السيسي لفيلتمان: الاتفاق الملزم حول «سد النهضة» قضية وجودية

السيسي خلال استقباله فيلتمان في القاهرة أمس بحضور مسؤولين من البلدين (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال استقباله فيلتمان في القاهرة أمس بحضور مسؤولين من البلدين (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي لفيلتمان: الاتفاق الملزم حول «سد النهضة» قضية وجودية

السيسي خلال استقباله فيلتمان في القاهرة أمس بحضور مسؤولين من البلدين (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال استقباله فيلتمان في القاهرة أمس بحضور مسؤولين من البلدين (الرئاسة المصرية)

في أولى محطات جولته في القارة، حل المبعوث الأميركي الخاص لمنطقة القرن الأفريقي جيفري فيلتمان، ضيفاً على القاهرة، أمس، حيث استقبله الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بحضور وزراء ومسؤولين من البلدين، في جلسة مباحثات تطرقت إلى العلاقات الثنائية مع تركيز خاص على قضية «سد النهضة» الذي تبنيه أديس أبابا على مجرى النيل، وتقول القاهرة والخرطوم إنه يضر بهما.
ونقلت الرئاسة المصرية عن السيسي قوله للمبعوث الأميركي إن «التوصل إلى اتفاق عادل ومنصف وملزم قانوناً لملء وتشغيل سد النهضة، قضية وجودية بالنسبة لمصر التي لن تقبل بالإضرار بمصالحها المائية أو المساس بمقدرات شعبها». وأشار إلى «أهمية تحمل المجتمع الدولي مسؤولياته في حلحلة تلك الأزمة، وحيوية الدور الأميركي للاضطلاع بدور مؤثر في هذا الإطار».
وفشلت محادثات استضافتها الكونغو (الرئيس الحالي الأفريقي)، مطلع الشهر الماضي، في التوصل إلى اتفاق بشأن السد، وبينما تدعو مصر والسودان إلى إشراك وسطاء دوليين (الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والاتحاد الأفريقي، والولايات المتحدة) في المفاوضات، ترفض إثيوبيا ذلك التوجه.
وشهد اللقاء بين الرئيس المصري والمبعوث الأميركي «التباحث حول عدد من الملفات الإقليمية في منطقة القرن الأفريقي، وفي مقدمتها تطورات ملف سد النهضة».
وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية السفير بسام راضي إن «فيلتمان أكد أن الإدارة الأميركية جادة في حل تلك القضية الحساسة نظراً لما تمثله من أهمية بالغة لمصر وللمنطقة والتي تتطلب التوصل إلى تسوية عادلة وشاملة».
وأضاف أن الرئيس المصري «استعرض تفصيلاً تطورات قضية سد النهضة، مؤكداً النهج المرن لمصر في التعامل مع هذه القضية على مدار السنوات الماضية في مختلف مسارات التفاوض، والذي لطالما قام على أساس السعي للتوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن وملزم قانوناً يحقق مصالح كل من مصر والسودان وإثيوبيا، ويراعي حقوق ومصالح مصر وأمنها المائي ويمنع إيقاع الضرر بها، إلا أن جميع الجهود التي بُذلت خلال عملية التفاوض لم تتوصل إلى الاتفاق المنشود نتيجة غياب الإرادة السياسية لدى الطرف الآخر»، وفق بيان الرئاسة المصرية.
وأكد السيسي في الوقت نفسه أن «مصر ما زالت تسعى للتوصل إلى اتفاق عادل ومنصف ومُلزم قانوناً لملء وتشغيل سد النهضة، بما في ذلك من خلال مسار المفاوضات برعاية الاتحاد الأفريقي بقيادة مقدرة من الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسيكيدي».
كان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، قد أعلن الأسبوع الماضي، تمسكه بالموعد الذي أعلنته بلاده للملء الثاني لخزان «سد النهضة» في يوليو (تموز) المقبل، متجاهلاً التحفظات المصرية والسودانية على المضي في الخطوة من دون اتفاق قانوني بين البلدان الثلاثة لتنظيمها.
وعلى صعيد العلاقات المصرية - الأميركية، أكد السيسي حرص بلاده على «تعزيز التعاون الثنائي مع الولايات المتحدة في إطار علاقات الشراكة الاستراتيجية الممتدة بين البلدين الصديقين والدور الحيوي لتلك الشراكة في تحقيق الاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط والقارة الأفريقية».
بدوره أكد فيلتمان «تثمين الولايات المتحدة للعلاقات الاستراتيجية مع مصر، وذلك في ضوء الثقل السياسي والدور المحوري الذي تتمتع به مصر في محيطها الإقليمي، بما يسهم في تحقيق التوازن في المنطقة، وحرص الولايات المتحدة على دفع أطر التعاون بين البلدين الصديقين ثنائياً وإقليمياً».



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.