أبو خزام: عدم توافر الأموال الكافية التحدي الأكبر لعودة النازحين

وزير شؤون المهجرين الليبي قال إن هناك 3500 أسرة تقريباً من تاورغاء تركت ديارها

أبو خزام (حكومة الوحدة الوطنية)
أبو خزام (حكومة الوحدة الوطنية)
TT

أبو خزام: عدم توافر الأموال الكافية التحدي الأكبر لعودة النازحين

أبو خزام (حكومة الوحدة الوطنية)
أبو خزام (حكومة الوحدة الوطنية)

أعرب وزير الدولة لشؤون المهجرين وحقوق الإنسان في ليبيا، أحمد أبو خزام، عن أمله في أن يؤدي ابتعاد شبح الحرب واستقرار الأوضاع إلى إطلاق عملية إعادة إعمار مساكن المواطنين المهدمة، كي يتسنى للنازحين العودة إليها، مشيراً إلى مشاكل قد تعوق عودة بعضهم، مثل وجود الألغام ومخلفات الحرب في بعض أحياء العاصمة، وعدم توفر الأموال الكافية.
وقال أبو خزام في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن الموضوعية وإعلان الحقائق بدقة «يعد أمراً جوهرياً قبل إطلاق الوعود بتحسين حياة وأوضاع النازحين»، مبرزا أن الصراعات المسلحة منذ عام 2011 وحتى منتصف العام الماضي تقريباً، وسعت شريحة النازحين. مضيفا «مع كل حرب جديدة يولد الدمار والفوضى، ويفر الناس من مدنهم، ولا تكون هناك فرصة للمعالجة... وعدم توافر الأموال اللازمة لإعادة بناء المساكن المهدمة يعد التحدي أمام عودة أغلب النازحين».
ونوه أبو خزام إلى قرب إطلاق وزارته منظومة متكاملة لحصر أعداد النازحين والمهجرين داخل وخارج ليبيا، للوقوف على مطالبهم، بتعاون مع وزارة الحكم المحلي، ومركز المعلومات والاتصال برئاسة الوزراء، والسفارات الليبية بالخارج.
وبخصوص تضمين الميزانية العامة المقدمة من الحكومة إلى مجلس النواب بنداً يتعلق بتعويض النازحين بسبب تهدم منازلهم، قال أبو خزام إن هذا البند «يحتاج ميزانية خاصة نظراً لارتفاع حجم الضرر بعموم البلاد، ولا أعتقد أن الميزانية الحالية تتضمن التعويضات النهائية. كما أننا لا نزال في مرحلة الحصر، لكن ربما تتضمن الميزانية مبالغ أخرى لجبر الضرر، وأعمال الصيانة الجزئية».
في سياق ذلك، تطرق الوزير إلى وجود مشاكل أخرى تمنع عودة باقي النازحين، مثل زراعة الألغام، ومخلفات الحرب ببعض أحياء العاصمة، علما بأن العدد الأكبر من نازحين العاصمة عادوا إلى منازلهم. كما لفت إلى «معضلة أخرى تتطلب تفعيل المصالحة الوطنية أولاً، بسبب وجود خلافات بين بعض النازحين وجيرانهم أو مع أولياء الدم»، متابعاً: «نتوقع أن يكون للمفوضية العليا للمصالحة الوطنية دور في تسريع عودة هؤلاء النازحين».
وحول انطباعاته خلال زياراته الأخيرة إلى مخيمات النازحين، لم يخف الوزير قلقه البالغ بسبب ضعف مستوى الإجراءات الاحترازية من فيروس «كورونا»، كما هو الحال في مخيمات نازحي تاورغاء ببنغازي، قائلاً إن الإجراءات «ليست بالمستوى المطلوب إطلاقا، وتكاد تكون معدومة».
وأبدى الوزير تفهمه لشكاوى بعض النشطاء والحقوقيين الليبيين من تزايد الاهتمام بمدينة تاورغاء ونازحيها، مقارنة بملف المهجرين من الشرق وملفات باقي النازحين بالمدن الليبية، وأرجع ذلك إلى «تقادم أزمتها التي بدأت عام 2011 في ظل نزوح جميع سكانها، وذلك مقارنة بباقي المدن الليبية، التي اقتصر التهجير فيها على أحياء فقط لتعرضها للتدمير». وبهذا الخصوص أوضح الوزير أنه «جراء استمرار الصراعات طيلة الفترة الماضية، انشغل الجميع ولم تحل أزمة تاورغاء بشكل كامل، وإلى الآن توجد 3500 أسرة تقريباً من أهالي المدينة لم يعودوا إلى ديارهم، وهذا أكبر عدد للنازحين على مستوى البلاد، وبالتالي يحتاج وقفة من الدولة. لكننا في الوقت نفسه نسعى للاهتمام بالجميع».
من جهة ثانية، لفت أبو خزام إلى اللقاء الذي جمعه مؤخراً برئيس المفوضية العليا للانتخابات، عماد السائح، لمناقشة حقوق المشاركة السياسية للنازحين بهذا الاستحقاق، سواء كمرشحين أو ناخبين. وقال بخصوص وضعية حقوق الإنسان في ليبيا، إن هذا الملف «ثقيل وشائك، ويتطلب حكمة كبيرة في التعاطي معه»، مشيراً إلى أن وزارته، وإن كانت قد ركزت اهتمامها على تفقد أوضاع النازحين ومعالجة متطلباتهم قدر الإمكان، إلا أنها ستسعى خلال الفترة المقبلة للاهتمام بملف حقوق الإنسان بالتنسيق مع مختلف الوزارات المعنية. وقال إن الأولوية «ستكون للمواطنين ممن تعرضوا للاعتقال والاحتجاز القسري بالسجون التي تقع خارج سيطرة الدولة، بتعاون مع وزارة العدل، وكذلك الاهتمام بأوضاع المحتجزين من المهاجرين غير الشرعيين، وذلك بالتنسيق والتعاون مع وزارة الدولة لشؤون الهجرة». مشددا على أنه «لا يمكن القبول بهذه الانتهاكات، من احتجاز مواطنين دون محاكمات، وسجون خارج إطار الدولة، إلى جانب مراكز الاحتجاز للمهاجرين غير الشرعيين، وما يتردد عن سوء للأوضاع المعيشية داخلها، واحتجاز القصر مع البالغين والنساء تحت حراسة الرجال. كل هذا غير لائق وغير قانوني ويحتاج لمعالجة».
واختتم الوزير حديثه بالتأكيد على أن وضعية حقوق الإنسان سوف يتم تعزيزها بالتدرج للحد من فوضى الانتشار الواسع للسلاح خارج سلطة الدولة، مؤكدا أن «توحيد المؤسستين العسكرية والأمنية سيقودنا لضبط السلاح وحصره بيد الدولة، وبالتالي ستتناقص تدريجياً حجم الانتهاكات، هذا إلى جانب عملنا بالوزارة لتعزيز ونشر ثقافة حقوق الإنسان، وفضح أي انتهاكات».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم