خيول ما قبل التاريخ وثور منقرض تلقت غذاءً مشتركاً

الباحثة أبيجيل كيلي تفحص إحدى العينات (جامعة سينسيناتي)
الباحثة أبيجيل كيلي تفحص إحدى العينات (جامعة سينسيناتي)
TT

خيول ما قبل التاريخ وثور منقرض تلقت غذاءً مشتركاً

الباحثة أبيجيل كيلي تفحص إحدى العينات (جامعة سينسيناتي)
الباحثة أبيجيل كيلي تفحص إحدى العينات (جامعة سينسيناتي)

درس باحثو جامعة سينسيناتي الأميركية أسنان خيول ما قبل التاريخ وثور البيسون في القطب الشمالي لمعرفة المزيد عن وجباتهم الغذائية، مقارنة بالأنواع الحديثة.
ويشير ما وجدوه إلى أن القطب الشمالي قبل 40 ألف عام حافظ على تنوع أوسع من النباتات التي دعمت الحيوانات الكبيرة والأكثر تنوعاً.
ودرس الباحثون خلال الدراسة التي نُشرت بالعدد الأخير من دورية «الجغرافيا القديمة وعلم المناخ القديم وعلم الأحياء القديمة»، اثنين من أكثر الحيوانات الكبيرة شيوعاً، والتي كانت تعيش ما بين 12 ألفاً و40 ألف عام فيما يعرف الآن بألاسكا، وهي الخيول وثور البيسون، وكلاهما انقرض بسبب تغير المناخ أو الصيد البشري أو مزيج من الاثنين معاً. وقامت طالبة الدكتوراه في جامعة كاليفورنيا والمؤلفة الرئيسية أبيجيل كيلي بعمل قوالب أسنان من عينات أحفورية تم الحصول عليها من متحف جامعة ألاسكا وأخضعت الأسنان الأحفورية لتحليل تآكل الأسنان لتقييم النظام الغذائي لهذه الحيوانات المنقرضة.
وتقول كيلي في تقرير نشره الموقع الإلكتروني لجامعة سينسيناتي أول من أمس «لأن الأطعمة لها قوام مختلف وتتفاعل مع سطح مينا الأسنان بطرق مختلفة، يمكننا النظر إلى أنظمة غذائية مختلفة».
وتظهر على أسنان الحيوانات الآكلة للنبات علامات تآكل مختلفة اعتماداً على نوع الطعام الذي تمضغه، ويعتبر العشب مادة كاشطة بشكل خاص؛ لأنه يحتوي على مادة السيليكا التي يمكن أن تتسبب في تآكل الأسنان بمرور الوقت، وبالعين المجردة تمتلك الحيوانات التي تأكل العشب أسناناً ذات ملامح تآكل أكثر حدة، وعند النظر إليها بالمجهر تظهر خدوشاً متوازية، أما الحيوانات التي تأكل القليل من العشب والمزيد من أوراق الأشجار والأعشاب والشجيرات لها أسنان أكثر قوة نسبيا مع وجود خدوش مجهرية أقل.
وجد الباحثون أن أنماط التآكل على أسنان البيسون بها خدوش أقل من ثور البيسون الحديث الذي يأكل العشب في الغالب، ولكنه أكثر خدوشا من البيسون الأوروبي، والذي من المحتمل أن يتغذى على المزيد من النباتات الخشبية.
وبالمثل، كان لخيول ما قبل التاريخ أسنانا تحمل أنماط تآكل مختلفة مقارنة بالخيول الحديثة؛ مما يشير إلى أن نظامها الغذائي كان يحتوي على عدد أقل من الأعشاب الكاشطة.
وربما كان البيسون والخيول التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ قد تناولت نظاماً غذائياً أكثر تنوعاً غنياً بالنباتات العشبية عريضة الأوراق مقارنة بالبيسون والخيول الحالية.
اقترحت الدراسة، أن القطب الشمالي كان يحتوي على مزيج من الغطاء النباتي أوسع مما هو موجود اليوم.
ويقول جوشوا ميللر، الأستاذ المساعد في جامعة كاليفورنيا «يبدو أن غذاء البيسون والخيول لم يكن مختلفاً إلى هذا الحد، كانوا يأكلون أطعمة ذات قوام متشابه، لكن علم وظائف الأعضاء مختلف تماماً؛ فالبيسون عبارة عن تخمير أمامي يهضم الطعام بشكل مختلف مقارنة بمخمرات الأمعاء الخلفية مثل الخيول، لذلك هناك احتمال لأن تحصل الأنواع على مستويات مختلفة من التغذية من الطعام نفسه».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».