دمج جهازين حكوميين لتسهيل الإجراءات الضريبية والجمركية في السعودية

مختصون لـ«الشرق الأوسط»: إعادة الهيكلة تدعم تحقيق الكفاءة التشغيلية ومعالجة تشتت الصلاحيات

مجلس الوزراء السعودي يوافق على دمج الجمارك مع هيئة الزكاة والدخل (الشرق الأوسط)
مجلس الوزراء السعودي يوافق على دمج الجمارك مع هيئة الزكاة والدخل (الشرق الأوسط)
TT

دمج جهازين حكوميين لتسهيل الإجراءات الضريبية والجمركية في السعودية

مجلس الوزراء السعودي يوافق على دمج الجمارك مع هيئة الزكاة والدخل (الشرق الأوسط)
مجلس الوزراء السعودي يوافق على دمج الجمارك مع هيئة الزكاة والدخل (الشرق الأوسط)

تستمر الجهود السعودية نحو إعادة هيكلة الجهات الحكومية للوصول إلى النموذج الأمثل لمعالجة التحديات التي تعيق تحركات أجهزة الدولة لتحقيق نتائج سريعة نحو مستهدفات «رؤية المملكة 2030»، حيث وافق مجلس الوزراء في جلسته أول من أمس، برئاسة خادم الحرمين الشريفين، على دمج الهيئة العامة للزكاة والدخل والهيئة العامة للجمارك في هيئة واحدة باسم «هيئة الزكاة والضريبة والجمارك»، والموافقة على تنظيمها بهدف تسهيل الإجراءات الضريبية والجمركية.
وأكد مختصون لـ«الشرق الأوسط» أن القرارات الأخيرة تؤكد سعي المملكة نحو إعادة هيكلة الأجهزة الحكومية لتحقيق الكفاءة، ومعالجة المعوقات التي تواجهها، موضحين أن الهيئة الوليدة سيكون لها دور أكثر فاعلية في التنمية الاقتصادية السعودية.
وأوضح وزير المالية رئيس مجلس إدارة هيئة الزكاة والضريبة والجمارك، محمد الجدعان، أن قرار دمج الهيئتين سيسهم في تعزيز الجانب الأمني، وتحسين ممارسة الأعمال، وتيسير التجارة، وتسهيل الإجراءات الزكوية والضريبية والجمركية لقطاع الأعمال، من خلال رفع مستوى تكامل الإجراءات بين الجهتين، وتطوير منصة موحدة قائمة على التقنيات الحديثة، توفر الوقت والتكلفة على العميل، مما يعزز التنافسية الاقتصادية للمملكة واستقطاب الاستثمارات الأجنبية.
وأبان أن إنشاء هيئة الزكاة والضريبة والجمارك يعد مواكباً لأبرز الممارسات العالمية الحديثة في دول العالم، حيث يهدف إلى توحيد جهود كلا القطاعين تحت مظلة واحدة، مما يرفع من فاعلية الأداء وكفاءة الإنفاق، وذلك لتحقيق الأهداف المنشودة.
وذكر الجدعان، في بيان صدر أمس، أن الاهتمام الكبير الذي توليه القيادة للتطوير المستمر لأجهزة الدولة في القطاعات الحكومية كافة، وتطوير قدرات رأس المال البشري، هو أحد أهم ممكنات الوصول إلى مستهدفات «رؤية 2030».
ومن جانبه، قال عضو مجلس الشورى فضل البوعينين لـ«الشرق الأوسط» إن قرار دمج الهيئة العامة للزكاة والدخل والهيئة العامة للجمارك له جوانب مختلفة؛ الأول مرتبط بإعادة الهيكلة الحكومية التي ما زالت مستمرة بهدف الوصول إلى النموذج الأمثل في الهيئات والوزارات الحكومية، وبما يحقق الكفاءة، ويعالج بعض التحديات ذات العلاقة بتداخل المهام والصلاحيات.
وواصل البوعينين أن الجانب الثاني يختص بتحقيق الكفاءة التشغيلية، وجمع الإجراءات الضريبية والجمركية والزكوية تحت مظلة واحدة، بما يسهم في تسهيل الإجراءات وتكاملها وارتباطها بعضها ببعض، ومعالجة بعض تحديات قطاع الأعمال ذات العلاقة بالتشتت الضريبي والجمركي، وبما يسهم في تيسير إجراءات التجارة عموماً، ويوحد مرجعيتها.
وزاد عضو مجلس الشورى أن العائد الإيجابي الأخير يتعلق بالممارسات العالمية، حيث تقتضي مهمة تعزيز تنافسية المملكة في القطاعات الاقتصادية محاكاة النماذج العالمية المختصة بالإجراءات الضريبية والجمركية، مبيناً أن هذا الإجراء مهم لتحقيق المواءمة العالمية، وأن هدف المملكة تعزيز تجارتها العالمية، ولذلك يجب أن تكون أنظمتها ذات بعد دولي، وبما يعزز التنافسية وتدفق الاستثمارات الأجنبية.
وتابع البوعينين: «من المهم الإشارة إلى أهمية إجراءات الدمج، وضرورة انسيابيتها وعدم تأثيرها على إجراءات الهيئتين ذات العلاقة المرتبطين بهما في قطاعات الأعمال. وأعتقد أن هناك تحديات قد تبرز خلال عملية الاندماج، وتبقى المراهنة على الحد منها، ومعالجتها الفورية».
وزاد: «لعل الدمج تحت مظلة المرجعية الواحدة، مع الإبقاء على الكيانات في المرحلة الأولى، ثم تحقيق الاندماج الكلي، هو النموذج الأمثل للحد من التحديات المتوقعة».
ومن جهته، أكد خبير السياسات العامة الدكتور أكرم جدوي لـ«الشرق الأوسط» أن قرار الدمج سيعود بالنتائج الإيجابية لما يخدم الصالح العام، ويكون دافعاً نحو مزيد من العطاء والتحفيز للتميز، وتوحيد وتركيز الجهود، وتقديم الخدمات بشكل أرقى وأفضل وأسرع، وأن تؤدي الهيئة الوليدة دوراً أكثر فاعلية في التنمية الاقتصادية. وقال الدكتور جدوي إن ضم الزكاة والدخل مع الجمارك يعزز التكاملية في القرارات، ويسرع من إنجازات المعاملات، ويتوافق مع «رؤية المملكة 2030»، مؤكداً في الوقت ذاته أن السعودية تمضي قدماً نحو إعادة هيكلة الجهات ذات العلاقة لكي تنظم عملية تحصيل الإيرادات الضريبية والجمركية، وتسهل الإجراءات على العملاء. وأضاف جدوي أن إنشاء الهيئة يتواءم مع الممارسات العالمية الحديثة، ويهدف إلى توحيد جهود القطاعين، مما يؤكد حرص الحكومة الرشيدة، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، على تطوير أجهزة الدولة في القطاعات الحكومية كافة، بالإضافة إلى تنمية قدرات رأس المال البشري.


مقالات ذات صلة

«قطار الرياض» ينطلق غداً بـ 3 مسارات

الاقتصاد صورة جوية لـ«قطار الرياض» (الهيئة الملكية)

«قطار الرياض» ينطلق غداً بـ 3 مسارات

ينطلق يوم الأحد، «قطارُ الرياض» الأضخمُ في منطقة الشرق الأوسط، والذي يتضمَّن أطولَ قطار من دون سائق في العالم.

عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد خلال الجولة في «قطار الرياض» التي نظمتها الهيئة الملكية لمدينة الرياض للإعلاميين (الشرق الأوسط)

ينطلق الأحد... «قطار الرياض» يعيد هندسة حركة المرور بالعاصمة

ينطلق «قطار الرياض»، الأحد، بـ3 مسارات من أصل مساراته الـ6، الذي يتوقع أن يخفف من ازدحام السير في العاصمة السعودية بواقع 30 في المائة.

عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد ناقلة نفط يتم تحميلها في مصفاة رأس تنورة النفطية التابعة لـ«أرامكو السعودية» (رويترز)

شركات الطاقة السعودية تحقق 27.45 مليار دولار أرباحاً في الربع الثالث

حققت شركات الطاقة المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) أرباحاً بلغت نحو 102.94 مليار ريال سعودي (27.45 مليار دولار) خلال الربع الثالث من عام 2024.

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد صورة جوية لـ«قطار الرياض» (الهيئة الملكية)

السعودية تتصدر دول «مجموعة العشرين» في انخفاض تكلفة النقل العام

تتصدر السعودية دول «مجموعة العشرين» في انخفاض أسعار تكلفة النقل العام، بالمقارنة مع متوسط دخل الفرد الشهري، وفق ما أظهرته بيانات تطبيق «درب».

عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد لقطات أثناء تجربة «مترو الرياض» خلال الفترة الماضية (الهيئة الملكية لمدينة الرياض) play-circle 02:15

«قطار الرياض» يحوّل العاصمة إلى منطقة اقتصادية أكثر جذباً للشركات العالمية

يرى مختصون لـ«الشرق الأوسط» أن «قطار الرياض» الذي افتتحه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، الأربعاء، سيحول العاصمة السعودية إلى منطقة اقتصادية.

بندر مسلم (الرياض)

«إتش إس بي سي» ينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين

مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
TT

«إتش إس بي سي» ينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين

مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)

قالت مصادر مطلعة لـ«رويترز» إن بنك «إتش إس بي سي» سينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين بعد 8 سنوات من إطلاقها؛ حيث كافح البنك للتوسع وجعل المشروع مربحاً في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وقالت 3 مصادر مطلعة مباشرة على الأمر إن البنك الذي يركز على آسيا، توقّف عن إصدار بطاقات جديدة، ويعمل على تقليص الخدمة المقدمة لجزء كبير من العملاء الصينيين. وقال اثنان منهم إن الإغلاق المخطط له يأتي بعد محاولات فاشلة لبيع الأعمال.

