هل يمكن أن نستعيد الذكريات التي فقدناها؟

إشارات ترتبط بالذاكرة المخزونة

هل يمكن أن نستعيد الذكريات التي فقدناها؟
TT

هل يمكن أن نستعيد الذكريات التي فقدناها؟

هل يمكن أن نستعيد الذكريات التي فقدناها؟

كيف يمكننا تخزين الذكريات في أذهاننا، وهل هناك أمل أن نتمكن يوماً ما من استعادة الذكريات التي افتقدناها؟
بوجه عام، نحن نتذكر مجرد نسبة شديدة الضآلة من الأحداث التي مرت بحياتنا. ويمكن أن تصبح المشاهد والأصوات المرتبطة بكل لحظة نعايشها وندركها ذكرى. ولكن فقط عندما تبدو لنا لحظة ما على قدر من الأهمية نتذكرها، على الأقل لبعض الوقت. شخصياً، لا أزال أتذكر وجه زوجتي المشرق يوم زفافنا، في اللحظة التي رفعت الحجاب عن وجهها.
خزائن الذاكرة
والآن، دعونا ننتقل لمسألة ما الذي يحدث عندما نخزن ذكرى ما، وعندما نتذكرها. خلال الأعوام الـ30 الماضية، بدأنا في استيعاب هذا الأمر، فمن أجل تحويل لحظة ما إلى ذكرى قصيرة الأجل، نتولى تخزين الذكرى على شكل قطع؛ كل قطعة مخزنة في منطقة مختلفة من المخ. وتحتوي القطع المختلفة المشهد والصوت ورد الفعل العاطفي الذي تملّكنا في تلك اللحظة، والمكان الذي حدثت فيه ومتى حدثت مقارنة بذكريات أخرى.
بصورة جمعية، تجري حياكة جميع هذه القطع المتعلقة بالذكرى معاً داخل ما يسمى «إنغرام الذكرى memory engram»، في إشارة إلى تجميع متناغم لكل القطع معاً (إنغرام: وحدة من المعلومات المعرفية داخل الدماغ، وهي نظرياً، الوسيلة التي يتم من خلالها تخزين الذكريات).
ويجري إنجاز عملية «الحياكة» هذه من خلال تعزيز الروابط بين خلايا المخ: اللحظات التي يعدها المرء مهمة تستحث روابط أقوى.
ومن أجل استعادة ذكرى معينة، يتولى جزء من المخ يطلق عليه «قرن آمون hippocampus» استعادة الإنغرام، أي فهرس المناطق المختلفة في المخ حيث توجد قطع هذه الذكرى المخزنة.
وتكشف تجارب أُجريت في وقت قريب على فئران أنه حال تعرض منطقة «قرن آمون» لإعاقة مؤقتة، ستختفي القدرة على الوصول إلى ذكرى ما بصورة مؤقتة، ذلك أن «قرن آمون» ينسى لفترات وجيزة الإنغرام الرابط بين قطع الذكرى. ومع ذلك، تبقى الذكرى موجودة ومخزنة في تلك المناطق من المخ. وعندما نشر هذا البحث، تساءل البعض حول ما إذا كان من الممكن استعادة بعض الذكريات المفقودة لدى البشر.
فقدان الذكريات
ويرى العالم المختص بالعلوم المعرفية وزميلي د. أندرو بودسون أن ثمة سبيلين يمكن من خلالهما «فقدان» الذكريات مع تقدمنا في العمر. تتمثل واحدة منهما ببساطة في عدم وصولنا إلى الإشارة المناسبة للوصول إلى الذكرى. جدير بالذكر هنا أنه مع توافر الإشارة المناسبة: مثل رؤية الشخص المناسب أو سماع الموسيقى المناسبة أو شم الرائحة المناسبة، يصبح باستطاعتنا فجأة استعادة الذكرى بأكملها. وهنا، يكون إنغرام الذكرى سليماً. إلا أنه إلى جانب ذلك، يمكن أن تنحسر الذكريات بمرور الوقت، الأمر الذي يحدث للأسف لغالبية الذكريات القديمة. والملاحَظ أن غالبية الذكريات المفقودة لدى مرضى ألزهايمر والصور الأخرى للخرف تنحسر ومن المحتمل ألا يصبح في المستطاع استعادتها ثانية أبداً.
لقد بدأنا في إدراك الروابط الفيزيائية والكيميائية التي تحدث في المخ عند تشكيل الذكريات واستعادتها. وبدأ العلم يكشف لنا أن استعادة الذكريات ليست بسحر، وهو أمر مثير حقاً، لكن ليس في حجم إثارة قدرتي حينما تراودني الرغبة في استدعاء ذكرى وجه زوجتي لحظة عقد قراننا.

* رئيس تحرير «رسالة هارفارد الصحية»،
- خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

كيف تتغلب على مشاعر القلق؟

صحتك القلق قد يتسبب في مشكلات نفسية وجسدية للشخص (رويترز)

كيف تتغلب على مشاعر القلق؟

يسيطر القلق على أفكار كثير من الأشخاص، إذ يميل البعض إلى توقع حدوث الأحداث المروعة أو الكارثية في المستقبل ويعتقدون أن القلق قد يساعد على منع حدوثها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الحبوب تستهدف الأغنياء فقط نظراً لتكلفتها المرتفعة (رويترز)

مليارديرات يطوِّرون حبوباً لـ«إطالة عمر الأثرياء»

