خبراء: معالجة مشكلة السمنة بطيئة بشكل غير مقبول

دولة فقط من بين كل 4 دول تنفذ سياسة للغذاء الصحي

شخص يعاني من زيادة الوزن يأكل وجبة في لندن (أ.ب)
شخص يعاني من زيادة الوزن يأكل وجبة في لندن (أ.ب)
TT

خبراء: معالجة مشكلة السمنة بطيئة بشكل غير مقبول

شخص يعاني من زيادة الوزن يأكل وجبة في لندن (أ.ب)
شخص يعاني من زيادة الوزن يأكل وجبة في لندن (أ.ب)

قال خبراء إن التقدم العالمي في معالجة مشكلة السمنة «بطيء بشكل غير مقبول»، حيث إن دولة واحدة فقط من بين كل أربع دول كانت تنفذ سياسة للغذاء الصحي قبل عام 2010.
وقال باحثون في سلسلة دراسات نشرت في دورية «لانسيت» الطبية إنه في أقل من جيل زادت بشكل كبير معدلات السمنة بين الأطفال في العالم، رغم أن بلدانا قليلة اتخذت خطوات تنظيمية لحماية الأطفال، ونفذت السياسات الموصى بها للغذاء الصحي، حسب «رويترز».
وقالت كريستينا روبرتو بكلية تي إتش تشان للصحة العامة بجامعة هارفارد، التي شاركت في واحدة من الدراسات «يجب أن نعيد صياغة فهمنا للسمنة بشكل كامل إذا كان لنا أن نوقف ونقلل وباء السمنة العالمي. فمن جهة نحن بحاجة إلى الاعتراف بأن الأفراد يتحملون بعضا من المسؤولية عن صحتهم، ومن جهة أخرى يجب أن ندرك أن بيئات الغذاء اليوم تستغل نقاط الضعف البيولوجي والنفسي والاجتماعي والاقتصادي للأشخاص لتسهل لهم تناول الأطعمة غير الصحية».
وبحسب منظمة الصحة العالمية فإن 39 في المائة من البالغين في العالم في 2014 عانوا من الوزن الزائد، فيما أصيب 13 في المائة منهم بالسمنة. وفي 2013 كان 42 مليون طفل دون الخامسة مصابين بزيادة الوزن أو السمنة.
وتشير البيانات الجديدة المنشورة في دورية «لانسيت» إلى أن الأطفال في الولايات المتحدة يستهلكون في المتوسط 200 سعر حراري يوميا، أي أكثر من المعدل في السبعينات من القرن الماضي بما يساوي طعاما قيمته 400 دولار للطفل سنويا، أو 20 مليار دولار سنويا في صناعة الغذاء الأميركية.
وجادل تيم لوبشتاين، من الاتحاد العالمي لمكافحة السمنة وأحد الباحثين المشاركين في سلسلة الدراسات، أن لصناعة الغذاء مصلحة خاصة في استهداف الأطفال، لأن التعرض المتكرر للأطعمة السريعة التحضير والمشروبات السكرية في مرحلة الطفولة يشكل المذاق المفضل لديهم بما يجذبهم للعلامات التجارية ويحقق لها أرباحا عالية. وقال «يمثل الأطفال البدناء استثمارا في مبيعات الشركات مستقبلا». وأضاف أن قيمة السوق العالمية للأطعمة السريعة التحضير التي تستهدف الأطفال تبلغ 19 مليار دولار ارتفاعا من 13.7 مليار في 2007».
وطالب الباحثون برقابة وتنظيم أكثر صرامة لصناعة الغذاء، بما يشمل قانونا دوليا لتسويق الغذاء لحماية صحة الأطفال وتنظيم جودة التغذية في المدارس، وفرض ضرائب على المنتجات غير الصحية، وتقديم دعم لتوفير الأغذية الصحية للأسر الأكثر فقرا.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».