وجبات «رمضان» بالسعودية... تجارة في الأسواق التاريخية

«البليلة» و«السمبوسة» و«المنتو» أبرز أطباق الجذب

تجتذب الوجبات الرمضانية السعوديين على اختلاف أعمارهم (تصوير: بشير صالح)
تجتذب الوجبات الرمضانية السعوديين على اختلاف أعمارهم (تصوير: بشير صالح)
TT

وجبات «رمضان» بالسعودية... تجارة في الأسواق التاريخية

تجتذب الوجبات الرمضانية السعوديين على اختلاف أعمارهم (تصوير: بشير صالح)
تجتذب الوجبات الرمضانية السعوديين على اختلاف أعمارهم (تصوير: بشير صالح)

يفتح شهر رمضان أبواب رزق وفير لأصحاب المهن الموسمية في السعودية، الذين يجدون فيه الفرصة لمضاعفة مبيعاتهم، ويقفون بعربات المأكولات خلال هذا الشهر في عموم مدن البلاد.
في سوق «الزل» بالعاصمة الرياض، يبدأ إبراهيم عبد الرحمن؛ الشهير بـ«أبو خليل الحجازي»، رحلة تجارته بين زوار السوق التاريخية لبيع البليلة، مازجاً هذا الطبق الحجازي بالتراث النجدي للسوق.
يتحدث «أبو خليل» عن 400 طبق من البليلة يتم بيعها يومياً خلال شهر رمضان من بعد صلاة التراويح وحتى الواحدة صباحاً، مبيناً أنه يعمل في إعداد البليلة في رمضان منذ 7 سنوات، مؤكداً أن هذا الطبق صار جاذباً للآلاف من مرتادي سوق «الزل»، حيث يأتي بعضهم خصيصاً لتذوق البليلة، مكتفياً بالبيع اليومي في شهر رمضان على أنه الموسم الذهبي من العام، وفي إجازات نهاية الأسبوع ببقية أيام السنة.
ويحكي أبو خليل قصته لـ«الشرق الأوسط»، التي بدأت منذ الطفولة حين كان يبيع الطعام الذي تصنعه والدته في مكة المكرمة، ثم انتقل إلى الرياض ونقل مهنته معه؛ إذ صار يبيع البليلة على الطريقة المَكّاوية التي تعلمها من والدته.
وأبو خليل؛ الذي يجيد اللغة الإنجليزية، لا يجذب السعوديين فقط، بل يرتاد عربته مختلف الجنسيات؛ الأمر الذي يجعله فخوراً بشهرته التي ارتبطت بزيارة سوق «الزل».
ويؤكد أبو خليل أنه حافظ على النكهة القديمة للبليلة بخلطة والدته، قائلاً: «من أكل من البليلة التي أصنعها يعود بعد سنوات ويقول إن الطعم لم يتغيّر». مشيراً إلى أنه يغيّر شكل الطبق وديكور المكان مع التمسك بمكونات البليلة على الطريقة المكاوية التقليدية.
واستكمالاً لذلك يضع العِمّة الحجازية على رأسه، التي يسميها أهل مكة المكرمة «الغبانة»، مما يجعل أبو خليل جاذباً لراغبي التقاط الصور التذكارية معه أمام عربة بيع البليلة، كما يقول، موضحاً أنه يبيع إلى جانب البليلة الأكلات الحجازية التقليدية، مثل المنتو واليغمش، إلى جانب السمبوسة التي يرتفع الطلب عليها في شهر رمضان.
ويصف سوق «الزل» بأنها «مكان شعبي يُشعر زائره بالحياة والتآلف»، مبيناً أن ارتباطه بهذه السوق يعود لعشقه كل ما هو شعبي وتراثي، ولجاذبية المكان العالية لدى محبي الأجواء التراثية.
وتُعدّ سوق «الزل» من معالم التميز خلال شهر رمضان، مع انتشار الباعة وطول ساعات الليل، مما ينعش حركة البيع والشراء ويرفع من جاذبية المهن الموسمية في هذا الشهر.
وتقع السوق في شارع «الثميري»، أحد أقدم المواقع التجارية في العاصمة السعودية الرياض، وصار بمثابة القلب النابض لمحبي التراث، خصوصاً من كبار السن الذين يجدون فيه عودة لذكريات الماضي الأصيل.
ومن المعتاد أن يتضاعف عدد زوار سوق «الزل» في العشر الأواخر من شهر رمضان، مع كثرة المتسوقين قبيل العيد، وذلك بالتزامن مع إجازة موظفي القطاع العام، مما يجعل هذه الأيام الفترة الذهبية لباعة البليلة والذرة والسمبوسة، والذين يعدّون شهر رمضان الموسم الأهم.


