في محاولة لإعادة اكتشاف جماليات حواري وأزقة القاهرة التاريخية، أطلقت مبادرة «سيرة القاهرة» الشبابية، سلسلة أفلام وثائقية تحت عنوان «من دروبها العامرة»؛ بهدف رصد تفاصيل المعالم الأثرية والبنايات التراثية بمنظور حداثي يربط التطور التاريخي للحارة عبر عصور مختلفة وشكلها الحالي عبر سرد فني وثائقي يوظف الصور الفوتوغرافية التاريخية مع اللقطات الحية لتقديم صور واقعية للحارة والبشر والبنايات التراثية والمتغيرات التي طرأت عليها.
وتهدف سلسلة الوثائقيات التي يتم نشرها في رمضان عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى تقديم صورة واقعية عن الحارة المصرية والمتغيرات التي طرأت على بناياتها وسكانها وفق زيزو عبده، مؤسس مبادرة «سيرة القاهرة» الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «حواري وأزقة القاهرة التاريخية ما زالت مليئة بتفاصيل وأسرار في حاجة إلى إعادة اكتشاف جمالياتها، ونحاول في سلسلة الوثائقيات تسليط الضوء على بعض هذه التفاصيل، وتقديم سرد فني لتاريخ الحارة ومعالمها التراثية التي ما زال بعضها باقياً، بينما بعض البنايات لم تعد موجودة، وذلك لتنشيط الذاكرة المجتمعية وتعريف الأجيال الجديدة بتفاصيل تاريخية تتقاطع فيها حياة البشر في كل حقبة مع المعالم الأثرية والمتغيرات التي تطرا عليها».
«سيرة القاهرة» هي مبادرة شبابية مجتمعية أُطلقت في سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، وتسعى إلى الحفاظ على تراث العاصمة، ونشر الوعي الأثري بين المواطنين، وقامت فرق متطوعة بالمبادرة منذ تدشينها بتنظيف وإزالة القمامة من محيط العديد من البنايات التراثية بالقاهرة التاريخية.
وبدأت المبادرة نشر عدد من وثائقيات «من دروبها العامرة» تباعاً مع بداية شهر رمضان على قناتها الخاصة بمنصة «يوتيوب»، بينها فيلم وثائقي عن تاريخ حارة «السقايين» أشهر حواري حي عابدين التاريخي (وسط القاهرة)، عبر سردية فنية يمتزج فيها صوت الراوي ومعلوماته التاريخية مع مشاهد حية لتفاصيل الحياة اليومية وشكل الحارة في الوقت الراهن بعبقها التاريخي الذي ما زالت تستمده من بناياتها التراثية، بينما تتداخل الصور الفوتوغرافية التاريخية الأرشيفية لشكل المعالم الأثرية وتطورها خلال عصور متعاقبة مع واقعها الحالي لتربط الماضي بالحاضر والتاريخ بالبشر وتفاصيل حياتهم اليومية؛ إذ كانت الحارة إحدى أشهر نقاط تجمع «السقايين» الذي كانوا يتولون توصيل المياه إلى المنازل في «القربة» وهي عبارة عن وعاء مصنوع من جلود الماعز، وذلك في حقب تاريخية لم تكن المياه تصل إلى المنازل، وتضم الحارة عدداً من المعالم الأثرية، بينها ضريح سيدي عبد الرحمن، الذي يعود إلى العصر المملوكي، و«كراكول» السقايين، ومن أبرز سكانها المستشرق الإنجليزي إدوارد وليم، ويتفرع من «السقايين»، حارة أخرى كانت تسمى حارة «الزير المعلق»، وتغير اسمها إلى شارع الشيخ محمد المنوفي.
اقتناص التفاصيل التراثية المتنوعة في حواري وأزقة القاهرة يشكل تحدياً فنياً كبيراً، فذلك الجمال الكامن تحت تراكم غبار حركة الحياة اليومية منذ مئات السنين تتنافس مفرداته الجمالية للقفز إلى كادر الكاميرا؛ مما يجعل الواقع أكثر عمقاً من محاولات رصده.
ويقول مصور الأفلام عبد الله ناجح، لـ«الشرق الأوسط»، إن «تنوع وعمق التفاصيل الفنية والمفردات الجمالية في حواري وأزقة القاهرة يستعصي على الرصد الكامل، فلكل تفصيلة صغيرة تعد حكاية، والحارة المصرية عموماً زاخرة بالحواديت والقصص التي ترويها أرضياتها وجدرانها ومعالمها، وما تمكنت عدسات الكاميرا من التقاطه هو جزء صغير من جماليات الحارة المصرية».
التفاصيل الفنية المتنوعة والحكايات التاريخية الممتدة للحارة المصرية استلزمت جمع وتدقيق المادة العلمية التاريخية قبل بدء تصوير سلسلة الوثائقيات، ويقول زيزو عبده، إن «تدقيق المادة العلمية تطلب العودة إلى العديد من المراجع التاريخية الشهيرة لتوثيق المعلومات ورصد الروايات المتنوعة التي تتعلق بحواري القاهرة وتاريخها».
ويروي الفيلم الوثائقي «سكة الحبانية» تاريخ أحد أشهر شوارع القاهرة الفاطمية بمنطقة الحلمية الجديدة، والذي يعد شاهداً على حقب تاريخية متنوعة، ويضم العديد من البنايات التراثية، أبرزها سبيل محمود سلطان خان، الذي أنشئ عام 1750 ميلادية، ويعد أقدم سبيل عثماني بالقاهرة، وسبيل بشير أغا دار السعادة، ويعود إلى عام 1718 ميلادية، وتربط سكة الحبانية بين شارعي محمد علي وبورسعيد مروراً بالعديد من حواري وأزقة القاهرة التاريخية.
ووسط الكثير من المفردات الفنية والمكونات الجمالية للقاهرة الفاطمية، يقع شارع القربية، التي تعني «قرب الماء» وركز الفيلم الوثائقي «القربية» على إبراز التنوع التراثي بالشارع، ورصد مكوناته الجمالية، حيث يقع بجوار باب زويلة، أحد أبواب القاهرة التاريخية، والذي يطلق عليه أيضاً «بوابة المتولي»، وفي قلب منطقة الخيامية، واشتهر الشارع تاريخياً بأنه تجمع لصناعة «قرب الماء» التي كان يستخدمها السقا، ويتفرع منه حارة وعطفة «زقاق صغير»، يحملان الاسم نفسه، ويضم الشارع الكثير من المعالم الأثرية والبنايات التراثية.
7:57 دقيقة
إعادة اكتشاف جماليات أزقة القاهرة عبر وثائقيات قصيرة
https://aawsat.com/home/article/2946926/%D8%A5%D8%B9%D8%A7%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%83%D8%AA%D8%B4%D8%A7%D9%81-%D8%AC%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A3%D8%B2%D9%82%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%87%D8%B1%D8%A9-%D8%B9%D8%A8%D8%B1-%D9%88%D8%AB%D8%A7%D8%A6%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D9%82%D8%B5%D9%8A%D8%B1%D8%A9
إعادة اكتشاف جماليات أزقة القاهرة عبر وثائقيات قصيرة
«السقايين» و«القربية» و«سكة الحبانية» في مقدمتها
- القاهرة: عصام فضل
- القاهرة: عصام فضل
إعادة اكتشاف جماليات أزقة القاهرة عبر وثائقيات قصيرة
مواضيع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة