«الحلوم» قبرصي... بدعم الاتحاد الأوروبي

إنجاز تاريخي بعد سنوات من الجهد

TT

«الحلوم» قبرصي... بدعم الاتحاد الأوروبي

حصلت قبرص على ضمان الملكية لجبنها الأشهر «الحلوم»، ما سيعطي منتجيها في الجزيرة الحق الحصري لبيعها داخل بلدان الاتحاد الأوروبي، ومن المنتظر أن يطبق هذا القرار ابتداء من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. وهكذا تكون قبرص قد انتصرت وحصّلت حقوق جبنها الأشهر، الذي بدأت الجزيرة المتوسطية تصنيعه منذ آلاف السنين.
بنظر البعض جبن الحلوم الأبيض الذي يطلق عليه اسم «الجبن المطاطي» بسبب كيانه الأشبه بالمطاط، لا يستحق هذه البروباغاندا العالمية، في حين يرى البعض الآخر أن هذا الجبن الذي ذاع صيته في أوروبا في الفترة الأخيرة بعد استخدامه في كثير من الوصفات، ولا سيما السلطات، يستحق التقدير، ويجب على الاتحاد الأوروبي ضمان وحماية مصدره ببلاد المنشأ والتصنيع.
المعروف عن جبن الحلوم كغيره من أنواع الأجبان العالمية التي تتنافس البلدان على ملكيتها، أنه يتعرض لكثير من الغش، فقد قامت عدة بلدان بتقليده، لكن هذا القرار سيكون بمثابة ضمان اقتصادي مفيد جداً لقبرص ومصنعي الأجبان فيها، وسيساعد على زيادة بيعه للاتحاد الأوروبي بشكل كبير، لأنه بعد تطبيق القرار سيكون تصنيع الحلوم خارج الأراضي القبرصية غير قانوني.
يأتي الحلوم في قبرص في المرتبة الثانية من حيث صادرات البلاد بعد الأدوية، وبسبب استخدام الطهاة العالميين لجبن الحلوم في وصفاتهم العصرية انتعش سوق تصنيع الحلوم في قبرص، بواقع تراوح ما بين 20 و22 في المائة سنوياً على مدى الأعوام الخمسة الماضية.
ويعتزم الاتحاد الأوروبي اليوم إدراج جبنة الحلّوم القبرصية ضمن قائمة تسميات المنشأ المحمية، على ما أفاد مسؤولون في الجزيرة عبر «تويتر»، وهي معلومة أكدها مصدر أوروبي.
ويتميز الحلّوم (أو الحلّيم باللغة التركية)، وهو نوع من الأجبان المالحة المصنوعة من حليب الماعز والأغنام، بشكله المطوي، ويمكن شويه أو قليه من دون أن يذوب.
وهو يُعتبر في الوقت الراهن مجرّد علامة تجارية مسجلة، ما يوفر حماية أقل أهمية من صفة تسمية المنشأ المحمية. وأعرب الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس عن سعادته الكبيرة عبر «تويتر»، إذ كتب: «هذا يوم تاريخي» لجبنة الحلّوم «ولبلدنا! لقد سجلها الاتحاد الأوروبي باعتبارها تسمية منشأ محمية، وبالتالي بات توجد الآن درع للدفاع عنها». وأضاف أن هذا التصنيف سيفتح «آفاقاً مهمة أمام زيادة الصادرات من جبنتنا الوطنية، وهو ما يكفل تحقيق منفعة كبرى لجميع المنتجين القبارصة واليونانيين والأتراك».
وقالت ناطقة باسم المفوضية الأوروبية لوكالة الصحافة الفرنسية إن اقتراح تصنيف الحلّوم تسمية منشأ محمية «نوقش من قبل لجنة سياسة الجودة» ووافق عليه ممثلو الدول الأعضاء. وعلّقت مفوضة الصحة الأوروبية ستيلا كيرياكيدس، وهي قبرصية، بقولها: «هذا إنجاز تاريخي لقبرص» يتوج «سنوات من الجهد». وأوضحت أن تسمية المنشأ المحمية سيُعمَل بها على جانبي «الخط الأخضر» الذي يقسم الجزيرة إلى شطرين بطول 180 كيلومتراً، أحدهما يشكّل جمهورية قبرص العضو في الاتحاد الأوروبي منذ العام 2004. والثاني «جمهورية شمال قبرص التركية» المعلنة من طرف واحد، وهو وضع أدى لمدة طويلة إلى تعقيد موافقة بروكسل على تصنيف الحلّوم.
وفي أغسطس (آب) 2020، أصبحت قبرص أول دولة من بلدان الاتحاد الأوروبي الـ27 ترفض التصديق على اتفاق التجارة الحرة الموقّع عام 2017 بين الاتحاد وكندا، إذ انتقد البرلمانيون القبارصة عدم وجود حماية قانونية كافية لجبنة الحلّوم.