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

الشماغ السعودي في ذروة مواسم بيعه

بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)
بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)
TT

الشماغ السعودي في ذروة مواسم بيعه

بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)
بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)

أفصح مختصون في نشاط صناعة واستيراد الشماغ السعودي عن بلوغ هذا الزي التقليدي الرسمي أعلى مواسم البيع السنوية، مسجلاً مبيعات تُقدَّر بنحو 900 مليون ريال سنوياً، كاشفين عن توجهات المستهلكين الذين يبرز غالبيتهم من جيل الشباب، وميلهم إلى التصاميم الحديثة والعالمية، التي بدأت في اختراق هذا اللباس التقليدي، عبر دخول عدد من العلامات التجارية العالمية على خط السباق للاستحواذ على النصيب الأكبر من حصة السوق، وكذلك ما تواجهه السوق من تحديات جيوسياسية ومحلية.
ومعلوم أن الشماغ عبارة عن قطعة قماش مربعة ذات لونين (الأحمر والأبيض)، تُطوى عادة على شكل مثلث، وتُلبس عن طريق وضعها على الرأس، وهي لباس تقليدي للرجال في منطقة الخليج العربي وبعض المناطق العربية في العراق والأردن وسوريا واليمن، حيث يُعد جزءاً من ثقافة اللبس الرجالي، ويلازم ملابسه؛ سواء في العمل أو المناسبات الاجتماعية وغيرها، ويضفي عليه أناقة ويجعله مميزاً عن غيره.
وقال لـ«الشرق الأوسط»، الرئيس التنفيذي لـ«شركة الامتياز المحدودة»، فهد بن عبد العزيز العجلان، إن حجم سوق الأشمغة والغتر بجميع أنواعها، يتراوح ما بين 700 و900 مليون ريال سنوياً، كما تتراوح كمية المبيعات ما بين 9 و11 مليون شماغ وغترة، مضيفاً أن نسبة المبيعات في المواسم والأعياد، خصوصاً موسم عيد الفطر، تمثل ما يقارب 50 في المائة من حجم المبيعات السنوية، وتكون خلالها النسبة العظمى من المبيعات لأصناف الأشمغة المتوسطة والرخيصة.
وأشار العجلان إلى أن الطلب على الملابس الجاهزة بصفة عامة، ومن ضمنها الأشمغة والغتر، قد تأثر بالتطورات العالمية خلال السنوات الماضية، ابتداءً من جائحة «كورونا»، ومروراً بالتوترات العالمية في أوروبا وغيرها، وانتهاء بالتضخم العالمي وزيادة أسعار الفائدة، إلا أنه في منطقة الخليج العربي والمملكة العربية السعودية، فإن العام الحالي (2023) سيكون عام الخروج من عنق الزجاجة، وسيشهد نمواً جيداً مقارنة بالأعوام السابقة لا يقل عن 20 في المائة.
وحول توجهات السوق والمستهلكين، بيَّن العجلان أن غالبية المستهلكين للشماغ والغترة هم من جيل الشباب المولود بين عامي 1997 و2012، ويميلون إلى اختيار التصاميم والموديلات القريبة من أشكال التصاميم العالمية، كما أن لديهم معرفة قوية بأسماء المصممين العالميين والماركات العالمية، لافتاً إلى أن دخول الماركات العالمية، مثل «بييركاردان» و«إس تي ديبون» و«شروني 1881» وغيرها إلى سوق الأشمغة والغتر، ساهم بشكل فعال وواضح في رفع الجودة وضبط المواصفات.
وأضاف العجلان أن سوق الملابس كغيرها من الأسواق الاستهلاكية تواجه نوعين من المشكلات؛ تتمثل في مشكلات جيوسياسية ناتجة عن جائحة «كورونا» والحرب الروسية الأوكرانية، ما تسبب في تأخر شحن البضائع وارتفاع تكاليف الشحن وارتفاع الأسعار بسبب التضخم وارتفاع أسعار الفائدة، بينما تتمثل المشكلات المحلية في انتشار التقليد للعلامات العالمية والإعلانات المضللة أحياناً عبر وسائل الاتصال الاجتماعي.
من جهته، أوضح ناصر الحميد (مدير محل بيع أشمغة في الرياض) أن الطلب يتزايد على الأشمغة في العشر الأخيرة من شهر رمضان من كل عام، ويبدأ الطلب في الارتفاع منذ بداية الشهر، ويبلغ ذروته في آخر ليلتين قبل عيد الفطر، مضيفاً أن الشركات تطرح التصاميم الجديدة في شهر شعبان، وتبدأ في توزيعها على منافذ البيع والمتاجر خلال تلك الفترة.
وأشار الحميد إلى أن سوق الأشمغة شهدت، في السنوات العشر الأخيرة، تنوعاً في التصاميم والموديلات والماركات المعروضة في السوق، وتنافساً كبيراً بين الشركات المنتجة في الجودة والسعر، وفي الحملات التسويقية، وفي إطلاق تصاميم وتطريزات جديدة، من أجل كسب اهتمام المستهلكين وذائقتهم، والاستحواذ على النصيب الأكبر من مبيعات السوق، واستغلال الإقبال الكبير على سوق الأشمغة في فترة العيد. وبين الحميد أن أكثر من نصف مبيعات المتجر من الأشمغة تكون خلال هذه الفترة، مضيفاً أن أسعارها تتراوح ما بين 50 و300 ريال، وتختلف بحسب جودة المنتج، والشركة المصنعة، وتاريخ الموديل، لافتاً إلى أن الشماغ عنصر رئيسي في الأزياء الرجالية الخليجية، ويتراوح متوسط استهلاك الفرد ما بين 3 و5 أشمغة في العام.