تقرير أميركي: الميليشيات سيطرت على إرث «داعش» في العراق

TT

تقرير أميركي: الميليشيات سيطرت على إرث «داعش» في العراق

كشف تقرير بحثي أميركي عن سيطرة الميليشيات الشيعية العراقية على موروثات تنظيم «داعش» في العراق، والتي تمثلت بالسيطرة على الأراضي التي كانت تحت سلطة التنظيم الإرهابي، وكذلك التحكم في آبار النفط والعلاقات التجارية على الحدود العراقية - السورية.
وأورد تقرير تفصيلي من مركز «نيولاينز» الأميركي للأبحاث ومن إعداد الباحثة رشا العقيدي، معلومات مكثفة لم يتم الإبلاغ عنها من قبل، حول كيفية قيام الميليشيات العراقية المرتبطة بإيران بإنشاء نظام جديد للسيطرة على منطقة استراتيجية في البلاد تربط العراق وسوريا. وعد التقرير أن تلك الميليشيات المرتبطة بإيران تستغل الفراغ الناجم عن انهيار خلافة «داعش»، وضعف السلطة العراقية في مواجهة تلك الميليشيات، للبدء في بناء الهياكل الأمنية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية، للسيطرة على هذه المنطقة الاستراتيجية في العراق. وأفاد التقرير بأن هذا الضعف سمح بتسلل تلك الميليشيات إلى قوات الشرطة والأمن والسيطرة على تحركات المواطنين العراقيين، وحركة التجارة على الحدود الغربية للعراق، واحتلال عدد من الأراضي.
وأضاف التقرير: «كما تهدد تلك الميليشيات الصحافيين، وتقطع الطرق المؤدية إلى مناطق تجارية مهمة لعرقلة الأعمال، بل تنقل العشرات من السكان من القرى إلى مواقع مجهولة، واستخدمت الميليشيات في ذلك التهديدات وأعمال العنف لتعيين الأكاديميين المفضلين لديها، والمسؤولين عن بعض الكليات الأكثر أهمية في المحافظات التي تزدهر فيها الميليشيات، كما أنشأت مدارس لا تتبع القواعد المحلية أو الفيدرالية».
وأشار التقرير إلى أنه بعد تحرير الموصل وبقية محافظة نينوى من «داعش»، بدأت الميليشيات بالتلاعب بملكية الأراضي للانخراط في الهندسة الديموغرافية، كما وزّعت الأراضي الزراعية في منطقة سهل نينوى على عناصرها، وكانت هذه القرى الواقعة على مشارف الموصل ذات أغلبية مسيحية.
وكشف التقرير عن سيطرة الميليشيات على أكثر من 72 حقلاً نفطياً في منطقة القيارة جنوب الموصل، كانت يسيطر عليها «داعش» سابقاً، واستحوذت الفصائل على نحو 100 شاحنة صهريج نفط خام يومياً، وتجني الميليشيات مئات الآلاف من الدولارات كل يوم من خلال الابتزاز عند نقاط التفتيش غير القانونية، التي أقامتها في جميع أنحاء البلاد. ولفت إلى أن الميليشيات تطالب بأموال حماية تتراوح بين 1000 و3000 دولار شهرياً من المطاعم الكبيرة، «ومَن يفشل في دفع المبالغ المقررة عليهم، يتم إحراق أو تفجير مطاعمهم، وقد تنسب أطراف أخرى، بما في ذلك الجيش العراقي، الانفجار زوراً إلى (داعش)».
واتهم التقرير السياسيين المحليين بالتعاون مع بعض هذه الميليشيات بدافع مصلحتهم الخاصة، ويغازلون في محافل متعددة قوات الحشد الشعبي للحصول على الدعم السياسي والمالي.
بدورها، أوضحت كارولين روز الباحثة السياسية أن أحد الأسباب التي تقف خلف تمرد هذه الجماعات والميليشيات هو ضعف السلطة العراقية، وتغلغل تلك الميليشيات الشيعية في الحكومة العراقية ومفاصل الدولة. وقالت روز لـ«الشرق الأوسط»، إن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، يواجه حتماً مشكلة كبيرة في حكومته وأذرع الدولة، لأن تأثير تلك الميليشيات على الحكومة والمناطق والدول والسياسيين المحليين في كل مكان ليس سهلاً على الإطلاق، مشيرة إلى أن «عمليات الإصلاح تتطلب جهداً وقوة كبيرة».
ولم تستبعد الباحثة الأميركية أن إيران قد تنتفع من وراء هذه الفوضى التي تسببها الميليشيات، وربما تجني من خلالهم الأموال، قائلة: «الأوضاع التي آلت إليها تلك الأزمة في العراق لا تخدم العراقيين، ولا الحكومة العراقية، ولا الأميركيين هناك، فقط إيران مَن ستستفيد من ذلك»، بيد أنها لم تحدد الرقم الإجمالي الذي قد تحصل عليه تلك الميليشيات، «ربما ملايين الدولارات أو أكثر».
وأشارت إلى أن الحكومة الأميركية وقوات التحالف الدولية لمحاربة «داعش» الموجودة في العراق، تدرك وتعلم خطورة هذا الأمر، داعيةً الحكومة الأميركية والأطراف الدولية إلى مساعدة العراق في تجاوز هذه الأزمة وإعادة السيطرة على أطراف البلاد ومفاصل الدولة كافة.


