حمدوك: لن يهدأ لنا بال حتى تحقيق العدالة

النيابة السودانية تطالب بتسليم أفراد الجيش المتورطين في قتل متظاهرين

رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك (أ.ف.ب)
TT

حمدوك: لن يهدأ لنا بال حتى تحقيق العدالة

رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك (أ.ف.ب)

أكد رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، أمس، أن الحكومة لن يهدأ لها بال حتى تتوصل إلى الحقيقة والعدالة، في إشارة منه إلى الأحداث التي أدت إلى مقتل اثنين وجرح عشرات بالذخيرة الحية في محيط قيادة الجيش السوداني في الخرطوم الثلاثاء الماضي، أثناء إفطار جماعي نظمته أسر ضحايا «مجزرة اعتصام القيادة» في يونيو (حزيران) 2019.
ولا تزال تداعيات الأحداث تلقي بظلالها على الأوضاع السياسية في البلاد، إذ تطالب الحكومة وأجهزتها العدلية، الجيش بالتعاون لتوقيف المسؤولين من قواته في الأحداث، فيما تشهد أحياء متفرقة بالخرطوم مظاهرات وإغلاقاً للشوارع بالمتاريس احتجاجاً على قتل متظاهرين سلميين.
وقال حمدوك، في خطاب للشعب السوداني بمناسبة عيد الفطر، أمس: «كان الرجاء أن يأتي هذا العيد والنهضة الشاملة، في طور التحقق، والاستقرار قد اكتملت ملامحه أو كادت، لكن تجدد حزننا بحادث 29 رمضان المؤسف». وأضاف: «رغم حرصنا على تحقيق مبدأ الفصل في السلطات لترسيخ المؤسسية في الدولة، فإن الواجب يحتم علينا أن نحرص على قيام المؤسسات بواجباتها في مواقيتها، فالعدالة التي تتأخر تتحول إلى ظلم».
ودعا المؤسسات العدلية إلى «أن تعي الظرف الذي تمر به البلاد وحساسية الملفات التي بحوزتها». وشدد على «ضرورة إصلاح المؤسسات الأمنية لتؤدي واجبها في حماية الوطن والدستور والديمقراطية».
وفي سبتمبر (أيلول) 2019، شكّل رئيس الوزراء لجنة مستقلة للتحقيق في فض الاعتصام، برئاسة القانوني نبيل أديب. وتواجه اللجنة انتقادات حادة من الشارع لعدم الانتهاء من التحقيقات والتحريات وتقديم الملفات إلى المحكمة.
وأعلنت النيابة العامة أنها دفعت بخطاب رسمي للجيش لتسليمها المتورطين في أحداث الثلاثاء الماضي. وشيّع آلاف، مساء أول من أمس، بمقابر «البكري» في أم درمان، جثمان قتيل الأحداث عثمان أحمد، وطالبوا بتوقيف القوة المسؤولة وتقديمها للمحاكمة.
وطالب النائب العام تاج السر الحبر، الجيش بتسليم الأشخاص الذين أطلقوا النار والذين أمروا بذلك، وتسليم الأسلحة لاستكمال إجراءات التحري وتقديم المتهمين للمحاكمة. واعتبر استخدام أي قوة من دون إذن النيابة خروجاً على القانون. وأشار إلى أن تجمع إحياء الذكرى الثانية لفض اعتصام القيادة «كان سلمياً، ولم تخرج عنه أي إشارات إلى عنف أو احتكاكات».
وأوضح النائب العام أن «التحريات كشفت عن أشخاص يرتدون زي القوات المسلحة يطاردون المتظاهرين بعد انفضاض الفعالية الاحتفالية، وأسفر ذلك عن مقتل اثنين وإصابة عشرات».
وكادت الأحداث تخلق أزمة بين الحكومة المدنية برئاسة حمدوك، والمكون العسكري في مجلس السيادة الانتقالي، بصفتهم قادة الجيش. وأعلن الجيش تشكيل لجنة تحقيق في الأحداث، مؤكداً «تعاونه مع الجهات العدلية والقانونية للوصول للحقائق وتقديم كل من يثبت تورطه في هذه الأحداث للعدالة».
وكشف وزير الدفاع إبراهيم ياسين في تقريره أمام مجلس الوزراء، مساء أول من أمس، عن وضع كل المتهمين بإطلاق الأعيرة النارية من منسوبي القوات المسلحة تجاه المتظاهرين السلميين قيد الإيقاف، تمهيداً لتسليم مرتكبي الجريمة للعدالة خلال أيام.
وعلى إثر الأحداث، قرر رئيس الوزراء استدعاء اللجنة الوطنية المستقلة للتحقيق في فض الاعتصام في 3 يونيو 2019، في الاجتماع المقبل لمجلس الوزراء، لمساءلتها عن سير عملها ومطالبتها بتحديد سقف لإنهاء التحقيق. ودعا إلى عقد اجتماع عاجل لمجلسي السيادة والوزراء، بحضور النائب العام ورئيسة السلطة القضائية، بغرض مراجعة عملهما واتخاذ «إجراءات عميقة وناجعة».
وشدد حمدوك على أهمية استكمال المشاورات مع مختلف الأطراف لتشكيل مفوضية العدالة الانتقالية بسقف زمني أقصاه أسبوع، موجهاً وزارة العدل للانتهاء من مسودة قانون الأمن الداخلي. كما دعا مجلس الوزراء إلى عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن والدفاع لمراجعة الوضع الأمني في البلاد، والوقوف على وضع الترتيبات الأمنية وأهمية البدء في اتخاذ خطوات عملية في هذا الملف. وتطالب أحزاب التحالف الحاكم في السودان، بوضع الأجهزة النظامية والمسلحة تحت سيطرة الحكومة المدنية.



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).