العالم يتجاوز عتبة 150 مليون إصابة بـ«كورونا»

الهند تتلقى أولى المساعدات الدولية... والهلع يتملّك البرازيل

ابنة تسند والدها الذي يعاني من ضيق تنفس بعد إصابته بالفيروس في غازياباد أمس (رويترز)
ابنة تسند والدها الذي يعاني من ضيق تنفس بعد إصابته بالفيروس في غازياباد أمس (رويترز)
TT

العالم يتجاوز عتبة 150 مليون إصابة بـ«كورونا»

ابنة تسند والدها الذي يعاني من ضيق تنفس بعد إصابته بالفيروس في غازياباد أمس (رويترز)
ابنة تسند والدها الذي يعاني من ضيق تنفس بعد إصابته بالفيروس في غازياباد أمس (رويترز)

أُحصيت أكثر من 150 مليون إصابة بفيروس كورونا في جميع أنحاء العالم، بينما تقف الهند والبرازيل حالياً على المواجهة مع وباء «كوفيد - 19» الذي تأمل أوروبا في القضاء عليه بحلول الصيف. وبدأت دول أوروبية عدة على غرار فرنسا والبرتغال، في التخطيط للعودة إلى «حياة ما قبل» أزمة الوباء، عبر تخفيف قيودها أملاً بإنعاش اقتصاداتها التي تضررت بشدة، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. فالتدابير الصحية تسببت في تراجع إجمالي الناتج الداخلي في الربع الأول بنسبة 1.7 في المائة بألمانيا، و0.4 في المائة بإيطاليا، و0.5 في المائة بإسبانيا، و3.3 في المائة بالبرتغال. وفي الإجمال، انكمش اقتصاد منطقة اليورو بنسبة 0.6 في المائة.
وأعلن رسمياً عن أكثر من 150 مليون إصابة في العالم منذ اكتشاف الفيروس بالصين في ديسمبر (كانون الأول) 2019، بما في ذلك ستة ملايين إصابة سُجّلت خلال أسبوع واحد، بحسب تعداد وكالة الصحافة الفرنسية استناداً إلى بيانات رسمية نُشرت أول من أمس.
وهذه الطفرة ناجمة خصوصاً عن تفاقم انتشار الفيروس في الهند، حيث أصيب 2.5 مليون شخص بالفيروس في الأيام السبعة الماضية.
- تضاعف الإصابات
ويتسبب الوباء الذي ما زال بعيداً عن التراجع في العالم، بـ821 ألف إصابة جديدة في اليوم، في عدد ارتفع أكثر من الضعف منذ منتصف فبراير (شباط)، حين كانت تُسجّل 350 ألف إصابة يومياً. وفي وقت تعاني فيه مستشفيات الهند المكتظة من نقص في الأسرّة والأدوية والأكسجين، أعلنت البلاد أمس، تسجيل 385 ألف إصابة جديدة في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة، في عدد قياسي عالمي ونحو 3500 وفاة.
وبدأت المساعدة الدولية التي أعلنت عنها دول عدة بالوصول إلى العملاق الآسيوي الذي يعدّ 1.3 مليار نسمة. وحطّت طائرة الشحن العسكرية «سوبر غالاكسي» التي تحتوي على أكثر من 400 قارورة أكسجين، بالإضافة إلى معدّات استشفائية أخرى ونحو مليون من معدات الفحص السريع لكشف الإصابة بـ«كوفيد - 19»، في مطار نيودلهي الدولي.
وتعهّدت أكثر من أربعين دولة بإرسال مساعدات طبية حيوية إلى الهند، ويُرتقب وصول إمدادات من دول عدة في الأيام المقبلة.
وباشرت الحكومة الهندية أمس، حملة التلقيح لجميع الراشدين، أي نحو 600 مليون شخص، لكن ولايات عدة لا تزال تفتقر الى مخزون كافٍ. ويبدو أن الأزمة الوبائية الهندية تتسع آسيوياً، إذ سجلت كل من بنغلاديش ونيبال وسريلانكا ارتفاعاً مقلقاً في الإصابات، فيما تباطأت عمليات التطعيم فيها بعد فرض الهند المجاورة حظراً على تصدير اللقاحات.
إلى ذلك، أُعلن رصد بؤر جديدة لفيروس كورونا في سنغافورة، علماً بأن انتشاره لا يزال تحت السيطرة. واكتشفت إصابات عدة في أحد المستشفيات، أبرزها لدى ممرضة سبق أن خضعت للتلقيح، الأمر الذي تطلب إغلاق أربعة أقسام، بحسب السلطات.
- غضب وخوف في البرازيل
ارتفعت معدّلات الوفيّات والإصابات اليومية في البرازيل لتبلغ ستة أضعاف ما هي عليه حالياً في الهند، فيما يزداد الغضب الشعبي ضد حكومة بولسونارو التي تطالب أسر الضحايا بمحاسبتها، بعد أن زاد عدد الوفيّات على 400 ألف منذ بداية الجائحة، منها 100 ألف خلال الشهر الماضي وحده.
