأولى من الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم، حيث تغلب أستون فيلا على ليفربول بسباعية، وسحق ليستر سيتي نظيره مانشستر سيتي بخماسية. وتمكن توتنهام بقيادة المدير الفني البرتغالي جوزيه مورينيو، الذي كان يتفق الجميع على أنه يحقق تقدماً ملحوظاً آنذاك، من الفوز بسداسية على مانشستر يونايتد بقيادة أولي غونار سولسكاير، الذي اتفق الجميع تقريباً على أنه كان ينهار بشكل سريع في ذلك الوقت.
وكانت جميع الأندية تقريباً تعاني آنذاك من مشاكل دفاعية واضحة للغاية. وبنهاية الجولة الرابعة من الموسم الحالي، كان متوسط عدد الأهداف في كل مباراة قد وصل إلى 3.79 هدف. وبدأ الجميع يطرح بعض النظريات ويتحدث عن الأسباب التي أدت إلى ذلك، فمنهم من قال إن السبب يعود إلى غياب الجماهير عن الملاعب، وقال آخرون إن ذلك يعود إلى عدم وجود فترة كافية استعداداً للموسم الجديد، وذهب البعض للقول إن السبب يعود إلى تغيير القوانين المتعلقة بلمسات اليد. وفي عمود صحافي، أعلن مهاجم منتخب إنجلترا السابق ستان كوليمور أن «فن الدفاع قد مات»، وهو نفس التصريح الذي كان قد أدلى به سابقاً في عامي 2014 و2016. لكن عند هذه النقطة، حدث شيء متوقع تماماً، حيث بدأ معدل الأهداف في التراجع. ومنذ أوائل أكتوبر (تشرين الأول)، وصل معدل تسجيل الأهداف إلى 2.48 هدف فقط في المباراة الواحدة في الدوري الإنجليزي الممتاز، وهو المعدل الذي يتوافق مع المواسم التي سجلت أقل عدد من الأهداف على الإطلاق. وفي المباريات التي أقيمت بين الأندية الستة الكبرى في إنجلترا هذا الموسم، تراجع معدل الأهداف إلى 1.92 هدف في المباراة الواحدة. ويبدو أن هذا الموسم يسير في طريقه ليكون الأول منذ موسم 2014 - 2015 الذي لم يصل إلى ألف هدف.
باختصار، أدت النتائج الكبيرة في بعض المباريات في بداية الموسم إلى تفكير الأندية في كيفية تدعيم خطوطها الدفاعية. لقد أدرك المديرون الفنيون أن الفريق الذي سيقدم أداءً دفاعياً جيداً سيكون لديه ميزة كبيرة خلال هذا الموسم غير المستقر بسبب تداعيات تفشي فيروس كورونا. لقد تغير الشكل الدفاعي لمانشستر سيتي بشكل ملحوظ للغاية منذ الهزيمة أمام توتنهام بهدفين دون رد في أواخر فصل الخريف. وقد وصلت هذه العملية، من نواحٍ عديدة، إلى ذروتها في مباراة الدور نصف النهائي لدوري أبطال أوروبا بين باريس سان جيرمان، الذي يمتلك خط هجوم مرعباً، وبين مانشستر سيتي، الذي كان مديره الفني جوسيب غوارديولا لا يهتم سوى بالنواحي الهجومية، للدرجة التي جعلته يتعرض للسخرية لأنه لا يهتم بتدريب لاعبيه على قطع الكرات من المنافس!
لقد لعب خط دفاع مانشستر سيتي أمام كيليان مبابي ونيمار وإيرلينغ هالاند لما يقرب من 500 دقيقة، لكن خلال تلك الفترة الطويلة لم يسدد على مرماه إلا ثلاث كرات فقط ولم تهتز شباكه بأي هدف. لقد شهد مانشستر سيتي تغيراً هائلاً، سواء في طريقة اللعب التي يعتمد عليها الفريق ككل أو في الطريقة التي يلعب بها كل لاعب على حدة، وأصبح الفريق يلعب بجدية وصرامة أكبر، وهو التغير الذي يمكن أن نقول إنه طرأ على أداء الفريق منذ قدوم المدافع البرتغالي الصعب روبن دياز من بنفيكا، فهو من نوعية المدافعين الذين لا يهتمون كثيراً بمتعة كرة القدم وتقدم أداءً جميلاً بقدر اهتمامهم بأداء مهامهم الدفاعية على أكمل وجه.
وقال دياز في مقابلة صحافية أجريت معه مؤخراً: «لم أكن أبداً شخصاً يحب مجرد الاستمتاع بالحياة». إنه يفعل كل ما في وسعه لحماية مرمى فريقه من أي هجمة خطيرة، لدرجة أنه لا يتردد للحظة واحدة في وضع وجهه في مسار أي تسديدة قوية لمنعها من الوصول للمرمى! وفي الوقت نفسه، أجرى تشيلسي تغييرات هائلة وسريعة على طريقة لعبه منذ رحيل المدير الفني الشاب فرانك لامبارد وتعيين توماس توخيل بدلاً منه في يناير (كانون الثاني) الماضي، وسارت كل الأمور بسرعة هائلة لدرجة أن المدير الفني الألماني اضطر إلى وضع الخطة التكتيكية لمباراته الأولى مع تشيلسي أمام وولفرهامبتون وهو على متن الطائرة من باريس إلى لندن.
واعتمد توخيل على خمسة لاعبين في الخط الخلفي من أجل تدعيم دفاعات الفريق، وهو الأمر الذي ساعده على تحقيق رقم قياسي استثنائي بالحفاظ على نظافة شباك الفريق 18 مرة في أول 24 مباراة له مع «البلوز». إن النظام الدفاعي لتوخيل يشبه إلى حد كبير طريقة 3 - 4 - 2 - 1 التي كان يعتمد عليها المدير الفني الإيطالي أنطونيو كونتي في موسم 2016 - 2017 عندما قاد تشيلسي للفوز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز، حيث ينطلق الظهيران للأمام للقيام بواجباتهما الهجومية، في ظل وجود اثنين من اللاعبين في خط الوسط للضغط بقوة من أجل منع الفريق المنافس من شن هجمات مرتدة سريعة. وفي الوقت نفسه، يتقدم المدافعون أيضاً، مثل أنطونيو روديغر وأندرياس كريستنسن وسيزار أزبيليكويتا، لتقديم الدعم الهجومي اللازم.
لكن هل يجب أن نشير إلى أن الموارد المالية الهائلة لمانشستر سيتي وتشيلسي قد ساعدت على حدوث هذا التحول الهائل؟ في الحقيقة، يشعر مشجعو مانشستر سيتي وتشيلسي باستياء شديد عندما نشير إلى ذلك، لكن من الغريب أيضاً أن نغض الطرف عن الأموال الطائلة التي أنفقها الناديان لتدعيم صفوفهما على مدار العقد الماضي. لقد وصل الأمر لدرجة أن مانشستر سيتي كان بإمكانه أن يتحرك بكل هدوء في سوق انتقالات اللاعبين لكي يتعاقد مع ستة من أغلى 11 مدافعاً في التاريخ، وهو الأمر الذي يمكنه من استبعاد أي مدافع إذا لم يقدم الأداء المتوقع منه والاعتماد على مدافع آخر بدلاً منه.
كما أنفق تشيلسي الكثير من الأموال للتعاقد مع بن تشيلويل الصيف الماضي، لكن ربما يكون أعظم ما يملكه الفريق حالياً هو رفاهية الاختيار، والدليل على ذلك أن ثمانية مدافعين بالفريق لعبوا 10 مباريات أو أكثر هذا الموسم. لكن في ظل الظروف الصعبة حالياً بسبب تفشي الوباء، ستكون هناك ضغوط أكبر للتقليل من النفقات، بل وربما بيع بعض اللاعبين الذين لا يشاركون بشكل دائم مع الفريق. لكن لاعبين آخرين، مثل ماركوس ألونسو وكورت زوما وإيمرسون، يمكن الاحتفاظ بهم على دكة البدلاء من أجل الاستعانة بهم في أوقات الطوارئ في حالة إصابة بعض اللاعبين الأساسيين أو معاناتهم من الإرهاق خلال الموسم الطويل والشاق. لكن السؤال الحقيقي الذي يتعين علينا طرحه الآن هو: هل التركيز على الأداء الدفاعي بهذا الشكل هو وضع مؤقت أم يمثل تحولاً هائلاً وسيستمر بشكل كبير خلال المرحلة المقبلة؟ وللإجابة على هذا السؤال يجب أن نشير أولاً إلى أن الدوري الإنجليزي الممتاز ليس الدوري الوحيد الذي شهد انخفاضاً في عدد الأهداف، حيث تراجع معدل تسجيل الأهداف أيضاً في الدوري الألماني الممتاز والدوري الإسباني الممتاز هذا الموسم.
وقد شهدت مراحل خروج المغلوب في دوري أبطال أوروبا هذا العام 2.71 هدف فقط في المباراة الواحدة، مقارنة بـ3.39 هدف، و3.14 هدف، و3.28 هدف، و3.52 هدف في المواسم الأربعة السابقة. ربما تتجه كرة القدم الأوروبية على مستوى النخبة إلى عصر جديد من التركيز على الجوانب الدفاعية، بحيث تتراجع الفوضى الهجومية وتصبح اللعبة أكثر انضباطاً وتنظيماً. وإذا كان الأمر كذلك، فإن مانشستر سيتي وتشيلسي، بقائمتيهما الضخمتين من اللاعبين المميزين وفي ظل وجود اثنين من المديرين الفنيين الرائعين، هما من يقودان هذا الاتجاه.


