فيلتمان إلى القاهرة والخرطوم وأديس أبابا لفك الجمود

جيفري فيلتمان (رويترز)
جيفري فيلتمان (رويترز)
TT

فيلتمان إلى القاهرة والخرطوم وأديس أبابا لفك الجمود

جيفري فيلتمان (رويترز)
جيفري فيلتمان (رويترز)

يبدأ «المبعوث الأميركي الخاص للقرن الأفريقي، جيفري فيلتمان، اليوم جولة في المنطقة تشمل مصر والسودان وإريتريا وإثيوبيا، لبحث تسوية سلمية لعدد من القضايا العالقة ومن بينها ملف سد النهضة والتوتر الحدودي بين السودان وإثيوبيا».
ويناقش فيلتمان خلال رحلته الأولى له منذ تعيينه في هذا المنصب، الجهود المبذولة للحد من التوترات المتصاعدة في المنطقة بين مصر والسودان من جهة وإثيوبيا من جهة أخرى، على خلفية تشغيل سد النهضة الإثيوبي على النيل الأزرق، بالإضافة إلى الوضع المتردي في منطقة تيغراي الإثيوبية التي تشهد نزاعاً منذ ستة أشهر. وكان مقرراً أن يصل فيلتمان، الذي تم تعيينه الأسبوع الماضي، إلى القاهرة أمس الثلاثاء، على أن يقوم بدبلوماسية مكوكية بين إريتريا وإثيوبيا والسودان حتى 13 مايو (أيار) الحالي. وأفادت وزارة الخارجية الأميركية في بيان بأن فيلتمان «سيعقد اجتماعات مع مسؤولين من الحكومات المعنية وكذلك الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي».
ويرى مراقبون أن «زيارة المبعوث الأميركي تأتي بعد أيام من إعلان إثيوبيا قرب اكتمال بناء (سد النهضة)، وبدء التعبئة الثانية في موعدها». وتصاعد النزاع في الآونة الأخيرة، عقب إصرار إثيوبيا على تنفيذ المرحلة الثانية من ملء خزان السد خلال موسم الفيضان المقبل، دون الانتظار لإبرام اتفاق مع مصر والسودان، ينظم قواعد ملء وتشغيل السد.
وانتقدت الخارجية الإثيوبية أمس، ما وصفته بـ«الحملة الدعائية غير المبررة والاستفزازية والعدوانية التي تشنها وزارة خارجية السودان ضد إثيوبيا». وذكرت الوزارة الإثيوبية، في بيان نشرته على صفحتها على موقع «فيسبوك»، أن إثيوبيا «لطالما امتنعت عن الرد على الروايات العديدة الملفقة التي ترد في البيانات الصحافية الصادرة عن المؤسسات السودانية مراعاة للعلاقات التاريخية والأخوية بين شعبي إثيوبيا والسودان الشقيقين».
واتهمت الوزارة الجانب السوداني بانتهاك المبادئ الدولية والاتفاقياتة الثنائية وآليات الحدود المشتركة. وقالت إن «الأعمال العسكرية العدائية غير المسبوقة التي يقوم بها السودان أدت إلى نهب وحرق للممتلكات وقتل للمدنيين، فضلا عن تشريد الآلاف من الإثيوبيين».
وردا على تلميح السودان بأنه قد يلجأ إلى إعادة النظر في سيادة إثيوبيا على إقليم «بني شنقول» الذي يقام عليه سد النهضة حال استمرت أديس آبابا في نهج «التنصل» من الاتفاقيات الدولية المتعلقة بمياه النيل والحدود بين البلدين، قالت الخارجية الإثيوبية في البيان إن «الإشارة إلى منطقة بني شنقول سخيفة للغاية. من المعروف أن الأراضي التاريخية لإثيوبيا في الغرب كانت لتمتد إلى ما وراء حدود إثيوبيا الحالية لولا الاتفاقيات الحدودية القائمة».
وجددت الخارجية الإثيوبية التأكيد على أن «إصرار دول المصب على احتكار مياه النيل وتسييس القضايا الفنية (بشأن سد النهضة) هي التحديات الرئيسية التي تواجهها المفاوضات الثلاثية» الإثيوبية السودانية المصرية. وتؤكد إثيوبيا أنها ماضية في الملء الثاني لسد النهضة خلال موسم المطر في شهري يوليو (تموز) وأغسطس (آب). وتخشى القاهرة والخرطوم على حصتهما من مياه النيل، وتتهمان أديس آبابا بالتعنت وإفشال المفاوضات التي جرت خلال السنوات الماضية بشأن سد النهضة.
من جهته دعم مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية للبرلمان) جهود الحكومة المصرية إزاء تعاملها مع قضية «سد النهضة» الإثيوبي. وقال رئيس مجلس الشيوخ، عبد الوهاب عبد الرازق، إننا «نتابع (المسلك الرائع) للقيادات المصرية في التعامل مع تطورات قضية (سد النهضة)». وأضاف خلال الجلسة العامة للمجلس أمس، أن «الدولة المصرية تلتزم فيه (بالخلق المصري الأصيل)، وما يمليه القانون الدولي والأعراف المصرية، ولن تنزلق أو تندفع وراء ما لا طائل منه». وأشار رئيس مجلس الشيوخ المصري إلى أن «المجلس تابع بكل ما أؤتي من وطنية وإخلاص، الجهود التي سوف تكلل بالنجاح للقيادة المصرية، وأن (الشيوخ) ينظر بعين الرضا والدعم للجهود المتواصلة في هذا الملف».
في سياق آخر، انتقد النائب عمرو عزت، عضو مجلس الشيوخ المصري، عن «تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين»، «قيام بعض الإثيوبيين باقتحام دير السلطان المملوك للكنيسة المصرية للأقباط الأرثوذكس، ويقع داخل أسوار البلدة القديمة لمدينة القدس».
وأكد عزت خلال كلمته في الجلسة العامة لمجلس الشيوخ أمس، أن «الإثيوبيين قاموا بنصب خيمة في ساحة الدير (مساء الخميس الماضي)، ووضعوا العلم الإثيوبي عليها، ما أثار غضب الرهبان المصريين، وذلك في محاولة لطمس الهوية المصرية في الدير التابعة للكنيسة الأرثوذكسية»، مشيراً إلى أن «صداماً وقع بين الرهبان المصريين والإثيوبيين على مرأى ومسمع من سلطة إسرائيل». ولفت عزت إلى أن «هناك وثائق عديدة تؤكد أحقية الدولة المصرية في الدير»، مشدداً على أن «(تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين) ترفض جميع الممارسات الإثيوبية التي تمت داخل الدير التابع للكنيسة الأرثوذكسية»، مطالباً السلطات المصرية بـ«سرعة التدخل للحفاظ على الحقوق التاريخية للكنيسة المصرية في ذلك الدير».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.