صراع بين ميليشيات إيرانية والنظام السوري على «السيدة زينب»

حصر الوصول إلى المنطقة بطريق مطار دمشق

مواطنون ورايات «حزب الله» في العاصمة السورية دمشق أمس (رويترز)
مواطنون ورايات «حزب الله» في العاصمة السورية دمشق أمس (رويترز)
TT

صراع بين ميليشيات إيرانية والنظام السوري على «السيدة زينب»

مواطنون ورايات «حزب الله» في العاصمة السورية دمشق أمس (رويترز)
مواطنون ورايات «حزب الله» في العاصمة السورية دمشق أمس (رويترز)

يتواصل الخلاف والصراع على منطقة «السيدة زينب» ومحيطها (جنوب دمشق) بين الميليشيات الإيرانية من جهة وقوى أمنية سورية والفرقة الرابعة من جهة ثانية، على خلفية إغلاق طريق رئيسي مؤدٍ إلى المنطقة، والإبقاء على طريق رئيسي واحد للدخول إليها. وتتضارب الروايات حول الجهة التي أقدمت على هذه الخطوة في المنطقة التي تسيطر عليها إيران وميليشياتها وأسبابها ودوافعها.
ويتم الدخول إلى منطقة «السيدة زينب» الواقعة على بعد 7 كيلومترات حصراً عبر طريقين رئيسيين: الأول «مفرق المستقبل» على طريق مطار دمشق الدولي، والثاني من دمشق إلى المنطقة، ويبدأ من حي القزاز على المتحلق الجنوبي، ومن ثم بلدة ببيلا فـبلدة حجيرة، وصولاً إلى «السيدة زينب».
وجرى إغلاق طريق حجيرة، الواقعة بعد ببيلا وقبل نحو كيلومتر واحد من «السيدة زينب»، بساتر ترابي ضخم يمنع دخول السيارات من مدخلها الشمالي، فيما يتمكن بصعوبة الأفراد والدراجات العادية والنارية من تجاوزه عبر جانبيه للوصول إلى منازلهم، حيث ارتفاع الساتر أقل مما هو عليه في المناطق الأخرى، بينما تقوم عناصر مسلحة غير معروفة التبعية موجودة خلف الساتر بالتدقيق بشكل كبير في البطاقات الشخصية للمارة.
ومنذ فتح طريق ببيلا - حجيرة - «السيدة زينب»، بعد سيطرة الحكومة السورية على بلدات ببيلا ويلدا وبيت سحم صيف 2018، من خلال اتفاق «مصالحة» برعاية روسية، تم وضع حاجز لعناصر من «إدارة المخابرات العامة» على مدخل حجيرة الشمالي (قبل الساتر الجديد بعشرات الأمتار)، وهو لا يزال موجوداً، لكن عمل عناصره متوقف مع عدم مرور سيارات من الطريق.
ولم يقتصر الأمر على إغلاق الطريق الرئيسي، إنما جرى إغلاق مداخل الجادات الفرعية في البلدة بسواتر ترابية عالية، وإبقاء اثنتين إلى ثلاث مفتوحة فقط، وهي تؤدي إلى مقرات إيرانية، مع تزايد لافت في الطريق الرئيسي والطرق الفرعية لصور الرئيس بشار الأسد، وصور أخرى تجمعه مع شقيقه قائد الفرقة الرابعة ماهر الأسد، وأمين عام ميليشيا «حزب الله» حسن نصر الله.
ويتحدث مصدر محلي لـ«الشرق الأوسط» عن أن أهالي حجيرة فوجئوا بالساتر، ومنع مرور أصحاب السيارات للوصول إلى منازلهم، وحصر الدخول إلى المنطقة بالسيارات من «مفرق المستقبل»، على طريق مطار دمشق الدولي. ويقول: «لا أحد يعرف الأسباب، ومن قام بذلك. بعضهم يتحدث عن حصول خلافات بين الجهتين بعد اعتداء عناصر من الميليشيات الشيعية على آخرين من الأمن و(الرابعة)، ما دفع الأمن و(الرابعة) إلى إغلاق الطريق، وبعضهم يقول إن الميليشيات هي من قامت بإغلاق المنطقة من أجل تعزيز نفوذها وسيطرتها» على المنطقة.
مصدر آخر يلفت لـ«الشرق الأوسط» إلى استياء كبير في أوساط عناصر الأمن والفرقة الرابعة من «ابتلاع إيران وميليشياتها للمنطقة»، ويقول: «بنوا مجمعاً ضخماً على مساحات شاسعة في شمال حجيرة، بحجة أنه (مجمع ثقافي - رياضي - ترفيهي)، ولهم أيضاً ثكنة كبيرة في جنوبها، وهم يواصلون شراء المنازل»، ويضيف: «هم يتصارعون والأهالي تدفع الثمن، بالعناء للذهاب إلى أعمالهم ومدارسهم، وتأمين مستلزماتهم».
ويذكر أصحاب سيارات يدخلون إلى «السيدة زينب» عبر «مفرق المستقبل» لـ«الشرق الأوسط» أنه بعد أن كانت الميليشيات الشيعية تهمين على الحاجز الموجود منذ زمن بعيد في المفرق، يوجد حالياً ثلاثة حواجز: الأول مشترك للميلشيات و«إدارة المخابرات العامة» والفرقة والرابعة، والثاني لـ«الأمن العسكري»، والثالث لـ«إدارة المخابرات العامة»، وهو آخر حاجز تمر منه السيارات قبل دخولها إلى السيدة زينب وحجيرة.
وذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، في بداية مايو (أيار) الحالي، أن الصراع متواصل منذ منتصف مارس (آذار) المنصرم بين الميليشيات الموالية لإيران من جهة، ومجموعات عسكرية من الفرقة الرابعة من جهة أخرى، في مناطق جنوب دمشق، وذلك على خلفية إغلاق الميليشيات الموالية لإيران بعض الطرقات الفرعية والرئيسية بالسواتر الترابية التي تصل منطقة السيدة زينب بمناطق ببيلا وحجيرة، ونشر مسلحيها على الطرقات التي أغلقتها لمنع حركة العبور منها، دون معرفة أسباب ودوافع إقدام الميليشيات الإيرانية على هذه الخطوة.
ونقل «المرصد» عن نشطاء أن الخلاف تصاعد من خلال قيام عناصر وقياديين من «حركة النجباء» العراقية بالاستيلاء على بعض المزارع والأبنية، والتمركز بها في المنطقة الواقعة بين ببيلا و«السيدة زينب»، بالتزامن مع قيام مجموعات من الفرقة الرابعة بمزاحمة «حركة النجباء»، والتمركز ببعض المواقع المحيطة بهم في المنطقة.
وتتخذ إيران منذ ما قبل اندلاع الحرب في سوريا، التي دخلت عامها الحادي عشر منتصف مارس (آذار) الماضي، من منطقة «السيدة زينب» معقلاً رئيسياً بسبب وجود مزار «السيدة زينب» الذي يؤمه آلاف الزوار من إيران والعراق ولبنان وأفغانستان وباكستان.
ومع بداية الحرب، اتخذت إيران من مسألة «الدفاع عن المقام» حجة لجذب المسلحين منها ومن أصقاع العالم إلى سوريا، إلى أن أصبحت تنتشر في سوريا ميليشيات إيرانية ومحلية وأجنبية تابعة لطهران يزيد عددها على 50 فصيلاً، ويتجاوز عدد مسلحيها 60 ألفاً.



