«مركز تسجيل الآثار»... مرجع علمي وفني للمعالم المصرية النادرة

يحتفل بمرور 65 عاماً على إنشائه

TT

«مركز تسجيل الآثار»... مرجع علمي وفني للمعالم المصرية النادرة

يحتفل مركز تسجيل الآثار المصرية بمرور 65 عاماً على تأسيسه، وما شهدته مسيرته العلمية من محطات بارزة وضعته في مقدمة المراكز العلمية الدولية لتسجيل وتوثيق الآثار، حيث بدأ مسيرته، وفق أثريين، «عملاقاً»، إذ كان أول مشروعاته عقب التأسيس مباشرةً إنقاذ آثار منطقة النوبة من الغرق خلال بناء السد العالي وبحيرة ناصر عبر نقل المعابد الشهيرة وتوثيقها وترميمها، كما حفر لنفسه مكانة بارزة استمدها من مسؤوليته الرسمية المنفردة عن تسجيل وتوثيق الآثار المصرية القديمة كافة، وهو ما يَبرز من خلال أرشيفه العلمي الثري الذي يضم كنوزاً من الصور الفوتوغرافية واللوحات الفنية والرسومات الهندسية لكل المعالم الأثرية، ويتزامن احتفاء المركز أخيراً بذكرى تأسيسه مع الاقتراب من إنجاز مشروع رقمنة أرشيفه الفني ووثائقه العلمية لكي تكون متاحة للباحثين والأثريين.
يتبع مركز تسجيل الآثار المصرية وزارة السياحة والآثار، وهو المسؤول رسمياً عن تسجيل وتوثيق كل الآثار الفرعونية الثابتة مثل المعابد والمقابر ومحتوياتها، ومن بين مهامه إعداد الدراسات العلمية والفنية عن المعالم الأثرية ونشرها في سلسلة كتب، وتوفير المادة العلمية للباحثين والأثريين، والاستفادة من الوثائق والمعلومات العلمية التي يتم جمعها خلال عملية تسجيل الأثر في عمليات الترميم الدوري للآثار، وتبادلها مع مركز الأبحاث والجامعات والهيئات العلمية.
فكرة إنشاء المركز بدأت منتصف القرن الماضي تزامناً مع إطلاق الحملة الدولية لإنقاذ آثار ومعابد النوبة، حسب الدكتور هشام الليثي، رئيس مركز تسجيل الآثار المصرية، والذي يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «أول أعمال المركز كان تسجيل وتوثيق آثار ومعابد النوبة توثيقاً علمياً متخصصاً يسجل كل تفاصيلها الفنية والأثرية، ونقلها من مكانها، حيث كانت مهدَّدة بالغرق تحت مياه بحيرة ناصر عقب بناء السد العالي، وتمكنّا من نقل جميع معابد النوبة قبل افتتاح السد العالي بنحو ثلاث سنوات».
وتُعد وثائق المركز الخاصة بتوثيق الآثار المصرية الفرعونية مرجعاً علمياً وفنياً لكل المعالم الأثرية، إذ يتضمن صوراً فوتوغرافية ولوحات فنية ورسومات هندسية تحوي كل تفاصيل الأثر، ومن أبرز المعالم الشهيرة التي قام بتوثيقها في مدينة الأقصر، «معبد الرمسيوم، ومعبد مدينة هابو، ومقابر وادي الملكات وأشهرها مقبرة الملكة نفرتاري، ومقابر وادي الملوك، وبينها مقبرة توت عنخ آمون، وأمنحتب الثاني»، ويتضمن توثيق المقابر تسجيلاً فنياً وعلمياً لكل محتوياتها وتفاصيلها الفنية والهندسية والأثرية.
وفي إطار مشروع التحول الرقمي الذي تنفذه وزارة السياحة والآثار، أوشك المركز على الانتهاء من رقمنة أرشيفه العلمي والفني بما يحويه من معلومات تفصيلية عن الآثار المصرية الفرعونية والمعابد والمقابر، كما يتعاون المركز مع البعثات الأثرية الأجنبية العاملة في مصر لتوثيق وتسجيل الاكتشافات الأثرية الجديدة، وإضافتها إلى مشروع رقمنة الأرشيف العلمي، ويقول الدكتور هشام الليثي إن «المركز يتعاون أيضاً مع البعثات الأثرية الأجنبية والجامعات والمراكز البحثية العالمية في مجال النشر العلمي، بهدف توفير المعلومات الأثرية والوثائق النادرة للباحثين، حيث قمنا بإصدار كثير من الكتب عن مناطق أثرية مختلفة، منها مجموعة كتب عن معبد أبو سمبل الكبير، ومعبد كلابشة، ومقابر وادي الملكات، ومقابر بني حسن بالمنيا، ومقبرة نفرتاري».
ومع تطور علوم توثيق وتسجيل الآثار في العالم، يُجري المركز توثيقاً حديثاً لكثير من الآثار باستخدام الوسائل المتطورة، كما قام باستحداث نظام الوحدات المتخصصة كي يمكن تسجيل المعالم الأثرية والمُقْتنيات بشكل علمي متخصص، منها وحدة العظام، وهي المسؤولة عن توثيق العظام البشرية والهياكل والمومياوات، ووحدة البردي، ووحدة الفخار التي بدأت مشروعاً لتوثيق الأواني الفخارية في جميع المخازن والمتاحف المصرية وفقاً للدكتور شريف عبد المنعم، مدير وحدة دراسة الفخار، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «استحداث نظام الوحدات يهدف إلى الاستفادة من فكرة التخصص في أعمال التسجيل والتوثيق، خصوصاً في الآثار النوعية التي تتطلب خبراء متخصصين، ويُعد مشروع توثيق وتسجيل أواني الفخار نموذجاً يبرز أهمية فكرة التخصص، حيث قمنا في المرحلة الأولى بتوثيق الفخار الموجود بالمتحف المصري بالتحرير، ويستمر المشروع لتوثيق جميع الأواني الفخارية في مصر».


مقالات ذات صلة

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (يمين) يصافح رئيس الحكومة الآيرلندية سيمون هاريس خلال زيارة إلى دبلن (أ.ف.ب)

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

أعلنت وزارة الخارجية المصرية استعادة مجموعة من القطع الأثرية من آيرلندا، وذلك عقب الزيارة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الآيرلندية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

عقد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري اجتماعاً، الأحد، لاستعراض إجراءات الطرح العالمي لتخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق إناء شرب على شكل رأس بيس من واحة الفيوم في مصر يعود إلى العصر البطلمي - الروماني (القرن الرابع قبل الميلاد - القرن الثالث الميلادي)... (جامعة جنوب فلوريدا)

كوكتيلات مخدرة وطقوس سحرية: كشف أسرار أكواب المصريين القدماء

كشف الباحثون عن استخدام أكواب خاصة لتقديم مزيج من العقاقير المخدرة، والسوائل الجسدية، والكحول.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مشهد من جامع بيبرس الخياط الأثري في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بعد 5 قرون على إنشائه... تسجيل جامع بيبرس الخياط القاهري بقوائم الآثار الإسلامية

بعد مرور نحو 5 قرون على إنشائه، تحوَّل جامع بيبرس الخياط في القاهرة أثراً إسلامياً بموجب قرار وزاري أصدره وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
يوميات الشرق كلب ضال أمام هرم خوفو في منطقة أهرامات الجيزة (أ.ف.ب)

بفضل «أبولو»... «كلاب الأهرامات» تجذب السياح وتنشِّط المبيعات

مقطع مصور غير اعتيادي لكلب يتسلق الهرم يجذب الزوار والسائحين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.