«كورونا» يجتاح أرياف الهند... ويحصد آلاف الأرواح

ماكرون يطالب واشنطن برفع قيود تصدير اللقاحات

«كورونا» يجتاح أرياف الهند... ويحصد آلاف الأرواح
TT

«كورونا» يجتاح أرياف الهند... ويحصد آلاف الأرواح

«كورونا» يجتاح أرياف الهند... ويحصد آلاف الأرواح

سجلت الهند، السبت، أكثر من أربعة آلاف وفاة بـ«كوفيد - 19» خلال 24 ساعة، وهو مستوى قياسي جديد يُسجل للمرة الأولى منذ بدء انتشار الوباء، فيما تواجه أولمبياد طوكيو تحديات مع إعادة فرض العاصمة اليابانية حالة الطوارئ لوقف ارتفاع الإصابات.
وسجلت الهند، البالغ عدد سكانها 1.3 مليار نسمة، 4197 حالة وفاة جديدة في يوم واحد لترتفع بذلك الحصيلة الإجمالية للوفيات الناجمة عن الجائحة في هذا البلد إلى 238.270 وفاة. ورغم المساعدات الدولية، لا يزال المرضى يموتون عند أبواب المستشفيات التي تجاوزت طاقتها الاستيعابية. ويتوقع خبراء سبق أن أبدوا شكوكاً بالأعداد المعلنة رسمياً، أن تبلغ الهند ذروة هذه الموجة الوبائية بحلول نهاية مايو (أيار).
ففي حين يستقر الوضع في مدينتي نيودلهي وبومباي الرئيسيتين بفضل إرسال إمدادات أكسجين وأسرة إضافية للمستشفيات، يتفشى فيروس كورونا حالياً بشكل متسارع في الولايات الجنوبية في البلاد والمناطق الريفية، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
وفرضت ولاية كارناتاكا التي تضم مركزاً تكنولوجياً مهماً في بنغالور، إغلاقاً لمدة أسبوعين اعتباراً من الاثنين في محاولة لوقف تفشي الفيروس. فيما بدأت ولاية كيرالا في جنوب غربي البلاد، أمس، مرحلة إغلاق تستمر أسبوعاً.

- اتساع رقعة التفشي آسيوياً
في نيبال التي تواجه ارتفاعاً مفاجئاً وكبيراً للإصابات، يهدد «كورونا» موسم تسلق الجبال وسط مؤشرات مقلقة لانتشاره، وهو ما تنفيه الحكومة. ففي الأسابيع الثلاثة الماضية، ارتفع عدد الإصابات بشكل كبير، وبات كل شخصين من أصل خمسة مصابين حالياً بالفيروس. وقال هيمانتا شاندرا أوجا، من قسم الأوبئة ومراقبة الأمراض في نيبال، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «المؤسسات الصحية تضيق بمصابين تظهر عليهم عوارض، الوضع يمكن أن يتفاقم في الأيام المقبلة». ومن شأن انتشار الوباء في صفوف متسلقي جبل إيفرست أن يكون كارثياً مع صعوبة التنفس أساساً في الجبال الشاهقة.
وفي باكستان، تخشى السلطات وضعاً مماثلاً للهند، وفرضت قيوداً مشددة لتسعة أيام اعتباراً من يوم أمس. كما أن المدارس والمتاجر والمطاعم والمتنزهات مغلقة، كما توقفت حركة النقل العام مع اقتراب عيد الفطر.
وكتب وزير التخطيط أساد أومار الذي يدير الاستجابة الحكومية للوباء في تغريدة: «هذه الإجراءات باتت لازمة بسبب الوضع الخطير جداً في المنطقة مع انتشار النسخ المتحورة من الفيروس». وحظرت الرحلات الدولية، كما أن الحدود مع إيران وأفغانستان أغلقت باستثناء حركة التجارة.
وفي سنغافورة تدخل قيود جديدة أيضاً حيز التنفيذ السبت. فيما مددت اليابان حالة الطوارئ التي فرضت من جديد في 25 أبريل (نيسان) في طوكيو وثلاثة أقاليم أخرى، حتى 31 مايو بعدما كان من المقرر أن تنتهي الثلاثاء المقبل. وسيعاد فرضها في إقليمين أخريين. ويبقى انتشار الوباء محدوداً في اليابان، لكنه ينهك النظام الاستشفائي مع بطء شديد في حملة التلقيح. ويهدد انتشار الفيروس أولمبياد طوكيو من جديد، التي من المتوقع عقدها من 23 يوليو (تموز) إلى الثامن من أغسطس (آب) التي أرجئت لمدة عام في 2020 بسبب الوباء. لكن نائب رئيس اللجنة الأولمبية الدولية جون كوتس، أكد أمس أن «لا شيء سيمنع إقامة أولمبياد طوكيو». وقد استبعد حضور متفرجين من الخارج، ويبقى على المنظمين البت في مسألة الجمهور الياباني.
- ضغط فرنسي
في سياق متصل، أعلن رئيس المجلس الأوروبي، بمناسبة قمة أوروبية في بورتو، أن الاتحاد الأوروبي «مستعد» لمناقشة رفع براءات الاختراع عن اللقاحات المضادة لفيروس كورونا في حال تم تقديم «مقترحات ملموسة».
بدوره، أيد البابا فرنسيس أمس رفع براءات اختراع اللقاحات المضادة لـ«كوفيد – 19» من أجل تسريع توزيع اللقاحات في البلدان الفقيرة، وذلك عبر مداخلة مسجلة بالفيديو في حفلة «فاكس لايف». ودان البابا «الشعبوية الضيقة التي تمنع، على سبيل المثال، تدويل اللقاحات»، وأشار إلى «روح العدالة التي تحركنا لضمان وصول الجميع إلى اللقاحات والتعليق المؤقت لحقوق الملكية الفكرية».
في المقابل، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس، الولايات المتحدة، إلى رفع جميع القيود المفروضة على تصدير اللقاحات ومكونات اللقاحات المضادة لـ«كوفيد - 19»، ما سيتيح تعزيز «التضامن» العالمي.
وفيما تخرج فرنسا ببطء من إغلاق تام، أخضعت باريس الوافدين من سبع دول إضافية هي تركيا وبنغلاديش وسريلانكا ونيبال وباكستان والإمارات وقطر لحجر إلزامي لعشرة أيام. وفي بلجيكا، أعادت المقاهي فتح باحاتها الخارجية أمس.
أما في اليونان، فتم فتح الشواطئ الخاصة، أمس، والمتاحف الأسبوع المقبل، كما أعلن مسؤولو القطاع الصحي في البلاد التي تستعد لافتتاح الموسم السياحي في 15 مايو.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