ارتفاع أعداد المنتحرين في مناطق سيطرة الحوثيين

تسجيل 340 حالة في 10 مدن تتصدرها صنعاء خلال عام واحد

TT
20

ارتفاع أعداد المنتحرين في مناطق سيطرة الحوثيين

كشفت تقارير أمنية يمنية وأخرى طبية عن ارتفاع معدل حالات الانتحار خلال الأشهر الماضية في مناطق السيطرة الحوثية بسبب تدهور الأوضاع المعيشية واستمرار القمع، في حين أفاد إحصاء صادر عن سلطات الانقلاب بتسجيل 340 حالة في 10 مدن تتصدرها صنعاء خلال عام واحد بوصول أعداد المنتحرين في عشر مدن خاضعة للجماعة إلى نحو 340 حالة خلال عام واحد.
وأرجعت مصادر يمنية تحدثت لـ«الشرق الأوسط» أسباب تزايد أعداد المنتحرين إلى ويلات الحرب التي أشعلتها الجماعة بانقلابها على السلطة الشرعية وما خلفته من تدمير كامل للبنية الاقتصادية وتوقف للخدمات وارتفاع للأسعار ومعدلات الفقر والبطالة وانقطاع الرواتب وغيرها.
وبحسب سكان تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» فإن العديد من معرفهم لقوا حتفهم انتحارا بسبب تدهور أوضاعهم المعيشية وعجزهم عن الوفاء بالتزاماتهم أمام أسرهم وأطفالهم.
وقال (أحمد.ن) وهو اسم رمزي لمواطن يقطن صنعاء إنه ومنذ فترة عامين ماضيين غادر الحي الذي يقطنه بصنعاء شخصان أحدهما من أقربائه بعد أن قررا الانتحار للتخلص من أعباء الحياة الصعبة بعد عجزهم عن مواجهتها.
ويحكي أحمد لـ«الشرق الأوسط»، أن المنتحر من أقربائه (33 عاما) كان يعمل مدرسا بمدرسة حكومية بصنعاء وبعد تدهور صحته النفسية نتيجة صراعه المرير مع الفقر والجوع ومعاناته مع أسرته لسنوات بسبب انقطاع رواتبه أقدم على الانتحار مطلع أكتوبر (تشرين الأول)2020 هربا من الضغوط، مخلفا وراءه خمسة أطفال لا يزالون يواجهون صعوبة الحياة وقساوة الظروف.
ولفت أحمد إلى وجود العشرات من القصص المؤلمة والمحزنة في أحياء العاصمة. وقال إن الكثير من تلك القصص انتهت في الأخير بحالات انتحار ضحيتها أناس مقهورون ومن مختلف الأعمار.
في السياق ذاته اتهم الميليشيات التي تحكم سيطرتها على كافة الأجهزة الأمنية في صنعاء بأنها لا تزال تتكتم عن الأعداد الحقيقية للمنتحرين في العاصمة لأسباب عدة منها على سبيل المثال: معرفتها بأنها المتسبب الوحيد في تدهور أوضاع ومعيشة الناس والتي قادت إلى لجوء الكثير منهم إلى الانتحار هربا من الفقر وسياسات التجويع والنهب والقمع.
من جهتها اعترفت الجماعة في تقرير حديث صادر عن الأجهزة الخاضعة لها بصنعاء بتسجيل نحو 340 حادثة انتحار من مختلف الأعمار في 10 مدن تحت سيطرتها خلال العام الماضي 2020. في وقت قدر فيه مراقبون أن العدد الحقيقي للمنتحرين يفوق ما ذكرته تقارير الميليشيات، خصوصا في العاصمة صنعاء ومحافظة إب اللتين تتصدران سنويا قوائم حالات المنتحرين.
وذكرت الإحصائية الحوثية التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» أن من بين حالات الانتحار التي وقعت خلال تلك الفترة 54 امرأة و29 طفلا، أما البقية وعددهم 257 شخصا فقد كانوا جميعهم من الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و45 عاما.
وأوضحت الإحصائية أن نحو 108 من المنتحرين استخدموا طريقة الشنق باستخدام الحبال والأقمشة لإنهاء حياتهم، فيما لجأ 87 إلى الأسلحة النارية المختلفة، واستخدمت السموم في 33 حادثة. في حين توزعت بقية الحالات ما بين استخدام السكاكين والآلات الحادة والقفز من أماكن عالية والحرق.
وتصدرت العاصمة صنعاء كعادتها كل عام قائمة المدن اليمنية تحت سيطرة الجماعة فيما يتعلق بحوادث الانتحار وذلك بواقع 94 حالة انتحار، تلتها محافظات إب بعدد 76 حالة، ثم الحديدة بـ60 حالة، بينما توزعت بقية الحالات على مدن (ريف صنعاء وذمار وحجة والمحويت وعمران وريمة وصعدة وتعز).
وأرجعت مصادر طبية في صنعاء بحديثها لـ«الشرق الأوسط»، أسباب وقوع حوادث الانتحار إلى سوء الأوضاع المعيشية إلى جانب ممارسات القمع والإذلال والتنكيل والبطش الحوثية المتكررة بحق اليمنيين.
وقالت إن معظم حالات ضحايا الانتحار التي سجلت كانت لأشخاص فقدوا أعمالهم ومصادر دخلهم بسبب جرائم وتعسفات ونهب الميليشيات.
وشككت ذات المصادر في صحة تلك الأرقام الحوثية المعلنة للحالات. وأكدت أن ما تزعمه الميليشيات من معلومات ليست دقيقة كون الكثير من الحالات لا يعلن فيها أقارب المنتحر عن الواقعة خشية من أن يلاحقهم العار الاجتماعي.
وفي محافظة إب (170 كم جنوب صنعاء) كشفت مصادر خاصة في المحافظة لـ«الشرق الأوسط» عن ارتفاع حالات الانتحار بمناطق وقرى متفرقة من المحافظة وسط تكتم شديد من قبل أسر وذوي الأشخاص المنتحرين.
وبخصوص آخر الحالات المسجلة حديثا في إب، أشارت المصادر إلى إقدام فتاة عشرينية هذا الأسبوع في المحافظة على الانتحار بعد إجبارها على الزواج من قبل مشرفي الجماعة الانقلابية.
وبدأت القصة، وفق مصادر محلية، العام 2015، عندما أجبر والد الفتاة ابنته المراهقة، على الزواج، من مشرف الحوثيين، في قرية مكائير بمديرية حبيش في إب والذي قام بطلاقها، وتركها تواجه مصيرها في أحد فنادق صنعاء بعد زواج لم يدم أكثر من شهرين.
غير أن والد الفتاة، لم يستفد من تلك التجربة الفاشلة، ليرغم، ابنته لاحقا على الزواج من قبل قيادي حوثي في ذات المنطقة، قبل أن تقدم أخيرا على الانتحار بعد أن أجبرها والدها على الزواج الثالث من قيادي حوثي يدعى أبو محمد.
ومنذ الفترة التي أعقبت الانقلاب، تزايدت حالات الانتحار بين اليمنيين خصوصا ممن هم قابعون في مناطق السيطرة الحوثية.
ويرى خبراء علم نفس واجتماع أن الظروف المعيشية والممارسات القمعية التي تنتهجها الجماعة تعد من الأسباب التي تقف وراء انتشار حوادث الانتحار في أوساط اليمنيين بمناطق سيطرة الميليشيات.
ويشير بعض الحقوقيين اليمنيين إلى أن تزايد حوادث الانتحار تعد نتيجة طبيعية للعنف والفقر وسوء المعاملة والفساد الإداري من قبل جماعة الحوثي، حيث يشعر السكان في مناطق سيطرة الجماعة بفقدان الأمل والعزلة والتمييز والعنصرية.
وكان ناشطون وحقوقيون محليون حملوا في وقت سابق الميليشيات، وكيل إيران في اليمن، مسؤولية تدهور الوضع المعيشي بسبب تفشي البطالة وانقطاع الرواتب والنهب الممنهج، وهي الأمور التي زادت من حجم الضغوط والالتزامات المعيشية في الوقت الذي يتنعم فيه قادة الحوثي بالمزيد من الأموال والعقارات.
وبحسب تقارير أممية فإن 80 في المائة من اليمنيين باتوا تحت خط الفقر، و24 مليونا من أصل 30 مليونا يحتاجون لشكل من أشكال المساعدة.


