الكشف عن مجزرة ارتكبتها قوات النظام السوري لدى دخولها إلى بلدة بريف حلب الشمالي

لا مؤشرات على مفاوضات حول 59 أسيرًا نظاميًا وأجنبيًا لدى المعارضة

الكشف عن مجزرة ارتكبتها قوات النظام السوري لدى دخولها إلى بلدة بريف حلب الشمالي
TT

الكشف عن مجزرة ارتكبتها قوات النظام السوري لدى دخولها إلى بلدة بريف حلب الشمالي

الكشف عن مجزرة ارتكبتها قوات النظام السوري لدى دخولها إلى بلدة بريف حلب الشمالي

أكدت مصادر المعارضة السورية في شمال البلاد لـ«الشرق الأوسط» أن أعداد الأسرى من قوات النظام، ومقاتلين أجانب من الأفغان والإيرانيين كانوا يقاتلون إلى جانبها في الهجوم الأخير على ريف حلب الشمالي «ارتفع إلى 59 أسيرا يتوزعون على جميع الفصائل العسكرية المعارضة التي قالت في المعركة»، في حين وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 48 شخصا في «مجزرة جديدة ارتكبتها القوات النظامية بحق مقاتلين معارضين وعائلاتهم في بلدة رتيان» لدى اقتحامها الثلاثاء الماضي.
من جانب آخر ذكرت المصادر أن 8 أسرى، أضيفوا إلى 51 أسيرا كانت المعارضة احتجزتهم أول من أمس في ريف حلب الشمالي، «يحرسهم مقاتلون معارضون يمثلون جميع الفصائل المقاتلة»، مشيرة إلى «غياب أي خطة حتى الآن للتفاوض على إطلاق سراحهم»، في وقت انكفأت فيه القوات الحكومية في باشكوي، وانحصر وجودها فيها.
وقال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» إن قوات المعارضة «في أفضل حالاتها واستعادت زمام المبادرة في شمال حلب»، وذلك «بعد وصول تعزيزات من ريفي حلب وإدلب إلى منطقة الاشتباكات»، مشيرا إلى أن المعارك «انحصرت في محيط باشكوي وداخل البلدة، بعد استعادة قوات المعارضة السيطرة على المنطقة التي فقدت السيطرة عليها إثر الهجوم الثلاثاء الماضي». ولفت إلى مشاركة «مقاتلين يتبعون الجبهة الشامية، والجبهة الإسلامية، وجبهة النصرة (فرع تنظيم القاعدة في سوريا) وتنظيم المهاجرين والأنصار في المعركة».
كان ناشطون أكدوا أن مقاتلي الجيش السوري الحر ومقاتلين إسلاميين ضمن صفوف قوات المعارضة، تمكنوا من فرض سيطرتهم على قرية حردتنين بريف حلب الشمالي، بعد معارك عنيفة مع قوات النظام والمسلحين الموالين لها وتمكن الأخير من الفرار من مدرسة وعدة منازل كان يتحصن بها في أطراف حردتنين، إلى قرية باشكوي بالريف الشمالي. وقصفت قوات النظام مناطق في بلدة رتيان وحيان، ومناطق أخرى في قرية حردتنين بريف حلب الشمالي، بالتزامن مع وقوع معارك بين الكتائب المقاتلة والكتائب الإسلامية من طرف، وقوات النظام مدعمة بقوات الدفاع الوطني من طرف آخر، في حي سليمان الحلبي وعلى أطراف حي كرم الجبل قرب ثكنة هنانو شرق حلب.
وبعدما تمكنت القوات النظامية وحلفاؤها من احتلال عدد من القرى بينها رتيان، شن مقاتلو المعارضة هجوما مضادا ونجحوا في استعادة هذه المناطق، وبينها منطقة مزارع الملاح التي كان جزء منها في أيدي القوات النظامية منذ أشهر. ولدى الدخول إلى بلدة رتيان، وثق ناشطون مقتل 48 شخصا على أيدي قوات النظام السوري، بينهم 10 أطفال، وقد تم إعدامهم بالرصاص.
ووصف عبد الرحمن ما حصل بـ«المجزرة» و«جريمة حرب»، موضحا أنهم أعدموا 48 مواطنا سوريا، هم 13 عنصرا من فصائل مقاتلة وإسلامية، بينهم ممرض وطباخ، مع أفراد عائلاتهم في رتيان لدى اقتحامها الثلاثاء الماضي. وقال إن بين المدنيين الذين أعدموا بإطلاق الرصاص 10 أطفال و5 نساء، وإن الأشخاص المقتولين ينتمون إلى 6 عائلات.
وأشار المرصد إلى أن معظم القتلى سقطوا داخل منازلهم، إذ رافق «مخبرون» عناصر قوات النظام والمسلحين الموالين لهم الذين اقتحموا البلدة، إلى المنازل، حيث «لم تحصل مقاومة، باستثناء منزل واحد أطلق فيه أحدهم رصاصتين، لكنه ما لبث أن قتل مع أفراد عائلته». كما قتل آخر لدى محاولته الفرار مع أفراد عائلته بسيارة.
بدوره، أكد مدير وكالة «شهبا برس» الإخبارية المحلية (معارضة) مأمون أبو عمر لوكالة «الصحافة الفرنسية» وقوع «المجزرة». وقال إن «قوات الأسد اقتحمت منازل العائلات في رتيان لترتكب أفظع الجرائم من دون تمييز بين أطفال وشيوخ ونساء». وذكر أن بعض القتلى «ذبحوا بالسكاكين وتم التنكيل بهم».
ونشرت الوكالة شريط فيديو ظهرت فيه جثث رجال، وبدا في لقطة طفل يزيح غطاء عن إحدى الجثث ويجهش بالبكاء. وأشار أبو عمر إلى مشاركة حزب الله اللبناني في عمليات الاقتحام.
وتحدث المرصد عن معلومات «عن إعدامات أخرى نفذتها قوات النظام والمسلحون الموالون لها في حردتنين القريبة من رتيان في حق مقاتلين ومدنيين يتم التحقق منها». وقال المرصد إنه استند لتأكيد معلوماته إلى صور وأشرطة فيديو وشهادات سكان وأشخاص انتقلوا إلى رتيان بعد انسحاب قوات النظام منها الأربعاء. ونقل عن شهود ومقاتلين أن قائد العملية على رتيان كان لبنانيا، وقد قتل في المعركة.
وقتل في معارك شمال حلب منذ الثلاثاء 129 عنصرا من قوات النظام والمسلحين الموالين لها بينهم 5 عناصر من حزب الله، بحسب المرصد. كما قتل 116 مقاتلا من الفصائل المعارضة بينهم 86 سوريا. ونشرت مواقع إلكترونية سورية معارضة أمس، أنباء عن تشييع النظام في حي الزهراء في مدينة حمص الخاضعة لسيطرته، 35 عسكريا قتلوا في الهجوم في حلب.
هذا، ووفق المصادر التي يعتد بها، لم يحقق الهجوم أهدافه، وبينها قطع طريق الإمدادات على المعارضة المسلحة في مدينة حلب وفك الحصار عن بلدتي نبل والزهراء الشيعيتين الموجودتين في المنطقة واللتين يحيط بهما مقاتلو المعارضة منذ نحو سنة.
وتتقاسم قوات النظام وفصائل المعارضة السيطرة على مدينة حلب التي اندلعت المعارك فيها في صيف 2012 بعد نحو سنة ونصف السنة على بدء النزاع.



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.