ويفيد المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في أميركا اللاتينية بأن عدد الوفيّات اليومية في البرازيل لم ينزل عن 2000 منذ أكثر من ثلاثة أشهر، وأن العدد الإجمالي مقارنة بعدد السكان تجاوز الولايات المتحدة، وبلغ ستة أضعاف ما هو عليه في الهند.
ومع ازدياد الضغوط والاحتجاجات الشعبية ضد إدارة الحكومة للأزمة الصحية، شكّل مجلس الشيوخ البرازيلي مؤخراً لجنة تحقيق برلمانية لتحديد مسؤوليات الحكومة والرئيس جايير بولسونارو الذي أنكر منذ البداية خطورة الوباء وعارض تدابير الوقاية والعزل التي فرضتها السلطات الإقليمية، وروّج لأدوية غير فعّالة ضد الفيروس، وشكّك في سلامة اللقاحات، ما اضطره إلى تغيير وزير الصحة أربع مرات منذ بداية الجائحة. ومن المنتظر أن يمثل وزراء الصحة الأربعة الذين تعاقبوا حتى الآن على إدارة الأزمة أمام لجنة التحقيق، التي تنظر أيضاً في التهم الموجهة إلى الحكومة بالإبادة ضد السكّان الأصليين الذين قضى عدد كبير منهم بسبب عدم توفير العلاج ونقص الأكسجين في المناطق التي يعيشون فيها، وتنتج وحدها 10 في المائة من أكسجين الكرة الأرضية.
وكانت مجموعة من الحقوقيين وجّهت اتهامات للحكومة وبولسونارو بوضع استراتيجية تهدف إلى نشر الفيروس على نطاق واسع منذ بداية الجائحة بهدف الوصول إلى المناعة الجماعية، وقالت إن ثمّة أدلّة كافية لإحالة الملفّ إلى القضاء البرازيلي والمحكمة الجنائية الدولية لتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
- أمل أوروبي
كررت منظمة الصحة العالمية تحذيرها من أن الفترة الحالية ليست الوقت المناسب لتخفيف الإجراءات، في حين تعلن دول في أوروبا عن رفع بعض القيود. وقالت منظمة الصحة، الخميس، إن «الوضع في الهند يمكن أن يحصل في أي مكان».
وأعلنت البرتغال مساء الخميس، إعادة فتح حدودها السبت مع إسبانيا. في اليوم نفسه، تدخل البلاد، قبل 48 ساعة من الموعد المحدد سابقاً، في المرحلة الرابعة والأخيرة من تخفيف التدابير الصحية الذي بدأ في منتصف مارس (آذار).
وسيُسمح مجدداً بالقيام بمجمل الأنشطة الرياضية في الخارج وفي قاعات الرياضة. وسيُنظّم عرض موسيقي تجريبي مع 400 مشاهد في براغا، شمال البرتغال، في نهاية الأسبوع. أما في فرنسا، فقد كشف الرئيس إيمانويل ماكرون الخميس، عن الخطوط العريضة لإعادة فتح «على أربع مراحل»، بين 3 مايو (أيار) ونهاية يونيو (حزيران).
بعد بضع ساعات، أعلنت الحكومة رصد أول إصابة في فرنسا بالمتحوّر الهندي، في منطقة تقع في جنوب غربي البلاد «لدى مريض عاد من الهند»، بحسب السلطات. ورُصدت حالتان أخريان بعدها في منطقة مارسيليا (جنوب). ومن المقرر إعادة استقبال الزبائن في الباحات الخارجية للمطاعم بدءاً من 19 مايو في فرنسا. وستُعيد المتاجر أيضاً فتح أبوابها في هذا التاريخ، مع إجراءات ملائمة، وكذلك المتاحف ودور السينما والمسارح.
ورحّب المندوب العام للاتحاد الوطني للسينما الفرنسية، مارك أوليفييه سيباغ، بالقرار، معتبراً أن «فرنسا تستعيد ثقافتها!».
وفتحت فرنسا مجال التلقيح بدءاً من أمس، لجميع الفرنسيين الذين يُعدون من الفئات الضعيفة، أي الأشخاص الذين يعانون من زيادة في الوزن أو من ارتفاع ضغط الدم أو السكري أو من فشل كلوي أو في القلب.
من جهتها، أعطت ألمانيا الأربعاء، 1.1 مليون جرعة من اللقاحات المضادة لفيروس كورونا، في عدد قياسي وطني، فأصبحت بذلك أول دولة أوروبية تتخطى المليون حقنة في 24 ساعة. وحققت إيطاليا الخميس للمرة الأولى هدف منح نصف مليون جرعة يومياً.
وفي بريطانيا، حيث تُعدّ حملة التلقيح متقدمة جداً، قررت مدينة إدنبره أول من أمس، إعادة فتح مواقعها التاريخية.
وفي الولايات المتحدة، تعتزم مدينة نيويورك «إعادة فتح كامل» في الأول من يوليو (تموز)، وفق ما أعلن رئيس بلديتها بيل دي بلازيو الخميس. وتُعيد مدينتا «ديزني» الترفيهيتان في كاليفورنيا فتح أبوابهما الجمعة.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