مقالات ذات صلة

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

العالم العربي جانب من المؤتمر الصحافي الذي عقد بمحافظة مأرب عن انتهاكات جماعة الحوثي في البيضاء (سبأ)

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

كشف تقرير حقوقي يمني عن توثيق نحو 13 ألف انتهاك لحقوق الإنسان في محافظة البيضاء (وسط اليمن) ارتكبتها ميليشيا الحوثي خلال السنوات العشر الأخيرة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ خلال أحدث إحاطاته أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط»: غروندبرغ ملتزم بالوساطة... والتسوية اليمنية

في أعقاب فرض عقوبات على قيادات حوثية، أكد مكتب المبعوث الأممي التزامه بمواصلة جهوده في الوساطة، والدفع نحو تسوية سلمية وشاملة للنزاع في اليمن.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي الحوثيون يحكمون قبضتهم على مناطق شمال اليمن ويسخرون الموارد للتعبئة العسكرية (أ.ب)

عقوبات أميركية على قيادات حوثية

فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة أمس على سبعة من كبار القادة الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي الأمم المتحدة تخطط للوصول إلى 12 مليون يمني بحاجة إلى المساعدة هذا العام (إ.ب.أ)

انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في 7 محافظات يمنية

كشفت بيانات أممية عن تفاقم انعدام الأمن الغذائي في 7 من المحافظات اليمنية، أغلبها تحت سيطرة الجماعة الحوثية، وسط مخاوف من تبعات توقف المساعدات الأميركية.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي الشراكات غير العادلة في أعمال الإغاثة تسبب استدامة الأزمة الإنسانية في اليمن (أ.ف.ب)

انتقادات يمنية لأداء المنظمات الإغاثية الأجنبية واتهامات بهدر الأموال

تهيمن المنظمات الدولية على صنع القرار وأعمال الإغاثة، وتحرم الشركاء المحليين من الاستقلالية والتطور، بينما تمارس منظمات أجنبية غير حكومية الاحتيال في المساعدات.