مقالات ذات صلة

«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم أدى لمقتل 3 جنود في العراق

المشرق العربي قوة مشتركة من الجيش العراقي و«الحشد الشعبي» بحثاً عن عناصر من تنظيم «داعش» في محافظة نينوى (أ.ف.ب)

«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم أدى لمقتل 3 جنود في العراق

قالت مصادر أمنية وطبية في العراق إن قنبلة زرعت على جانب طريق استهدفت مركبة للجيش العراقي أسفرت عن مقتل 3 جنود في شمال العراق.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي «قوات سوريا الديمقراطية» خلال عرض عسكري في ريف دير الزور (الشرق الأوسط)

أكراد سوريا يتحسبون لتمدد الحرب نحو «إدارتهم الذاتية»

ألقت نتائج الانتخابات الأميركية بظلالها على أكراد سوريا ومصير «إدارتهم الذاتية» بعدما جدد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، التهديد بشن عملية عسكرية.

كمال شيخو (القامشلي)
شؤون إقليمية عناصر من الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا في شمال سوريا (إعلام تركي)

العملية العسكرية التركية في شمال سوريا تواجه رفضاً روسياً وغموضاً أميركياً

تصاعدت التصريحات التركية في الفترة الأخيرة حول إمكانية شن عملية عسكرية جديدة تستهدف مواقع «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في شمال سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي صورة نشرها «المرصد السوري لحقوق الإنسان» لعناصر من الميليشيات الإيرانية

الحساسيات العشائرية السورية تهدد النفوذ الإيراني في البوكمال

تفجر التوتر في البوكمال في وقت تعمل فيه إيران على إعادة تموضع ميليشياتها في سوريا على خلفية الاستهداف الإسرائيلي لمواقعها داخل الأراضي السورية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي نائب منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية ديفيد كاردين يتفقد مشروع معالجة مياه الصرف الصحي في قرية بحورة بمحافظة إدلب السورية يوم 14 مايو الماضي (أ.ب)

منسق الأمم المتحدة يطلق «استراتيجية التعافي المبكر» في سوريا

قال المنسق الأممي بدمشق إن «خطة التعافي» تغطي كل المحافظات السورية، وتشمل قطاعات الصحة والتعليم ومياه الشرب والصرف الصحي، و«من دون الكهرباء لا يمكن إنجاز شيء».

«الشرق الأوسط» (دمشق )

اليمن يطالب بحزم أممي لوقف تهريب الأسلحة إلى الحوثيين

وزير الخارجية اليمني شائع الزنداني استقبل في الرياض رئيس بعثة الحديدة مايكل بيري (سبأ)
وزير الخارجية اليمني شائع الزنداني استقبل في الرياض رئيس بعثة الحديدة مايكل بيري (سبأ)
TT

اليمن يطالب بحزم أممي لوقف تهريب الأسلحة إلى الحوثيين

وزير الخارجية اليمني شائع الزنداني استقبل في الرياض رئيس بعثة الحديدة مايكل بيري (سبأ)
وزير الخارجية اليمني شائع الزنداني استقبل في الرياض رئيس بعثة الحديدة مايكل بيري (سبأ)

شدد وزير الخارجية اليمني شائع الزنداني على ضرورة اتخاذ إجراءات أممية حازمة لمنع تهريب الأسلحة إلى الحوثيين، وعلى إسناد جهود الحكومة في بلاده لنزع الألغام التي زرعتها الجماعة بكثافة في محافظة الحديدة.

وفي حين تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة باتجاه إسرائيل، أتت تصريحات الزنداني خلال استقباله في الرياض، الأحد، رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (أونمها)، اللواء متقاعد مايكل بيري.

