عشرات القتلى والجرحى بانفجار قرب مدرسة في كابل

سحب القوات الأميركية من أفغانستان قد يتأخر لأسابيع

جثامين عدد من ضحايا تفجيرات أمس في مستشفى بكابل (أ.ب)
جثامين عدد من ضحايا تفجيرات أمس في مستشفى بكابل (أ.ب)
TT

عشرات القتلى والجرحى بانفجار قرب مدرسة في كابل

جثامين عدد من ضحايا تفجيرات أمس في مستشفى بكابل (أ.ب)
جثامين عدد من ضحايا تفجيرات أمس في مستشفى بكابل (أ.ب)

وقعت عدة انفجارات استهدفت مدرسة بالعاصمة الأفغانية كابل أمس (السبت)، ما أودى بحياة 40 شخصاً على الأقل وأدى إلى إصابة عشرات آخرين معظمهم طلاب. وأبلغ مسؤول كبير بوزارة الداخلية الأفغانية، طلب عدم نشر اسمه، وكالة «رويترز» للأنباء، أن معظم الضحايا كانوا من الطلاب لدى خروجهم من مدرسة سيد الشهداء. لكن المتحدث باسم وزارة الداخلية طارق أريان قال إن عدد القتلى 25 على الأقل، ولم يحدد هدف الانفجار. وقال غلام داستاجير نزاري المتحدث باسم وزارة الصحة إن 46 شخصاً نقلوا إلى المستشفيات حتى الآن. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن التفجيرات، فيما نفى المتحدث باسم «طالبان» ذبيح الله مجاهد ضلوع الحركة في الهجوم وندد به.
في غضون ذلك، قال مسؤولون أميركيون إن عملية سحب القوات الأميركية الجارية من أفغانستان قد يتم تأخيرها لأسبوعين أو أكثر، بناء على طلب من حلفاء الولايات المتحدة الأوروبيين، الذين أبدوا رغبتهم في تأخير وتيرة الانسحاب، ليتسنى لهم استكمال استعداداتهم اللوجيستية لسحب ما لا يقل عن 9 آلاف جندي. ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن مسؤولين أميركيين قولهم إن سحب القوات الأميركية البالغ عددها 2500 جندي ونحو 16 ألف مقاول مدني معهم، قد يكتمل عملياً قبل 4 يوليو (تموز) المقبل، ذكرى عيد الاستقلال الأميركي، أي قبل أشهر من الموعد الذي حدده الرئيس جو بايدن، في 11 سبتمبر (أيلول)، ذكرى الهجمات الدامية التي استهدفت الولايات المتحدة قبل عقدين.
وبحسب تقرير الصحيفة، فإن ألمانيا ودولاً أخرى طلبت من الولايات المتحدة تأجيل رحيلها حتى 18 يوليو (تموز). وتتولى ألمانيا المسؤولية عن القاعدة الشمالية لحلف شمال الأطلسي في مزار الشريف، بينما تحتفظ إيطاليا بقاعدة التحالف الرئيسية في إقليم هرات غرب البلاد. وتشارك القوات البريطانية بشكل وثيق مع القوات الأميركية في مجموعة متنوعة من المهام في السنوات الأخيرة.
وأضافت الصحيفة أن تعقيداً آخر طرأ، حيث أعلنت تركيا التي تقوم قواتها بتأمين مطار كابل منذ سنوات، أنها ستقوم بسحب قواتها منه في وقت قريب. وأبلغت أنقرة واشنطن وحلف الناتو بقرارها مؤخراً، بعدما كانت أعلنت أنها ستبقي قواتها إلى ما بعد انسحاب قوات الحلفاء، الأمر الذي قد يدفع بعض الدول الغربية إلى إعادة النظر في خططها لإبقاء السفارات مفتوحة في العاصمة كابل، من دون حماية دولية لمطار كابل.
ويضع هذا التطور تحديات إضافية أمام الولايات المتحدة، التي كان المسؤولون العسكريون فيها يخططون لخروج سريع، في ظل مخاوف الأوروبيين على أمنهم، في حال أنجزت واشنطن انسحابها سريعاً. وكانت واشنطن تعهدت بأن تكمل عملية الانسحاب بالتنسيق مع حلفائها الذين «دخلت معهم وستخرج معهم» في الوقت نفسه. ومع احتمال خروج تركيا، فمن المحتمل أن تضطر السفارات الغربية إلى مراجعة خططها للإبقاء حتى على عدد قليل من دبلوماسييها في أفغانستان. ويعد المقاولون المدنيون أحد البدائل الذين كان من الممكن الاستعانة بهم لإدارة أمن المطارات والإشراف عليها. لكن من غير المرجح أن يتمكنوا من البقاء من دون قوات عسكرية لضمان أمنهم. ولا يزال البنتاغون يلتزم الصمت إزاء هذه القضية، ولم يصدر أي توضيح حول تغييرات محتملة على جدول الانسحاب.
وفي مؤتمر صحافي عقده الجنرال مارك ميلي رئيس أركان القوات الأميركية المشتركة مع وزير الدفاع لويد أوستن مساء الخميس، أعلن أنه تم إرسال تعزيزات عسكرية إلى أفغانستان، لضمان انسحاب القوات الأميركية والدولية بشكل آمن. وأعلن عن إرسال 6 قاذفات استراتيجية من نوع «بي 52» ومقاتلات من نوع «إف 18» وقطع بحرية، ومدد وجود حاملة الطائرات «يو إس إس آيزنهاور» في منطقة الخليج. وأكد أن عملية الانسحاب التي بدأت في الأول من مايو لم تشهد تنفيذ أي هجوم على القوات الأميركية والدولية، باستثناء «مضايقات صغيرة»، على الرغم من تصاعد العنف والهجمات التي يشنها مسلحو «طالبان»، بوتيرة عالية ضد القوات الحكومية.
وشنت حركة «طالبان» هجوماً صاروخياً على مطار قندهار، حيث تتمركز قوات أميركية التي بدأت بالانسحاب منه، من دون أن يسفر عن إصابات.


مقالات ذات صلة

إردوغان تحت ضغط المعارضة لصمته تجاه الحوار مع أوجلان

شؤون إقليمية صمت إردوغان تجاه الحوار مع أوجلان يعرضه لضغوط المعارضة (الرئاسة التركية)

إردوغان تحت ضغط المعارضة لصمته تجاه الحوار مع أوجلان

يواجه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ضغوطاً من المعارضة لتوضيح موقفه من الاتصالات مع زعيم حزب «العمال» الكردستاني عبد الله أوجلان في مسعى لحل المشكلة الكردية

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان مستقبلاً رئيس وزراء إقليم كردستاني العراق مسرور بارزاني (الرئاسة التركية)

تركيا: استضافة لافتة لرئيس وزراء كردستان ورئيس حزب «حراك الجيل الجديد»

أجرى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مباحثات مع رئيس وزراء إقليم كردستان العراق مسرور بارزاني، بالتزامن مع زيارة رئيس حزب «حراك الجيل الجديد»، شاسوار عبد الواحد

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا جنود ماليون خلال تدريبات عسكرية على مواجهة الإرهاب (أ.ف.ب)

تنظيم «القاعدة» يهاجم مدينة مالية على حدود موريتانيا

يأتي الهجوم في وقت يصعّد تنظيم «القاعدة» من هجماته المسلحة في وسط وشمال مالي، فيما يكثف الجيش المالي من عملياته العسكرية ضد معاقل التنظيم.

الشيخ محمد (نواكشوط)
المشرق العربي مقاتلان من الفصائل الموالية لتركيا في جنوب منبج (أ.ف.ب)

تحذيرات تركية من سيناريوهات لتقسيم سوريا إلى 4 دويلات

تتصاعد التحذيرات والمخاوف في تركيا من احتمالات تقسيم سوريا بعد سقوط نظام الأسد في الوقت الذي تستمر فيه الاشتباكات بين الفصائل و«قسد» في شرق حلب.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ علم أميركي يرفرف في مهب الريح خلف سياج من الأسلاك الشائكة في معسكر السجن الأميركي في خليج غوانتانامو (د.ب.أ)

بايدن يدفع جهود إغلاق غوانتانامو بنقل 11 سجيناً لعُمان

أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أنها نقلت 11 رجلاً يمنياً إلى سلطنة عُمان، هذا الأسبوع، بعد احتجازهم أكثر من عقدين من دون تهم في قاعدة غوانتانامو.

علي بردى (واشنطن )

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