وزير الخارجية الفرنسي يغادر لبنان مهدداً «المعرقلين» بالعقوبات

تحدث عن إجراءات فرنسية بحقهم وأخرى تتم مناقشتها مع الاتحاد الأوروبي

TT

وزير الخارجية الفرنسي يغادر لبنان مهدداً «المعرقلين» بالعقوبات

أكد وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان أن بلاده لن تبقى مكتوفة الأيدي وستزيد الضغوط على المعرقلين في لبنان، وأنّ العقوبات الفرنسية ستتوسع لتصبح أقسى إذا استمر التعطيل، مشدداً على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها العام المقبل.
وقال لودريان خلال لقاء مع صحافيين لبنانيين قبل مغادرته بيروت، إنّ السياسيين اللبنانيين لم يتحملوا مسؤوليتهم، وفرنسا بدأت باتخاذ خطوات تمنع دخول المعطلين والفاسدين إلى أراضيها، مشيراً إلى أنّه مقابل التعطيل الذي تمارسه القوى السياسية لَمَس حيوية المجتمع المدني اللبناني الذي يعمل للمحافظة على مستقبل لبنان ونموذجه المجتمعي، والتعايش والانسجام السلمي بين طوائفه وثقافته، الأمر الذي يشكّل قوة وحدة لبنان وفرادته.
كان لودريان قد وصل إلى لبنان يوم الأربعاء الماضي، والتقى مسؤولين وممثلين عن مجموعات من الحراك المدني وأحزاب معارضة.
وشدّد لودريان على أنّ الاستحقاقات الانتخابية سنة 2022 هي استحقاقات أساسية، وأنّ احترام المواقيت الديمقراطية في لبنان أمر لا مفر منه، وأن المجموعة الدولية وحتماً فرنسا لن تقبل محاولات تأجيل الانتخابات، مشيراً إلى أنه استمع باهتمام إلى ممثلي عدد من الأحزاب والحركات التي تحمل مشاريع نماذج سياسية مختلفة.
واعتبر لودريان أنّه من الملحّ أن يخرج لبنان من المأزق السياسي وأنّه عبّر بصراحة عن هذا الأمر خلال لقاءاته مع الرؤساء من منطلق أنهم معنيون دستورياً بالاتفاق على حكومة، معلناً أنّه لاحظ أن الفاعلين السياسيين لم يتحملوا لغاية الآن مسؤوليتهم ولم ينكبّوا على العمل بجدية من أجل إعادة نهوض البلد، وأنّه في لبنان من أجل تلافي هذا النوع من «الانتحار الجماعي».
وأضاف: «إذا لم يتحركوا منذ اليوم بمسؤولية فعليهم تحمُّل نتائج هذا الفشل ونتائج التنكر للتعهدات التي قطعوها، نحن نرفض أن نبقى مكتوفي الأيدي أمام التعطيل الحاصل، ولقد بدأنا باتخاذ خطوات تمنع دخول المسؤولين السياسيين المعطِّلين والضالعين بالفساد إلى الأراضي الفرنسية، وهذه ليست سوى البداية وإذا استمر الأمر فإن هذه الخطوات ستزداد حدةً وستعمَّم وتُستكمل بأدوات ضغط يمتلكها الاتحاد الأوروبي وبدأنا بالتفكير بها معه».
وأشار لودريان إلى أنّه ومنذ بداية الأزمات في الشرق الأوسط وفي لبنان كان يسمع دائماً من كل المسؤولين اللبنانيين أنهم مع مبدأ النأي بالنفس عما يحصل في المنطقة، وأنّ هذا ما سمعه مع بدء الأزمة في سوريا، مضيفاً أنّ فرنسا مع النأي بالنفس أيضاً في الأزمة وخلالها وبعدها.
وذكّر لودريان بأنّ فرنسا كانت مع لبنان قبل مأساة انفجار المرفأ في مواجهة الأزمة التي عصفت به، وأنها خصصت إثر الانفجار أكثر من 85 مليون يورو لمجالات أربعة حددتها وفقاً للأولويات، وأوفت بتعهداتها فيما يتعلق بإعادة الإعمار والمحافظة على التراث، وتأمين الغذاء، ومساندة القطاع الصحي اللبناني، ودعم المدارس والقطاع التربوي، مضيفاً أنّ فرنسا استنفرت على المستوى السياسي، إذ دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بالتعاون مع الأمم المتحدة، إلى اجتماع للمجموعة الدولية مرتين وتم إعلان مبلغ 250 مليون يورو، ولكن بعد 8 أشهر من الجمود وانسداد الأفق يبدو أن لبنان بحاجة إلى تجديد حقيقي لممارساته السياسية والمؤسساتية.
وختم لودريان حديثه بالقول: «أنهي مهمتي بتصميم حول متابعة الضغوط على المسؤولين من أجل احترام تعهداتهم وبنفس الوقت أغادر مع شيء من التفاؤل عندما أرى إرادة هذا الشعب الراغب في التعبير عن قوته وفخره بتحديد مصير لبنان».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.