الحكومة الجزائرية تتهم النقابات المضربة بـ«تعكير التغيير»

المعارض كريم طابو الذي اعتقلته السلطات أول من أمس (أ.ف.ب)
المعارض كريم طابو الذي اعتقلته السلطات أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

الحكومة الجزائرية تتهم النقابات المضربة بـ«تعكير التغيير»

المعارض كريم طابو الذي اعتقلته السلطات أول من أمس (أ.ف.ب)
المعارض كريم طابو الذي اعتقلته السلطات أول من أمس (أ.ف.ب)

في حين استمعت النيابة الجزائرية، أمس، للمعارض البارز، كريم طابو، بسبب شكوى رفعها ضده رئيس هيئة حقوقية مرتبطة بالرئاسة، اتهمت الوزارة الأولى نقابات تشن إضرابات حالياً بـ«خدمة أهداف واضحة، ترمي إلى تعكير مناخ التغيير، الذي شرعت فيه السلطات العمومية».
وانتقدت الوزارة الأولى مساء أول من أمس، في بيان، عقب الاجتماع الأسبوعي للحكومة، نقابات تشن حالياً إضرابات في قطاعات التعليم والصحة والبريد والدفاع المدني، احتجاجاً على سوء المعيشة وتدني الأجور، وقالت إن «الإفراط والتعسف في استغلال الإضراب لن تكون له إلا نتائج عكسية، رغم أن ممارسة الحريات النقابية حق مكرس دستورياً، ومضمون قانوناً»، متهمة النقابات بـ«تعكير مناخ التغيير»، في إشارة ضمناً إلى انتخابات البرلمان المقررة في 12 يونيو (حزيران) المقبل، التي جاءت بشعار «التغيير»، و«الانتقال إلى جزائر جديدة».
وجاء في البيان: «لوحظ في المدة الأخيرة تزايد الاحتجاجات النقابية، التي تقف خلف بعضها أحياناً تنظيمات نقابية غير مرخصة، رافعة بعض المطالب التي يدرك أصحابها يقيناً أنها غير قابلة للتحقيق، مبرزة بذلك حالة الإهمال، التي عرفتها العديد من القطاعات لأزيد من 15 سنة»، في إشارة إلى أوضاع البلاد خلال فترة حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وعلى أساس أن الحكومة الحالية لا تتحملها.
وأضاف البيان موضحاً: «رغم الظروف الاقتصادية والمالية الصعبة التي تمر بها البلاد، خاصة بسبب تداعيات الأزمة الصحية العالمية، وانعكاساتها السلبية على أداء الاقتصاد الوطني، إلا إن السلطات العمومية تولي حرصاً بالغاً لتحسين الظروف المهنية، المادية والاجتماعية، للعمال في مختلف القطاعات».
في غضون ذلك، قضى المعارض طابو ليلة أول من أمس داخل مركز أمني في العاصمة، على علاقة بشكوى ضده، رفعها بوزيد لزهاري، رئيس «مجلس حقوق الإنسان».
وتعود الشكوى إلى حادثة وقعت الاثنين الماضي، داخل مقبرة بالعاصمة، بمناسبة تشييع عميد الحقوقيين الجزائريين علي يحيى عبد النور، حيث هاجم طابو لزهاري بشكل قوي، وحاول طرده من الجنازة.
ووضع طابو تحت الرقابة القضائية واطلق سراحه.
وقامت مظاهرة ضده قادها طابو، كما تم التنديد بوجود مسؤولين من الرئاسة في مراسم الدفن. وأحاطت الشرطة بلزهاري وقادته إلى سيارته لإبعاده عن خصومه، وسط تنديدات وترديد الشعارات المعهودة في الحراك، والمعادية للنظام. وفي اليوم التالي، صرح رئيس المجلس الحقوقي بأنه سيتابع طابو قضائياً «باسمي الشخصي».
وظل المحامون والنشطاء يترقبون أمس مصير طابو، بعد أن طال عرضه على وكيل الجمهورية وقاضي التحقيق. ويفترض قانوناً أن تهم «الإهانة والسب والمس بكرامة الأشخاص»، لا تقود بالمشتبه به إلى الحبس الاحتياطي.
وسجن طابو في مارس (آذار) 2020 بتهمة «المس بالوحدة الوطنية»، وحكم عليه بعام حبساً مع التنفيذ. لكن أُفرج عنه بعد 4 أشهر. وينتظر أن يحاكم في قضية ثانية بتهمة «إضعاف معنويات الجيش».
وعلى صعيد متصل، عرضت الشرطة في وهران (غرب)، أمس، 14 ناشطاً ف يالحراك على النيابة؛ من بينهم الحقوقي والنقابي المعروف قدور شويشة، وزوجته الصحافية جميلة لوكيل، اللذان فتشت الشرطة بيتهما، بحسب محامين في وهران. وجرى اعتقال الناشطين الأربعاء، بسبب انخراطهما في الحراك.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.