مقالات ذات صلة

وست هام يلغي مؤتمراً لمدربه لوبيتيغي مع انتشار شائعات إقالته

رياضة عالمية خولن لوبيتيغي (رويترز)

وست هام يلغي مؤتمراً لمدربه لوبيتيغي مع انتشار شائعات إقالته

ألغى وست هام المؤتمر الصحافي للمدرب الإسباني خولن لوبيتيغي، المقرر عقده الأربعاء، في ظل انتشار تقارير تُشير إلى استعداد النادي لإقالة مدربه.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية إيزاك نجم نيوكاسل يواصل مسيرته الرائعة ويهز شباك توتنهام (رويترز)

10 نقاط بارزة في الجولة العشرين من الدوري الإنجليزي

ربما كان ألكسندر أرنولد مشتتاً بسبب الحديث الدائر حالياً عن مستقبله واقترابه من الانتقال إلى ريال مدريد.

رياضة عالمية صلاح نجم ليفربول ينفّذ ركلة حرة في مواجهة يونايتد الأقوى هذا الموسم (إ.ب.أ)

هل يستطيع المنافسون استغلال تعثر ليفربول وملاحقته على القمة؟

ليفربول لم يتأثر بالتعادل أمام يونايتد لأن ملاحقيه تعثروا أيضاً، باستثناء نوتنغهام فورست، مفاجأة الموسم.

رياضة عالمية بول سكولز (بي تي سبورتس)

سكولز ينتقد رفع راتكليف أسعار التذاكر لجماهير مانشستر يونايتد

قال نجم كرة القدم الإنجليزي السابق بول سكولز إن السير جيم راتكليف لم يفعل «أي شيء إيجابي» خلال عامه الأول في نادي مانشستر يونايتد الإنجليزي.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية كاسيميرو (أ.ب)

الأندية السعودية مهتمة بكاسيميرو بعد إشارات الرحيل عن يونايتد

يبدو أن لاعب خط الوسط البرازيلي كاسيميرو أعطى إشارات واضحة لمانشستر يونايتد حول استعداده للرحيل عن الفريق.

