ليبيا: المنقوش تجدد مطالبتها بخروج «المرتزقة»... والحكومة تنفي التحقيق معها

المنفي يلتقي أعيان مصراتة في أول ظهور إعلامي منذ الهجوم على مقره الرئاسي

صورة وزعها مكتب رئيس المجلس الرئاسي الليبي لاجتماعه بأعيان مصراتة وزليتن ليلة أول من أمس
صورة وزعها مكتب رئيس المجلس الرئاسي الليبي لاجتماعه بأعيان مصراتة وزليتن ليلة أول من أمس
TT

ليبيا: المنقوش تجدد مطالبتها بخروج «المرتزقة»... والحكومة تنفي التحقيق معها

صورة وزعها مكتب رئيس المجلس الرئاسي الليبي لاجتماعه بأعيان مصراتة وزليتن ليلة أول من أمس
صورة وزعها مكتب رئيس المجلس الرئاسي الليبي لاجتماعه بأعيان مصراتة وزليتن ليلة أول من أمس

نفت حكومة الوحدة الليبية، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، تشكيل لجنة للتحقيق مع وزيرة خارجيتها نجلاء المنقوش، التي جددت مطالبتها بـ«خروج القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية». وتزامن ذلك مع انقطاع التيار الكهربائي بشكل مفاجئ حينما كان الدبيبة يبشر طلابا جامعيين في العاصمة طرابلس بالثراء، في مشهد يعكس حجم المشاكل التي تعاني منها البلاد.
وجددت المنقوش خلال تفقدها المناطق الحدودية الجنوبية المطالبة بضرورة «خروج القوات الأجنبية والمرتزقة، سواء في الجنوب أو الغرب أو الشرق، من بلادنا، والتعاون معنا من خلال خطة زمنية ستضعها لجنة (5+5) بإشراف أممي، وفقا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة».
وأضافت المنقوش، وفقاً لنص كلمة وزعتها مساء أول من أمس: «نحن نعمل على تحرير قرارنا السيادي، والتجهيز لانتخابات حرة ونزيهة، خالية من ضغط السلاح والقوة»، موضحة أن «الليبيين لن يعملوا كحرس لحدود أوروبا، ولا يمكن أن تكون ليبيا معبرا للمعاناة والاضطهاد ضد إخواننا الأفارقة»، وطالبت الدول الأوروبية بضرورة التزامها باتفاقياتها الموقعة مع ليبيا، وشددت على أن أمنها واستقرارها «لا يكون إلا بإحكام السيطرة على الحدود وتأمينها، وليبيا لا تستجدي الدعم والتمويل، فهذه التزامات تعاقدية يجب الوفاء بها».
واعتبرت المنقوش، التي زارت معبر التوم الحدودي مع النيجر، أن الوضع في ليبيا اليوم «ليس كما هو قبل عشر سنوات»، وطالبت دول الجوار بـ«ضرورة وضع آليات إقليمية لمكافحة التهريب والهجرة، والاتجار بالبشر بصورة عاجلة». مؤكدة اعتزامها زيارة دول المنشأ للهجرة، والبلدان التي يقع مواطنيها ضحية للاتجار من أجل دعوتهم لتفاهمات ثنائية مع ليبيا، بهدف إعادة مواطنيهم بكرامة وإنسانية. موضحة أنها «سترفع إلى مجلس النواب مشروع قانون يشدد العقوبات على المهربين والمتاجرين بالبشر، بحيث تصبح العقوبات رادعة لكل الأطراف المتداخلة في التهريب». مشيرة في هذا السياق إلى «معاناة ليبيا كثيراً من عبور الجماعات المسلحة بجنسياتها المختلفة للحدود، وتوظيفها من أطراف الصراع الليبي».
وفيما نفت حكومة «الوحدة» اتخاذها أي قرار بتشكيل لجنة للتحقيق مع المنقوش، على خليفة إدلائها بتصريحات مناوئة للوجود العسكري التركي والمرتزقة في البلاد، وقالت إن ما تم تداوله بالخصوص «يعد مزورا وبعيدا عن الصحة»، تحدث رئيس الوزراء الليبي عن إنجازات حكومته في توفير الكهرباء ولقاح «كورونا» والسيولة، وقدم وعودا لطلاب جامعة طرابلس بتوفير الطائرات والسفن (الخاصة) للمواطنين. لكن في هذا التوقيت تحديدا انقطع التيار الكهربائي فجأة، ليستدرك مازحا: «انقطع التيار... أعطيته عينا أنا».
وكان الدبيبة قد تعهد في زيارته مساء أول من أمس إلى جامعة طرابلس بتسهيل ودعم استكمال المشاريع المتوقفة، بهدف تطوير الجامعة، والنهوض بالعملية التعليمية نحو الأفضل. مؤكدا أن هناك الكثير من مشاريع البنية التحتية التعليمية المتوقفة، دون أسباب حقيقية لسنوات طويلة، وقال بهذا الخصوص: «أعلم أن الخريجين عانوا من البطالة، وأن الطلاب عانوا من الكثير من التأخير في برنامج الدراسة، بسبب الوباء والحروب والمشاكل الأمنية، وأن الكثير منهم بذل جهودا مضاعفة ليساعد عائلته في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد، لكننا نعدكم بأن هذه الظروف ستتغير قريبا، فليبيا تملك الإمكانيات اللازمة لذلك».
إلى ذلك، وفي أول ظهور إعلامي له منذ اقتحام ميليشيات مسلحة مقر مجلسه الرئاسي بأحد فنادق طرابلس، اجتمع رئيس المجلس محمد المنفي، وعضو المجلس موسى الكوني بمجموعة من مشايخ وأعيان مدينتي مصراتة وزليتن في مدينة طرابلس.
وقال المنفي في بيان وزعه مكتبه في ساعة مبكرة من صباح أمس إن «الاجتماع ناقش أهمية لمّ شمل الليبيين، والمصالحة الوطنية التي تعتبر من أهم أهداف المجلس الرئاسي»، مشيراً إلى أن الحاضرين أعلنوا تأييدهم الكامل، ودعمهم اللامحدود للمجلس من أجل تحقيق الاستحقاقات القادمة، كما وجهوا ما وصفه بدعوة رسمية للمجلس الرئاسي بضرورة زيارة مدينتي زليتن ومصراتة قريبا.
من جهة أخرى، دخل جهاز المحاسبة الليبي على خط أزمة تعيين رئيس جديد لجهاز المخابرات الوطنية. وقال في رسالة وجهها إلى المنفي وأعضاء مجلسه الرئاسي، ردا على تكليف حسين العايب بمهام رئيس جهاز المخابرات، بدلاً من رئيسه الحالي عماد الطرابلسي، أحد قادة ميليشيات طرابلس، إن العائب «متورط بصفته رئيس مجلس إدارة شركة حكومية ومديرها العام، بالمشاركة مع آخرين في عملية غش وتحايل على الدولة الليبية، بقصد الحصول على عقود من جهاز تنفيذ مشروعات الإسكان والمرافق، تتجاوز قيمتها 800 مليون دينار لصالح شركة تركية».
وطالب الجهاز في الرسالة التي تم تسريبها مساء أول من أمس لوسائل إعلامية محلية و«حفاظا على مصلحة الدولة الليبية» باتخاذ «الإجراءات اللازمة بإعادة النظر في قرار تعيين العايب».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم