متحف «الحضارة المصرية» يجتذب السياح رغم الجائحة

‬يستقبل وفوداً من فرنسا وإسبانيا واليابان والصين

سياح أجانب في المتحف القومي للحضارة المصرية (وزارة السياحة والآثار المصرية)
سياح أجانب في المتحف القومي للحضارة المصرية (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

متحف «الحضارة المصرية» يجتذب السياح رغم الجائحة

سياح أجانب في المتحف القومي للحضارة المصرية (وزارة السياحة والآثار المصرية)
سياح أجانب في المتحف القومي للحضارة المصرية (وزارة السياحة والآثار المصرية)

يحظى المتحف القومي للحضارة المصرية بـ(الفسطاط)، باهتمام محلي ودولي لافت منذ افتتاحه في بداية الشهر الماضي بعد نقل المومياوات الملكية إليه من المتحف المصري بالتحرير. وشهد المتحف خلال الفترة الماضية توافد كثير من الزائرين المحليين، والسياح الأجانب إليه رغم جائحة «كورونا» وتداعياتها السلبية على قطاعي السياحة والسفر بمصر والعالم.
وأشاد مسؤولو المتحف القومي للحضارة المصرية باجتذابه الوفود السياحية من أوروبا وآسيا وأفريقيا. وقالت فيروز فكري، نائب الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف القومي للحضارة المصرية للإدارة والتشغيل، في بيان مساء أول من أمس: «زار المتحف عدد كبير من الأفواج السياحة من فرنسا وإسبانيا وأميركا والبرازيل ورومانيا واليابان والصين، والذين قاموا بجولات داخل قاعة العرض المركزي وقاعة المومياوات لمشاهدة روائع الحضارة المصرية العريقة، كما حرصوا على التقاط الصور التذكارية أمام اللوحات الدعائية الخاصة بموكب المومياوات الملكية والتي احتفظ بها المتحف تخليداً لهذه الاحتفالية الاستثنائية التي جذبت جميع دول العالم يوم 3 أبريل (نيسان) الماضي.
ونقلت مصر 22 مومياءً ملكية فرعونية من موقعها بمتحف التحرير بوسط العاصمة القاهرة إلى «متحف الحضارة»، في موكب «مبهر» و«مهيب» حظي باهتمام محلي وعالمي واسع.
وتضم قاعة المومياوات الملكية بمتحف الحضارة مومياوات من عصر الأسر الـ17، والـ18، والـ19، والـ20 من بينها 18 مومياء لملوك و4 مومياوات لملكات، ويبدأ سيناريو العرض بمومياء الملك سقنن رع، الذي بدأ حرب التحرير ضد الهكسوس، ثم مومياء أحمس الأول (طارد الهكسوس)، ثم (التحامسة) أو عائلة تحتمس، وملوك الرعامسة (عائلة رمسيس)، ويتضمن عرض تابوت الملك، ووضع لوحة من النحاس لكل ملك عليها صورته وألقابه الملكية، وإنجازاته وسبب وفاته، كما سيتم عرض تاريخ الملك ونتائج الأبحاث الطبية والأشعة المقطعية التي أُجريت للمومياء على شاشة إلكترونية. ويعود تاريخ اكتشاف المومياوات الملكية إلى عام 1881 عندما تم الكشف عن خبيئة الدير البحري، وعام 1898 عند الكشف عن خبيئة مقبرة الملك أمنحتب الثاني.
ورغم تداعيات جائحة «كورونا»، تسعى مصر لاجتذاب وتشجيع السياح لزيارة مصر من خلال افتتاح عدد من المتاحف الجديدة، على غرار «القومي للحضارة المصرية» و«المتحف الكبير» بميدان الرماية بالجيزة المقرر افتتاحه في نهاية العام الجاري.
وأطلقت مصر مبادرة لتنشيط السياحة الداخلية، في بداية العام الجاري، تضمنت تخفيض أسعار الإقامة بالفنادق، وتوحيد أسعار تذاكر الطيران الداخلي للمدن السياحية، وتخفيض أسعار تذاكر زيارة المتاحف والمناطق الأثرية بنسبة 50%.
وحصدت مصر المرتبة الأولى عالمياً بين الوجهات السياحية الأكثر طلباً خلال شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لاستقصاء الرأي الذي أجرته مجلة «Travel Inside» السويسرية المتخصصة في الشأن السياحي، واختارتها جريدة «التلغراف» البريطانية كأفضل الوجهات السياحية التي يمكن السفر إليها بعد رفع سياسة الإغلاق العام في المملكة المتحدة.
في سياق متصل، شاركت وزارة السياحة والآثار المصرية في المعرض السياحي الدولي (UITT) بالعاصمة الأوكرانية كييف أخيراً، لتعزيز الحركة السياحية الوافدة من أوكرانيا.
وأشار أحمد يوسف الرئيس التنفيذي لهيئة التنشيط السياحي، إلى أن «معرض UITT إحدى كبرى الفعاليات السياحية والمهنية الدولية في أوكرانيا»، مؤكداً أن «السوق الأوكرانية من أهم الأسواق السياحية لمصر، والتي شهدت تطوراً كبيراً من حيث حجم الحركة السياحية والأعداد الوافدة منها خلال السنوات القليلة الماضية، وأنها من أولى الأسواق التي شهدت تدفقاً سياحياً كبيراً إلى مصر منذ استئناف البلاد الحركة السياحية في يوليو (تموز) 2020».
وحسب بيان وزارة السياحة والآثار المصرية، مساء أول من أمس، فإن «الجناح المصري شهد إقبالاً ملحوظاً من زائري المعرض والمهتمين بالسياحة المصرية، وتم توزيع الهدايا العينية والنشرات السياحية المختلفة على رواد الجناح والرد على استفساراتهم بخصوص السياحة والسفر إلى مصر».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».