مصر: مقتل طالب يثير قلقاً من انتشار «العنف» بالمدارس

وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)
TT

مصر: مقتل طالب يثير قلقاً من انتشار «العنف» بالمدارس

وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)

تجدد الحديث عن وقائع العنف بين طلاب المدارس في مصر، مع حادثة مقتل طالب في محافظة بورسعيد طعناً على يد زميله، ما أثار مخاوف من انتشاره، في ظل وقوع حوادث مماثلة بوقت سابق في محافظات مختلفة.

وشغلت المصريين خلال الساعات الماضية واقعة شهدتها مدرسة بورسعيد الثانوية الميكانيكية بمحافظة بورسعيد في مصر، الأحد، بعدما تداول مدونون «اتهامات عن تعدي طالب على آخر بسلاح أبيض ما أصابه بطعنة نافذة في القلب، أدت إلى وفاته».

وكشف وزارة الداخلية المصرية، الاثنين، ملابسات الحادث، مشيرة، في بيان، إلى أن عملية الطعن جاءت على خلفية مشاجرة نشبت بين الطالبين في فناء المدرسة، و«أنه بالانتقال وسؤال شهود الواقعة أفادوا بقيام طالب بالتعدي على المجني عليه بسلاح أبيض (مطواة) كانت بحوزته، فأحدث إصابته، ولاذ بالهرب بالقفز من أعلى سور المدرسة».

وعقب تقنين الإجراءات، وفق البيان، تم «ضبط مرتكب الواقعة بمكان اختبائه بالقاهرة، كما تم ضبط السلاح المستخدم في ارتكاب الواقعة».

