مع الحديث الذي يجري تداوله إعلامياً عن احتمال اعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري عن الاستمرار في مهمة تشكيل الحكومة، من دون أن يصدر أي تصريح بهذا الشأن من الحريري نفسه، يبرز السؤال عن انعكاس قرار كهذا، إذا حصل، على موقع «تيار المستقبل» السياسي والشعبي قبل أشهر من موعد الانتخابات النيابية المقبلة، بعدما كانت شعبيته قد سجّلت تراجعاً في المرحلة الأخيرة على خلفية قراراته وتحالفاته السياسية، وذلك باعتراف مسؤولين في «المستقبل». فقد لقي قرار الحريري العودة إلى رئاسة الحكومة ترحيباً محدوداً وانتقاداً من حلفائه السابقين ورفضاً من خصومه.
ويرى النائب عن تيار «المستقبل» محمد الحجار، ومدير عام شركة «ستاتيستكس ليبانون» ربيع الهبر، أن انتقال «المستقبل» إلى المعارضة، إذا حصل انطلاقاً من المعلومات بشأن إمكانية اعتذار الحريري، من شأنه أن ينعكس إيجاباً عليه شعبياً وتحديداً في صفوف الطائفة السُّنية التي شهدت بعض التململ من مواقفه لا سيما تحالفه مع «التيار الوطني الحر».
ويؤكد الحجار في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «(المستقبل) كان وسيبقى في موقع المنسجم مع قناعاته، وما يحكم البوصلة بالنسبة إليه هي المصلحة الوطنية أولاً ثم مصلحة التيار وليس كغيرنا الذي يعطي الأولوية لمصالحه الشخصية، وأي قرار يأخذه لا يرتبط بالانتخابات النيابية، وهذا المبدأ دفعنا ثمنه شعبياً نتيجة المواقف السياسية في مراحل سابقة في الحكومات والتسويات وغيرها على قاعدة تسهيل الأمور في البلد».
وعن رأيه في اعتبار أن تيار «المستقبل» سيكون أقوى شعبياً إذا انتقل إلى صفوف المعارضة، يقول الحجار: «لا شكّ إذا كنا في السلطة سنكون في السياسة أقوى بينما وجودنا في المعارضة سينعكس إيجاباً على التيار»، معتبراً في الوقت عينه أنه في الفترة الأخيرة استعاد «المستقبل» موقعه بعدما عمد إلى إعادة تصويب البوصلة السياسية، مشدداً: «لكن ما يمكن تأكيده بغضّ النظر عن أي موقف سيأخذه الحريري اليوم، أنه لا عودة إلى الوراء، حيث تنازلنا في بعض القضايا، وجمهورنا متفهم وسيتفهم مواقفنا».
بدوره يرى الهبر أن انتقال «المستقبل» إلى المعارضة سيُكسبه شعبياً، لكن سياسياً لا يمكن التكهّن بهذه النتائج وتحديداً في الانتخابات النيابية التي تتحكم بها التحالفات. ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «إذا اختار الحريري الاعتذار وعدم المشاركة في السلطة لا شك أنه سيحسّن صورته بعد التراجع الذي وصل إليه في صفوف الطائفة السنية بشكل عام كما أنه سيتزعّم أيضاً ما يمكن وصفهم بالمترددين في الطائفة، لا سيما أن الكثيرين كانوا قد وضعوا علامات استفهام على تحالفاته السياسية في المرحلة السابقة وتحديداً تلك التي نسجها مع رئيس الجمهورية ميشال عون، ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، وما صدر منه من مواقف على خلفيتها».
ويلفت الهبر إلى أن التموضع في موقع المعارضة لأي جهة سياسية أو حزب من شأنه أن يُكسبه شعبياً، ويرى أنه من السابق لأوانه تقدير حجم الكتلة النيابية التي سيحصل عليها «المستقبل» في الانتخابات النيابية التي ترتبط أيضاً بالتحالفات السياسية التي سيعتمد عليها في خوضه هذا الاستحقاق، لكنه في الوقت عينه لا يرى أي تغيّر جذري في نتائج الانتخابات المقبلة، قائلاً: «لا تزال الأحزاب السياسية والطائفية هي القابضة على الشارع اللبناني، والتغيير الوحيد الذي قد يحدث هو إذا نجحت المعارضة ومجموعات المجتمع المدني في توحيد صفوفها وعقد تحالفات متينة في مواجهة هذه الأحزاب».
مع العلم أن تيار «المستقبل»، وبعد اعتماد قانون انتخابات جديد في انتخابات عام 2018 حصل على 21 مقعداً في مجلس النواب بعدما كانت كتلته تضم 33 نائباً، وأقر آنذاك رئيسه، رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، بأن تقديراته كانت مغايرة، معلناً أنه كان يتوقع فوزه بعدد أكبر من المقاعد لا سيما في العاصمة بيروت التي حصل فيها على ستة مقاعد فقط.
«المستقبل» في المعارضة يخسر سياسياً ويكسب شعبياً
«المستقبل» في المعارضة يخسر سياسياً ويكسب شعبياً
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة