تي ڤي لوك

تي ڤي لوك
TT

تي ڤي لوك

تي ڤي لوك

- رسالة
> وصلتني رسالة من سيدة تعلق فيها على ما ذكرته هنا في الأسبوع الماضي حول خلو معظم المسلسلات هذا العام، كما في الأعوام السابقة، من عناصر التشويق الأساسية نظراً لأن النصوص المكتوبة تفتقر لأحداث جديدة في كل حلقة، ما يجعل الحلقات تدور حول الموضوع نفسه بضع مرات قبل أن تنتقل إلى تطور فعلي.
تقول الرسالة:
«المقال قاسٍ بعض الشيء لكن هذه هي الحقيقة. هناك تطويل والعودة على ما سبق من حدث من جديد وأعتقد أن ذلك بسبب خلو الكتابة من عنصر الإبداع المتواصل».
ثم تمضي السيدة فتشير إلى موضوع آخر:
«آمل ألا تنسى التنويه بالموسيقى العالية المترافقة مع الحوار وبدرجة أعلى من أصوات الممثلين لدرجة أنه في أحيان كثيرة لا تلتقط أذن المشاهد الحوار».
وتختم: «لا بأس إذا كانت هناك بعض الموسيقى في المشاهد التي تخلو من أي حوار، ولكن ما الحاجة إليها أثناء الحوار؟ هي تؤثر سلباً على المسلسل وتصبح مزعجة ولزوم ما لا يلزم».
ردي، بعد الشكر على التنويه والملاحظات، هو أنه لا خوف من قسوة النقد لسبب بسيط جداً: لقد تعود صانعو المسلسلات (كتاباً ومخرجين ومنتجين وبالطبع ممثلين) على عدم قراءة النقد والاكتفاء بمقالات المدح والثناء وتلك التي تشيع مفاداً من أن كل شيء على ما يُرام. أما النقد فقلما يُقرأ وإذا ما قُرأ لا يؤخذ به. والعادة جرت على اعتبار أن النقد هو رأي واحد وليس رأي الجمهور، وعليه فهو وجهة نظر لا تعني صانعي المسلسلات كثيراً.
بالنسبة للموسيقى، فإن ما تلاحظينه هو نتيجة الاعتقاد بأن الموسيقى هي، بالنسبة إلى صانعي المسلسلات، وسيلة للتأثير على نفسية المُشاهد. طبعاً يقصدون التأثير إيجاباً غير مدركين أن التأثير السلبي هو أيضاً وارد.
الغائب هو الإدراك بأن الموسيقى لا تستطيع أن تقود المشهد. هذا خطأ فادح. ما يقود المشهد قوة النص والحدث الذي فيه. الموسيقى هي للمساعدة على تطوير ما يرد في النص وليس للطيران فوقه. هي للمواكبة وليست للقيادة.

- طرَب أم كَرب؟
> الموسيقى هي واحدة من أكثر عناصر المسلسلات التلفزيونية حضوراً ضمن المفهوم التقليدي المُشار إليه. والغناء في مقدمة عدد كبير من المسلسلات هو الحضور رقم 2 في هذا الصدد.
شيء غريب إنه، وبعد عقود طويلة من العمل، ما زال الغناء يُمارس بالطريقة ذاتها التي سادت في بدايات إنتاج المسلسلات التلفزيونية.
تبعاً للتقاليد وحدها، ما زال عدد كبير مما نراه (مثل «الاختيار 2» و«موسى» أو «عشرين عشرين») يبدأ بصوت المغني وهو يصدح عالياً بأغنية حول عذاب الناس ومعاناة البشر وأحزان الحياة. الطبلة والدف والناي أدوات متكررة كذلك الصوت الباكي المغمس بشجن يراد له أن يبدو أصيلاً وجميلاً مع علامات استفهام في الحالتين.
إذا كان المسلسل عاطفياً، فالأغنية عن لوعة الحب. إذا كان حكايات غرام وانتقام وشخصيات بطولية كتلك التي يقوم محمد رمضان بتأديتها فإن الأغنية ستتحدث عن البطل المغوار الذي يواجه غدرات الأزمنة وشرور الأعداء وما تجود به القريحة من شرح ما لا يلزم.
في «الاختيار 2» الذي يستفيد من مجموعة ممثلين جيدين في أدوار عدة ومن معالجة جادة لقضايا الإرهاب والصراع بين الدولة المصرية والإخوان المسلمين، يأتي صوت كورس أمامي يغني:
«بص في عينينا، نقدر على الدنيا ولا تقدر علينا. روحنا في إيدينا. نَاسْنا وترابنا وأرضنا بتتحامى فينا… إلخ».
تطلب الأمر الإنصات مرة ثانية. في البداية بدت الكلمات مثيرة للضحك، ثم في المرة الثانية للغرابة. وخشيت لو سمعتها مرة ثالثة أن أبكي.
ربما ليست مسألة كلمات. ربما المسألة مسألة مغنين.
الفقرة الأولى من الأغنية التي تمتد طوال ظهور الأسماء في المقدمة تحتوي على صوتين (ربما صوت واحد تم استنساخه في الاستديو ليبدو مزدوجاً). الصوتان يصرخان بالكلمات كما لو أن هناك حاجة ملحة لإيصال الرسالة إلى مَن يعيش في قارة أخرى. في الفقرة الثانية صوت واحد. لا هو جميل ولا هو شجي ولا هو مؤثر.
لكن المسألة أبعد من ذلك بمقدار.
لماذا على المسلسل أن يبدأ بأغنية من أي نوع أساساً؟ هل في البال مثلاً أن المضمون الذي تنضح به هو مفتاح إقناع المشاهدين بمتابعة المسلسل؟ هل من باب الاعتقاد أن هذا ما يطلبه المشاهدون فعلاً؟
لا أعتقد أن رؤوس المشاهدين ستتمايل منتشية كل ليلة لهذه الكلمات وما يصاحبها من أداء وموسيقى. غير قابل للتخمين بأن هناك، من بين المشاهدين، مَن سيحرص على سماع الأغنية في كل ليلة. ينتظرها كما ينتظر الصائم لحظة الإفطار.
هذا لأنها سوف لن تعني شيئاً بعد الحلقة الأولى. ستتحول إلى عقاب مثلها مثل كل الأغاني التي تنطلق من الثانية الأولى لبدء الافتتاحية إلى آخر لحظة منها. بعد الحلقة الأولى تستنفذ الأغنية دورها. تصبح مجرد صوت يشبه رنين الجرس. تنتظر نهاية الفقرة لكي تبدأ متابعة ما انتهت إليه الحلقة السابقة.
مسلسل «الاختيار 2» مصنوع بمهارة المخرج بيتر ميمي المعهودة منذ سنتين أو ثلاث. الجيد في هذا المضمار هو أن الأداءات جميعاً جيدة. ليست فنية (كذلك العمل بأسره ليس فنياً وهذا ينطبق على كل المسلسلات تقريباً) لكن الأداء جاد وتوزيع المفارقات على العدد الكبير من الممثلين في مكانه الصحيح.


مقالات ذات صلة

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

سينما المخرج إيستوود مع نيكولاس هاولت (وورنر)

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

ماذا تفعل لو أنك اكتشفت أن الشخص المتهم بجريمة قتل بريء، لكنك لا تستطيع إنقاذه لأنك أنت من ارتكبها؟ لو اعترفت لبرّأت المتهم لكنك ستحلّ مكانه في السجن

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
سينما من «الفستان الأبيض» (أفلام محمد حفظي)

شاشة الناقد: دراما نسوية

في فن صنع الأفلام ليس ضرورياً أن يتقن المخرج الواقع إذا ما كان يتعامل مع قصّة مؤلّفة وخيالية.

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
يوميات الشرق مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يندر أن يتعلق الجمهور السعودي بفيلم محلي إلى الحد الذي يجعله يحاكي شخصياته وتفاصيله، إلا أن هذا ما حدث مع «هوبال» الذي بدأ عرضه في صالات السينما قبل أسبوع واحد.

إيمان الخطاف (الدمام)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما صُناع فيلم «إيميليا بيريز» في حفل «غولدن غلوب» (رويترز)

«ذا بروتاليست» و«إيميليا بيريز» يهيمنان... القائمة الكاملة للفائزين بجوائز «غولدن غلوب»

فاز فيلم «ذا بروتاليست» للمخرج برادي كوربيت الذي يمتد لـ215 دقيقة بجائزة أفضل فيلم درامي في حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب».

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)

المدن والقرى السعودية ترسم «فرائحية العيد»... بالحديث والقديم

من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)
من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)
TT

المدن والقرى السعودية ترسم «فرائحية العيد»... بالحديث والقديم

من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)
من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)

حافظ السعوديون على مظاهر عيد الفطر السعيد التي كانت سائدة في الماضي، كما حرص المقيمون في البلاد من المسلمين على الاحتفال بهذه المناسبة السنوية وفق عاداتهم وتقاليدهم في بلدانهم، أو مشاركة السكان في احتفالاتهم بهذه المناسبة السنوية، علماً بأن السعودية تحتضن مقيمين من نحو 100 جنسية مختلفة.
ويستعد السكان لهذه المناسبة قبل أيام من حلول عيد الفطر، من خلال تجهيز «زكاة الفطر»، وهي شعيرة يستحب استخراجها قبل حلول العيد بيوم أو يومين، ويتم ذلك بشرائها مباشرة من محال بيع المواد الغذائية أو الباعة الجائلين، الذين ينتشرون في الأسواق أو على الطرقات ويفترشون الأرض أمام أكياس معبئة من الحبوب من قوت البلد بمقياس الصاع النبوي، والذي كان لا يتعدى القمح والزبيب، ولكن في العصر الحالي دخل الأرز كقوت وحيد لاستخراج الزكاة.
وفي كل عام يتكرر المشهد السائد ذاته منذ عقود في الاحتفال بعيد الفطر السعيد ومع حلوله اليوم في السعودية تستعيد ذاكرة السكان، وخصوصاً من كبار السن ذكريات عن هذه الفرائحية السنوية أيام زمان، وفق استعدادات ومتطلبات خاصة وبعض المظاهر الاحتفالية التي تسبق المناسبة.