مقالات ذات صلة

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

مذاقات «الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

إيمان مبروك (القاهرة)
مذاقات الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)

فعاليات «موسم الرياض» بقيادة ولفغانغ باك تقدم تجارب أكل استثنائية

تقدم فعاليات «موسم الرياض» التي يقودها الشيف العالمي ولفغانغ باك، لمحبي الطعام تجارب استثنائية وفريدة لتذوق الطعام.

فتح الرحمن يوسف (الرياض) فتح الرحمن يوسف (الرياض)
مذاقات فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)

الفواكه والخضراوات تتحول الى «ترند»

تحقق الفواكه والخضراوات المجففة والمقرمشة نجاحاً في انتشارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتتصدّر بالتالي الـ«ترند» عبر صفحات «إنستغرام» و«تيك توك» و«فيسبوك»

فيفيان حداد (بيروت)
مذاقات طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)

الفول المصري... حلو وحار

على عربة خشبية في أحد أحياء القاهرة، أو في محال وطاولات أنيقة، ستكون أمام خيارات عديدة لتناول طبق فول في أحد صباحاتك

محمد عجم (القاهرة)
مذاقات الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)

أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

بعد دخولي مطابخ مطاعم عالمية كثيرة، ومقابلة الطهاة من شتى أصقاع الأرض، يمكنني أن أضم مهنة الطهي إلى لائحة مهن المتاعب والأشغال التي تتطلب جهداً جهيداً

جوسلين إيليا (لندن)

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين
TT

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

هذه الأرغفة البيضاء الصغيرة، التي يصف مصريون مذاقها بأنها «أطيب من الكيك»، في إشارة لطيب المذاق، تعد مثالاً يعكس مدى الانسجام الثقافي الذي تجاوز الحدود.

مع تداعيات الحرب التي شهدها السودان، والتي أدت إلى عمليات نزوح كبيرة إلى مصر، لم يتوقف الأمر عند مرحلة سرد الآلام والمآسي، بل تحول سريعاً إلى اندماج السودانيين في سوق الطعام المصري، وخلال أقل من عامين أثبت المطبخ السوداني وجوداً نسبياً في مصر.

بمجرد أن تطأ قدمك شارع فيصل (أحد أشهر شوارع محافظة الجيزة) يمكنك الاستدلال على الوجود السوداني من رائحة التوابل العميقة الصادرة من مطاعم أسسها سودانيون، يستهدفون بها زبوناً مصرياً يتوق إلى مذاق شعبي في وصفات، مثل صينية البطاطس، ويختلف تماماً ليقدم هويته في طبق آخر مثل أسياخ «الأقاشي»، المصنوعة من اللحم الطري الغارق في توابل مثل الزنجبيل والقرفة، مع طبقات البقسماط المقرمش، التي تغازل المصريين.

تقول السودانية، فداء محمود أنور، خريجة إدارة أعمال من جامعة الخرطوم ومؤسسة مطعم «بنت السودان» في حي مدينة نصر، شرق القاهرة، إن المصريين «احتضنوا المطبخ السوداني بسبب وجود أواصر اجتماعية وثقافية بين البلدين».

وأوضحت، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من داخل مطعمها البسيط: «نقدم أكلات سودانية أصيلة، مثل الفول بزيت السمسم، والفلافل السودانية المصنوعة من الكبكبي (الحمص بلغة المصريين)، والأقاشي، وهو طبق شهير في السودان، إضافةً إلى الفسيخ السوداني والملوخية المفروكة وملاح الروب الأحمر».

وعن الأطباق شديدة الخصوصية، يقدم مطعم الشابة السودانية فداء طبقاً حبشياً، قالت عنه: «هناك أيضاً طبق ذو أصل حبشي أصبح جزءاً من المائدة السودانية يسمى (زغني)، وهو عبارة عن قطع الدجاج المبهرة بالقرفة والثوم والبصل والحبهان، كما يضاف له المذاق الحار بالشطة السودانية، وكذلك مذاق الحادق من خلال رشة السماق، ويقدم مع البيض المسلوق». فضلاً عن طبق الحلو السوداني الشهير «الباسطة»، أو ما يعرف بالبقلاوة في مصر.

