«دبلوماسية واشنطن» تؤثر على سوق العقار في «زمن كورونا»

عقاريون لـ «الشرق الأوسط»: إقبال مرتقب من المستثمرين الأجانب رغم تصاعد الأسعار 15 %

سوق العقارات الأميركية تشهد بوادر تعاف قوية وسط تعزيز تراجع أسعار الفائدة (الشرق الأوسط)
سوق العقارات الأميركية تشهد بوادر تعاف قوية وسط تعزيز تراجع أسعار الفائدة (الشرق الأوسط)
TT

«دبلوماسية واشنطن» تؤثر على سوق العقار في «زمن كورونا»

سوق العقارات الأميركية تشهد بوادر تعاف قوية وسط تعزيز تراجع أسعار الفائدة (الشرق الأوسط)
سوق العقارات الأميركية تشهد بوادر تعاف قوية وسط تعزيز تراجع أسعار الفائدة (الشرق الأوسط)

كثيراً ما يتساءل البعض عن العلاقة التي تربط الاقتصاد بالسياسة، ومَن المتحكم في هذه العلاقة، فهل يعمل السياسي من أجل النجاح الاقتصادي، أم إن الاقتصادي يعمل ضمن خطة وأهداف السياسي؟ ورغم أن هذه «الجدلية المستمرة» لم تصل إلى نتيجة قاطعة، فإن وباء «كورونا» ربما غيّر كثيراً من المفاهيم، وأكد أنه على كلا الطرفين التعاون مع الآخر.
هذا المثال العملي لمسته أسواق العالم كافة، وكيف تتهاوى أسهم الشركات، وإفلاس كثير من المصانع أو المحلات، يؤكد أن الحالة التنافسية بين السياسي والاقتصادي لا تهم كثيراً في حال من يقود هذه العلاقة.
علي ناصر؛ الخبير العقاري في منطقة واشنطن العاصمة الأميركية، يؤكد أن سوق العقار شهدت تأثراً كبيراً في أميركا بسبب وباء «كورونا» الذي ألمّ بالعالم أجمع، «بيد أن التعاون الذي حدث بين الحكومة الفيدرالية والعديد من البنوك والاقتصاديين، عكس الموقف تماماً وساهم في نمو السوق بشكل جيد»، مرجعاً السبب إلى «الإجراءات التي اتُّبعت، والعروض التي قدمتها البنوك في تخفيض نسبة الفوائد».
وقال ناصر لـ«الشرق الأوسط»: «أثر وباء (كوفيد19) كان أليماً وواضحاً على الأسواق التجارية كافة في العالم، ومع ذلك، كانت سوق العقار مرنة بشكل كبير»، مستطرداً: «صمدت العقارات في وجه العاصفة بشكل جيد، ولا تزال تمثل استثماراً كبيراً حتى الآن».
وأرجع العقاري ناصر ذلك إلى «الغالبية المستفيدة من أسعار الفائدة المنخفضة، حيث تعد فرصة سانحة لشراء المنزل الأول، أو الاستبدال بالمنازل الحالية مساكن أكبر حجماً، كما أن سلوك المستهلك يتغير مع زيادة الرغبة في السكن بالضواحي، والمناطق الريفية».
وعند سؤاله عن تقييمه سوق العقارات في أميركا خلال الفترة الراهنة، أفاد علي ناصر بأن «السوق تشهد مزيجاً من أسعار الفائدة المنخفضة، والمخزون المنخفض من المساكن، وهو ما جعل السوق تشهد نشاطاً كبيراً في جميع أنحاء البلاد»، كما وصف «تنافسية المشترين» بأنها «حُلوة للمشتري ومالحة للبائعين»، بسبب الضغط في عملية العرض والطلب.
وأضاف: «خلال الأعوام الأخيرة، أصبحت منطقة واشنطن العاصمة رابع أغلى سوق للعقار في أميركا، ليس بعيداً عن لوس أنجلوس وسان فران ونيويورك؛ لأن المناخين السياسي والاقتصادي في العاصمة مواتيان للمشرعين والشركات الكبرى مثل (أمازون)، التي أعلنت عن انتقالها إلى منطقة واشنطن».
ورغم التقارير الإعلامية التي تفيد بارتفاع أسعار سوق العقار بنحو 15 في المائة أو أكثر، مع ارتقاع مواز في نسبة الفائدة التي وصلت في منتصف العام الماضي إلى أقل من 3 في المائة، فإن الإقبال لا يزال يشهد نمواً جيداً؛ على حد قول الخبير العقاري، مفيداً بأن «المستهلكين من (جيل الألفية) حساسون للأسعار، وهم يشكلون غالبية المتقدمين للحصول على القروض، ومع القلق من انعدام الأمن الوظيفي خلال وباء (كورونا)، طبّقت البنوك ومؤسسات الإقراض إرشادات أكثر صرامة، تضمن للمقترضين استعداداً جيداً لاستيعاب مدفوعات الرهن العقاري».
بدوره، عدّ مارك لوهان، المدير التنفيذي في شركة «سوث باي» العقارية الدولية، أن «سوق الولايات المتحدة جذابة للمستثمرين الأجانب من حيث استقرارها وقيمتها النسبية، وتعدّ منطقة واشنطن العاصمة، مثالاً، قيمة جذابة مقارنة بالعواصم الأخرى حول العالم، ومع الاقتصاد الإقليمي القوي الذي تغذيه الحكومة الفيدرالية والتكنولوجيا والرعاية الصحية، أثبتت عقارات واشنطن أنها استثمار قوي طويل الأجل، ونعتقد أنها توفر فرصة لتقدير كبير».
وأكد لوهان، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «العلاقات الدبلوماسية الأميركية مع دول العالم تنعكس إيجابياً على السوق العقارية»، متفائلاً بأن «إدارة بايدن ستكون جادة في معالجة الوباء، مما سيؤدي إلى زيادة تحسين السوق لكل من العقارات السكنية والتجارية على المدى القصير، وسيخلق الاقتصاد الأميركي المتنامي مزيداً من الطلب، وسيستمر النظر إلى العقارات على أنها تحوط ضد التضخم المستقبلي على مدى السنوات العديدة المقبلة».
وأضاف: «على المدى الطويل، نعتقد أن جهود إدارة بايدن لتعزيز العلاقات الدبلوماسية حول العالم ستجعل الولايات المتحدة وواشنطن العاصمة على وجه الخصوص وجهة أكثر جاذبية لرأس المال العالمي». وزاد: «لطالما قدمت الولايات المتحدة فرصة مستقرة وآمنة نسبياً للمستثمرين العقاريين العالميين، بغض النظر عن المكان الذي يأتون منه... لأن السوق في جميع أنحاء الولايات المتحدة كبيرة بما يكفي لاستيعاب كميات كبيرة من الاستثمار من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الصين، دون خلق مخاطر سوق غير ضرورية».
يذكر أن «رابطة العقاريين الدوليين» قدّمت في تقريرها الأخير معلومات وبيانات عن الدول الأجنبية التي تمتلك وتستثمر في العقارات الأميركية؛ إذ تتربع الصين على قمة هذه القائمة بقيمة استثمارية تقدّر بـ15 مليار دولار، ثم كندا 9.5 مليار دولار، والمكسيك في المرتبة الثالثة بـ5.8 مليار دولار، تليها الهند بـ5.4 مليار دولار، وأخيراً كولومبيا بـ1.3 مليار دولار.


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

الاقتصاد مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه يوم الأربعاء المقبل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد يقوم أحد عمال البريد الأميركي بتفريغ الطرود من شاحنته في مانهاتن أثناء تفشي فيروس كورونا (رويترز)

ترمب يدرس خصخصة خدمة البريد وسط خسائر مالية ضخمة

يبدي الرئيس المنتخب دونالد ترمب اهتماماً بالغاً بخصخصة خدمة البريد الأميركية في الأسابيع الأخيرة، وهي خطوة قد تُحْدث تغييرات جذرية في سلاسل الشحن الاستهلاكي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الاقتصاد أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)

ارتفاع تقييمات الأسهم الأميركية يثير مخاوف المستثمرين من تصحيح وشيك

تتزايد المخاوف في الأسواق المالية بعد الارتفاعات الكبيرة في تقييمات الأسهم الأميركية في الأسابيع الأخيرة؛ ما يشير إلى أن السوق قد تكون على وشك تصحيح.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ شعار شركة ديلويت المسؤولة عن البوابة الإلكترونية للولاية (وسائل إعلام محلية)

اختراق معلومات شخصية ومصرفية لمئات الآلاف من سكان ولاية أميركية

اخترقت مجموعة دولية من المجرمين المعلومات الشخصية والمصرفية لمئات الآلاف من سكان ولاية رود آيلاند الأميركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
خاص ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)

خاص قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025

يقف عام 2025 عند منعطف محوري مع تنامي المواجهة التجارية بين الولايات المتحدة والصين ووسط استمرار التوترات الجيوسياسية.

هلا صغبيني (الرياض)

إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
TT

إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)

أعلن وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي، المهندس صالح الجاسر، عن تحقيق الموانئ تقدماً كبيراً بإضافة 231.7 نقطة في مؤشر اتصال شبكة الملاحة البحرية، وفق تقرير «مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)» لعام 2024، إلى جانب إدخال 30 خطاً بحرياً جديداً للشحن.

كما كشف عن توقيع عقود لإنشاء 18 منطقة لوجيستية باستثمارات تتجاوز 10 مليارات ريال (2.6 مليار دولار).

جاء حديث المهندس الجاسر خلال افتتاح النسخة السادسة من «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»، في الرياض، الذي يهدف إلى تعزيز التكامل بين أنماط النقل ورفع كفاءة الخدمات اللوجيستية، ويأتي ضمن مساعي البلاد لتعزيز موقعها مركزاً لوجيستياً عالمياً.

وقال الوزير السعودي، خلال كلمته الافتتاحية في المؤتمر، إن «كبرى الشركات العالمية تواصل إقبالها على الاستثمار في القطاع اللوجيستي؛ من القطاع الخاص المحلي والدولي، لإنشاء عدد من المناطق اللوجيستية».

يستضيف المؤتمر، الذي يقام يومي 15 و16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عدداً من الخبراء العالميين والمختصين، بهدف طرح التجارب حول أفضل الطرق وأحدث الممارسات لتحسين أداء سلاسل الإمداد ورفع كفاءتها. كما استُحدثت منصة تهدف إلى تمكين المرأة في القطاع من خلال الفرص التدريبية والتطويرية.

وأبان الجاسر أن منظومة النقل والخدمات اللوجيستية «ستواصل السعي الحثيث والعمل للوصول بعدد المناطق اللوجيستية في السعودية إلى 59 منطقة بحلول 2030، من أصل 22 منطقة قائمة حالياً، لتعزيز القدرة التنافسية للمملكة ودعم الحركة التجارية».

وتحقيقاً لتكامل أنماط النقل ورفع كفاءة العمليات اللوجيستية، أفصح الجاسر عن «نجاح تطبيق أولى مراحل الربط اللوجيستي بين الموانئ والمطارات والسكك الحديدية بآليات وبروتوكولات عمل متناغمة؛ لتحقيق انسيابية حركة البضائع بحراً وجواً وبراً، بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، ودعم العمليات والخدمات اللوجيستية وترسيخ مكانة المملكة مركزاً لوجيستياً عالمياً».

وخلال جلسة بعنوان «دور الازدهار اللوجيستي في تعزيز أعمال سلاسل الإمداد بالمملكة وتحقيق التنافسية العالمية وفق (رؤية 2030)»، أضاف الجاسر أن «الشركة السعودية للخطوط الحديدية (سار)» تعمل على تنفيذ ازدواج وتوسعة لـ«قطار الشمال» بما يتجاوز 5 مليارات ريال (1.3 مليار دولار)، وذلك مواكبةً للتوسعات المستقبلية في مجال التعدين بالسعودية.

إعادة التصدير

من جهته، أوضح وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، أن السعودية سجلت في العام الحالي صادرات بلغت 61 مليار ريال (16.2 مليار دولار) من قطاع إعادة التصدير، بنمو قدره 23 في المائة مقارنة بالعام الماضي، «وهو ما تحقق بفضل البنية التحتية القوية والتكامل بين الجهات المعنية التي أسهمت في تقديم خدمات عالية الكفاءة».

وأشار، خلال مشاركته في جلسة حوارية، إلى أن شركة «معادن» صدّرت ما قيمته 7 مليارات ريال (1.8 مليار دولار) من منتجاتها، «وتحتل السعودية حالياً المركز الرابع عالمياً في صادرات الأسمدة، مع خطط لتحقيق المركز الأول في المستقبل».

جلسة حوارية تضم وزير النقل المهندس صالح الجاسر ووزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف (الشرق الأوسط)

وبين الخريف أن البلاد «تتمتع بسوق محلية قوية، إلى جانب تعزيز الشركات العالمية استثماراتها في السعودية، والقوة الشرائية الممتازة في منطقة الخليج»، مما يرفع معدلات التنمية، مبيناً أن «قوة السعودية في المشاركة الفاعلة بسلاسل الإمداد تأتي بفضل الموارد الطبيعية التي تمتلكها. وسلاسل الإمداد تساهم في خفض التكاليف على المصنعين والمستثمرين، مما يعزز التنافسية المحلية».

وفي كلمة له، أفاد نائب رئيس «أرامكو السعودية» للمشتريات وإدارة سلاسل الإمداد، المهندس سليمان الربيعان، بأن برنامج «اكتفاء»، الذي يهدف إلى تعزيز القيمة المُضافة الإجمالية لقطاع التوريد في البلاد، «أسهم في بناء قاعدة تضم أكثر من 3 آلاف مورد ومقدم خدمات محلية، وبناء سلاسل إمداد قوية داخل البلاد؛ الأمر الذي يمكّن الشركة في الاستمرار في إمداد الطاقة بموثوقية خلال الأزمات والاضطرابات في الأسواق العالمية».

توقيع 86 اتفاقية

إلى ذلك، شهد «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية» في يومه الأول توقيع 86 اتفاقية؛ بهدف تعزيز أداء سلاسل الإمداد، كما يضم معرضاً مصاحباً لـ65 شركة دولية ومحلية، بالإضافة إلى 8 ورشات عمل تخصصية.

جولة لوزيرَي النقل والخدمات اللوجيستية والصناعة والثروة المعدنية في المعرض المصاحب للمؤتمر (الشرق الأوسط)

وتسعى السعودية إلى لعب دور فاعل على المستوى العالمي في قطاع الخدمات اللوجيستية وسلاسل التوريد، حيث عملت على تنفيذ حزمة من الإصلاحات الهيكلية والإنجازات التشغيلية خلال الفترة الماضية، مما ساهم في تقدمها 17 مرتبة على (المؤشر اللوجيستي العالمي) الصادر عن (البنك الدولي)، وساعد على زيادة استثمارات كبرى الشركات العالمية في الموانئ السعودية».