وقالت المصادر إن البنك الذي لا يزال في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على الخطط، قد يستمر في خدمة بطاقات الائتمان لشريحة صغيرة من العملاء «المميزين». وقال أحد المصادر إن عملاء بطاقات الائتمان «المستقلين» لدى البنك، أولئك الذين لا يستخدمون خدمات «إتش إس بي سي» المصرفية في الصين، لن يتمكنوا من تجديد بطاقاتهم عند انتهاء صلاحيتها، مضيفاً أن هؤلاء العملاء يشكلون جزءاً كبيراً من الأعمال في البلاد.

ويؤكد قرار الانسحاب، الذي لم يتم الإبلاغ عنه سابقاً، على التحديات التي يواجهها البنك في توسيع نطاق وجوده في الصين كجزء من تعهده بالتحول إلى آسيا وتعميق وجوده في الاقتصادات الإقليمية الرئيسية.

ورفضت المصادر الكشف عن هُويتها لأنها غير مخوّلة بالتحدث إلى وسائل الإعلام. وقال متحدث باسم الشركة لـ«رويترز»، دون الخوض في التفاصيل: «كجزء من خدماتنا المصرفية الخاصة المتميزة والعالمية في البر الرئيسي للصين، نواصل تقديم خدمات بطاقات الائتمان التي تركز على السفر الدولي وميزات نمط الحياة».

وتمثل هذه الخطوة تراجعاً عن طموح البنك في تنمية أعمال بطاقات الائتمان في الصين بسرعة بعد إطلاقها في أواخر عام 2016 كجزء من محوره الآسيوي وتوسيع خدماته المصرفية للأفراد وإدارة الثروات في الصين.

وتُظهر بيانات من إصدارات البنك أن «إتش إس بي سي»، الذي يقع مقره الرئيسي في لندن، والذي يحقق الجزء الأكبر من إيراداته في آسيا، كان لديه نحو مليون مستخدم لبطاقات الائتمان الخاصة به في الصين بحلول سبتمبر (أيلول) 2019.

وقال أحد المصادر إنه في غضون 18 شهراً من إطلاق الخدمة، شهد بنك «إتش إس بي سي» وصول الأعمال إلى 500 مليون دولار من الرصيد المستحق، قبل أن يتوقف النمو وتنخفض المعاملات بسبب عمليات الإغلاق الصارمة الناجمة عن كوفيد في الصين... ومنذ ذلك الحين، شدد المستهلكون الصينيون الإنفاق في ظل تباطؤ الاقتصاد، مما أدى إلى انكماش سوق بطاقات الائتمان بشكل أكبر.

ووفقاً لبيانات من «إنسايت آند إنفو كونسالتينغ»، نما إجمالي إصدار البطاقات في 6 سنوات متتالية ليصل إلى ذروة بلغت 800 مليون بطاقة في عام 2021، وانخفض إلى 767 مليون بطاقة بحلول عام 2023.

وقالت مصادر إن «إتش إس بي سي» واجه أيضاً منافسة شديدة وقيوداً تنظيمية في أعمال بطاقات الائتمان في الصين لم يواجهها من قبل في أسواق أخرى، مثل القواعد المتعلقة بتسعير أسعار الفائدة وكيفية تعامل البنوك مع التخلف عن السداد. وأضافوا أن هذه القيود، إلى جانب ارتفاع تكلفة اكتساب العملاء والاحتيال، قوضت آفاق الأعمال.

وبصرف النظر عن نظرائها المصرفيين الصينيين، تواجه البنوك الأجنبية مثل «إتش إس بي سي» أيضاً تحديات من المنصات الرقمية الصينية التي توسعت بسرعة لتقديم خدمات القروض الاستهلاكية بتكاليف أقل بشكل حاد. ولا تقدم سوى حفنة من البنوك الأجنبية خدمات بطاقات الائتمان في الصين، بما في ذلك «ستاندرد تشارترد» وبنك شرق آسيا.

كما يراجع بنك «إتش إس بي سي» النفقات والضوابط التشغيلية في أعمال الثروة الرقمية الصينية، في خطوة قد تؤدي إلى تسريح العمال، حسبما ذكرت «رويترز»، الشهر الماضي.

وتُعد منطقة الصين الكبرى، التي تضم هونغ كونغ وتايوان، أكبر مصدر للدخل للمجموعة، لكن الصين هي السوق الوحيدة عالمياً التي لم تحقق فيها أعمال الثروة والخدمات المصرفية الشخصية في «إتش إس بي سي» أرباحاً بعد. وفي النصف الأول من عام 2024، أعلنت الوحدة عن خسارة قدرها 46 مليون دولار مقارنة بـ90 مليون دولار في الفترة المقابلة من العام الماضي.