تسللت السياسة إلى الأوسكار في حفل يوم الأول من أمس. لم تحدث ضجة كبيرة، ولا اهتزت القاعة إعجابا أو رفضا، لكن قدرا من الاهتمام بالحال السائد في هوليوود برز إلى السطح بداية من مقدم فقرات الحفل الممثل نيل باتريك هاريس الذي انتقد غياب ترشيح مواهب أميركية من أصول أفريقية:
بدأ نيل باتريك هاريس بتوبيخ الأكاديمية على ترشيحاتها. وقال مازحا: «الليلة نكرم أفضل العاملين في هوليوود وأكثرهم بياضا»، ثم قال: «آسف أقصد ألمعهم». كانت هذه تبدو دعابة نوعا ما، ولكن على مدار حفلات الأوسكار التي بدأت منذ 87 عاما، وفوز أكثر من 2900 مرشح، فإن 31 فنانا فقط من أصحاب البشرة السوداء هم من تمكنوا من الفوز بالأوسكار. وهذا العام، لم تشمل قائمة الترشيحات أي مرشح من أقلية عرقية. كما أن جميع المرشحين لجائزة أوسكار أفضل مخرج كانوا رجالا. ووصف النقاد أوسكار هذا العام بأنه «الأكثر بياضا» و«الأكثر رجولة» منذ أعوام، كما دعوا المواطنين لمقاطعة الأوسكار للمطالبة بمزيد من التنوع في هوليوود.
ويذكر أن المخرج الأميركي من أصل أفريقي ستيف ماكوين قد فاز العام الماضي بجائزة أوسكار أفضل مخرج عن فيلم «12 عاما في العبودية»، الذي فاز بثلاث جوائز شملت أيضا أفضل فيلم وأفضل ممثلة مساعدة للممثلة لوبيتا نيونغ.
ولكن الانتقادات اندلعت هذا العام عقب عدم ترشيح نجم فيلم «سيلما» ديفيد أويلو ومخرجته إيفا دوفيرناي لأي جوائز، ولكن تم ترشيح الفيلم لجائزة أوسكار أفضل فيلم. وتساءلت دوفيرناني في حوار مع برنامج «ديموكرسي ناو» عن سبب ترشيح الأفلام التي يصنعها أصحاب البشرة البيضاء والتي تدور حولهم للأوسكار دون غيرهم. وكانت دراسة أجرتها صحيفة لوس أنجليس تايمز عام 2012 قد أظهرت أن أكاديمية العلوم والفنون السينمائية الأميركية، التي تمنح الأوسكار، يغلب عليها أصحاب البشرة البيضاء بنسبة 94 في المائة والرجال بنسبة 77 في المائة ونسبة 3 في المائة من أصحاب البشرة السوداء. هو عاد إلى ذلك الغياب على نحو عارض عندما ذكر اسم الممثل الأسود ديفيد أيولوو، بطل فيلم «سلما» الذي تنافس على أوسكار أفضل فيلم، لكنه انتهى بأوسكار ثانوي، فصفق الحاضرون في القاعة. هنا سخر منهم قائلا: «آه طبعا، الآن أنتم معجبون به».
المخرجة لورا بواترا، التي نالت أوسكار أفضل فيلم تسجيلي عن عملها حول إدوارد سنودن «سيتيزين فور»، تقدمت بالشكر الوجيز على المنصة حينما تسلمت الأوسكار لكنها انتظرت حتى تتحدث إلى الصحافة في غرفة المقابلات قبل أن تقول إن هدف فيلمها هذا كان التركيز على شخص سنودن، الذي كشف ملفات واشنطن السياسية السرية قبل عدة أعوام. عندما تتاح لك معرفته عن كثب تدرك أن دوافعه كانت خالصة وحقيقية. وحالما تدرك ذلك تفهم أن هناك أناسا يريدون الإسهام في تغيير المجتمع إلى الأفضل.
عدا ذلك، فإن ما تعتبره بعض المواقع سياسة، ونعرفه كشؤون اجتماعية واقتصادية وسلوكية، تم تداوله عند قبول بعض الجوائز الأخرى، كحديث المخرج المكسيكي أليخاندرو غونزاليس إيناريتو عن مكسيك أخرى يتمناها أو كحديث كاتب سيناريو «لعبة المحاكاة» غراهام مور عن ضرورة أن يحافظ «المختلفون» على عزمهم للوصول إلى تحقيق آمالهم، أو كحديث الممثل إيدي ردماين، مهديا جائزته لكل الذين يعانون من مرض الشلل العصبي كما حال موضوع فيلمه العالم الفيزيائي ستيفن هوكنز.
الممثلة باتريشا أركيت، على سبيل المثال أيضا، تحدثت عن عدم المساواة في الأجور بين الممثلين والممثلات وطالبت بتعديل الوضع.
بخروج «تومبكتو»، للمخرج الموريتاني عبد الرحمن سيساكو، الذي يدور حول تمدد الإسلام المتطرف، بلا جائزة، وخروج فيلم «قناص أميركي» لكلينت إيستوود بجائزة ثانوية بموضوعه الذي يتناول الحرب العراقية، لم يكن هناك مجال لطرح أي من الموضوعين، وبالتالي غابت القضايا السياسية الحقيقية عن تبوؤ الساحة. ترى ما الذي أعده كل من هذين المخرجين من خطاب حول موضوعهما؟ الغالب أننا لن نعرف الجواب على ذلك.
السياسة تتسلل إلى حفلة الأوسكار.. عبر خطابات الفائزين
السياسة تتسلل إلى حفلة الأوسكار.. عبر خطابات الفائزين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة