المعارضة اللبنانية تتحصن بالانتخابات لإسقاط التمديد لرئيس الجمهورية والبرلمان

TT

المعارضة اللبنانية تتحصن بالانتخابات لإسقاط التمديد لرئيس الجمهورية والبرلمان

يقف لبنان الرسمي عاجزاً أمام استمرار انحلال مؤسسات الدولة وإداراتها، الذي بلغ ذروته في الآونة الأخيرة ويكاد يؤدي إلى تعطيلها وتوقفها عن تقديم الخدمات الضرورية للبنانيين، لو لم يبادر أصحاب الأيادي الخيرة إلى جمع التبرعات المالية لمنعها من التوقف عن العمل بسبب عدم تأمين مادة المازوت لتشغيل أجهزة الكومبيوتر بالاستعانة بمولدات الكهرباء بعد أن تعذر تأمينها من الشركات التي تتولى تزويدها بهذه المادة لرفضها سداد ما يتوجب على الدولة بحوالات مالية وإصرارها على تسديدها نقداً.
وكشف مصدر نيابي لـ«الشرق الأوسط» عن أن أصحاب الأيادي الخيّرة تنادوا وقاموا بجمع الأموال لشراء مادة المازوت لسيارات الدفاع المدني للقيام بأعمال الإغاثة وإطفاء الحرائق في عدد من المناطق اللبنانية، وقال إن انحلال مؤسسات الدولة كاد يطال وزارات أساسية لو لم تتأمّن الأموال لتشغيلها، خصوصاً تلك المعنية بتوفير الحد الأدنى من الخدمات للبنانيين، فيما تغرق حكومة تصريف الأعمال في غيبوبة قاتلة وتبقى عاجزة عن توفير التغطية المالية لرفع الدعم والاستبدال به خطة لترشيده لن ترى النور على الأقل في المدى المنظور.
ولفت المصدر نفسه إلى أن ما ينسحب على حكومة تصريف الأعمال ينطبق على رئيس الجمهورية ميشال عون وبنسبة أقل على المنظومة السياسية، فيما يتدحرج البلد إلى مزيد من السقوط، وقال إن «تدارك سقوط لبنان في حالة من الفوضى وما يمكن أن يترتب عليه من فلتان أمني يصعب السيطرة عليه رغم مبادرة القوى الأمنية إلى اتخاذ رزمة من التدابير الاستباقية لاستيعاب ردود الفعل بعد أن أخذ الجوع يدق أبواب اللبنانيين، لا يعالج بإقحام البلد في لعبة شراء الوقت كما يحلو للتيار السياسي المحسوب على رئيس الجمهورية، فيما انسداد الأفق أمام الوصول إلى تسوية يحاصر المنظومة السياسية».
ورأى أن «لعبة شراء الوقت لن تكون لمصلحة عون قبل الآخرين، في ظل تعثّر المحاولات الرامية لإحداث اختراق للأزمة المستفحلة يبدأ بإعادة الروح إلى المشاورات لتشكيل (حكومة مهمة) بعد أن اصطدمت بحائط مسدود»، وقال: «لم يعد جائزاً التضحية بالبلد لمصلحة أشخاص؛ وتحديداً للحسابات السياسية لرئيس (التيار الوطني الحر) النائب جبران باسيل».
وعدّ المصدر نفسه أن «معظم الدول تضحي بالأشخاص لمصلحة إنقاذ بلدانها، فيما يحصل في لبنان بخلاف ذلك (كرمال عيون) باسيل»، وقال إنه «لم يعد من همّ لعون سوى الحفاظ على استمرارية إرثه السياسي المتمثل في صهره الذي يحتجز التوقيع على مراسيم تشكيل (حكومة مهمة) بغطاء مباشر من (العهد القوي) الذي قارب على نهايته من دون أن يحقق ما تعهد به من وعود ظلّت حبراً على ورق».
وقال إن «إصرار عون على شراء الوقت لن يبدّل من واقعه السياسي المأزوم بعد أن خرج رئيس المجلس النيابي نبيه بري عن مراعاته وقرر الانتقال إلى الضفة الأخرى التي تتموضع فيها قوى المعارضة رغم أنها تواجه مشكلة في إعادة ترميم صفوفها»، وأكد أن البيان الأخير للمكتب السياسي لـ«حركة أمل» كان بمثابة «إنجاز معاملات الطلاق السياسي بين بري وعون الذي يتهمه بالانحياز إلى جانب الرئيس المكلف سعد الحريري مما يفقده القدرة على القيام بدور الوسيط».
فرئيس البرلمان - كما يقول المصدر النيابي - «كان وراء توفير الغطاء السياسي للبيان الذي صدر عن قيادة (أمل) بعد أن نفد صبره وفقد الأمل في تنعيم موقف عون للإفراج عن الحكومة في مقابل المرونة التي أبداها الحريري؛ سواء لجهة موافقته على توسيع الحكومة برفع عدد الوزراء من 18 إلى 24 وزيراً، وبالنسبة إلى تفويض بري للبحث عن صيغة وسطية لفض النزاع القائم حول وزارتي الداخلية والعدل».