وجاء التعقيب سريعاً من وزارة التعليم، حيث أكد الوزير محمد عبد اللطيف، أن «الوزارة لن تتهاون في اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان حماية أبنائها الطلاب، وتوفير بيئة تعليمية آمنة، وسلامة سير العملية التعليمية في جميع محافظات الجمهورية».

وشدد في بيان، الاثنين، على أنه «لن يتم القبول بتكرار مثل هذا الحادث، أو أي تجاوزات من قبل الطلاب أو المعلمين أو أي مسؤول، وأي تجاوز ستتعامل معه الوزارة بإجراءات صارمة وحازمة».

وكانت الوزارة، في أول رد فعل عقب الحادث، اتخذت إجراءات عاجلة ومشددة تضمنت إلغاء تكليف مديرة المدرسة، وتحويل جميع المسؤولين في المدرسة إلى الشؤون القانونية.

ويدرس نحو 25 مليون طالب وطالبة في مرحلة التعليم الأساسي في مصر، تضمهم 60 ألف مدرسة، بحسب بيانات وزارة التربية والتعليم.

الواقعة أثارت تفاعلاً، وأعادت الحديث عن جرائم مشابهة، منها ما شهدته محافظة سوهاج (صعيد مصر)، قبل أيام، من إصابة طالب بالصف الأول الثانوي بجرح قطعي بالرقبة إثر تعدي زميله عليه بسلاح أبيض «كتر» إثر مشادة كلامية لوجود خلافات سابقة بينهما، بحسب وسائل إعلام محلية.

وزارة التعليم المصرية تسعى لحماية الطلاب وتطبيق أسس وقواعد التربية السليمة (الشرق الأوسط)

وخلال يوليو (تموز) الماضي، أقدم طالب بالثانوية العامة في محافظة بورسعيد أيضاً، على طعن زميله داخل إحدى لجان امتحانات الثانوية العامة، بدعوى عدم السماح له بالغش منه. وتكررت الواقعة للسبب نفسه خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي، عندما طعن طالب ثانوي بالإسكندرية زميله بآلة حادة عقب الخروج من لجنة الامتحان لعدم تمكينه من الغش، حيث استشاط غضباً لعدم مساعدته.

ومن قبلها في شهر مارس (آذار)، قُتل طالب على يد زميله بسلاح أبيض «كتر» أمام مدرسة ثانوية بمحافظة القليوبية، بسبب معاكسة فتاة.

الخبير التربوي المصري، الدكتور حسن شحاتة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، يرجع مثل هذه الوقائع إلى «السلوك العدواني، الذي يكتسبه الطلاب من البيئة والمجتمع خارج المدرسة، من خلال مشاهدة التلفزيون وأفلام العنف، والألعاب العنيفة، وبالتالي ينقلونه إلى داخل المدرسة».

ولفت إلى أن «وقف هذا العنف مسؤولية مشتركة، فالأسرة عليها مهمة تجنيب الأبناء صور وأشكال السلوك العدواني، إلى جانب إفهام الطالب الخطأ من الصواب داخل المدرسة، والقوانين المنظمة للدراسة، والتشديد على الالتزام الأخلاقي داخل المؤسسة الدراسية، وكيف أنها مكان مقدس مثل دور العبادة».

ولا تمثل هذه الوقائع ظاهرة، وفق شحاتة، فهي «حوادث معدودة في ظل وجود 25 مليون طالب في مصر»، مبيناً أنه «مع ارتفاع كثافة الفصول، وعدم وجود أنشطة مدرسية مناسبة للتلاميذ، مما يؤدي إلى عدم تفريغ الشحنات الانفعالية لهم، وهنا يأتي دور المدرسة في إيجاد أنشطة في المدرسة رياضية وموسيقية وفنية، يمارسها الطلاب لتهذيبهم، مع وجود دور للمُعلم في تعليمهم السلوك السوي مع بعضهم البعض».

ويوضح الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة المصرية اليابانية، لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه الحوادث تعد «أعراضاً لتراجع النظام التعليمي»، وغياب «القيم التربوية».

ويلفت «صادق» إلى أن هذه الحوادث تعد امتداداً لإرث معروف بين الأسر تنصح به أطفالها، مثل عبارات: «لو حد ضربك في المدرسة اضربه» أو «خد حقك»، الذي معه «يقرر الطالب الاعتماد على نفسه في الحصول على حقه»، بينما الطبيعي، وفق صادق، عند تعرض الطالب لعنف أو تنمر «يشتكي للمعلم، ويرفع الأمر للإدارة لأخذ موقف ومعاقبة الطالب المعتدي؛ لكن مع غياب المعلم المؤهل وضعف إدارات المدارس، يغيب ذلك العقاب، وبالتالي نجد هذا العنف».