قلق أميركي إزاء المواجهات في القدس... والاتحاد الأوروبي يدعو لخفض التوتر

فلسطينيون يردون على الشرطة الإسرائيلية خلال اشتباكات بمحيط المسجد الأقصى في القدس (رويترز)
فلسطينيون يردون على الشرطة الإسرائيلية خلال اشتباكات بمحيط المسجد الأقصى في القدس (رويترز)
TT

قلق أميركي إزاء المواجهات في القدس... والاتحاد الأوروبي يدعو لخفض التوتر

فلسطينيون يردون على الشرطة الإسرائيلية خلال اشتباكات بمحيط المسجد الأقصى في القدس (رويترز)
فلسطينيون يردون على الشرطة الإسرائيلية خلال اشتباكات بمحيط المسجد الأقصى في القدس (رويترز)

دعت الولايات المتّحدة إلى «وقف العنف» في القدس الشرقية المحتلّة حيث أصيب مساء أمس (الجمعة) أكثر من 175 فلسطينياً وستّة شرطيين إسرائيليين بجروح في اشتباكات بين الطرفين دارت خصوصاً في باحة المسجد الأقصى، في أعنف مواجهات تشهدها المدينة المقدّسة منذ سنوات، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».
وقال المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس في بيان إنّ «الولايات المتّحدة قلقة للغاية إزاء المواجهات الجارية في القدس... التي أفادت تقارير بأنّها أسفرت عن سقوط عشرات الجرحى».
وأضاف أنّ «العنف لا عذر له، لكنّ إراقة الدماء التي تحصل الآن مقلقة بشكل خاص»، لا سيما أنها تحصل في الأيام الأخيرة من رمضان.
ولفت المتحدّث إلى أنّ واشنطن دعت المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين إلى «العمل بحزم لتهدئة التوتّرات ووقف العنف».
وشدّد برايس على «الأهمية البالغة» لتجنّب أي خطوات قد تؤدّي إلى تفاقم الوضع - مثل «عمليات الإخلاء في القدس الشرقية، والنشاط الاستيطاني، وهدم المنازل، والأعمال الإرهابية».

كما دعا الاتحاد الأوروبي السبت السلطات الإسرائيلية إلى التحرك «بشكل عاجل» لوقف التصعيد في القدس بعد المواجهات العنيفة بين الفلسطينيين والشرطة.
وقال المتحدث باسم الاتحاد في بيان «العنف والتحريض غير مقبولين ويجب محاسبة الجناة من جميع الأطراف»، مضيفا أن «الاتحاد الأوروبي يدعو السلطات إلى التحرك بشكل عاجل لخفض التوتر الحالي في القدس».
ودارت أعنف المواجهات في باحة المسجد الأقصى، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين لدى المسلمين، وقد أشعل فتيلها بحسب الشرطة الإسرائيلية إلقاء شبان فلسطينيين حجارة وزجاجات فارغة على عناصرها، في حين اتّهم شبّان فلسطينيون قوات الأمن الإسرائيلية بأنّها هي مَن بادر إلى الاعتداء على مجموعة منهم عند مدخل الأقصى.
وفجر السبت خيّم هدوء حذر على القدس الشرقية.

وكانت الخارجية الأميركية أصدرت أمس (الجمعة)، قبل وقوع هذه الصدامات، بياناً أول أعربت فيه عن «القلق العميق إزاء تصاعد التوتر في القدس» و«القلق بشأن عمليات الإخلاء المحتملة لعائلات فلسطينية» من أحياء في القدس الشرقية و«كثير منهم، بالطبع، يعيشون في منازلهم منذ أجيال».
وشدّدت الخارجية في بيانها الذي أصدرته المتحدّثة باسمها جالينا بورتر على أنّه «مع دخولنا فترة حسّاسة، سيكون من الضروري (...) التشجيع على تهدئة التوتر وتجنّب حصول مواجهة عنيفة».
وأضافت: «قلنا مراراً وتكراراً إنّه من الضروري تجنّب إجراءات أحادية قد تفاقم التوتر أو تبعدنا أكثر عن السلام، وهذا يشمل عمليات الإخلاء والأنشطة المتعلّقة بالاستيطان».

وتأتي الاشتباكات وسط تصاعد التوتر في القدس الشرقية والضفة الغربية اللّتين تحتلّهما إسرائيل منذ 1967، حيث قتل في شمال الضفة أمس (الجمعة) فلسطينيان برصاص الجيش الإسرائيلي وأصيب ثالث إثر محاولة مهاجمة موقع إسرائيلي.
وتشهد منطقة الشيخ جرّاح مواجهات يومية بين فلسطينيين مقدسيين ومستوطنين يحاولون السيطرة على أربع منازل تعود لفلسطينيين.
وقتل الخميس فتى فلسطيني خلال مواجهات في قرية بالقرب من مدينة نابلس، خلال عمليات بحث للجيش الإسرائيلي عن فلسطيني أصابت ثلاثة مستوطنين وتوفي أحدهم لاحقاً.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».