وذكر الإعلام الرسمي اليمني أن وزير الخارجية اطلع من المسؤول الأممي، على نشاط البعثة والقضايا المتصلة بمهامها، ومسار مواءمة عملها وفقاً لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.

ونقلت وكالة «سبأ» الحكومية أن الوزير الزنداني تطرق إلى التهديدات الحوثية للملاحة الدولية، مشدداً على ضرورة اتخاذ مواقف حازمة من عمليات تهريب الأسلحة إلى ميليشيات الحوثي، مع تأكيده على أهمية عمل البعثة الأممية على إسناد جهود الحكومة لنزع الألغام التي زرعتها الميليشيات بكثافة وعشوائية في الحديدة.

ونسبت الوكالة الحكومية إلى المسؤول الأممي أنه عبَّر عن تقديره لتعاون ودعم الحكومة والسلطات المحلية في المديريات المحررة من الحديدة، وأنه أكد التزام البعثة بالعمل وفقاً لقرار ولايتها واستعدادها لمعالجة كافة التحديات والإشكاليات بالشراكة مع الحكومة اليمنية.

وسبق أن دعت الحكومة اليمنية البعثة الأممية الخاصة بالحديدة والمنشأة عقب اتفاق استوكهولم في أواخر 2018 إلى نقل مقرها إلى المناطق المحررة لكي تستطيع ممارسة دورها بعيداً عن ضغوط الحوثيين الذين يسيطرون على معظم مناطق الحديدة وعلى موانئها.

وتتهم الحكومة اليمنية الجماعة الحوثية باستغلال موانئ الحديدة وسواحلها لاستقبال الأسلحة المهربة من إيران إلى جانب النفط الإيراني، فضلاً عن استخدام المحافظة لشن الهجمات البحرية ضد السفن والتعاون مع الجماعات الإرهابية في القرن الأفريقي.

هجمات حوثية

في سياق الهجمات الحوثية باتجاه إسرائيل، تبنت الجماعة، مساء السبت، تنفيذ عملية عسكرية ضد هدف حيوي إسرائيلي في إيلات، بعدد من الطائرات المسيَّرة، وفق بيان لمتحدثها العسكري يحيى سريع.

وبحسب البيان الحوثي، حققت الهجمات أهدافها، وهو ما لم يؤكده الجيش الإسرائيلي، الذي عادة ما يشير إلى الهجمات القادمة من اتجاه اليمن.

صورة وزّعها الحوثيون لطائرة مسيّرة زعموا أنها استهدفت تل أبيب (أ.ف.ب)

وفي حين توعد المتحدث العسكري الحوثي باستمرار الهجمات حتى توقف العمليات الإسرائيلية في غزة ولبنان، كان زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي تبنى، الخميس الماضي، في خطبته الأسبوعية تنفيذ عمليات عسكرية بـ29 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيَّرة، خلال أسبوع.

وزعم الحوثي أن جماعته شنت هجمات باتجاه العمق الإسرائيلي، وباتجاه سفن أميركية حربية في البحر الأحمر والبحر العربي، وأن الهجمات أجبرت حاملة الطائرات «إبراهام لينكولن» على الابتعاد من موقعها في البحر العربي مئات الأميال.

وبخصوص هجمات واشنطن، في الأسبوع الماضي، على مواقع الجماعة، قال الحوثي إن الضربات التي طالت محافظات عدة، لم يكن لها أي تأثير على قدرات جماعته العسكرية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تبنّت الجماعة الحوثية قصف أكثر من 200 سفينة، في سياق مزاعمها لمناصرة الفلسطينيين في غزة. وأدت الهجمات في البحر الأحمر إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

واشنطن استخدمت مقاتلات «إف 35» في ضرب مواقع الحوثيين (الجيش الأميركي)

ورداً على التصعيد، فإن الجماعة تلقت نحو 800 غارة غربية بقيادة أميركا، أملاً في الحد من قدرتها على شن الهجمات البحرية. وإلى ذلك استهدفت إسرائيل مرتين مواقع خاضعة للجماعة في محافظة الحديدة من بينها مستودعات الوقود رداً على الهجمات.

وتقول الحكومة اليمنية إن الضربات الغربية ضد الجماعة غير مجدية، وإن الحل الأنجع هو دعم القوات الشرعية لاستعادة الحديدة وموانئها، وصولاً إلى إنهاء الانقلاب الحوثي، واستعادة العاصمة المختطفة صنعاء.