السعوديون يحرصون على الإفطار الجماعي يوم العيد (أرشيفية - واس)

وحافظت بعض المدن والمحافظات والقرى والهجر في السعودية على مظاهر العيد التي كانت سائدة في الماضي؛ إذ حرص السكان على إبقاء هذه المظاهر ومحاولة توريثها للأبناء. ولوحظ خلال الأعوام الماضية حرص السكان على إحياء المظاهر الاحتفالية بعيد الفطر من خلال موائد العيد بمشاركة جميع سكان الحي، وتمثلت هذه المظاهر في تخصيص أماكن بالقرب من المساجد أو الأراضي الفضاء ونصب الخيام داخلها وفرشها بالسجاد ليبدأ سكان الأحياء بُعيد الصلاة بالتجمع في هذه الأماكن وتبادل التهنئة بالعيد، ثم تناول القهوة والتمر وحلاوة العيد، بعدها يتم إحضار موائد العيد من المنازل أو المطابخ، التي لا تتعدى الكبسة السعودية والأكلات الشعبية الأخرى المصنوعة من القمح المحلي، وأبرزها الجريش والمرقوق والمطازيز، علماً بأن ربات البيوت يحرصن على التنسيق فيما يتعلق بهذه الأطباق لتحقيق التنوع في مائدة العيد وعدم طغيان طبق على آخر.
ويحرص السكان على المشاركة في احتفالية العيد التي تبدأ بتناول إفطار العيد في ساعة مبكرة بعد أن يؤدي سكان الحي صلاة العيد في المسجد يتوجه السكان إلى المكان المخصص للإفطار، الذي يفرش عادة بالسجاد (الزوالي) مع وضع بعض المقاعد لكبار السن ليتسنى لهم المشاركة في هذه الاحتفالات وفي المكان يتم تبادل التهاني بالعيد وتناول القهوة والتمر وحلاوة العيد، وبعدها يبدأ إخراج موائد العيد من المنازل وتوزيعها على السفرة التي تفرش عادة في الساحات القريبة من المسجد أو في الأراضي الفضاء داخل الحي أو حتى في الشوارع الفرعية، كما تقيم إمارات المناطق والمحافظات إفطاراً في مقراتها في ساعة مبكرة من الصباح يشارك بها السكان من مواطنين ومقيمين.

الأطفال أكثر فرحاً بحلول العيد (أرشيفية - واس)

وبعد انتهاء إفطار العيد يتوجه أرباب الأسر مع عائلاتهم إلى الأقارب للتهنئة بالعيد ضمن اعتبارات تتعلق بأعمار المزارين ودرجة القرابة، حيث الأولوية لعمداء الأسر وكبار السن منهم، ولأن الساعة البيولوجية للسكان يصيبها الخلل خلال شهر الصوم، فإن البعض يحرص على أخذ قسط من الراحة قبيل صلاة الظهر أو بعدها، ثم يبدأ بعد العصر بزيارة الأقارب والأصدقاء حتى المساء، حيث يخيّم الهدوء على المنازل، ويحرص المشاركون في الإفطار على تذوق جميع الأطباق التي غالباً ما يتم إعدادها داخل المنازل، التي لا تتعدى أطباق الكبسة والجريش وأحياناً القرصان أو المرقوق أو المطازيز، خصوصاً في أيام الصيف، حيث كانت موائد العيد خلال الشتاء تزين بالأكلات الشعبية مثل الحنيني والفريك.
وفي الوقت الذي اختفت فيه بعض مظاهر العيد القديمة عادت هذه الأجواء التي تسبق يوم عيد الفطر المبارك بيوم أو يومين للظهور مجدداً في بعض المدن والقرى بعد أن اختفت منذ خمسة عقود والمتمثلة في المناسبة الفرحية المعروفة باسم العيدية، التي تحمل مسميات مختلفة في مناطق السعودية، منها «الحوامة» أو «الخبازة» أو «الحقاقة» أو «القرقيعان» في المنطقة الشرقية ودول الخليج، كما تم إحياء هذا التراث الذي اندثر منذ سنوات الطفرة وانتقال السكان من منازلهم الطينية إلى منازل حديثة، وقد ساهمت الحضارة الحديثة وانتقال السكان من الأحياء والأزقة الطينية في القرى والمدن في اختفاء هذا المظهر الفرحي للصغار في شهر رمضان ومع حلول العيد. يشار إلى أن المظاهر الاحتفالية لعيدية رمضان قبل عقود عدة تتمثل في قيام الأطفال بطرق الأبواب صباح آخر يوم من أيام رمضان وطلب العيدية التي كانت لا تتعدى البيض المسلوق أو القمح المشوي مع سنابله والمعروف باسم «السهو»، ثم تطور الأمر إلى تقديم المكسرات والحلوى، خصوصاً القريض والفصفص وحب القرع وحب الشمام والحبحب، وحلّت محلها هدايا كألعاب الأطفال أو أجهزة الهاتف المحمول أو النقود.