فاتن أبي فرج (بيروت)

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
TT

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)

أسفرت قرعة بطولة كأس الخليج (خليجي 26) لكرة القدم التي أجريت السبت، وتستضيفها الكويت خلال الفترة من 21 ديسمبر (كانون الأول) 2024، وحتى 3 يناير (كانون الثاني) 2025، عن مجموعتين متوازنتين.

فقد ضمت الأولى منتخبات الكويت، وقطر، والإمارات وعمان، والثانية العراق والسعودية والبحرين واليمن.

ويتأهل بطل ووصيف كل مجموعة إلى الدور نصف النهائي.

وسُحبت مراسم القرعة في فندق «والدورف أستوريا» بحضور ممثلي المنتخبات المشارِكة في البطولة المقبلة.

وشهد الحفل الذي أقيم في العاصمة الكويت الكشف عن تعويذة البطولة «هيدو»، وهي عبارة عن جمل يرتدي قميص منتخب الكويت الأزرق، بحضور رئيس اتحاد كأس الخليج العربي للعبة القطري الشيخ حمد بن خليفة، إلى جانب مسؤولي الاتحاد وممثلين عن الاتحادات والمنتخبات المشاركة ونجوم حاليين وسابقين.

السعودية والعراق وقعا في المجموعة الثانية (الشرق الأوسط)

وجرى وضع الكويت على رأس المجموعة الأولى بصفتها المضيفة، والعراق على رأس الثانية بصفته حاملاً للقب النسخة السابقة التي أقيمت في البصرة، بينما تم توزيع المنتخبات الستة المتبقية على 3 مستويات، بحسب التصنيف الأخير الصادر عن الاتحاد الدولي (فيفا) في 24 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وتقام المباريات على استادي «جابر الأحمد الدولي» و«جابر مبارك الصباح»، على أن يبقى استاد علي صباح السالم بديلاً، ويترافق ذلك مع تخصيص 8 ملاعب للتدريبات.

وستكون البطولة المقبلة النسخة الرابعة التي تقام تحت مظلة اتحاد كأس الخليج العربي بعد الأولى (23) التي استضافتها الكويت أيضاً عام 2017. وشهدت النسخ الأخيرة من «العرس الخليجي» غياب منتخبات الصف الأول ومشاركة منتخبات رديفة أو أولمبية، بيد أن النسخة المقبلة مرشحة لتكون جدية أكثر في ظل حاجة 7 من أصل المنتخبات الثمانية، إلى الاستعداد لاستكمال التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم 2026 المقررة في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

وباستثناء اليمن، فإن المنتخبات السبعة الأخرى تخوض غمار الدور الثالث الحاسم من التصفيات عينها، التي ستتوقف بعد الجولتين المقبلتين، على أن تعود في مارس (آذار) 2025.

ويحمل المنتخب الكويتي الرقم القياسي في عدد مرات التتويج باللقب الخليجي (10) آخرها في 2010.

الكويت المستضيفة والأكثر تتويجا باللقب جاءت في المجموعة الأولى (الشرق الأوسط)

ووجهت اللجنة المنظمة للبطولة الدعوة لعدد من المدربين الذين وضعوا بصمات لهم في مشوار البطولة مع منتخبات بلادهم، إذ حضر من السعودية ناصر الجوهر ومحمد الخراشي، والإماراتي مهدي علي، والعراقي الراحل عمو بابا، إذ حضر شقيقه بالنيابة.

ومن المقرر أن تقام مباريات البطولة على ملعبي استاد جابر الأحمد الدولي، الذي يتسع لنحو 60 ألف متفرج، وكذلك استاد الصليبيخات، وهو أحدث الملاعب في الكويت، ويتسع لـ15 ألف متفرج.

وتقرر أن يستضيف عدد من ملاعب الأندية مثل نادي القادسية والكويت تدريبات المنتخبات الـ8.