قوات أميركية تنسحب من أفغانستان مع تأهب أمني في كابل

«الترويكا» تحث الأفغان على نبذ العنف والتوصل إلى تسوية شاملة

قاعدة قندهار أصبحت فارغة بعد أن غادرتها القوات الأميركية قبل يومين (أ.ف.ب)
قاعدة قندهار أصبحت فارغة بعد أن غادرتها القوات الأميركية قبل يومين (أ.ف.ب)
TT

قوات أميركية تنسحب من أفغانستان مع تأهب أمني في كابل

قاعدة قندهار أصبحت فارغة بعد أن غادرتها القوات الأميركية قبل يومين (أ.ف.ب)
قاعدة قندهار أصبحت فارغة بعد أن غادرتها القوات الأميركية قبل يومين (أ.ف.ب)

بدأت القوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي (الناتو)، أمس السبت، رسمياً الانسحاب من أفغانستان، في عملية من المأمول أن تشكل نهاية للحرب التي استمرت 20 عاماً بالنسبة للولايات المتحدة، على الرغم من تشكيك كبار القادة العسكريين الأميركيين في أن هذا الانسحاب قد يؤدي إلى وقف الحرب في هذا البلد.
وشهدت العاصمة الأفغانية كابل تصعيداً في الحالة الأمنية، أمس (السبت)، مع تأهب المدينة لاحتمال حدوث تحرك من جانب حركة طالبان، رداً على استمرار بقاء القوات الأميركية بناء على أوامر الرئيس جو بايدن، بعد انتهاء الموعد المتفق عليه مع الإدارة الأميركية السابقة لسحب القوات بحلول الأول من مايو (أيار) الحالي.
وأوضح وزير الدفاع الأفغاني بالنيابة، ضياء ياسين، للصحافيين أن القوات الأميركية وقوات حلفائها ستنتقل من قواعد في جميع أنحاء البلاد للتجمع في باغرام، أكبر قاعدة أميركية في أفغانستان، ثم «سيتجهون إلى بلادهم». وأكد الرئيس الأفغاني أشرف غني أن القوات الحكومية التي تحارب منذ أشهر عدة بمفردها على الأرض -وأحياناً بدعم جوي أميركي- «قادرة تماماً» على مقاومة المتمردين.
وأكد عبد المالك، وهو شرطي في ولاية قندهار (جنوب)، أحد المعاقل التاريخية لحركة طالبان، لوكالة الصحافة الفرنسية أن القوات المسلحة مستعدة، وقال: «علينا الدفاع عن وطننا (...) سنفعل كل ما بوسعنا للدفاع عن أرضنا».
وأكد مسؤولون أميركيون أن عملية الانسحاب كانت جارية أصلاً، على الرغم من قرار البنتاغون إرسال قوات ومعدات وسفن حربية، والإبقاء على حاملة الطائرات «يو إس إس أيزنهاور»، لحماية عملية سحب أكثر من 2500 جندي أميركي، ونحو 16 ألف موظف مدني. كما بدأت قوات الناتو في 29 أبريل (نيسان) الماضي «انسحاباً منسقاً» لوحدات مهمة «الدعم الحازم» التي يشارك فيها نحو 9500 جندي من 36 بلداً.
وكانت قوات الأمن الأفغانية في حالة تأهب (السبت)، خشية حصول هجمات ضد القوات الأميركية في أثناء انسحابها. وقال وزير الداخلية بالوكالة، حياة الله حياة، لقادة الشرطة في وقت متأخر (الجمعة)، وفق تسجيل صوتي أُرسل إلى الصحافيين، إن «طالبان قد تكثف العنف»، مضيفاً: «آمركم بزيادة نقاط التفتيش في المدن، وإجراء عمليات تفتيش عند نقاط الوصول». واعتبر مستشار الأمن القومي الأفغاني، حمد الله محب، أن «طالبان قد تختار الحرب».
ومن جهتها، اعتبرت «طالبان» أن الانسحاب كان يجب أن ينتهي في الأول من مايو (أيار)، وأن إبقاء القوات بعد هذا الموعد هو «انتهاك واضح» للاتفاق مع واشنطن. وقال المتحدث باسم الحركة، محمد نعيم، إن «ذلك يفتح المجال في المبدأ أمام مقاتلينا لاتخاذ الإجراءات المناسبة ضد قوات الغزو». ونفت الجماعة المسلحة، أمس (السبت)، تقارير أشارت إلى أنها كانت قد اتفقت على حماية قواعد القوات الأجنبية في أفغانستان من الهجمات التي تشنها جماعات مسلحة أخرى. وقال نعيم إن هذه التقارير «دعاية عارية من الصحة». وأضاف نعيم عبر «تويتر»: «الدعاية التي نشرت في بعض المنافذ الإعلامية، فيما يتعلق بحماية (مجاهدي الإمارة الإسلامية) لقواعد الغزاة ليس لها أساس، وليست حقيقية».
ومنذ توقيع اتفاق الدوحة، امتنع متمردو «طالبان» عن مهاجمة القوات الأجنبية بشكل مباشر، إلا أنهم بدأوا مع القوات الحكومية القيام بهجمات مكثفة متبادلة في مناطق عدة، الأمر الذي بث الرعب في المدن الكبيرة. وأثار إعلان انسحاب الأميركيين الخوف في نفوس كثر من الأفغان الذين يخشون أن تستعيد حركة طالبان السلطة، وتفرض النظام المتشدد نفسه الذي كانت تحكم من خلاله البلاد بين عامي 1996 و2001.
وقالت منة نوروزي، وهي موظفة في إذاعة خاصة في كابول، لوكالة الصحافة الفرنسية إن «الجميع خائفون من فكرة عودة الأيام القاتمة التي اتسم بها عهد طالبان». وأضافت أن «متمردي (طالبان) لا يزالون هم أنفسهم لم يتغيروا؛ كان ينبغي على الولايات المتحدة أن تبقى على الأقل لسنة أو سنتين إضافيتين».
وأصدر ممثلو ما يطلق عليه «الترويكا» الموسعة، التي تضم الولايات المتحدة وروسيا والصين وباكستان، بياناً حول الاجتماع الذي عقدوه في 30 أبريل (نيسان) في الدوحة، لمناقشة سبل تقديم الدعم للمفاوضات بين الأفغان ومساعدتهم «على التوصل إلى تسوية متفاوَض عليها، ووقف دائم شامل لإطلاق النار». وأكدت الدول الأربع الاعتراف بالمطلب الصادق الواسع النطاق للشعب الأفغاني، بتحقيق سلام دائم عادل، ووضع نهاية للحرب، والتأكيد من جديد على استحالة وجود حل عسكري في أفغانستان، والتشديد على أن التسوية السياسية عن طريق التفاوض من خلال عملية يقودها ويملكها الأفغان هي السبيل الوحيد للمضي قدماً من أجل تحقيق سلام واستقرار دائمين في أفغانستان.
وشدد بيان الترويكا على أهمية ألا تقع أي معارك أو اضطرابات في أفغانستان، كما يجب ضمان سلامة القوات الدولية، ومنع الجماعات الإرهابية والأفراد من استخدام أراضي أفغانستان لتهديد أمن أي بلد آخر، وعدم استضافة هذه المجموعات، ومنعها من التجنيد والتدريب وجمع الأموال. كما «نتوقع من الحكومة الأفغانية أن تواصل التعاون في مكافحة الإرهاب مع المجتمع الدولي».



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.