السودانيون يبحثون عن أسطوانات الأكسجين

مع انتشار الموجة الثالثة من الوباء

عامل يعد أسطوانات الأكسجين لمرضى «كوفيد – 19» في الخرطوم أمس (رويترز)
عامل يعد أسطوانات الأكسجين لمرضى «كوفيد – 19» في الخرطوم أمس (رويترز)
TT

السودانيون يبحثون عن أسطوانات الأكسجين

عامل يعد أسطوانات الأكسجين لمرضى «كوفيد – 19» في الخرطوم أمس (رويترز)
عامل يعد أسطوانات الأكسجين لمرضى «كوفيد – 19» في الخرطوم أمس (رويترز)

يجد السودان صعوبات في توفير الأسرّة بالمستشفيات والأدوية والأكسجين الطبي لمرضى «كوفيد – 19» الذين أصيبوا في الموجة الثالثة التي تضغط على نظام الرعاية الصحية المستنزف بالفعل في البلاد بما يفوق طاقته على الاحتمال. ويزيد سكان السودان على 40 مليون نسمة، وتم تسجيل 33000 إصابة وأكثر من 2600 وفاة منذ بداية الجائحة، لكن مسؤولين يقولون إن الأرقام الحقيقية أعلى من ذلك بكثير على الأرجح، نظراً لمعدلات المسح المنخفضة.
وفي الأسابيع الأخيرة، ترك النقص الحاد في الأكسجين المستشفيات عاجزة عن توفير الرعاية الكافية للمرضى. ويرجع هذا النقص في جانب منه إلى انقطاع التيار الكهربائي الذي يعرقل الإنتاج في المصنع الرئيسي بالبلاد. وحكت سيدة محمود (34 عاماً)، وهي من سكان الخرطوم، لوكالة «رويترز» عن اللحظات الأخيرة في حياة والدها. قالت وهي تبكي: «توفي أبي بسبب عدم وجود غرفة للعناية المركزة بها جهاز للتنفس الصناعي». وأضافت: «شاهدته أمامي وهو يحتضر لساعات ويعاني ويتألم من ضيق في التنفس حتى لفظ أنفاسه الأخيرة في الانتظار في أحد المستشفيات الحكومية في الخرطوم».
تعج وسائل التواصل الاجتماعي بالنداءات اليائسة بطلب المساعدة من أشخاص يبحثون عن أسرّة وأدوية وأسطوانات أكسجين لأحبائهم. ويقول المسؤولون إن نحو 300 جهاز تنفس صناعي متوفرة في البلاد، وهو عدد غير قريب على الإطلاق من المطلوب للتصدي لحالة الطوارئ الحالية. وأظهرت دراسة حكومية أن 38 في المائة من أسطوانات الأكسجين تم تهريبها من النظام الصحي لكي يستخدمها بعض المرضى في المنازل. وقام البعض برشوة موظفي المستشفيات مقابل الحصول على الأسطوانات، واعتمد آخرون على العلاقات الشخصية.
وقال منتصر عثمان، مدير الطوارئ الصحية ومكافحة الأوبئة بوزارة الصحة السودانية: «في فترة كورونا زي ما العالم كله عارف الإشكال الأساسي بيبقى في نقص الأكسجين. معظم المرضى اللي بيرقدوا في المستشفيات بيحتاجوا لأكسجين. حوجة الأكسجين كبيرة خلقت عجزاً في البداية، السودان حاول أن يعالجه عن طريق توفير سلندرات زيادة من الأكسجين».
وفي الشهر الماضي، قال مسؤولون إن السودان يمكنه تلبية 40 في المائة فقط من احتياجاته من الأدوية. ويوجد في البلاد 37 مستشفى يمكنها استقبال مرضى «كوفيد – 19»، لكن 11 منها فقط في العاصمة الخرطوم، رغم أن فيها أكثر من 70 في المائة من الحالات. وقال حسين ملاسي، مدير التطوير والجودة في شركة الهواء السائل السودانية المحدودة، إنه في ظل الظروف العادية، يمكن للشركة إنتاج ما يكفي من الأكسجين الطبي لتلبية احتياجات البلاد، لكنّ هناك نقصاً في الأسطوانات اللازمة لنقله.
وتقول السلطات إنها تعمل بشكل عاجل على تسهيل استيراد نحو 1250 أسطوانة أخرى لتلبية احتياجات المرضى. يعد نقص الأكسجين وأوجه القصور الأخرى في النظام الصحي عرضاً من أعراض مشكلة عميقة في السودان، الذي ظل يعيش في قيود أزمة اقتصادية لسنوات. وبعد انفصال الجنوب المنتج للنفط في 2011 وعقود من العزلة الدولية بسبب العقوبات الأميركية، تفتقر البلاد إلى الاحتياطيات الأجنبية اللازمة لشراء الأدوية والمستلزمات الطبية الأخرى من الخارج.
وتشكو السلطات من أن 160 ألفاً فقط تلقوا الجرعة الأولى من لقاح أسترازينيكا، وهو عدد أقل بكثير من 400 ألف الذي كان متوقعاً بحلول نهاية أبريل (نيسان)، بسبب الشكوك المنتشرة على نطاق واسع والمعلومات المضللة.



اليمن... 219 ألف إصابة بالكوليرا أغلبها في مناطق سيطرة الحوثيين

59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
TT

اليمن... 219 ألف إصابة بالكوليرا أغلبها في مناطق سيطرة الحوثيين

59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)

كشف تقرير أممي حديث عن أن حالات الكوليرا في اليمن ارتفعت إلى نحو 219 ألف حالة منذ مطلع العام الحالي، أغلب هذه الحالات تم تسجيلها في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، في حين استفاد أكثر من مليون شخص من خدمات توفير مياه الشرب النظيفة وخدمات الصرف الصحي المقدمة من الأمم المتحدة.

وأظهر تقرير مشترك صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة وكتلة المياه والصرف الصحي في اليمن، أنه تم الإبلاغ عن أكثر من 219 ألف حالة اشتباه بالإسهال المائي الحاد والكوليرا في معظم أنحاء البلاد خلال الفترة من 1 يناير (كانون الثاني) وحتى 20 أكتوبر (تشرين الأول)، وكانت أغلب هذه الحالات في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وتشكل ما نسبته أكثر من 80 في المائة من إجمالي الحالات المُبلَّغ عنها.

الحوثيون يواصلون التكتم على أعداد المصابين بالكوليرا (إعلام محلي)

وطبقاً لهذه البيانات، احتلت محافظة حجة قائمة المحافظات اليمنية في معدل حالات الإصابة بالوباء، حيث سُجل فيها نحو 35 ألف حالة، تلتها محافظة الحديدة بنحو 24 ألف حالة، ثم محافظة عمران التي سجلت 19 ألف حالة إصابة، ومن بعدها محافظتا إب وذمار بنحو 16 ألف حالة في كل واحدة منهما.

كما سجلت محافظة تعز 15 ألف حالة إصابة مشتبه بها، والعاصمة المختطفة صنعاء ومحافظتا الضالع والبيضاء بواقع 14 ألف إصابة في كل واحدة منها، في حين سجلت محافظة ريف صنعاء أكثر من 12 ألف إصابة، وسجلت محافظة صعدة المعقل الرئيسي للحوثيين 11 ألف إصابة، ومثل هذا العدد سُجل في محافظة المحويت الواقعة إلى الغرب من صنعاء، في حين سجلت بقية المحافظات 5 آلاف حالة.

وأظهر التقرير المشترك أن شركاء العمل الإنساني، وضمن جهود الاستجابة المشتركة لمواجهة تفشي وباء الكوليرا، تمكّنوا من الوصول إلى أكثر من مليون شخص بخدمات توفير المياه النظيفة والصرف الصحي ومستلزمات النظافة في 141 منطقة و128 موقعاً للنزوح الداخلي، منذ بداية العام.

شريان حياة

في تقرير آخر، أكد مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع أن الأحداث المناخية المتطرفة في اليمن خلقت عواقب مدمرة على المجتمعات الحضرية والريفية على حد سواء، وأن الطرق المقاومة للمناخ أصبحت شريان حياة للسكان، الذين يعانون بالفعل أزمة إنسانية مدمرة، حيث أدى مناخ البلاد شبه الجاف، إلى جانب الأحداث المناخية المتطرفة، إلى تفاقم نقاط الضعف القائمة.

وبيَّن المكتب أن تطوير البنية الأساسية المستدامة والمقاومة للمناخ والتي يمكنها تحمل الصدمات والضغوط المستقبلية بات أمراً ضرورياً لمعالجة الاحتياجات الهائلة للمجتمعات في جميع أنحاء البلاد.

الفيضانات ضاعفت معاناة سكان الريف في اليمن ودمَّرت طرقات وممتلكات (الأمم المتحدة)

وأوضح التقرير أنه من خلال مشروعين ممولين من قِبل مؤسسة التنمية الدولية التابعة للبنك الدولي، استجاب للتحديات الملحة المتمثلة في الأحداث المناخية المتطرفة المتزايدة الناجمة عن تغير المناخ في كل من المناطق الريفية والحضرية.

وذكر أن كثيراً من اليمنيين الذين يعتمدون على الزراعة في معيشتهم ومصدر غذائهم، أصبحوا أكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ، بما في ذلك ندرة المياه وأنماط هطول الأمطار غير المتوقعة وتآكل التربة، كما أن الفيضانات يمكن أن تقطع المجتمعات الريفية عن الخدمات الأساسية وتجعل من الصعب على المزارعين نقل منتجاتهم إلى الأسواق.

ولأن هذا المزيج، بحسب مكتب مشاريع الأمم المتحدة، أدى إلى انعدام الأمن الغذائي الشديد؛ فإن مكونات المشروع تستهدف إعادة تأهيل وتطوير 150 كيلومتراً من طرق الوصول الريفية، وبناء جسرين نموذجيين في مواقع استراتيجية ودعم صيانة 60 كيلومتراً من طرق الوصول إلى القرى و150 كيلومتراً من طرق الوصول الريفية من أجل ضمان الوصول الآمن والموثوق به إلى الأسواق والخدمات الاجتماعية والخدمات الأساسية للمجتمعات الريفية.

مشاريع الطرقات وفَّرت فرص عمل لعشرات الآلاف من اليمنيين (الأمم المتحدة)

ويركز المشروع على ترقية أسطح الطرق وتحسين الصرف واستخدام المواد الصديقة للمناخ، وإنشاء شبكة طرق يمكنها تحمُّل آثار تغير المناخ. بالإضافة إلى ذلك، يتم استخدام تقنيات تثبيت المنحدرات لمنع التآكل وحماية الطرق من الانهيارات الأرضية؛ مما يعزز مرونة البنية الأساسية الريفية.

ولتعزيز الاستدامة بشكل أكبر؛ يؤكد المكتب الأممي أنه يتم تنفيذ الأعمال من قِبل أكثر من 40 شركة محلية، وأن التدريب في بناء القدرات ونقل المعرفة ساعد حتى الآن في إيجاد نحو 400 ألف فرصة عمل، بما في ذلك 39 ألف فرصة للنساء.