يعمل عدد من المليارديرات على تطوير حبوب لإطالة العمر، يقول الخبراء إنها تستهدف الأغنياء فقط، نظراً لتكلفتها المرتفعة المتوقعة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك ممرضة تقيس ضغط دم أحد الأشخاص داخل «مركز شرق آركنساس الصحي العائلي» في ليبانتو (أرشيفية - رويترز)

6 خطوات للحفاظ على ضغط دم آمن خلال الطقس البارد

مع دخول فصل الشتاء، وزيادة برودة الأجواء، ما التأثير الذي قد يخلفه هذا الجو على صحتنا؟ وهل له تأثير على ضغط الدم؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صناديق من عقاري «أوزمبيك» و«ويغوفي» من إنتاج شركة «نوفو نورديسك» في صيدلية بلندن (رويترز)

دراسة تكشف ميزة جديدة لأدوية إنقاص الوزن مثل «أوزمبيك»: تحمي الكلى

أفادت دراسة جديدة بأن أدوية السمنة الشائعة، مثل «أوزمبيك»، قد تساعد أيضاً في حماية الكلى.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صورة توضيحية لتشريح العين وتقنيات الحقن المستخدمة (الشرق الأوسط)

تقنيات حديثة لحقن الأدوية في شبكية العين

أظهرت إرشادات نُشرت لأول مرة في دراسة حديثة، فوائد فريدة من نوعها توفرها حقن الحيز فوق المشيميّة للمرضى الذين يعانون من مشكلات في شبكية العين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

صداقات «السوشيال ميديا» تعزز الثقة بالنفس

منصات التواصل الاجتماعي أصبحت جزءاً أساسياً من حياة كثيرين (رويترز)
منصات التواصل الاجتماعي أصبحت جزءاً أساسياً من حياة كثيرين (رويترز)
TT

صداقات «السوشيال ميديا» تعزز الثقة بالنفس

منصات التواصل الاجتماعي أصبحت جزءاً أساسياً من حياة كثيرين (رويترز)
منصات التواصل الاجتماعي أصبحت جزءاً أساسياً من حياة كثيرين (رويترز)

توصلت دراسة أميركية حديثة إلى أن جودة الصداقات عبر الشبكات الاجتماعية يمكن أن تسهم في تقليل الشعور بالوحدة، وتعزيز احترام الذات، والثقة بالنفس، مما يقلل من مخاطر الاكتئاب.

وأوضح باحثو جامعة أركنساس في الدراسة التي نُشرت نتائجها، في دورية «Telematics and Informatics»، أن الصداقات الرقمية قد تساعد في كسر الحواجز الاجتماعية، وتشجيع التفاعل الاجتماعي الواقعي. ورغم الانتقادات التي تشير إلى أن هذه العلاقات الافتراضية أقل عمقاً مقارنة بالعلاقات الواقعية، أظهرت الدراسة أن الصداقات المبنية على الاهتمامات المشتركة والدعم المتبادل، يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي كبير على الصحة النفسية.

وقد شملت الدراسة مسحاً لآراء 1500 مشارك، تابع الباحثون أكثر من نصفهم بعد مرور 6 أسابيع. وهدفت إلى دراسة تأثير جودة الصداقات على تقدير الذات الدائم والشعور بالوحدة، مع التمييز بين تقدير الذات الدائم الذي يُعد أكثر استقراراً، وتقدير الذات المؤقت الذي يتغير تبعاً للمواقف، مثل الحصول على إعجاب على منشور في وسائل التواصل الاجتماعي.

وطُلب من المشاركين تقييم عبارات مثل «أنا شخص ذو قيمة»، و«أعتقد أن لدي صفات جيدة» على مقياس من 5 نقاط، بالإضافة إلى استبيانات حول شعورهم بالعزلة أو الاستبعاد، خلال الأسبوع الماضي.

وأظهرت النتائج أن الأشخاص الذين شعروا بالقرب والرفقة مع أصدقائهم عبر الشبكات الاجتماعية، شهدوا زيادة ملحوظة في احترام الذات، وهو ما انعكس على تقليل مستويات الوحدة لديهم. واستمر التحسن بعد مرور 6 أسابيع. وكانت هذه التأثيرات أكثر وضوحاً لدى الفئات السنية بين 18 و39 عاماً، بينما كانت أقل تأثيراً على الأفراد الذين تجاوزت سنهم 50 عاماً. وبيَّنت الدراسة أن الأفراد الأكبر سناً قد لا يعدُّون الصداقات الرقمية مكملة للعلاقات الواقعية، مما يجعل تأثيرها أقل إيجابية عليهم.

وأكد الباحثون أن استخدام الشبكات الاجتماعية بطرق إيجابية وموجهة نحو بناء علاقات ذات جودة عالية، يمكن أن يقلل من الشعور بالعزلة الاجتماعية، مما يساهم في تقليل مخاطر الانتحار. واقترح الباحثون الانضمام إلى مجموعات رقمية تهتم بمواضيع غير سياسية قائمة على الاهتمامات المشتركة، مثل تشجيع فريق رياضي معين، أو ممارسة هوايات، كالمشي في الطبيعة أو الزراعة أو مراقبة الطيور. وأشاروا إلى أن هذه الأنشطة يمكن أن تساعد في توسيع الروابط الاجتماعية وتعزيز التفاعل الواقعي، مما يُعزز من الشعور بالرفقة والتقارب.

تجدر الإشارة إلى أن منصات التواصل الاجتماعي أصبحت جزءاً أساسياً من حياة كثيرين؛ حيث تتيح وسيلة فعّالة للتواصل وبناء علاقات اجتماعية، رغم البعد الجغرافي.