وبحسب تجربتها، قالت فداء إن تفضيلات المصريين من المطبخ السوداني تميل إلى بعض الأطباق الأساسية التي ربما لا يختلف عليها السودانيون أيضاً، مثل: الخبز السوداني، والأقاشي، والفلافل، وأطباق الفول بالخلطات السودانية. أما باقي الأطباق، فالإقبال عليها محدود.

طعمية (فلافل) سودانية (الشرق الاوسط)

والبعد الجغرافي بين مصر والسودان انعكس في تقارب ثقافي، ظهر في المذاق المميز للمطبخين. ترى منة جمال، مصرية تعيش في حي السادس من أكتوبر، الذي يضم عدداً من المطاعم السودانية، أن المطبخ السوداني قريب من نظيره المصري، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «الخبز السوداني شبيه ببعض أنواع الخبز في الريف المصري، ربما يختلف في السُمك والحجم فقط ».

وعن الاختلاف بين المطبخين، قالت: «السودانيون يميلون إلى المذاق العميق والحار، بإضافة كميات كبيرة من التوابل، كما أن الفلفل الحار أساسي في عدد كبير من الأطباق السودانية، بينما يميل المصريون إلى إضافة التوابل الأساسية فقط، مثل الملح والفلفل والكمون».

الباسطا حلوى سودانية (الشرق الاوسط)

وبالعودة إلى فداء، فإنها أيضاً كسودانية وقعت في حب المطبخ المصري، وتروي تجربتها بالقول: «أنا من عشاق محشي ورق العنب، والكرنب، والباذنجان بالدقة، أحب تناوله مع الفلافل السودانية. أيضاً معظم السودانيين يحبون المحشي والملوخية المصرية».

الأطباق السودانية لم تعرف طريقها إلى المصريين من خلال المطاعم التجارية فحسب، بينما ساهم في رواجها نساء سودانيات كنّ قبل النزوح ربات منزل، إلا أنهن، مثل كثير من نساء الشرق، يعتبرن الطهي مهارة أساسية. ومع وصولهن إلى مصر وبحثهن عن سبل لكسب العيش، تحول الطهي إلى مهنة تحت شعار «أكل بيتي سوداني».

التقت «الشرق الأوسط» بفاطمة (اسم مستعار)، التي نزحت بعد الحرب وجاءت إلى القاهرة بصحبة عدد من الأسر السودانية، وتقيم حالياً في مدينة «الرحاب» التي تعد من المناطق ذات الإيجارات المرتفعة، حيث تشارك السكن مع 4 أسر سودانية أخرى. منذ عام، بدأت فاطمة بتقديم خدمات «الأكل البيتي» من منزلها بمساعدة بعض السيدات المقيمات معها.

تقول «فاطمة»: «جاءت الفكرة عندما لاحظت انتشار مشروعات الأكل البيتي في مصر، خاصة في الأحياء الراقية. فأنشأت حساباً على (فيسبوك)، بدأت من خلاله تقديم خدمات الأكل السوداني». وأردفت: «المصريون يحبون المطبخ السوداني، خاصة تلك الوصفات القريبة من مطبخهم، على شاكلة المحشي، كذلك تحظى أصناف اللحم المبهر بإعجاب كبير».

وأوضحت فاطمة أنها سعت إلى تقديم مزيج من الأكلات السودانية والمصرية، قائلة: «أستهدف زبونات مصريات عاملات يبحثن عن بدائل للطهي المنزلي. لذلك، لم أكتفِ بالوصفات السودانية فقط، بل تعلمت إعداد الأكلات المصرية، وهو أمر لم يكن صعباً على سودانية تربطها بمصر أواصر ثقافية واجتماعية، إذ كانت مصر والسودان في مرحلة ما من التاريخ بلداً واحداً».

تمكنت فاطمة من تقديم تجربة طعام بيتي فريدة، تجمع بين نكهات المطبخين السوداني والمصري، مستقطبةً كثيراً من الأسر المصرية التي تبحث عن طعام منزلي بطابع خاص. ومن خلال تجربتها، كشفت فاطمة عن مدى التداخل الثقافي بين المطبخين، ما يمهد الطريق لمزيد من الاندماج وابتكار وصفات جديدة قد تظهر في المستقبل القريب.