وعدّ أن «بري أطلق مبادرة إنقاذية بمواصفات خريطة الطريق التي حددها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإنقاذ لبنان»، وقال إنه «راهن على حليفه (حزب الله) لإقناع حليفيه عون وباسيل بضرورة السير فيها، لكنه أخفق في إقناعهما من دون أن يتبنّى وجهة نظرهما لمعرفته المسبقة بعدم قدرته على تسويقها محلياً وعربياً ودولياً، وبالتالي آثر الانسحاب لئلا يصطدم بحليفيه نظراً لحاجته إليهما لغياب الحليف المسيحي البديل».
وسأل: «على ماذا يراهن عون؟ وهل لديه من ترف الوقت الذي يتيح له اختلاق (المعجزات) لدفع الحريري للاعتذار عن تأليف الحكومة؟ وماذا سيقول لتبرير عدم موافقته على مبادرة بري التي لقيت تأييداً عربياً ودولياً؟». وقال إن «بري من خلال البيان الناري لـ(حركة أمل) أراد تمرير رسالة بوقوفه إلى جانب الحريري».
وتوقّف المصدر النيابي أمام «ما يتردد من أن الرئيس نجيب ميقاتي هو الآن أوفر حظاً لتولّي رئاسة الحكومة خلفاً للحريري»، ودعا إلى «الكف عن إقحام البلد في حرتقات سياسية لا أساس لها من الصحة»، وعزا الأمر إلى أن ميقاتي ليس في وارد الدخول في مبارزة يروج لها فريق معين في محاولة لصرف النظر عن التمسّك بالحريري، وصولاً لإيحائه بأن رؤساء الحكومات السابقين يقفون الآن على مفترق طريق، وأن بوادر الانشقاق بدأت تلوح في الأفق، وإلا لم يكن ميقاتي مضطراً للقول في لقاء طرابلس إن اعتذار الحريري عن تأليف الحكومة انتحار سياسي.
وفي هذا السياق، كشف رئيس حكومة سابق، فضّل عدم الكشف عن اسمه، لـ«الشرق الأوسط» عن أنه لا صحة لما أشيع بأن مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط، ديفيد هيل، صارح ميقاتي في مأدبة الإفطار التي أقامها في دارته في مسألة ترشّحه لرئاسة الحكومة خلفاً للحريري.
وأكد أن هيل لم يتطرق لمسألة ترشح ميقاتي الذي لا يزال على موقفه بدعم الحريري، وكان أدلى بأكثر من موقف حمّل فيه عون ومن معه مسؤولية تعطيل تشكيل الحكومة والانقلاب على الأصول الدستورية، وقال إن الحريري كان أبدى استعداده لعزوفه عن التكليف لمصلحة ميقاتي، لكن الأخير ليس في هذا الوارد، وقال كلاماً صريحاً لا شبهة فيه وبشهادة من رؤساء الحكومات في أحد اجتماعاتهم التي يعقدونها للتداول في أزمة تشكيل الحكومة.
لذلك، فإن تمديد شراء الوقت الذي يراهن عليه عون لن يكون مديداً، وبات عليه أن يستعد منذ الآن - كما يقول المصدر النيابي - لمواجهة مروحة من الاعتراضات السياسية الواسعة تأخذ على عاتقها الإصرار على إجراء الانتخابات النيابية في ربيع 2022 لانتخاب مجلس نيابي جديد من أولى مهامه انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلفاً لعون، وهذا ما شددت عليه «أمل» في إصرارها على إنجاز الاستحقاق النيابي في موعده في رسالة هي الأولى من نوعها لمن يتذرّع بالتمديد للبرلمان لتبرير تلازمه مع بقاء عون في بعبدا.
ويضيف أن وجود صعوبة في إعادة توحيد «قوى 14 آذار» أو في تشكيل جبهة معارضة، لن يكون عائقاً أمام قيام معارضة واقعية، حتى إذا استحال عليها أن تتشكل، تلتقي حول بند وحيد بعدم التمديد للبرلمان لقطع الطريق على الفريق السياسي المحسوب على عون الذي أعد مطالعات «دستورية» تحت عنوان أن التمديد للبرلمان يجب أن ينسحب على رئيس الجمهورية لتفادي وقوع البلد في فراغ رئاسي.
ويؤكد أنه «على عون أن يعيد النظر في حساباته إذا كان يعتقد أن الظروف السياسية ستكون مواتية لاستنساخ تجربته عام 1989 عندما حاول منع انتخاب رئيس جديد خلفاً للرئيس أمين الجميل، لكنه اضطر للخروج من بعبدا واللجوء إلى السفارة الفرنسية تحت ضغط العملية العسكرية التي نفذها الجيش السوري، ومنها انتقل إلى باريس».



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.