وضاح الجليل (عدن)

وزراء عرب يناقشون خطة إعمار غزة مع مبعوث ترمب

جانب من الاجتماع الذي استضافته الدوحة بشأن فلسطين الأربعاء (واس)
جانب من الاجتماع الذي استضافته الدوحة بشأن فلسطين الأربعاء (واس)
TT
20

وزراء عرب يناقشون خطة إعمار غزة مع مبعوث ترمب

جانب من الاجتماع الذي استضافته الدوحة بشأن فلسطين الأربعاء (واس)
جانب من الاجتماع الذي استضافته الدوحة بشأن فلسطين الأربعاء (واس)

ناقشت اللجنة الوزارية الخماسية بشأن غزة، الأربعاء، مع ستيف ويتكوف مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، خطة إعادة إعمار القطاع التي أقرتها القمة العربية الطارئة في القاهرة بتاريخ 4 مارس (آذار) الحالي.

جاء ذلك خلال اجتماع استضافته الدوحة، بمشاركة الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، والشيخ محمد بن عبد الرحمن رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، والدكتور أيمن الصفدي نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني، والدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري، وخليفة المرر وزير الدولة بوزارة الخارجية الإماراتية، وحسين الشيخ أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

وبحث المشاركون تطورات الأوضاع في غزة، واتفقوا على مواصلة التشاور والتنسيق بشأن الخطة كأساس لجهود إعادة إعمار القطاع، بحسب بيان صادر عن الاجتماع.

بدر عبد العاطي يلتقي ويتكوف على هامش الاجتماع في الدوحة (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي يلتقي ويتكوف على هامش الاجتماع في الدوحة (الخارجية المصرية)

وأكد الوزراء العرب أهمية تثبيت وقف إطلاق النار في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، مشددين على ضرورة إطلاق جهد حقيقي لتحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين، بما يضمن تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال.

وجدَّدوا تأكيد الحرص على استمرار الحوار لتعزيز التهدئة، والعمل المشترك من أجل ترسيخ الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة، عبر تكثيف الجهود الدبلوماسية، والتنسيق مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية.

وسبق الاجتماع لقاء للوزراء الخمسة العرب والمسؤول الفلسطيني، في الدوحة، بحثوا خلاله «سبل الترويج وحشد التمويل للخطة العربية الإسلامية للتعافي المبكر وإعادة إعمار قطاع غزة، لا سيما في ظل استضافة مصر للمؤتمر الدولي لإعادة الإعمار بالتعاون مع الأمم المتحدة والحكومة الفلسطينية، وبحضور الدول والجهات المانحة»، بحسب الخارجية المصرية.

من لقاء الوزراء الخمسة العرب والمسؤول الفلسطيني في الدوحة (الخارجية المصرية)
من لقاء الوزراء الخمسة العرب والمسؤول الفلسطيني في الدوحة (الخارجية المصرية)

كان الاجتماع الوزاري الاستثنائي لمنظمة التعاون الإسلامي في جدة (غرب السعودية)، الجمعة الماضي، قد أكد دعم الخطة العربية لإعادة إعمار قطاع غزة، مع التمسُّك بحق الشعب الفلسطيني في البقاء على أرضه.

ورداً على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في تصريحات أعقبت «اجتماع جدة»، إن الخطة أصبحت عربية - إسلامية، بعد تبنّي واعتماد «الوزاري الإسلامي» جميع مخرجات «قمة القاهرة»، مؤكداً السعي في الخطوة المقبلة لدعمها دولياً، عبر تبنيها من قِبل الاتحاد الأوروبي والأطراف الدولية؛ كاليابان وروسيا والصين وغيرها، للعمل على تنفيذها.

بدر عبد العاطي خلال مشاركته في الاجتماع الوزاري الإسلامي بمحافظة جدة (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال مشاركته في الاجتماع الوزاري الإسلامي بمحافظة جدة (الخارجية المصرية)

وأشار الوزير المصري إلى تواصله مع الأطراف الدولية بما فيها الجانب الأميركي، وقال إنه تحدّث «بشكل مسهب» مع مبعوث ترمب إلى الشرق الأوسط عن الخطة بمراحلها وجداولها الزمنية وتكاليفها المالية. وأضاف أن ويتكوف تحدث عن عناصر جاذبة حولها، وحسن نية وراءها.

إلى ذلك، قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأربعاء، في بداية اجتماع بالبيت الأبيض مع رئيس الوزراء الآيرلندي مايكل مارتن: «لن يطرد أحد أحداً من غزة».

من جهته، دعا رئيس الوزراء الآيرلندي خلال لقائه ترمب، إلى وقف إطلاق النار في غزة، وقال: «نريد السلام، نريد إطلاق سراح الرهائن»، مضيفاً: «يجب إطلاق سراح جميع الرهائن، ويجب إدخال المساعدات إلى غزة».