السياسة تتسلل إلى حفلة الأوسكار.. عبر خطابات الفائزين

جيمس سكوتشدوبول وشون بين واليخاندرو غونزاليس إيناريتو وجون ليشر يأخذون صورة للصحافة  بعد اخذ جوائزهم في الأوسكار (أ.ب)
جيمس سكوتشدوبول وشون بين واليخاندرو غونزاليس إيناريتو وجون ليشر يأخذون صورة للصحافة بعد اخذ جوائزهم في الأوسكار (أ.ب)
TT

السياسة تتسلل إلى حفلة الأوسكار.. عبر خطابات الفائزين

جيمس سكوتشدوبول وشون بين واليخاندرو غونزاليس إيناريتو وجون ليشر يأخذون صورة للصحافة  بعد اخذ جوائزهم في الأوسكار (أ.ب)
جيمس سكوتشدوبول وشون بين واليخاندرو غونزاليس إيناريتو وجون ليشر يأخذون صورة للصحافة بعد اخذ جوائزهم في الأوسكار (أ.ب)

تسللت السياسة إلى الأوسكار في حفل يوم الأول من أمس. لم تحدث ضجة كبيرة، ولا اهتزت القاعة إعجابا أو رفضا، لكن قدرا من الاهتمام بالحال السائد في هوليوود برز إلى السطح بداية من مقدم فقرات الحفل الممثل نيل باتريك هاريس الذي انتقد غياب ترشيح مواهب أميركية من أصول أفريقية:
بدأ نيل باتريك هاريس بتوبيخ الأكاديمية على ترشيحاتها. وقال مازحا: «الليلة نكرم أفضل العاملين في هوليوود وأكثرهم بياضا»، ثم قال: «آسف أقصد ألمعهم». كانت هذه تبدو دعابة نوعا ما، ولكن على مدار حفلات الأوسكار التي بدأت منذ 87 عاما، وفوز أكثر من 2900 مرشح، فإن 31 فنانا فقط من أصحاب البشرة السوداء هم من تمكنوا من الفوز بالأوسكار. وهذا العام، لم تشمل قائمة الترشيحات أي مرشح من أقلية عرقية. كما أن جميع المرشحين لجائزة أوسكار أفضل مخرج كانوا رجالا. ووصف النقاد أوسكار هذا العام بأنه «الأكثر بياضا» و«الأكثر رجولة» منذ أعوام، كما دعوا المواطنين لمقاطعة الأوسكار للمطالبة بمزيد من التنوع في هوليوود.
ويذكر أن المخرج الأميركي من أصل أفريقي ستيف ماكوين قد فاز العام الماضي بجائزة أوسكار أفضل مخرج عن فيلم «12 عاما في العبودية»، الذي فاز بثلاث جوائز شملت أيضا أفضل فيلم وأفضل ممثلة مساعدة للممثلة لوبيتا نيونغ.
ولكن الانتقادات اندلعت هذا العام عقب عدم ترشيح نجم فيلم «سيلما» ديفيد أويلو ومخرجته إيفا دوفيرناي لأي جوائز، ولكن تم ترشيح الفيلم لجائزة أوسكار أفضل فيلم. وتساءلت دوفيرناني في حوار مع برنامج «ديموكرسي ناو» عن سبب ترشيح الأفلام التي يصنعها أصحاب البشرة البيضاء والتي تدور حولهم للأوسكار دون غيرهم. وكانت دراسة أجرتها صحيفة لوس أنجليس تايمز عام 2012 قد أظهرت أن أكاديمية العلوم والفنون السينمائية الأميركية، التي تمنح الأوسكار، يغلب عليها أصحاب البشرة البيضاء بنسبة 94 في المائة والرجال بنسبة 77 في المائة ونسبة 3 في المائة من أصحاب البشرة السوداء. هو عاد إلى ذلك الغياب على نحو عارض عندما ذكر اسم الممثل الأسود ديفيد أيولوو، بطل فيلم «سلما» الذي تنافس على أوسكار أفضل فيلم، لكنه انتهى بأوسكار ثانوي، فصفق الحاضرون في القاعة. هنا سخر منهم قائلا: «آه طبعا، الآن أنتم معجبون به».
المخرجة لورا بواترا، التي نالت أوسكار أفضل فيلم تسجيلي عن عملها حول إدوارد سنودن «سيتيزين فور»، تقدمت بالشكر الوجيز على المنصة حينما تسلمت الأوسكار لكنها انتظرت حتى تتحدث إلى الصحافة في غرفة المقابلات قبل أن تقول إن هدف فيلمها هذا كان التركيز على شخص سنودن، الذي كشف ملفات واشنطن السياسية السرية قبل عدة أعوام. عندما تتاح لك معرفته عن كثب تدرك أن دوافعه كانت خالصة وحقيقية. وحالما تدرك ذلك تفهم أن هناك أناسا يريدون الإسهام في تغيير المجتمع إلى الأفضل.
عدا ذلك، فإن ما تعتبره بعض المواقع سياسة، ونعرفه كشؤون اجتماعية واقتصادية وسلوكية، تم تداوله عند قبول بعض الجوائز الأخرى، كحديث المخرج المكسيكي أليخاندرو غونزاليس إيناريتو عن مكسيك أخرى يتمناها أو كحديث كاتب سيناريو «لعبة المحاكاة» غراهام مور عن ضرورة أن يحافظ «المختلفون» على عزمهم للوصول إلى تحقيق آمالهم، أو كحديث الممثل إيدي ردماين، مهديا جائزته لكل الذين يعانون من مرض الشلل العصبي كما حال موضوع فيلمه العالم الفيزيائي ستيفن هوكنز.
الممثلة باتريشا أركيت، على سبيل المثال أيضا، تحدثت عن عدم المساواة في الأجور بين الممثلين والممثلات وطالبت بتعديل الوضع.
بخروج «تومبكتو»، للمخرج الموريتاني عبد الرحمن سيساكو، الذي يدور حول تمدد الإسلام المتطرف، بلا جائزة، وخروج فيلم «قناص أميركي» لكلينت إيستوود بجائزة ثانوية بموضوعه الذي يتناول الحرب العراقية، لم يكن هناك مجال لطرح أي من الموضوعين، وبالتالي غابت القضايا السياسية الحقيقية عن تبوؤ الساحة. ترى ما الذي أعده كل من هذين المخرجين من خطاب حول موضوعهما؟ الغالب أننا لن نعرف الجواب على ذلك.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».