تبدو العلاقات التركية الأميركية معضلة مرشحة دائماً للتفاقم، وازدادت صعوبتها مع تولي الرئيس الديمقراطي جو بايدن الحكم في الولايات المتحدة. وعلى الرغم من نجاح أنقرة في إجراء اتصال هاتفي بين إردوغان وبايدن يوم 23 أبريل (نيسان)، أصدر بايدن في اليوم التالي بياناً، كان مرتقباً، اعترف فيه بالأحداث التي وقعت في شرق الأناضول عام 1915 إبان الحرب العالمية الأولى، ووافق على اعتبارها «إبادة جماعية للأرمن» وهو ما أثار غضباً واسعاً في تركيا.
وقبل ذلك، أعلنت واشنطن تفعيل قرار استبعاد تركيا من برنامج مشترك يشرف عليه حلف شمال الأطلسي «ناتو» لتصنيع مقاتلات «إف 35» التي كانت أنقرة ترغب أيضاً في اقتناء 100 منها، رداً على تمسك تركيا باقتناء منظومة الدفاع الجوي الصاروخي الروسية «إس 400».
وتبدي تركيا حالياً استياءً من رفض واشنطن تسليم الداعية فتح الله غولن، الذي تزعم السلطات أنه كان وراء محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو 2016. هذا، فضلاً عن استمرار تعاون الولايات المتحدة مع ميليشيات «وحدات حماية الشعب» الكردية، التي تشكل أكبر مكوّنات ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، التي تسيطر على مساحات شاسعة من شمال سوريا. ويذكر أن «قسد» تعد الحليف الأبرز لواشنطن في الحرب على «داعش»، بينما تعتبرها أنقرة تنظيماً إرهابياً وامتداداً لحزب العمال الكردستاني «المحظور» في سوريا.
في المقابل، تتنامى شكوك واشنطن إزاء ما إذا كانت تركيا لا تزال شريكاً موثوقاً بعد ارتدادها عن الديمقراطية وقرارها شراء منظومة «إس 400» من روسيا وتأخرها من قبل في الانضمام إلى حملة التحالف الدولي للحرب على «داعش». ويبدي بايدن موقفاً متشدداً تجاه إردوغان ونهجه، بل سبق أن تعهد بدعم المعارضة التركية بإزاحته عبر الانتخابات، وأعرب عن خيبة أمله عندما قرر إردوغان في 20 مارس الماضي سحب تركيا من «اتفاقية إسطنبول». وعلّق آلان ماكوفسكي، المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية الذي يعمل حالياً في مؤسسة «مركز التقدم الأميركي» الفكرية: «أعتقد أن هدف وجود سياسة خارجية قوية ومستقلة بالنسبة لإردوغان، مع البقاء داخل (ناتو)، سيبقى.. وهو قد يخفف من حدة الخطاب، لكنني لا أعتقد أنه سيغير في الرؤية».
وهنا نورد أن واشنطن تفاءلت، إلى حد ما، عندما تسلم إردوغان السلطة واتخذ خطوات لتحديث اقتصاد تركيا وحكمها الديمقراطي. وساد شعور مماثل في بروكسل مع بدء مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي. لكن علاقات تركيا بالغرب تدهورت خلال العقد الماضي، ويستبعد محللون أنها ستتحسن بسهولة.
العلاقات التركية ـ الأميركية معضلة تتفاقم
العلاقات التركية ـ الأميركية معضلة تتفاقم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة